المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المعمور خلف خط الاستواء إلى الجنوب - الجغرافيا

[ابن سعيد المغربي]

الفصل: ‌ المعمور خلف خط الاستواء إلى الجنوب

‌بسم الله الرحمن الرحيم

الأرض كروية يحيط بها الماء. وهما واقفان بالمركز في قلب الأفلاك ودورها ثلاثمائة وستون درجة. وكل درجة ونصف مائة ميل. والميل أربعة آلاف ذراع. والمعمور منها طوله من الجزائر الخالدات التي بالبحر المحيط بالغرب إلى جزائر السيلي التي بالبحر المحيط بالمشرق مائة وثمانون درجة. والظاهر منها مضرس لاستقرار البحار وسلوك الأنهار. وعرض المعمور من أقصاه في الجنوب إلى أقصاه في الشمال ثمانون درجة. وما بعد ذلك في الجنوب لا يسكن لقوة حرارة الشمس في الحضيض التي لها هناك. وما بعده في الشمال لا يسكن لقوة البرد.

ومجموع المعمور مقسم على تسعة أقسام:‌

‌ المعمور خلف خط الاستواء إلى الجنوب

والسبعة الأقاليم على التدريج من الخط. ثم يكون القسم التاسع المعمور ما بعدها إلى أقصى العمارة في الشمال وفي التعليل تطويل.

المعمور خلف خط الاستواء إلى الجنوب

عرضه ست عشرة درجة. لا يظهر فيه البحر المحيط من الغرب الأقصى ولا في الجنوب. وهو عشرة أجزاء.

الجزء الأول: فيه من المدن السودانية مدينة كو (مدينة العراة) المهملين كالبهائم كما نقلوا، حيث الطول عشر درجات والعرض أربع. وفيه زفو، حيث الطول ثلاث عشرة درجة والعرض عشر. وغير ذلك رمال سائلة وطرق طامسة.

الجزء الثاني: فيه من نوع ما تقدم ومنه زعنه، حيث الطول أربع وعشرون درجة والعرض سبع. وبرصنه، حيث الطول سبع وعشرون درجة والعرض سبع، وفيه أول نهر من أنهار النيل النازلة من عرض ست عشرة درجة من آخر العمارة. وهو آخر الجزء الثاني.

الجزء الثالث: من أوله حيث الطول ست وثلاثون درجة ودقائق إلى طول تسع وثلاثين درجة وعشرين دقيقة، والعرض ست عشرة درجة، ينابيع النيل الأربعة التي هي بعد الجزء الخامس وفي آخر الجزء الثاني المتقدم الذكر. وهي نابعة في البسيط. والخمسة الأخرى ينابيعها أيضاً في الجزء الثالث. إلا أنها من جبل القمر حيث الطول ثمان وأربعون درجة إلى اثنتين وخمسين درجة وخمس دقائق. والعرض في جميع هذه الينابيع العشر لا يفارق ست عشرة درجة. فالخمسة (الأنهار) الأولى تنصب في البطيحة الغربية الأولى حيث الطول اثنتان وأربعون درجة والعرض سبعون والقطر خمس درجات. البطيحة الشرقية الثانية بينها وبين الأولى درجتان والمركز في العرض واحد. وكذلك القطر. ويخرج من كل بطيحة، كما يدخل إليها، خمسة أنهار من الجانب الشمالي، إلا أن الثاني والثالث من البطيحتين يصيران نهراً واحداً عن قريب، وينصب الجميع في البطيحة الكبرى التي تركز في الإقليم الأول. وفي هذا الإقليم الأول من السودان رفله، وهي بين النهرين الأوليين، وبينها وبين البطيحة درجة. وكوشه، على عيون تمتد على آخر الأنهار من البطيحة الثانية حيث الطول ثلاث وخمسون درجة والعرض درجتان. وتحتها يمر نيل مقدشو الخارج في شمال الخط. ومحلات القمر بين البطيحتين، ومحلات أكر في شماليها إلى بحيرة كورا.

