المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أظفاره حتى يضحي". رواه مسلم والترمذي وأبو داود. الترمذي: وهذا - التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب - جـ ٣

[خليل بن إسحاق الجندي]

الفصل: أظفاره حتى يضحي". رواه مسلم والترمذي وأبو داود. الترمذي: وهذا

أظفاره حتى يضحي". رواه مسلم والترمذي وأبو داود. الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح. وهذا نهي، والنهي إذا لم يقتض التحريم حمل على الكراهة. ودليلنا على نفي الوجوب حديث عائشة المتقدم في كتاب الحج: فَتلْتُ قلائدَ هدي رسول الله صلى الله عليه وسل بيدي، ثم بعثت مع أبي فلم يحرم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً أحله الله له. ولا خلاف أن النبي صلى الله عليه وسل ضحى في ذلك العام.

‌الْعَقِيقَةُ:

ذِبْحُ الْوِلادَةِ، وَأَصْلُهُ شَعَرُ الْمَوْلُودِ

ينبغي أن تضبط الذال من (ذِبْحُ) بالكسر؛ ليكون المراد ما يذبح، ويحتمل الفتح على إرادة المصدر؛ لأن ذلك يستلزم مذبوحاً.

الجوهري: والعقيقة: صوف الجذع، وشعر كل مولود من الناس والبهائم عقيقة. ويقال: عقيق أيضاً، وعقة بالكسر، ومنه سميت الشاة التي تذبح عن المولود يوم سابعه عقيقة. انتهى.

ثم نقل من الشعر إلى ما يذبح من باب إطلاق السبب على المسبب، أو من باب إطلاق أحد المتلازمين على الآخر، صوار حقيقة شرعية في المذبوح للولادة. وأنكر أحمد ابن حنبل رضي الله عنه أن تكون العقيقة مأخوذة مما تقدم، وقال: إنما العقيقة: الذبح نفسه، وهو قطع الأوداج والحلقوم، ومنه قيل لقاطع رحمه عاق.

وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى مِمَّا يُجْزِئُ في الأُضْحِيَةِ

الضمير في (هُوَ) عائد على الذبح؛ أي: ولا يبلغ السنية. وحكى صاحب البيان عن ابن حبيب أنها سُنة، وحكاه بعض الأندلسيين عن مالك. ووقع لمالك في العتبية فيمن لم يكن عنده يوم الأضحى إلا شاة أنه يعق بها ولا يضحي، فظاهره أن العقيقة آكد، إلا أنهم تأولوه، ففي البيان معناه إذا رجا أن يجد أضحية في بقية أيام الأضحى، وإلا فليضح بها؛ لأن الضحية أوجب عند مالك وجميع أصحابه؛ لأنه قيل: إنها سنة واجبة، وقيل:

ص: 279

مستحبة. ولو كان ذلك في آخر أيام الأضحى لكانت الضحية أولى، قاله العتبي وابن حبيب، وهو قياس ما قلناه.

وقوله: (لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى) أي: يكفي لكل واحد منهما شاة، ونبه على خلاف الشافعي فإنه جعل للذكر شاتين. ودليلنا ما رواه أبو داود عن أبي معمر عبد الله بن عمر عن عبد الوارث عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن كبشاً وعن الحسين كبشاً"، قال بعض المحدثين: وهو صحيح. وقال بعضهم: سنده صحيح. وروى الترمذي عن عائشة وصححه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة"، وخرجه النسائي من حديث أم كرز، وبه قال الشافعي، قيل: وهو أولى لأن سماع أم كرز منه صلى الله عليه وسلم كان عام الحديبية وهو متأخر عن حديث ابن عباس.

وقوله: (مِمَّا يُجْزِئُ في الأُضْحِيَةِ) ظاهر.

وَفِي الإِبِلِ وَالْبَقَرِ قَوْلانِ

قال صاحب البيان وصاحب الجواهر: المشهور أنها كالضحية في أجناسها. قال ابن شعبان: لا يعق بشيء من الإبل والبقر. وروى مثله في العتبية؛ لأن المذكور في أحاديث هذا الباب إنما هو الغنم.

وَوقْتُهُ السَّابعُ، وَلا يُعَدُّ مَا وُلِدَ فِيهِ بَعْدَ الْفَجْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ

لا خلاف عندنا أن وقته السابع. قال مالك في العتبية: وحد ذبح العقائق ضحوة وهي سنة الذبح في الضحايا وأيام منى، وهي ساعة الذبائح.

(وَلا يُعَدُّ مَا وُلِدَ فِيهِ بَعْدَ الْفَجْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ) يعني: إن ولد قبل الفجر اعتد بذلك اليوم، وإن ولد بعده فالمشهور ألا يحتسب به. وقيل: إن ولد قبل الزوال حسب

ص: 280

ذلك اليوم، وإن ولدبعده لم يحسب، وهذا القول رجع عنه مالك، وقال أصبغ: يلغى ذلك اليوم وإن حسب سبعة أيام من تلك الساعة إلى مثلها أجزأ. قال في البيان: وهو قول حسن. وظاهر كلامه أن مقابل المشهور الاعتداد به وإن ولد قبل الغروب. وهذا القول هكذا إنما نقله اللخمي وصاحب البيان عن عبد العزيز بن أبي سلمة. ويحتمل أن يريد بمقابل المشهور قول أصبغ. وظاهر كلام المصنف تعرية الوجه الأول- أعني: إذا ولد قبل الفجر- عن الخلاف. وحكي في البيان عن ابن الماجشون أنه لا يحتسب إلا من غروب الشمس الآتي بعد الولادة، سواء كانت الولادة ليلاً أو نهاراً.

