المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ الإقليم الثالث

الجزء العاشر: تقع فيه بقية أنهار الصين وجبالها على ما صور في الجغرافيا. وفي شرقي الصين الجبل الفاصل بينهم وبين صين صين. وصور أهل الصين مائلة إلى صور الخلط وهي بين الترك والهنود، ولباسهم متوسط ومن عاداتهم أنهم يكشفون صدورهم. وسلطانهم يقال له البغبور وقاعدته مدينة تاجه في‌

‌ الإقليم الثالث

، ورعيته محصورون بالجبال والحصون فلا يدخل أحد من جهتها ولا يخرج منها إلا بإذن. ويقال أن جميع طرق الصين مفروشة بالحجارة، والمزارع عن يمين وشمال، وفي أكثرها الأرز وزعمهم أنه يأكله دود يقتله اللبان فلذلك يحمل كثيراً إلى بلادهم من (..) والراوند الصيني.. كثير بهذه الأرض. ويقال إن عندهم اللفت يطبخون به وهو أخضر، اللحم. والفيلة عندهم كثيرة وعليها يحملون أثقالهم ومبانيهم أكثرها من خشب الكافور والصنوبر، ويضعون فيها أدهاناً ملاحاً ونقوشاً بديعة من نوع الكلهي، وكذلك مراكبهم، واسم المركب عندهم الزوو وهو كبير يكون فيه بين الإنسان وتحته مخزن للبضائع، ويتعاملون بسبائك الذهب والفضة الكبيرة. وعندهم فلوس من نحاس للقليل، وكلامهم صعب وكلام الهنود أحلى منه. وقد صارت مراكبهم في هذا العصر تصل إلى عدن. وفي آخر هذا الجزء من بلاد صين صين مدن معجمة. وآخر المعمور فيه جزيرة العلويين، كان بنو أمية قد بعثوهم إلى ملك الصين وأخبروه أنهم أهل جرائم اقتضت إبعادهم. فلما حضروا عنده أخبروه أنهم من بيت النبوة. فقال: يحملون إلى الجزيرة التي في آخر صين صين، وهي كثيرة الأفاعي القتالة، فإن كان كما زعموا لم تضرهم، وإن قتلتهم استريح منهم. فحماهم الله منها وسكنوا تلك الجزيرة وتناسلوا. قال البيهقي: ومنهم معظم أشراف العجم الذين يعقلون الضفائر في الرؤوس إشارة لتلك الحيات التي خلصهم الله منها.

الإقليم الثالث

سكانه سمر وعرضه من خط الاستواء ثلاثون درجة واثنتا عشرة دقيقة، ووسعه ست درجات غير تسع عشرة دقيقة.

