المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك، أن - تفسير الطبري جامع البيان - ط دار التربية والتراث - جـ ٩

[ابن جرير الطبري]

الفصل: قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك، أن

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك، أن تجعل"من" في موضع خفض، بالردِّ على"النجوى"= وتكون"النجوى" بمعنى جمع المتناجين، خرج مخرج"السكرى" و"الجرحى" و"المرضى". وذلك أن ذلك أظهر معانيه.

فيكون تأويل الكلام: لا خير في كثير من المتناجين، يا محمد، من الناس، إلا فيمن أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس، فإن أولئك فيهم الخير.

* * *

القول في تأويل قوله: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ‌

(115) }

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله:"ومن يشاقق الرسول"، ومن يباين الرسولَ محمدًا صلى الله عليه وسلم، معاديًا له، فيفارقه على العداوة له (1) ="من بعد ما تبين له الهدى"، يعني: من بعد ما تبين له أنه رسول الله، وأن ما جاء به من عند الله يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم="ويتبع غير سبيل المؤمنين"، يقول: ويتبع طريقًا غير طريق أهل التصديق، ويسلك منهاجًا غير

(1) انظر تفسير"الشقاق" فيما سلف 3: 115، 116، 336 / 8:319.

ص: 204

منهاجهم، وذلك هو الكفر بالله، لأن الكفر بالله ورسوله غير سبيل المؤمنين وغير منهاجهم="نولّه ما تولّى"، يقول: نجعل ناصره ما استنصره واستعان به من الأوثان والأصنام، (1) وهي لا تغنيه ولا تدفع عنه من عذاب الله شيئًا، ولا تنفعه، كما:-

10427-

حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله:"نوله ما تولى"، قال: من آلهة الباطل.

10428-

حدثني ابن المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.

* * *

="ونصله جهنم"، يقول: ونجعله صِلاءَ نار جهنم، (2) يعني: نحرقه بها.

* * *

وقد بينا معنى"الصلى" فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (3)

* * *

="وساءت مصيرًا"، يقول وساءت جهنم (4) ="مصيرًا"، موضعًا يصير إليه من صار إليه. (5)

* * *

ونزلت هذه الآية في الخائنين الذين ذكرهم الله في قوله:"ولا تكن للخائنين خصيمًا"، لما أبى التوبة من أبى منهم، وهو طعمة بن الأبيرق، ولحق بالمشركين من عبدة الأوثان بمكة مرتدًّا، مفارقًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه.

* * *

(1) انظر تفسير"ولي" فيما سلف ص: 17، تعليق: 3، والمراجع هناك.

(2)

في المطبوعة: "صلى" بتشديد الياء، والصواب من المخطوطة. و"الصلاء" (بكسر الصاد) : الشواء، لأنه يصلى بالنار.

(3)

انظر ما سلف في تفسير"الإصلاء" 8: 27-29، 231، 484.

(4)

انظر تفسير"ساء" فيما سلف ص 101، تعليق: 2، والمراجع هناك.

(5)

انظر تفسير"مصير" فيما سلف ص: 101، تعليق: 3، والمراجع هناك.

ص: 205