المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النازلة السابعة: الاعتقاد أن وباء كورونا مذكور في القرآن - التوجيهات الصحيحة للنوازل العقدية المتعلقة بوباء كورونا

[محمد الهمامي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌أولاً: التعريف بالنوازل العقدية المتعلقة بوباء كورونا

- ‌تعريف النوازل:

- ‌تعريف العقيدة:

- ‌تعريف الأوبئة:

- ‌تعريف كورونا:

- ‌ثانياً: الفرق بين وباء كورونا والطاعون:

- ‌القول الأول: أن الطاعون هو الوباء:

- ‌القول الثاني: أن الطاعون غير الوباء:

- ‌أولاً: الطاعون لا يدخل المدينة:

- ‌ثانياً: أن الطاعون من وخز الجن:

- ‌ثالثاً: من أوجه الاختلاف بين الطاعون والوباء ما ذكره أهل العلم والطب الحديث بأن هناك فرق بين منشأ الطاعون وتكوينه وبين منشأ الأوبئة وتكوينها ومنها وباء كورونا

- ‌النازلة الأولى: المخالفات العقدية في القبور والأماكن؛ للتداوي من وباء كورونا

- ‌النازلة الثانية: التلفظ بالأدعية والأذكار المخالفة؛ للتداوي من وباء كورونا

- ‌النازلة الثالثة: التوسل بغير الله؛ لرفع بلاء وباء كورونا

- ‌النازلة الرابعة: التنزيل الخاطئ للأدلة الشرعية عند حلول وباء كورونا

- ‌النازلة الخامسة: ترك الأدلة الشرعية والاعتماد على الأدلة العقلية

- ‌النازلة السادسة: الدعوة إلى الاعتماد على العلاجات الطبية فقط، وترك كل ما له صلة بالدين

- ‌النازلة السابعة: الاعتقاد أن وباء كورونا مذكور في القرآن

- ‌النازلة الثامنة: الزعم بأن وباء كورونا من صنع البشر

- ‌النازلة التاسعة: التنجيم وادعاء علم الغيب في وباء كورونا

- ‌النازلة العاشرة: المسائل المتعلقة بالسمع والطاعة لولي الأمر

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌النازلة السابعة: الاعتقاد أن وباء كورونا مذكور في القرآن

‌النازلة السابعة: الاعتقاد أن وباء كورونا مذكور في القرآن

.

من النوازل العقدية التي حدثت مع حلول وباء كورونا هي: ما انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي منشور يزعم كاتبه أن وباء كورونا قد ذُكر في القرآن الكريم وتحديدًا في سورة المدثر، كما ربط بعض ألفاظ السورة به.

وقد جاء في هذا المنشور ما يلي: هذا الفيروس التاجي المسمى كورونا، مذكور في القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً، وذُكر زمان ظهوره، وذكر مكان ظهوره، وذكر سبب ظهوره، وذكرت طريقة التعامل معه والوقاية منه عند ظهوره، وذكرت الحكمة من ظهوره، بل ذكر اسمه الصحيح، كل ذلك مذكور في نفس السورة، وهي سورة المدثر.

إن هذا الفيروس الذي حيّر البشر، وكان سببا في إزهاق الكثير من الأرواح، فلم يُبق ولم يذر، سماه العلماء (covid 19) سمي بذلك؛ لأنه ظهر أواخر سنة ألفين وتسع عشرة.

وقد ذُكر ذلك في الآية [30] من سورة المدثر: {لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} .

ظهر هذا الفيروس في دولة هي حاليا ثاني قوة اقتصادية في العالم، والبلد الأول عالميا من حيث الكثافة السكانية.

وقد جاءت الإشارة إلى ذلك في الآيتين [12] و [13] من سورة المدثر: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13)} .

وأما كيفية التعامل مع هذا الفيروس، فإن العالم كله لا يزال يفكّر ويقدّر وينظر بحثا عن العلاج. بينما هو مذكور في أول سورة المدثر ملخصا في ستة مراحل: التوعية، والتكبير، والتطهير، والهجر الصحي، وعدم الاستكثار، والصبر.

فالتوعية وإنذار الناس بخطر هذا الفيروس، مذكورة في الآية [2]:{قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} .

والتكبير والإكثار من الدعاء وذكر الله، مذكور في الآية [3]:{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} .

والتطهير والتعقيم وغسل الأيدي والثياب، مذكورة في الآية [4]:{(وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} .

والحجر الصحي، بعدم مخالطة الناس، لتجنب الإصابة بهذا الرجز، مذكور في الآية [5]:{(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)} .

