الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الإيمان بالكتب]
الإيمان بالكتب 1 - معنى الإيمان بالكتب: التصديق الجازم بأن لله تعالى كتبا أنزلها على رسله إلى عباده، وأن هذه الكتب كلام الله تعالى تكلّم بها حقيقة كما يليق به سبحانه، وأن هذه الكتب فيها الحق والنور والهدى للناس في الدارين.
والإيمان بالكتب يتضمن ثلاثة أمور:
الأول: الإيمان بأن نزولها من عند الله حقَاَ.
الثاني: الإيمان بما سمّى الله من كتبه كالقرآن الكريم الذي نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والتوراةِ التي أنزلت على موسى عليه السلام، والإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام.
الثالث: تصديق ما صح من أخبارها كأخبار القرآن.
والإيمان بالكتب أحد أركان الإيمان، كما قال سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء: 136](1) .
(1) سورة النساء آية: 136.
فأمر الله بالإيمان به وبرسوله وبالكتاب الذي نزّل على رسوله صلى الله عليه وسلم وهو القرآن، كما أمر بالإيمان بالكتب المنزلة من قبل القرآن.
وقال صلى الله عليه وسلم عن الإيمان: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره» (1) .
ب - مزايا القرآن الكريم: إن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المنزل على نبينا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن ثم فإن المؤمن يعظّم هذا الكتاب، ويسعى إلى التمسك بأحكامه، وتلاوته وتدبّره.
وحسبنا أن هذا القرآن هو هادينا في الدنيا، وسبب فوزنا في الآخرة.
وللقرآن الكريم مزايا كثيرة وخصائص متعددة ينفرد بها عن الكتب السماوية السابقة، منها:
1 -
أن القرآن الكريم قد تضّمن خلاصة الأحكام الإلهية، وجاء مؤيِّدا ومصِّدقا لما جاء في الكتب السابقة من الأمر بعبادة الله وحده.
(1) أخرجه مسلم.
قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48](1) .
ومعنى: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ} [المائدة: 48] أي يصدّق هذا القرآن ما في هذه الكتب من الصحيح، ومعنى {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: 48] أي مُؤْتَمِنا وشاهِدا على ما قبله من الكتب.
2 -
أن هذا القرآن العظيم يجب على جميع الناس التمسك به، ويتعيّن على جميع الخلق اتباع القرآن والعمل به، بخلاف الكتب السابقة فهي لأقوام معينين. قال تعالى:{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19](2) 3 - أن الله تعالى قد تكفّل بحفظ القرآن الكريم، فلم تمتد إليه يد التحريف، ولا تمتد إليه، كما قال سبحانه. {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] (3) .
جـ- واجبنا نحو القرآن الكريم: إذا عرفنا بعض المزايا العظيمة والخصائص الفريدة لهذا
(1) سورة المائدة آية: 48.
(2)
سورة الأنعام آية: 19. .
(3)
سورة الحجر آية: 9.
القرآن الكريم، فما واجبنا نحو القرآن؟
- يجب علينا محبة القرآن، وتعظيم قدره واحترامه إذ هو كلام الخالق عز وجل، فهو أصدق الكلام وأفضله.
- ويجب علينا تلاوته وقراءته، وأن نتدّبر آيات القرآن سوره، وأن نتفكر في مواعظ القرآن وأخباره وقصصه.
- ويجب علينا اتباع أحكامه، والطاعة لأوامره وآدابه.
سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت:«كان خلقه القرآن» (1) .
ومعنى الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو التطبيق العملي لأحكام القرآن وشرائعه، فقد حقق صلى الله عليه وسلم كمال الاتباع لهدي القرآن، ومن يتعيّن علينا الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو القدوة الحسنة لكل واحد منا، كما قال سبحانه:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21](2) .
د - تحريف الكتب السابقة: أخبرنا الله تعالى في القرآن الكريم أن أهل الكتاب من اليهود
(1) أخرجه مسلم.
(2)
سورة الأحزاب آية: 21.
والنصارى قد حرّفوا كتبهم، فلم تعد في صورتها التي أنزلها الله تعالى.
فحرّف اليهود التوراة، وبدّلوها، وغيرّوها، وتلاعبوا بأحكام التوراة، قال تعالى:{مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46](1) .
كما حرفّ النصارى الإنجيل، وبدّلوا أحكامه، قال تعالى عن النصارى:{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78](2) .
فليست التوراة الموجودة الآن هي التوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام، ولا الإنجيل الموجود الآن هو الإنجيل الذي أنزل على عيسى عليه السلام.
إن التوراة والإنجيل التي في أيدي أهل الكتاب تشتمل على عقائد فاسدة، وأخبار باطلة، وحكايات كاذبة، فلا نصدِّق من
(1) سورة النساء آية: 46.
(2)
سورة آل عمران آية: 78.
هذه الكتب إلا ما صدّقه القرآن الكريم، أو السنة الصحيحة، ونكذب ما كذّبه القرآن والسنة.
هـ- آثار الإيمان بالكتب: للإيمان بالكتب آثار متعددة نذكر منها:
1 -
العلم بعناية الله تعالى بعباده، وكمال رحمته حيث لكل قوم كتابا يهديهم به، ويحقق لهم السعادة في الدنيا والآخرة.
2 -
العلم بحكمة الله تعالى في شرعه، حيث شَرَع لكل قوم ما ينسب أحوالهم ويلائم أشخاصهم، كما قال الله تعالى:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48](1) .
3 -
شكر نعمة الله في إنزال تلك الكتب، فهذه الكتب نور وهدي في الدنيا والآخرة، ومن ثم فيتعيّن شكر الله على هذه النعم العظيمة.
(1) سورة المائدة آية: 48.