الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ
(20)
وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنما يتعظ ويعتبر بآيات الله أولو الألباب، الذين يوفون بوصية الله التي أوصاهم بها (1)(ولا ينقضون الميثاق) ، ولا يخالفون العهد الذي عاهدوا الله عليه إلى خلافه، فيعملوا بغير ما أمرهم به، ويخالفوا إلى ما نهى عنه.
* * *
وقد بينا معنى"العهد" و"الميثاق" فيما مضى بشواهده، فأغنى عن إعادته في هذا الموضع. (2)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
*ذكر من قال ذلك:
20330-
حدثني المثنى قال: حدثنا إسحاق قال: حدثنا هشام، عن عمرو، عن سعيد، عن قتادة قال:(إنما يتذكر أولو الألباب) ، فبيَّن من هم، فقال:(الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق) ، فعليكم بوفاء العهد، ولا تنقضوا هذا الميثاق، فإن الله تعالى قد نهى وقدَّم فيه أشد التَّقْدمة، (3) فذكره في بضع وعشرين موضعًا، نصيحةً لكم وتقدِمَةً إليكم، وحجة عليكم، وإنما يعظُمُ الأمر بما عظَّمه الله به عند أهل الفهم والعقل، فعظِّموا ما عظم الله. قال قتادة:
(1) انظر تفسير" الإيفاء" فيما سلف من فهارس اللغة (وفى) .
(2)
انظر تفسير" العهد" فيما سلف 14: 141، تعليق: 1، والمراجع هناك.
= وتفسير" الميثاق" فيما سلف ص: 208، تعليق: 1، والمراجع هناك.
(3)
" قدم فيه أشد التقدمة"، أي: أمرهم به أمرًا شديدًا، ونهاهم عن مخالفته، وقد سلف شرحها في الخبر رقم: 4914 / ج 5: 9، تعليق:3.
وذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته:"لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له".
* * *
وقوله: (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل)، يقول تعالى ذكره: والذين يصلون الرَّحم التي أمرهم الله بوصلها فلا يقطعونها (1) = (ويخشون ربهم)، يقول: ويخافون الله في قطْعها أن يقطعوها، فيعاقبهم على قطعها وعلى خلافهم أمرَه فيها.
* * *
وقوله: (ويخافون سوء الحساب)، يقول: ويحذرون مناقشة الله إياهم في الحساب، ثم لا يصفح لهم عن ذنب، فهم لرهبتهم ذلك جادُّون في طاعته، محافظون على حدوده. كما:-
20331-
حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء في قوله:(الذين يخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) قال: المقايسةُ بالأعمال. (2)
20332-
…
قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد، عن فرقد، عن إبراهيم قال:(سوء الحساب) أن يحاسب من لا يغفر له.
20333-
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في
(1) انظر تفسير" الوصل" فيما سلف 1: 415.
(2)
الأثر: 10331 -" عفان"، هو" عفان بن مسلم الصفار"، مضى مرارًا، آخرها رقم:20226.
و" جعفر بن سليمان الضبعي"، ثقة، كان يتشيع، مضى مرارًا، آخرها رقم:10453.
و" عمرو بن مالك النكري"، روى عن أبي الجوزاء، ثقة، وضعفه البخاري، مضى برقم:7701.
و" أبو الجوزاء"، وهو" أوس بن عبد الله الربعي"، تابعي ثقة، مضى برقم: 2977، 2978، 7701. وكان في المخطوطة والمطبوعة:" عن أبي الحفنا"، وإنما وصل الناسخ الأول"الواو" بالزاي. فصارت عند ناسخ المخطوطة إلى ما صارت إليه!!
وفي المطبوعة أيضًا:" المناقشة بالأعمال"، غير ما في المخطوطة. و" المقايسة" من" القياس"،" قاس الشيء"، إذا قدره على مثاله. و" المقايسة بالأعمال"، كأنه أراد تقديرها. والذي في المطبوعة أجود عندي:" المناقشة".