الجزء الرابع: فيه انتهاء جبل القمر على مذهب البطليموس حيث الطول إحدى وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض إحدى عشرة درجة. وفيه عمائر القمر التي ينسب إليهم الجبل. وهم أخوة الصين. والمشهور عنهم في هذا الجزء من مدن السودان دمدمة التي خرج منها الدمدام على بلاد النوبة والحبشة، سنة سبع عشرة وستمائة في طالع خروج التتر على بلاد العجم. وهم تتر السودان. وفيه قلجور التي تنسب إليها السيوف القلجورية. وبالقرب منها معدن حديد فائق يصنع منه ذلك، وهي حيث الطول خمس وخمسون درجة وستون دقيقة والعرض درجتان وثلاثون دقيقة، وبربرا قاعدة البرابر التي ذكر امرؤ القيس خيلهم. ورقيقهم مستحسن. وقد اسلم أكثرهم فلذلك عدموا في بلاد الإسلام وهذه المدينة حيث الطول ثمان وستون درجة والعرض ست ونصف.

ص: 1

ونيل مقدشو لا يزال يصعد في هذا الجزء حتى عرض إحدى عشرة درجة حيث الطول ست وستون درجة ثم ينحدر على شرقي بربرا، ويبقى بينها وبينه نحو درجة ثم ينحدر على شرقي مقدشو. وفي هذا الجزء من مدن بربرا وهي أول مدنهم على ساحل البحر الهندي قرفونه، وموضوعها في أول ركن البحر حيث الطول أربع وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض عشرون دقيقة. وشرقيها من مدنهم على جون مرتفع برمه حيث الطول ست وستون درجة والعرض درجة. وفي شرقيها حافوني، الجبل المشهور عند المسافرين، ويظهر داخلاً في البر جنوباً نحو مائة ميل، ويدخل في البحر نحو مائة وأربعين ميلاً في الشمال بتعرج للمشرق. وفي الظاهر منه سبعة رؤوس يعدها المسافرون على بعد ويعطون البشارة إذا جاوزوها وخلصوا من ذلك الطرف. وفي شرقيه من بلاد بربرا المشهورة على البحر مركه حيث الطول تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض درجة وعشر دقائق. وأهلها مسلمون وهي قاعدة الهاوية التي تنيف على خمسين قرية، وهي شاطئ نهر يخرج من نيل مقدشو وينصب على مرحلتين من المدينة في شرقيها. ومنه فرع يكون حوض المركه. وفي شرقي ذلك مدينة الإسلام المشهورة في ذلك الصقع والمترددة الذكر على ألسن المسافرين وهي مقدشو حيث الطول اثنتان وسبعون درجة والعرض درجتان. وهي على بحر الهند ومرساها غير مأمون الأنواء.

الجزء الخامس: في أوله على اثنتي عشرة دقيقة من الجزء الرابع وعرض درجتين مصب نيل مقدشو وهو عابر على أرضها ويبقى بينها وبينه نحو اثني عشر ميلاً وينصب في بحر الهند وهو في رأي العين أقل من نيل مصر بالقرب من مقدشو ولكنه عميق ويخرج منه ما يضعف ماءه.

قال ابن فاطمة: وخروج هذا النيل من بحيرة كورى تحت خط الاستواء من جبل المقسم شقيقاً لنيل مصر وذلك عند طول إحدى وخمسين درجة وعرض نصف درجة في الإقليم الأول وهو معوج ومستقيم ويخرج منه من الأنهار ما تصير به تلك الجهات كالديار المصرية في السكر والموز وكالهند في المقل والنارجيل والفوفل وبه يسقى كل ذلك وغيره. وهم يزرعون مرتين عليه وعلى المطر. وينصب من مقدشو في شرقيها ويكون طوله نحو ألفي ميل. وفي شرقي هذا النيل آخر حد البلاد البربرية وأول حد بلاد الزنج ويكون في هذا الجزء الخامس من مدن الزنج المشهورة ملنده حيث الطول إحدى وثمانون درجة ونصف والعرض درجتان ونصف وعشرون دقيقة على جون. وفي غربيها خور كبير ينزل إليه نهر من جبل القمر وعلى شطّي هذا الخور عمائر كثيرة للزنج وفي الجنوب عمائر القمر. وفي شرق ملنده الحراني وهو جبل مشهور عند المسافرين يدخل في البحر نحو مائة ميل آخذاً للشمال بتشريق ويظهر في البر آخذاً نحو الجنوب مستقيماً على نحو خمسين ميلاً. ومن غرائبه أن ما في البر منه فيه معدن حديد يعم بلاد الزنج ويسافر به إلى غيرها. وما في البحر منه فيه حجر المغناطيس الجاذب للحديد. وفي هذه المدينة سحرة الزنج وسكنى ملوكهم في مدينة ممبصة. وبينهما نحو درجة وهي على البحر. وفي غربيها خور كبير تدخله المراكب نحو يومين ويمتد نحو ثلاثمائة ميل. وفي هذا الجزء المفازة التي بين الزنج وبين سفاله. وفيه من مدن سفاله بتينه. وهي على ذيل جون عظيم يدخل في البحر من خط الاستواء أربع درجات، وعرض رأسه بالتدوير درجتان. والمدينة حيث الطول سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق والعرض درجتان ونصف. وفي غربيها داخل الشمال والمشرق عجرد. وهو جبل طوله في البحر نحو مائة ميل. وللموج فيه أصوات هائلة وهو خور طويل ينصب فيه نهر يأتي من جبل القمر وهو في شرقيها. وطول الخور والنهر شهر. وعليه الغياظ والعمائر وينزل البحر من هذه المدينة مسافة شهر إلى أن يكون ساحله عند خط الاستواء حيث قبة أزين، التي هي كفة الميزان في الأرض وإليها من كل جهة تسعون درجة.

