الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة"، قال: "فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره» رواه أحمد وأبو داود من حديث البراء بن عازب الطويل.
ولقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبوت عذاب القبر ونعيمه لمن كان لذلك أهلًا، وسؤال الملكين، فيجب اعتقاد ثبوت ذلك والإيمان به، ولا نتكلم في كيفيته، إذ ليس للعقل وقوف على كيفيته، لكونه لا عهد له به في هذه الدار.
كما أن أحوال القبر من أمور الغيب التي لا يدركها الحس، ولو كانت تدرك بالحس لفاتت فائدة الإيمان بالغيب، وزالت حكمة التكليف، ولما تَدافن الناس، كما قال صلى الله عليه وسلم:«لولا أن لا تَدافَنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر ما أسمع» (1) ولمَّا كانت هذه الحكمة منتفية في حق البهائم سمعته وأدركته.
[أشراط الساعة]
د- أشراط الساعة: مما يجب الإيمان به، أن نؤمن بأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن موعدها لا يعلمه إلا الله، أخفاه عن الناس كلهم، يقول
(1) رواه مسلم.
وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة في بيان علامات الساعة وأشراطها وأماراتها.
فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه ذكر للساعة علامات صغرى معظمها يدور حول فساد الناس، وظهور الفتن بينهم، وانحرافهم عن صراط الله المستقيم.
فمن العلامات الصغرى: «ما جاء في حديث جبريل أنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل"، قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: "أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة. . .» (2) .
ومن علامات الساعة الصغرى «أن رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم متى الساعة؟ فقال: "إذا ضُيِّعَت الأمانة فانتظر الساعة". قال:
(1) سورة الأعراف آية: 187.
(2)
متفق عليه.
وكيف إضاعتها؟ قال: " إذا أسند الأمر لغير أهله فانتظر الساعة» (1) .
وأما العلامات الكبرى، وهي الأمارات القريبة الكبيرة التي تعقبها الساعة، وأنها تتابع كنظام خرزات انقطع سلكها.
فقد جاء في الأخبار الصحيحة ذكر عشر منها، وذلك كحديث حذيفة بن أسيد الغفاري، حيث قال:«اطَّلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذاكرون؟ " قالوا: نذكر الساعة. قال: "إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات". فذَكَر الدُخان والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم» (2) .
ونتحدث - على سبيل المثال - عن أحد هذه الأمارات الكبرى، فمن هذه الأشراط: ظهور الدجال، والدجال منبع الكفر والضلال وينبوع الفتن والأوجال، قد أنذرت به الأنبياء
(1) رواه البخاري.
(2)
رواه مسلم.
أقوامها، وحذرت منه أممها ونعتته بالنعوت الظاهرة، ووصفته بالأوصاف الباهرة، وحذّر منه المصطفى صلى الله عليه وسلم، ونعته لأمته نعوتا لا تخفى على ذي بصر.
فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من نبي إلا قد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه ك ف ر» (1) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أحدثكم حديثَاَ عن الدجّال ما حدث به نبي قومه: إنه أعور، وإنه يجيء معه بمثل الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذركم كما أنذر به نوح قومه» (2) .
ولا نجاة من فتنة الدجال إلا بالعلم والعمل، أما العلم فبأن يعلم أنه جسد يأكل ويشرب، ثم إنه لخسَّته وعجزِهِ أعور، وموسوم بين عينيه أنه كافر، وأما العمل فبأن يستعيذ بالله من فتنته في التشهد الأخير من كل صلاة، وأن يحفظ عشر آيات من أول سورة الكهف لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حفظ عشر آيات من أول سورة
(1) رواه الشيخان.
(2)
أخرجه الشيخان.