ص: 58

وعدم الاستكثار أو التهافت على تخزين الطعام وقت الأزمة، مذكور في الآية [6]:{وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6)} .

والصبر على هذا الابتلاء، خاصة في حالات الموت، مذكور في الآية [7]:{وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)} .

إن الفيروسات من أصغر الكائنات الحية؛ لذلك فهي من أكثرها عددا، إذا لا يعلم عددها إلا الله سبحانه وتعالى. وهي من جنود الله التي لا نراها، ولم نكن نعلم بوجودها.

والغاية من ظهورها هي أن تكون موعظة وذكرى للبشر وامتحانا لهم، فيزداد المؤمنون إيمانا بالله وبالقرآن، بينما لا تزيد الكفار إلا كفرا وضلال.

وقد جاء بيان ذلك كله في الآية [31] من سورة المدثر: {وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا .. } إلى قوله: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31)} .

وأما اسم الفيروس، فتجدر الإشارة إلى أنه ينتمي إلى عائلة الفيروسات التاجية، وقد سميت بذلك لأن الفيروس فوقه قرون تشبه التاج (couronne)؛ ولذلك جاءت تسميته العلمية (Co-ro-na Virus).

وأما تسميته الشرعية الصحيحة فهي: الناقورُ (Na-co-ro Virus)، وهو مذكور في الآية (8) من سورة المدثر:{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)} .

بل لا تجوز تسميته (Corona)، لأنها مشتقة من القرآن (Coran)، والعياذ بالله، ولعل هذا من كيد الكفار للمسلمين.

(1)

وجاء في منشور آخر: إن آية: {لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} ، تشير إلى اسم الفيروس كوفيد 19.

(1)

ينظر: موقع رقيم الإلكتروني https:// www.rqiim.com/ rania 10682

ص: 59

أما التسمية الشرعية والحقيقية للفيروس فهي: الناقور، كما ورد في الآية الثامنة من سورة المدثر:{فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)} ، أما تسميته بكورونا فلا تجوز، لأنها مشتقة من القرآن (Coran)

(1)

.

وهذا الفيروس الذي حير البشر وكان سببا في إزهاق الكثير من الأرواح وسماه العلماء (covid 19)؛ لأنه ظهر أواخر سنة ألفين وتسع عشر، فالدليل على ذكر سنة الظهور جاء في الآية [30] من سورة المدثر:{لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)}

(2)

، وأنها ستصاحب زلازل وبراكين وأشياء أخرى

(3)

.

(1)

ينظر: موقع صوتك الإلكتروني https:// www.irfaasawtak.com/ extremism/ 2020/ 03/ 30/

(2)

ينظر: موقع الوكالة نيوز https:// elwekalanews.net/ 411656/

(3)

ينظر: موقع مجلة البوابة الإلكتروني https:// www.albawabhnews.com/ 3950628

ص: 60

التوجيه العقدي الصحيح لهذه النازلة كالآتي:

أولاً: إن أي افتراء وتجرؤ على الله بتحميل آياته ما لا تحتمل من دلالاتٍ فاسدة وتفسيراتٍ خاطئة، محرم شرعًا، وقد توعد الله من فعل ذلك بالخسران في الدنيا والعذاب في الآخرة، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)} [يونس: 70]، أي: لا ينالون مطلوبهم، ولا يحصل لهم مقصودهم، وإنما يتمتعون في كفرهم وكذبهم في الدنيا قليلاً، ثم ينتقلون إلى الله ويرجعون إليه، فيذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون

(1)

.

بل إن الله سمى التقول عليه كذبًا، وجَعلَه مِن أعظم الفَواحِش في قوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)} [الأعراف: 33]، وهذا عام في تحريم القول في الدين من غير يقين

(2)

.

وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من تفسير القرآن بغير علم أو بمجرد الرأي، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من قال في القرآن برأيه، أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار»

(3)

.

قال الترمذي رحمه الله: روي عن بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أنهم شددوا في هذا في أن يفسر القرآن بغير علم، وأما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من أهل العلم أنهم فسروا القرآن، فليس الظن بهم أنهم قالوا في القرآن أو فسروه بغير علم أو من قبل أنفسهم. وقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا، أنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم

(4)

.

قال ابن القيم رحمه الله: رتب الله المحرمات أربع مراتب، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنى بما هو أشد تحريما منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو أعظم تحريما منهما وهو الشرك به

(1)

ينظر: تفسير القرآن الكريم، ص (369).

(2)

ينظر: زاد المسير في علم التفسير، ابن الجوزي، (2/ 116).

