الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنه لا شيء يرفع الإنسان من ثقلة الأرض - بعد الإيمان بالله - إلا الإيمان باليوم الآخر، الإيمان بأن كل متاع زائد يتنازل عنه الإنسان في الحياة الدنيا - طاعةً لله والتزاما بأمره - يعوض عنه في الآخرة متاعا أعلى وأخلد وأبقى، والإيمان في ذات الوقت بأن كل خروج على أمر الله في الحياة الدنيا من أجل متاع الأرض الزائل - سيجازى عليه في الآخرة عذابا أليما.
وحين يؤمن الإنسان باليوم الآخر، فإنه سيوقن بأن كل نعيم في الدنيا لا يقاس إلى نعيم الآخرة، ولا يساوي من جهة أخرى غمسة واحدة من أجله في العذاب، وكل عذاب في الدنيا - في سبيل الله - لا يقاس إلى عذاب الآخرة، ولا يوازي من جهة أخرى غمسة واحدة من أجله في النعيم.
[فتنه القبر]
جـ- فتنه القبر: نؤمن بأن الموت حق، قال تعالى:{قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} [السجدة: 11](1) .
وهو أمر مشاهد لا يجهله أحد، وليس فيه شك ولا تردد،
(1) سورة السجدة آية: 11.
ونؤمن أن كل من مات أو قتل أو بأي سبب كان حتفه، أنّ ذلك بأجله لم ينقص منه شيئا، قال الله تعالى:{فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34](1) .
ونؤمن بفتنة القبر: وهو سؤال الميت بعد دفنه عن ربه ودينه ونبيه، فيثبِّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فيقول المؤمن: ربي الله وديني الإسلام ونبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويضل الله الظالمين، فيقول الكافر: هَاه هَاه لا أدري، ويقول المنافق أو المرتاب: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته.
ونؤمن بعذاب القبر ونعيمه، فأما عذاب القبر فيكون للظالمين من المنافقين والكافرين، قال تعالى:{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [الأنعام: 93](2) وقال في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46](3) .
(1) سورة الأعراف آية: 34.
(2)
سورة الأنعام آية: 93.
(3)
سورة غافر آية: 46.
وفي صحيح مسلم من حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمعه منه"، ثم أقبل بوجهه فقال: "تعوذوا بالله من عذاب النار، قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار، فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر، قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر".»
وأما نعيم القبر فللمؤمنين الصادقين، قال الله عز وجل:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30](1) .
وقال تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ - وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ - وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ - فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ - تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ - فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [الواقعة: 83 - 89](2) وعن البراء بن عازب «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره: "ينادي منادٍ من السماء أن صدق عبدي
(1) سورة فصلت آية: 30.
(2)
سورة الواقعة آية: 83 - 89.