ص: 2

الجزء السادس: فيه على البحر الهندي عمائر السفالين وما لم يشتهر من مدنهم إلى أن يكون عليه قاعدتهم وهي صيونه حيث الطول تسع وتسعون درجة والعرض درجتان ونصف وهي على خور كبير ينزل فيه نهر من جبل القمر إلى غربيّها في جون كبير هي في شرقيّه، طوله من خط الاستواء خمس درجات ونصف. وفي هذه المدينة ملك السافلين وهم الزنج الذين يعبدون الأوثان والحجارة ويصبون عليها دهن السمك الكبار. وأكثر معاشهم من الذهب والحديد ولباسهم جلود النمور. والخيل لا تعيش عندهم، فعسكرهم رجّاله. وذكر المسعودي أن الزنج يقاتلون على البقر كما تقاتل النوبة على المهاري. ومن شرقي هذه المدينة يدخل خليج القمر من بحر الهند إلى أقصى العمارة في الجنوب. واتساعه هناك نحو مائتي ميل. وعلى هذا المنزع وما قاربه يمر كالقوس إلى الجنوب والمشرق إلى أن يضرب في جبل الندامة الذي يأتي ذكره. ومن شرقي صيونه جبل الملطم وهو كبير يمتد مع ساحل الخليج نحو مائتي ميل وستين ميلاً، وكثيراً ما يلطم المركب التي تدفع بها الريح الشمالية إليه. فالمسافرون يتحفظون منه فإن شرقوا عنه فقد خلصوا، وإن دخلوا في الخليج جنوباً احتالوا في أن يخرجوا بالريح الجنوبية لكي لا تحملهم المياه والرياح إلى جبل الندامة فيهلكوا. وعمائر القمر في جنوب هذا الجزء متصلة مع الجبل المنسوب إليهم. ويقع فيه من مدن: جزيرة القمر الطويلة العريضة التي يقال أن طولها أربعة أشهر وعرض الواسع منها نيف وعشرين يوماً. ليرانه، ذكر ابن فاطمة أنه دخلها وأنها للمسلمين كمقدشو. وأهلها مجتمعون من الأقطار. وهي بلد حط وإقلاع. وأشياخها الذين يديرونها يدارون صاحب مدينة ملاي التي في شرقهم. وليرانه على البحر حيث الطول مائة ودرجتان غير دقائق. والعرض نصف درجة ودقيقتان. وهي على خور كبير ينزل في الجزء السابع إلى غربيّها وعلى خمسين درجة منها ملاي، فيها ملك من ملوك الجزيرة. وقد يكون سلطاناً مستولياً على جميع الجزيرة أو أكثرها وذلك قليل لبعد المسافات وتشتت الآراء والفرق. وهي في عرض ليرانه، وفي غربيها خور ينزل من النهر الكبير النازل إلى ليرانه.