(3)

رواه الترمذي، ح (2950)، (5/ 199)، النسائي في الكبرى، ح (8031)، (7/ 286)، والبغوي في شرح السنة، (118)، (1/ 258)، وقال الترمذي: حديث حسن.

(4)

سنن الترمذي، (5/ 200).

ص: 61

سبحانه، ثم ربع بما هو أشد تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه

(1)

.

وبين رحمه الله في موضع آخر خطورة القول على الله بغير علم، فقال: فهذا أعظم المحرمات عند الله وأشدها إثماً؛ فإنه يتضمن الكذب على الله، ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغيير دينه وتبديله، ونفي ما أثبته وإثبات ما نفاه، وتحقيق ما أبطله وإبطال ما حققه، وعداوة من والاه وموالاة من عاداه، وحب ما أبغضه وبغض ما أحبه، ووصفه بما لا يليق به في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله.

فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه، ولا أشد إثماً، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات، فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم

(2)

.

وقد شدد العلماء على من يتجرأ ويفسر القرآن برأيه أو بغير علم.

قال مالك بن أنس رحمه الله: ألا أوتى برجل غير عالم بلغات العرب يفسر ذلك إلا جعلته نكالاً

(3)

.

وقال الواحدي رحمه الله: وكيف يتأتى لمن جهل لسان العرب أن يعرف تفسير كتاب جعل معجزة في فصاحة ألفاظه، وبعد أغراضه لخاتم النبيين وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم في زمان أهله يتحلون بالفصاحة، ويتحدون بحسن الخطاب وشرف العبارة، وإن مثل من طلب ذلك مثل من شهد الهيجاء بلا سلاح، ورام أن يصعد الهواء بلا جناح، ثم وإن طال تأمله مصنفات المفسرين، وتتبعه أقوال أهل التفسير من المتقدمين والمتأخرين، فوقف على معاني ما أودعوه كتبهم، وعرف ألفاظهم التي عبروا بها عن معاني القرآن، لم يكن إلا مقلداً لهم فيما حكوه، وعارفاً معاني قول مجاهد، ومقاتل، وقتادة، والسدي، وغيرهم

(4)

.

وقال ابن تيمية رحمه الله: فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام

(5)

.

(1)

إعلام الموقعين عن رب العالمين، (1/ 31).

(2)

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، (1/ 378).

(3)

رواه البيهقي في شعب الإيمان، رقم (2090)، (3/ 543).

(4)

التفسير البسيط، (1/ 411).

(5)

مجموع الفتاوى، (13/ 370).

ص: 62

ومثل ذلك قال ابن كثير رحمه الله: فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام

(1)

.

وكان السلف رحمهم الله يتورعون عن القول في القرآن بغير علم، قال أبو بكر الأنباري رحمه الله: وقد كان الأئمة من السلف الماضي يتورعون عن تفسير المشكل من القرآن، فبعض يقدر أن الذي يفسره لا يوافق مراد الله عز وجل فيحجم عن القول

(2)

.

وقال ابن عطية رحمه الله: كان جلة من السلف كسعيد بن المسيب، وعامر الشعبي، وغيرهما، يعظمون تفسير القرآن، ويتوقفون عنه؛ تورعاً واحتياطاً لأنفسهم، مع إدراكهم، وتقدمهم

(3)

.

ثانياً: أن الآيات التي استدل بها على أنها تتحدث عن فيروس كورونا في سورة المدثرِ استدلال خاطئ؛ لأن سياق الآيات يتحدث عن الأمور التالية:

فقوله تعالى: {قُمْ فَأَنْذِرْ (2)} فسرها قتادة رحمه الله بقوله: أي أنذر عذاب الله ووقائعه في الأمم، وشدّة نقمته

(4)

.

وقال البغوي رحمه الله: أي أنذر كفار مكة

(5)

.

وأما قوله تعالى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} ، قال الطبري رحمه الله: أي وربك يا محمد فعظم بعبادته، والرغبة إليه في حاجاتك دون غيره من الآلهة والأنداد

(6)

.

وقال ابن عادل رحمه الله: هو أن يقال: الله أكبر، وقيل: المراد منه التكبير في الصلاة، وقيل: كبره عن اللغو والرفث

(7)

.

(1)

تفسير القرآن العظيم، (1/ 10).

(2)

تفسير القرطبي، (1/ 34).

(3)

المحرر الوجيز، (1/ 41).

(4)

تفسير الطبري، (23/ 9).

(5)

تفسير البغوي، (5/ 173).

(6)

ينظر: تفسير الطبري، (23/ 9).