ص: 25

الجزء الأول: ينتهي البحر المحيط فيه إلى ست درجات. وهناك مع أوله مصب نهر نول وعليه عمائر كثيرة للمطه وهو مشهور، وفي شماليه من الفرض المشهورة صمطمط. وهي قلعة على طرف خارج في البحر قطع بينها وبين البر بالماء. والطول ست والعرض ست وعشرون وربع درجة. ويقول البحريون أن بينها وبين مصب النهر خمسون ميلاً، وفي شماليها ينصب نهر ماست وعليه الرباط المشهور الذي يأوي إليه الصالحون، وبين المكانين ستون ميلاً. ومن مصب هذا النهر إلى مصب نهر السوس الذي ينبت عليه قصب السكر اثنا عشر ميلاً، وبينه وبين أجادير الطرف، وهو طرف جبل دارن الكبير الداخل في البحر ستة أميال ومنه إلى مصب نهر.. ستون ميلاً وهو في بلاد حاحه. ومنه يوسق الملح إلى تلك السواحل جنوباً وشمالاً. ومن هذا النهر إلى مصب نهر امكدول أربعون ميلاً وهو أيضاً في بلاد حاحه. وهناك جزيرة صغيرة بينها وبين النهر ميل، وهناك مشتى للمراكب، ومن هذا النهر إلى مصب نهر تانسفت الذي يمر شمالي مراكش ثمانية عشر ميلاً. وهناك فرضة أغمات وبينها وبين فرضة مراكش المشهورة الآن مدينة اسفي اثنان وثلاثون ميلاً، وهي آخر الإقليم على جون داخل والطول فيه سبع درجات والعرض ثلاثون درجة. وفي شمالي المدينة طرف داخل في البحر على أربعين ميلاً يقال له كنصلي تحذره المراكب، وتقع فيه مدينة السوس واسمها تارودنت على النهر من الجانب الشمالي، حيث الطول ثمان درجات والعرض ست وعشرون درجة وعشرون دقيقة. ولها عمائر كثيرة معجمة، ونهرها ونهر ماست ونهر نول جميعاً تأتي من الجنوب والشرق من جبل لمطه المتصل بجبل كزوله في الإقليم الثاني. وهو مار في هذا الإقليم الثالث إلى سجلماسه. وفي جنوبيه جبل سرطه وهم كسلطه من قبائل البربر الملثمين. وهو خارج من الإقليم الثاني على شرقي دارن إلى غربي سجلماسه. وفي غربيه على مرحلتين مدينة درعه وهي (..) وموضوعها حيث الطول إحدى عشرة درجة وست دقائق والعرض خمس وعشون درجة وعشر دقائق. ونهرها المشهور في غربيها ينزل من ربى حمر عند جبل درن وهو مسيرة سبعة أيام في عمائر متصلة. وأكثر ما ينبت عليه الحنا التي تحمل إلى الأقطار المغربية إلى أن يغوص ما يفضل منه في صحراء الإقليم الثاني. وفي شرقي درعه مدينة سجلماسه وهي قاعدة ولاية مشهورة حيث الطول ثلاث عشرة درجة واثنتان وعشرون دقيقة والعرض ست وعشرون درجة وأربع وعشرون دقيقة. ونهرها يأتي من الجنوب والشرق ومنبعه من جبل أزرو الكثير الحيات ومن عيونه. وينقسم منها على قسمين ثم يجتمع القسمان ويتصلا على غربيها وشرقيها ولها ثمانية أبواب من حيثما خرجت منها ترى النهر والنخيل وغير ذلك من الشجر. وينصب هذا النهر في نهر زيز الذي يمشي معه ومع نهر سجلماسه وإليها خمسة أيام في العمائر والخيرات، ثم ينصب نهر زيز في نهر ملويه الذي ينصب في بحر الرومان، ويتصل بجبل أزرو جبال صنهاجة وهي كثيرة ملتحمة ومتعرجة. وهذا القبيل أكثر قبائل المغرب، وفي كل أرض منهم خلق ويذكرون أن أصلهم من عرب اليمن، والعروبية بينهم ظاهرة. وبين جبالهم قاعدتهم مدينة تاكلا حيث الطول اثنتا عشرة درجة والعرض ثلاثون درجة. ويتصل من غربيها إلى البحر المحيط جبل درن الكبير المشهور الذي فيه بلاد المصامدة وهم المعروفون بالموحدين الذين ملكوا البربر. فأول ما فيه من الشرق بلاد هسكوره ثم غربيها بلاد هزرجه ثم بلاد هرغه وهي قبيل المهدي، وأكثرهم يزعمون أنهم من ذرية الحسين بن علي رضي الله عنهما. وفي غربيهم بلاد هنتاته قبيل الشيخ أبي حفص أعظم مشائخ الموحدين وسلطة إفريقية الآن في عقبه، وينسون إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وفي غربيهم بلاد تينملل، وهو الحصن الذي ما لمخلوق عليه من سبيل لانقطاعه بالإجراف والمهاوي من جميع الجهات، ولا يعبر إليه أحد إلا على جسر يرفع عند الحرب. وفي غربيها كدميوه وبلاد جنفيسه. وفي غربيها بلاد حاحه وهي مخصوصة بالعسل الأبيض والثيران الكبار الملاح، مثلما تينملل مخصوصة بالزيت المفضل في جميع المغرب. وفي غربيها بلاد ركراكه المخصوصة بشجر كان يفضل زيته على ما يعصر من الزيتون ورائحته عطرة، وتصنع فيها أكسية في غاية من الرفعة والنعمة بها يلتحف نساء الحضرة. وفيها نهر شفشاوه وعليه من الرمان الكبير الطيب، وهذه البلاد متصلة بالبحر المحيط. وفي شمالي جبل درن اغمات