ص: 3

الجزء السابع: فيه ينتهي بر السودان المتصل من أقصى الغرب بجبل الندامة ثم يكون البحر عامراً لما في شرقه بطول جزيرة القمر. وأول جبل الندامة أول هذا الجزء، حيث الطول مائة وثمانون درجة ودقيقة. ويقال إن علوه في الجو نحو ثلاثة أيام وهو ممزوج بالغبرة والحمرة. ويمتد مع أول العمارة حيث العرض ست عشرة درجة نحو عشرين يوماً. ويكون منه مع البحر نحو أربعة عشر يوماً. وآخره حيث الطول مائة وسبع عشرة درجة ونصف. والبحر المحيط الداخل من المشرق والجنوب يضرب في ركنه الجنوبي، وفي شماليه خليج القمر. فإن زل المركب عن بحر الهند ودخل إلى هذا الخليج وحملته المياه والرياح إلى أن يرى هذا الجبل ندم على ما فرط فيه من حيث الاحتياط واستسلم للقضاء، فأما أن ينكسر عليه، وأما أن يدخل خلفه فلا يخرج له خبر ولا يعلم ما جرى له. ويقال إن هناك دورات لا تزال تدور بالمركب حتى تغرقه. ويسمي المسافرون في بحر الهند ذلك المكان بحر الخراب وبحر سهيل، لأنهم إذا وصلوا إليه رأوا سهيلاً مقارناً لرؤوسهم. وتحت هذا الجبل من شماليه على خليج القمر مدينة دغوطه وهي آخر مدن سفاله وآخر العمارة في البر المتصل بهذا البحر. وهي حيث الطول مائة وتسع درجات والعرض اثنتا عشرة درجة. ولها من شماليها خور ينزل له من نهر من جبل القمر. ويقال إن منبعه مشارك لمنبع نهر صيونه. ويقع في هذا الجزء السابع من مدن جزيرة القمر التي هي قواعد لملوكها دهمي. وهي حيث الطول مائة واثنتا عشرة درجة ونصف والعرض ثلاث درجات. وينزل إلى شرقيها خور مادته من النهر الكبير ويتقوس في دخوله البحر منها حتى يكاد يلاصق خط الاستواء إلى أن يكون على آخر القوس مدينة بلبق، وهي أيضاً من قواعد ملوك الجزيرة. وموضوعها حيث الطول مائة وثمان عشرة درجة ونصف والعرض درجة. وفي شرقيها جزيرة تنسب إلى هذه المدينة طولها نحو درجتين من الغرب إلى الشرق ووسعها ما يقرب من درجة وفي شرقي بلبق النهر الكبير المقوس وهو نهر ليرانه ونزوله من جبل العيون، وهو جبل طوله ثمان مراحل من المغرب إلى المشرق. وينزل من عيونه خمسة أنهار صغار إلى قوس هذا النهر الكبير فيتقوس وينصب في نهر ليرانه وبحر بلبق. وفي شرقي بلبق جزيرة سرنديب نصفها في هذا الجزء ونصفها الآخر في الثامن. ونصفها الجنوبي خلف خط الاستواء ونصفها الشمالي في الإقليم الأول. وهي مشهورة. وموضوع مدينتها التي يحل فيها ملكها حيث الطول مائة وأربع وعشرون درجة والعرض درجة ونصف ودقائق واسمها أغنا. وفيها مدائن غيرها، ويشقها بالنصف في خط الاستواء، الجبل الكبير الذي اسمه الرهون وهو عال جداً. ويقال إن آدم عليه السلام نزل عليه من الجنة. وفي شعابه وأوديته توجد أنواع الياقوت النفيسة وحجر الماس الذي يثقب به الياقوت. وفي بحرها مغاص لؤلؤ مشهور. وهي مستديرة الصورة. ويقال أنها ثمانون فرسخاً في مثلها. والعقاقير الهندية فيها كثيرة. وعلى قوس بحرها الجنوبي أغباب سرنديب المشهورة إلى الجنوب. وهي أربعة منحوتة، ينصب في كل غب منها نهر من أنهار جزيرة القمر. والغب المغربي في الجزء السابع والذي يليه مع خط الجزء الثامن ثم الرابع من آخر القوس المذكور.

الجزء الثامن: أول ما يلقاك منه من قواعد جزيرة القمر مدينة خافورا. وهي حيث الطول مائة وثلاثون درجة والعرض درجة على الجون الأخير للمشرق من أغباب سرنديب. وينصب في شماليها النهر الأعظم النازل من الجبل المطل على قمري، وفي شرقها قاعدة ديملي وهي على البحر حيث الطول مائة وثلاث وأربعون درجة والعرض نصف درجة. وينصب في شرقيها نهر ينزل من النهر الأعظم. وفي هذا الجزء جبلان أحدهما في جنوب ديملي يخرج منه نهر طويل إلى الغب الثالث، والآخر قرب وسط المسافة بين القاعدتين بقرب البحر الجنوبي ويخرج منه ثلاثة أنهار صغار تنصب في هذا النهر الطويل.