(7)

اللباب في تفسير الكتاب، (19/ 494).

ص: 63

وأما قوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} أي: لا تلبسها على معصية ولا على غدر فإن الغادر والفاجر يسمى دنس الثياب

(1)

، تقول العرب فلان نقي الثياب إذا كانت أعماله صالحة، وفلان دنس الثياب إذا كانت أعماله خبيثة

(2)

.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)}، قال: من الإثم، وهي في كلام العرب نقي الثياب

(3)

.

وأما قوله تعالى: (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)}، قال مجاهد وعكرِمة: الأوثان

(4)

، والرجز في اللغة: معناه العذاب، وفيه لغتان: كسر الراء وضمها، وسمي الشرك وعبادة الأوثان رجزًا؛ لأنه سبب العذاب المؤدي إليه

(5)

.

وأما قوله تعالى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6)} ، قال ابن عباس رضي الله عنهما: لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها

(6)

وقال مجاهد: تعطي مالا مصانعة رجاء أفضل منه من الثواب في الدنيا

(7)

.

قال الواحدي رحمه الله: لا تعظ شيئا لتأخذ أكثر منه وهذا خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مأمور بأجل الأخلاق وأشرف الآداب

(8)

.

وأما قوله تعالى: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)} ، قال مجاهد رحمه الله: على ما أوذيت، وقيل: على الحق وإبلاغ الرسالة

(9)

.

(1)

التفسير الوجيز، (1/ 1148).

(2)

تفسير السمعاني، (6/ 89).

(3)

رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، (10/ 3382).

(4)

ينظر: تفسير الطبري، (23/ 13).

(5)

تفسير الوسيط، (4/ 381).

(6)

رواه ابن أبي حاتم في تفسيره، (10/ 3382).

(7)

ينظر: تفسير الطبري، (23/ 15).

(8)

التفسير الوجيز، (1/ 1149).

(9)

تفسير السمعاني، (6/ 90).

ص: 64

وقال ابن زيد رحمه الله: معناه حملت أمرا عظيما فيه محاربة العرب والعجم فاصبر عليه لله عز وجل. وقيل: فاصبر تحت موارد القضاء لأجل الله

(1)

.

وأما قوله تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13)} ، قال مجاهد رحمه الله: نزلت في الوليد بن المغيرة، وكذلك الخلق كلهم.

وقال قتادة رحمه الله: وهو الوليد بن المغيرة، أخرجه الله من بطن أمه وحيدًا، لا مال له ولا ولد، فرزقه الله المال والولد، والثروة والنماء.

(2)

وأما قوله تعالى: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} ، فقوله تعالى:{عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)} ، يتحدث عن الملائكة كما ما ثبت في الأحاديث، وقول أكثر علماء التفسير.

فعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رهطاً من اليهود سألوا رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم، قال:«الله ورسوله أعلم، فجاء الرجل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت عليه: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)}»

(3)

.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: هل يعلم نبيكم كم عدد خزنة جهنم؟ قالوا: لا ندري حتى نسأله، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، غلب أصحابك اليوم. قال:«وبم غلبوا؟» قال: سألهم يهود: هل يعلم نبيكم كم عدد خزنة جهنم؟ قال: «فما قالوا؟» قال: قالوا: لا ندري حتى نسأل نبينا. قال: أفغلب قوم سئلوا عما لا يعلمون؟ فقالوا: لا نعلم حتى نسأل نبينا، لكنهم قد سألوا نبيهم، فقالوا: أرنا الله جهرة، علي بأعداء الله، إني سائلهم عن تربة الجنة وهي الدرمك

(4)

، فلما جاءوا قالوا: يا أبا القاسم، كم عدد خزنة جهنم؟ قال:«هكذا وهكذا في مرة عشرة، وفي مرة تسعة» ، قالوا:

(1)

تفسير البغوي، (5/ 174).

(2)

ينظر: تفسير الطبري، (23/ 19).

(3)

رواه ابن أبي خاتم في تفسيره، ح (19039)، (10/ 3383)، والبيهقي في البعث والنشور، ح (1040)، ص (665).

(4)

الدرمك: الدقيق النقي، وقيل هو الذي يُدرمك حتى يكون دقاقا من كل شيء كالدقيق والكحل. ينظر: تهذيب اللغة، الأزهري، (10/ 233)، وغريب الحديث، ابن الجوزي، (1/ 334).

ص: 65

نعم، قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:«ما تربة الجنة؟» قال: فسكتوا هنيهة، ثم قالوا: خبزة يا أبا القاسم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«الخبز من الدرمك»

(1)

.