وفِي [236/أ] الذَّبْحِ لَيْلاً وَبَعْدَ الْفَجْرِ مَا فِي الأُضْحِيَّةِ

أي: فلا يجزئ ليلاً على المشهور. وقوله: (وَبَعْدَ الْفَجْرِ) نص مالك في المبسوط على عدم الإجزاء إذا ذبحها قبل طلوع الشمس وأخذه ابن رشد من العتبية. وقال ابن الماجشون: يجيزيه إن كان بعد طلوع الفجر. قال في البيان: وهو أظهر؛ لأن العقيقة ليست منضمة إلى صلاة فكان قياسها على الهدايا أولى من قياسها على الضحايا. وهذا الخلاف يأتي على المشهور في المسألة السابقة وعلى الشاذ. وقولُ ابن عبد السلام: إنما يتمشى على غير المشهور، وأما على المشهور من إلغاء جزء من النهار فلا، ليس بظاهر. ويجزئ ذبحها أيضاً ليلاً على الشاذ، أنها لا تفوت بغروب الشمس من السابع وأنها تذبح فيما قرب، قاله مالك في العتبية.

فَإِنْ فَاتَ فَفِي السَّابِعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ قَوْلانِ

أي: فات السابع الأول فالمشهور الفوات. وروى ابن وهب عن مالك أنها تذبح في السابع الثاني، فإن لم تذبح فيه ففي الثالث، وجعلها ثلاثة أسابيع كما أن أيام الذبح في الضحية ثلاثة. وفي مختصر الوقار أنها تذبح في السابع الثاني فقط، وفي العتبية أنه إذا فات

ص: 281

السابع الأول فلا يعق عنه إلا أن يكون قريباً. قال في البيان: هو خلاف المشهور. فيتحصل في المسألة أربعة أقوال.

وَفِي كَرَاهَةِ عَمَلِهَا وَلِيمَةً قَوْلانِ

الكراهة لمالك وابن القاسم في العتبية، علله مالك بمخالفة العمل. والقول بالجواز حكاه ابن راشد عن ابن حبيب، وعلله ابن بشير بأنه طعام سرور فأشبه الولائم. وقال ابن عبد السلام: الذي أجازه هو ابن حبيب في ظاهر كلامه، وإطعامها للفقراء أضل، ويجوز إطعامها للأغنياء، ولو أكلوها ولم يطعموا أحداً لأجزأتهم وقد فاتهم الأفضل.

ابن حبيب: ويحسن أن يوسع بغير شاة العقيقة؛ لإكثار الطعام ودعاء الناس. وتأول بعضهم أن مراد ابن حبيب دعاء الناس إنما هو على المزيد على العقيقة لا على العقيقة نفسها. وكذلك حكاه بعضهم عن ابن حبيب نصّاً. وعلى هذا فلا يكون في المسألة خلاف.

ابن راشد: والسُّنة أن يطعم الناس منها في مواضعهم كالأضحية.

وَفِي كَرَاهَةِ التَّصَدُّقِ بزِنَةِ شَعْرِهِ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً قَوْلانِ

الكراهة حكاها ابن مزين.

ابن عبد السلام: والقول بالإباحة ذكره ابن الجلاب. انتهى. ولفظه: وليس على الناس التصدق بوزن شعر المولود ذهباً أو فضة فإن فعل فلا بأس به. ونص صاحب الرسالة وغيره على الاستحباب.

وَلا بَاسَ بِكَسْرِ عِظَامِهَا كَالضَّحِيَّةِ

عبد الوهاب: ويجوز كسر عظامها لا أنه مستحب ولا مسنون، ولكن تكذيباً للجاهلية في تحرجهم من ذلك، وتفصيلهم إياها من المفاصل. وفي الحفيد: إن الكسر مستحب لمخالفة الجاهلية.

ص: 282

وَلا يُلَطَّخُ الْمَوْلُودُ بِدَمِهَا

قال في الرسالة: وإن خلق رأسه بِخَلوق بدلاً من الدم الذي كانت تفعله الجاهلية، فلا بأس بذلك.

فرع:

قال مالك في العتبية: من مات ولده قبل السابع فلا عقيقة عليه. ابن يونس: ولا تسمية عليه فيه. ابن وهب: فذكرت له الحديث في السقط يقول لأبيه يوم القيامة:"تركتني من غير اسم" فلم يعرفه.

وقال ابن حبيب: أحب إلي إن مات قبل السابع أن يُسمَّى. وكذلك السقط يُسمَّى لما روي من رجاء شفاته. قيل لمالك في العتبية: أيكره أن يسمى أحد قبل السابع؟ فقال: ما رأيت أحداً يسمِّي قبل السابع، إنما يعق عنه ويسمِّي يوم السابع.

ابن يونس: وكره مالك الختان يوم يولد الصبي أو في سابعه، وقال: هو من فعل اليهود، ولم يكن من عمل الناس إلا حديثاً. وكان لا يرى بأساً أن يفعل لعله يخاف على الصبي. مالك: وحد الختان من وقت يؤمر بالصلاة من سبع سنين إلى عشر.

* * *

ص: 283