ص: 26

وهي كانت حاضرة البلاد قبل بنيان مراكش، وهي ذات مياه وفواكه كثيرة. وفي شمالها بميلة قليلة إلى الغرب على نحو خمسة عشر ميلاً، حاضرة المغرب مراكش، بناها يوسف بن تاشفين المتولي سلطان الملثمين في أرض صحراوية، وجلب إليها الماء، وأكثر الناس فيها البساتين. وقد كثر وخمها ولا يكاد غريب يخلص فيها من الحمى ولا سيما الملثمة. وعلى أربعة أميال منها نهر تانسفت ينزل من جبل دارن فيمر شرقيها وشماليها وعليه أرحى وتخرج منه جداول تسقي البساتين وتنصب في نهر نفيس المليح الذي على شطيه الكروم ذوات الأعناب المفضلة والبساتين الكثيرة والعمائر المفضلة. وعند مصبه في البحر المحيط مرسى اغمات القديم. واختلف في عرض مراكش فقيل إحدى وثلاثون درجة والصواب تسع وعشرون درجة. وهي كانت حاضرة البلاد قبل بنيان مراكش، وهي ذات مياه وفواكه كثيرة. وفي شمالها بميلة قليلة إلى الغرب على نحو خمسة عشر ميلاً، حاضرة المغرب مراكش، بناها يوسف بن تاشفين المتولي سلطان الملثمين في أرض صحراوية، وجلب إليها الماء، وأكثر الناس فيها البساتين. وقد كثر وخمها ولا يكاد غريب يخلص فيها من الحمى ولا سيما الملثمة. وعلى أربعة أميال منها نهر تانسفت ينزل من جبل دارن فيمر شرقيها وشماليها وعليه أرحى وتخرج منه جداول تسقي البساتين وتنصب في نهر نفيس المليح الذي على شطيه الكروم ذوات الأعناب المفضلة والبساتين الكثيرة والعمائر المفضلة. وعند مصبه في البحر المحيط مرسى اغمات القديم. واختلف في عرض مراكش فقيل إحدى وثلاثون درجة والصواب تسع وعشرون درجة.