وعنه رضي الله عنه أنهم سألوا أصحابه فقالوا: حتى نسأل نبينا صلى الله عليه وسلم، فسألوه فقال صلى الله عليه وسلم:«هم تسعة عشر»

(2)

.

قال البيهقي رحمه الله: وأكثر أهل التفسير على أنها تسعة عشر ملكاً مع مالك خازن النار

(3)

.

وقال القرطبي رحمه الله: أي على سقر تسعة عشر من الملائكة يلقون فيها أهلها .. ، والتسعة عشر من الملائكة هم خزنتها، مالك وثمانية عشر ملكاً، ويحتمل أن تكون التسعة عشر نقيباً، ويحتمل أن يكون تسعة عشر ملكاً بأعيانهم، وعلى هذا أكثر المفسرين

(4)

.

ثالثاً: أن الزعم بأن التسمية الشرعية والحقيقية لفيروس كورونا هي {النَّاقُورِ} ، وأن كلمة {النَّاقُورِ} مرادفة للفيروس المستجد زعم غير صحيح؛ لأن كلمة ناقور في اللغة تعني: الصور الذي ينقر فيه الملَك: أي ينفخ

(5)

، وكذلك قال أهل التفسير بأن الناقور هو: الصور

(6)

، وهو الذي يُنفخ فيه للحشر

(7)

.

قال مجاهد رحمه الله: وهو كهيئة القرن

(8)

، والناقور: اسم من أسماء الآلة، على وزن فاعول، مثل: ساطور

(9)

.

(1)

رواه الترمذي، ح (3327)، (5/ 429)، وأحمد في المسند، ح (14883)، (23/ 164)، وقال شعيب الأرناؤوط في حاشية المسند، (23/ 164): حسن لغيره.

(2)

رواه البيهقي في البعث والنشور، ح (1040)، ص (665).

(3)

البعث والنشور، ص (665).

(4)

تفسير القرطبي، (19/ 79).

(5)

ينظر: المحكم والمحيط الأعظم، ابن سيده، (6/ 372).

(6)

ينظر: تفسير القرآن العظيم، (8/ 264).

(7)

ينظر: تهذيب اللغة، (9/ 91).

(8)

ينظر: تفسير القرآن العظيم، (8/ 264).

(9)

ينظر: النحو الوافي، عباس حسن، (3/ 337).

ص: 66

وبهذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن، وحنى جبهته وأصغى سمعه؛ ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ» قال المسلمون: فكيف نقول يا رسول الله؟ قال: «قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل توكلنا على الله ربنا»

(1)

.

رابعاً: أن كلمة كورونا (corona) ليست اسم القرآن أو مشتقة منه؛ لأن اسم القرآن يُكتب باللغة الإنجليزية: (Qur'an).

وأما بالنسبة (Coran): فهي بالفرنسية تعني القرآن، ولكن أصل تسمية الفيروس ليست فرنسية، ولو افترضنا أنها باللغة الفرنسية، فإن هناك فرقا بين (Corona) وبين (Coran).

والمصطلح العلمي فيروس كورونا أجنبي مُعَرّب وأصله من اللغة اللاتينية: (corona)، وتعني الإكليل

(2)

أو التاج

(3)

، ففي اللاتينية، كورونا تعني التاج، وظل نفس المعنى حتى في اللغات الحديثة كالإسبانية، وفي اللغة الإنجليزية يستخدم المصطلح التشريحي كورونا؛ لأجزاء الجسم التي تشبه التاج

(4)

.

فالاسم مأخوذ من المظهر المميز الذي يذكرنا بالتاج أو الإكليل عند النظر إليه تحت المجهر الإلكتروني النافذ .. ، والذي يحتوي على هامش من إسقاطات منتفخة كبيرة الحجم منتفخة تخلق صورة تشبه التاج أو الإكليل

(5)

.

(1)

رواه أحمد في المسند، ح (11039)، (17/ 89)، والترمذي، ح (3243)، (5/ 226)، وأبو نعيم في الحلية، (7/ 312)، وقال الترمذي: حديث حسن، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (3/ 68).

(2)

ينظر: تكملة معاجم اللغة العربية، (9/ 121).

(3)

ينظر: موقع قاموس المعاني الإلكتروني https:// www.almaany.com/ ar/ dict/ ar-en/ corona

(4)

ينظر: موقع قناة الحرة https:// www.alhurra.com/ health/ 2020/ 01/ 31/

(5)

ينظر: موقع المعرفة الإلكتروني https:// www.marefa.org/

ص: 67