المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النازلة الثامنة: الزعم بأن وباء كورونا من صنع البشر - التوجيهات الصحيحة للنوازل العقدية المتعلقة بوباء كورونا

[محمد الهمامي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌التمهيد

- ‌أولاً: التعريف بالنوازل العقدية المتعلقة بوباء كورونا

- ‌تعريف النوازل:

- ‌تعريف العقيدة:

- ‌تعريف الأوبئة:

- ‌تعريف كورونا:

- ‌ثانياً: الفرق بين وباء كورونا والطاعون:

- ‌القول الأول: أن الطاعون هو الوباء:

- ‌القول الثاني: أن الطاعون غير الوباء:

- ‌أولاً: الطاعون لا يدخل المدينة:

- ‌ثانياً: أن الطاعون من وخز الجن:

- ‌ثالثاً: من أوجه الاختلاف بين الطاعون والوباء ما ذكره أهل العلم والطب الحديث بأن هناك فرق بين منشأ الطاعون وتكوينه وبين منشأ الأوبئة وتكوينها ومنها وباء كورونا

- ‌النازلة الأولى: المخالفات العقدية في القبور والأماكن؛ للتداوي من وباء كورونا

- ‌النازلة الثانية: التلفظ بالأدعية والأذكار المخالفة؛ للتداوي من وباء كورونا

- ‌النازلة الثالثة: التوسل بغير الله؛ لرفع بلاء وباء كورونا

- ‌النازلة الرابعة: التنزيل الخاطئ للأدلة الشرعية عند حلول وباء كورونا

- ‌النازلة الخامسة: ترك الأدلة الشرعية والاعتماد على الأدلة العقلية

- ‌النازلة السادسة: الدعوة إلى الاعتماد على العلاجات الطبية فقط، وترك كل ما له صلة بالدين

- ‌النازلة السابعة: الاعتقاد أن وباء كورونا مذكور في القرآن

- ‌النازلة الثامنة: الزعم بأن وباء كورونا من صنع البشر

- ‌النازلة التاسعة: التنجيم وادعاء علم الغيب في وباء كورونا

- ‌النازلة العاشرة: المسائل المتعلقة بالسمع والطاعة لولي الأمر

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌النازلة الثامنة: الزعم بأن وباء كورونا من صنع البشر

‌النازلة الثامنة: الزعم بأن وباء كورونا من صنع البشر

.

من النوازل العقدية التي حدثت مع حلول وباء كورونا هي: ما ذكرته بعض وسائل الإعلام بأن فيروس كورنا من صنع البشر.

ومن ذلك المنشور الذي ورد في أحد الصحف، وفيه: تتداول الأوساط العلمية بين الحين والآخر سيناريوهات عن فيروس كورنا حيث يعتقد البعض أنه إنتاج بشري صميم، فيما يرى آخرون وهم الأغلبية أن الفيروس نتاج طبيعي وهو ناتج عن بعض الأحياء الفطرية مثل الخفافيش وآكل النمل.

(1)

وذكرت صحيفة أخرى الخبر التالي: منذ المراحل الأولى لتفشي الفيروس، انتشرت نظريات المؤامرة حول أصل المرض ونطاقه على منصات الإنترنت، وكان من بين الادعاءات أن الفيروس جزء من «برنامج صيني سري للأسلحة البيولوجية» ، وأن فريق تجسس أرسل فيروس كورونا إلى ووهان (WHAN)

(2)

.

وأوردت صحيفة أخرى الخبر التالي: بينما ذكر مسؤولون صينيون أن الفيروس ربما انتقل من مختبر عسكري أميركي، وذلك في محاولة واضحة من بكين لدرء الهجوم عليها؛ خصوصاً بعد وصول فريق من منظمة الصحة العالمية مؤخراً إلى مدينة ووهان (WHAN) للتحقيق في أصل الفيروس.

(3)

(1)

ينظر: مقال في جريدة البلاد https:// albiladdaily.com/ 2020/ 05/ 01/

(2)

ينظر: مقال في جريدة المدينة https:// www.al-madina.com/ article/ 687372/

(3)

ينظر: مقال في جريدة الشرق الأوسط https:// aawsat.com/ home/ article/ 2763911

ص: 68

والتوجيه العقدي لهذه النازلة كالآتي:

أن القول بأن الفيروس من صنع البشر من الألفاظ التي لا يجوز إطلاق الحكم فيه بل لابد من التفصيل فيه كالآتي:

أولاً: إن كان القصد أنهم خلقوا الفيروس من العدم فهذا ممنوع؛ لأنه يلزم من ذلك إثبات أن هناك خالق غير الله، والاعتقاد الصحيح أن الفيروس من خلق الله كما قال تعالى:{أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)} [الرعد: 16]، وهذا استفهام إنكار، أي: ليس الأمر على هذا حتى يشتبه الأمر، بل إذا فكروا بعقولهم وجدوا الله هو المنفرد بالخلق، وسائر الشركاء لا يخلقون خلقا يتشابه بخلق الله

(1)

.