ص: 4

الجزء التاسع: فيه مدن وعمائر من جزيرة القمر غير مشهورة. والمذكور من ذلك قاعدة الجزيرة القديمة وقد يكون صاحبها في بعض الأحيان غالباً على معظمها وهي قمرية. وموضوعها حيث الطول مائة وأربع وخمسون درجة، على جون عظيم يرتفع عن خط الاستواء ثلاث درجات ويتسع نحو ذلك. وهذه المدينة منسوبة إلى القمر وهو بنو عامور بن يافث ويشاركهم النسبة إلى عامور الصين. وكانوا يسكنون مع الصين في مشارق الأرض ثم تفاتنوا وأخرجهم الصين إلى الجزائر فكانوا بها مدة وكانت سمة كذا ملكهم قامرون. ثم تفاتنوا في تلك الجزيرة التي يأتي ذكرها، فخرج منهم الأباعد من الملك إلى هذه الجزيرة العظمى وكان سلطانهم في مدينة قمرية. ثم انهم كثروا وتشعبوا على القواعد المذكورة وصاروا فرقاً وملوك طوائف ثم تفاتنوا لما كثروا وخرج منهم خلق عظيم عمروا الجنوب في أول العمارة مع طول الجبل المنسوب إليهم. ومن لا يعرف يسميه بجبل القمر بفتح القاف. وفي هذه الجزيرة الكبيرة التي طولها أربعة اشهر وعرض أوسعها عشرون يوماً أنهار عظيمة وأعظمها نهر خافورا. يسافر فيه من عمقه واتساعه سفن البحر الكبار للوسق. وطوله ما بين مصبه وآخر الجزيرة الشرقي ومصبه تحت خافورا نحو شهرين. وعلى شطيه أشجار كبار يصنع من الشجرة منها المركب التي تعرفون ويجدف فيه مائة رجل. وهو محفور والمائدة التي يجلس عليها مائة نسمة. وذلك مذكور في الكتب مشهور على الألسن. ويصنعون من هذه الأخشاب دياراً على مراكب ويرسونها بحبال، فإذا كره أحد منهم جوار جاره انتقل إلى جار آخر. وكذلك إذا وقعت النار في دار جاره حلّ حبال داره وخلص منها. وفيها الطائر الكبير المعروف بالرخ زعموا أنه يغطي بظله سرية ويخطف بمخالبه فراخ الفيلة ويزقها فراخه. ويصنعون من قصبه قناطر على مياههم يجوزون عليها ومن قيعانها المجوفة حباباً للماء. وعندهم بقر يجرون بها، العجل الواحد يكون قدر الثلاثة من بقر أرضنا يسع في كل قرن من قرونه ألف " منٍ " من الزيت. وزيتهم التي يستصبحون بها إنما هي من شحم الدواب العظام التي يصيدونها في بحرهم. وعندهم الحشيش الذي ينسجون منه التقاصيل الملونة الملاح وتجلب للعراق واليمن. وفيها الموز والسكر والنارجيل الذي يصنعون منه حبال مراكبهم ويجرون ألواحها به. وأكثر ما ينبت فيها التنبيل وهو كالعريش في التوائه وكالرند في ورقه ويستعملون الورقة منه بقليل خبز وماء فيحدث لهم طيب نفس وسكر وعطرية يتلذذون بها وهو خمر بلاد الهند. وصورهم أميل إلى أهل الصين منهم إلى أهل الهند وكذلك ملابسهم وعبادتهم الأبداد كأهل الهند والصين. وعلى رأس مدينة قمرية الجبل المنسوب إليها يعلو نحو ثلاث درجات وتنحدر منه أنهار كثيرة إلى نهر خافورا الأعظم وينصب طرفه الشرقي في آخر الجزيرة من جهة الشرق وطرفه الغربي تحت خافورا. والبحر الذي يمر مع طولها الجنوبي يختلط من الجنوب بالبحر المحيط. ويقال أنه لا يدخله أحد لا من أهل الجزيرة ولا من غيرها. ومن وقع إليه تلف في دوراته وإنما سفرهم في البحر الشمالي الهندي وبحر الجهتين الشرقية والغربية.

ص: 5