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)} [فاطر: 3]، هذا استفهام على طريق التقرير كأنه قال لا خالق غير الله

(2)

وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَاقَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74)} [الحج: 74]، فإن جميع ما تعبدون من دون الله من الآلهة والأصنام لو جمعت لم يخلقوا ذبابا في صغره وقلته، لأنها لا تقدر على ذلك ولا تطيقه، ولو اجتمع لخلقه جميعها

(3)

.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: «ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي؟ فليخلقوا ذرة، أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة»

(4)

.

ومعناه فليخلقوا ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه الذرة التي هي خلق الله تعالى، وكذلك فليخلقوا حبة حنطة أو شعير أي: ليخلقوا حبة فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد

(1)

ينظر: الوسيط في تفسير القرآن المجيد، الواحدي، (3/ 12).

(2)

ينظر: معالم التنزيل في تفسير القرآن، البغوي، (3/ 688).

(3)

ينظر: تفسير الطبري، (18/ 658).

(4)

رواه البخاري، ح (7559)، (9/ 161)، ومسلم، ح (2111)، (3/ 1671).

ص: 69

فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير ونحوهما من الحب الذي يخلقه الله تعالى، وهذا أمر تعجيز.

(1)

ثانياً: إذا كان المقصود بكلمة أن هذا الفيروس مصنوع في المختبرات وأن الصنع هنا هو التهجين

(2)

أو المزج بينه وبين فيروس آخر؛ بقصد تقوية الفيروس أو تعديل بعض خصائصه فهذا ممكن، ويحدث كثيراً في المراكز البحثية والمختبرات العلمية، ولكنه لا يسمى تصنيعاً بل يسمى تهجيناً أو مزجاً.

ثالثاً: إن كثيراً من المختبرات العلمية والمنظمات الصحية العالمية قد أثبت أن الفيروس ليس من صنع البشر.

فقد ذكر مختبر المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها (وقاية) في كشف التسلسل الجيني الكامل لفايروس كورونا الجديد (SARS-CoV-2) من حالات إيجابية لمرض كوفيد (19).

وقال المدير العام التنفيذي للمركز د. عبدالله القويزاني: «إن التحليل الجيني لفايروس كورونا الجديد (hCoV-19) أمر مهم لفهم تطور الفايروس الجديد ومعرفة انتشاره» .

وأضاف: «يعد فايروس كورونا الجديد من الفايروسات الناشئة، لذلك من المهم تحديد مصدر دخوله إلى المملكة ومسار انتشاره وتحوره ورصد التطور العالمي للفايروس»

(3)

.

وكانت منظمة الصحة العالمية، قد ذكرت بأن فيروس كورونا المستجد فيروس حيواني المصدر، أي إنه ينتقل للإنسان من مخالطة الحيوانات المصابة به. بالرغم من ذلك يعتقد البعض أن الفيروس تم تطويره في معامل. لاختبار هذه الفرضية، قام فريق من العلماء في ولاية كاليفورنيا الأمريكية بدراسة المادة الوراثية للفيروس الجديد، وبحسب بحث نشروه في مجلة (Nature Medicine) العلمية حلل العلماء فيروس كورونا المستجد بالإضافة لأربعة فيروسات أخرى من عائلة كورونا، منها سارس (SARS) المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة، وميرس (MERS) متلازمة الشرق الأوسط التنفسية.

(1)

ينظر: شرح صحيح مسلم، النووي، (14/ 91).

(2)

التهجين هو تدخل بشري في إنتاج الحيوانات أو النباتات؛ لضمان الحصول على الصفات المرغوب فيها لدى الأجيال القادمة، أي مزج السلالات. ينظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، (2/ 2328).

(3)

ينظر: وكالة الأنباء السعودية واس https:// www.spa.gov.sa/ viewstory.php? lang=ru&newsid=2049484

ص: 70

واكتشف العلماء اختلافين رئيسيين بين فيروس كورونا المستجد وسابقيه، أولهما اختلاف نسبة البروتين التي تربطه بالخلية المُضيفة، وثانيهما اختلاف الأحماض الأمينية التي تغطي غلاف هذا الفيروس عن الفيروسات الأخرى.

هذه الاختلافات تجعل فيروس كورونا المستجد يرتبط بشكل أسهل مع الخلايا البشرية. لكن في الوقت نفسه بينت هذه الاختلافات للعلماء بعض الأخطاء غير المتوقع وجودها في فيروس تم تطويره بمختبرات علمية.

كما أشار العلماء إلى أن البنية الأساسية لفيروس كورونا المستجد يماثل الفيروسات التي تم اكتشافها في الخفافيش وحيوان آكل النمل فقط، مما يشير إلى عدم تصنيع الفيروس في مختبرات ولكن انتقاله عن طريق الحيوانات

(1)

.

(1)

ينظر: موقع دي دبليو الإخباري https:// www.dw.com/ ar/

ص: 71