الجزء الثاني: متصل بصحاري مقفرة ويقع فيه من البلاد المذكورة بلاد ومدينتها التي تسمى واركلان، حيث الطول عشرون درجة ونصف والعرض أربع وعشرون درجة ونصف وعشر دقائق. وهي بلاد نخل وعبيد ومنها تدخل العبيد إلى المغرب الأوسط وإفريقية، والسفر منها في الصحراء إلى بلاد السودان كثير. وفي شرقيها بلاد ريغ، طولها نحو خمسة أيام، وهي بلاد نخل ومحمضات ومياه تنبع على وجه الأرض فيصعد الماء كالسهم إلى أمد طويل ويسيح في المزارع. واسم قاعدتها تماريّه، وهي حيث الطول ثلاث وعشرون درجة. وفي شرقيها مدينة بسكرة قاعدة بلاد الزاب وهي بلاد نخل وزرع ومنها تجلب أصناف الثمر إلى حاضرتي تونس وبجايه. وهي حيث الطول أربع وعشرون درجة وخمس وعشرون دقيقة والعرض سبع وعشرون درجة ونصف. وفي شماليها مدينة المسيلة، وهي محدثة بناها العبيديون على نهر سحر من أجل الأنهار وهو يمر بغربيها وتغوص مياهه في رمال الصحراء. وهي حيث الطول ثلاث وعشرون درجة وأربعون دقيقة والعرض تسع وعشرون درجة وخمس وأربعون دقيقة. والبلاد التي حولها مجالات لعرب رياح. وتمتد الصحاري في شرقيها إلى أن يكون جبل رحوبه الذي يمتد من المغرب إلى المشرق. ذكر بطليموس أن رأسه المغربي حيث الطول ثلاثون درجة وخمسون دقيقة والعرض ست وعشرون درجة ودقائق. ويخرج منه نهر يغوص في شماليه حيث الأرض السواخة التي هي كالصابون وطالما هلك فيها من أخذ جنوباً عن بلاد الجريد وكان جاهلاً بها. وحدّها من بلاد نفزاوه إلى الصحراء. ويقع في آخر هذا الجزء من بلاد الجريد وهي بلاد التمر مدينة قفصه. وهي قاعدة مشهورة بالنخيل، والفستق لا يكاد يوجد بالغرب إلا فيها، وبها من الفواكه المشمومات خواص كثيرة ومنها يجلب دهن البنفسج وخل العنصل.

ص: 27

الجزء الثالث: أول ما يلقاك في غربيه من بلاد الجريد بلاد قسطلية وقاعدتها توزر ولها نخل ومحمضات، ونهرها يأتي من فوقها ويسقي بساتينها. وهي وبلادها جزائر في وسط رمال والصحارى تكتنفها وبها الكتان المفضل والنبلة والحلفا. وهي تشبه في ذلك وفي قلة المطر البلاد المصرية، وموضوعها حيث الطول ست وثلاثون درجة وست دقائق، والعرض تسع وعشرون درجة وثمان دقائق. وفي شرقيها بلاد نفزاوه وقاعدتها طره حيث الطول سبع وثلاثون درجة وعشرون دقيقة والعرض تسع وعشرون درجة، وهي أيضاً من بلاد الجريد ويجلب منها الزجاج الصافي والتفاصيل الصوفية التي تحمل إلى الإسكندرية وإلى بلاد الدروب. وتقع غدامس التي ينسب إليها الجلد المفضل حيث الطول تسع وثلاثون درجة ودقائق والعرض تسع وعشرون درجة وعشر دقائق. وهي حصون على الجادة التي تمر ببلاد الكانم، وفي شرقيها ودان وهي جزائر نخل ومياه وأولها حيث الطول إحدى وأربعون درجة والعرض سبع وعشرون درجة وخمسون دقيقة، وإليها كان يلتجئ المار في الطريق الطويلة المضنية. وفي شرقيها بلاد فزان وهي أيضاً جزائر نخل ومياه ولها مدن وعمائر أكثر من ودان، والجميع الآن في طاعة ملك الكانم. وقاعدة فزان مدينة زويلة حيث الطول ثلاث وأربعون درجة والعرض سبع وعشرون درجة وأربعون دقيقة وفي جنوبي فزان وودان مجالات أزكان وهم برابرة مسلمون أحذق خلق الله في خط الرمل، وفي جنوبه بالغرب من خط الإقليم الثالث جبل طنطه، وهو كبير يمتد من الشرق إلى الغرب نحو ست مراحل. وفي شماليه عيون تنحدر منه وتحتها مروج ينبت فيها حشيش كثير يرتاده البرابرة والعربان وتقع الحرب عليه، وفي أسفله معدن حديد جيد. وفي شمالي زويلة مدينة سرت، وهي من القواعد القديمة المذكورة في الكتب وعلى ألسن المارة، وقد خربها العرب ولم يبق فيها إلا قصور سكنها أتباعهم. وكذلك جهاتها فيها على الطريق قصور نجران العرب الذين يحرثون حولها. وموضوع هذه المدينة حيث الطول ثلاث وأربعون درجة ونصف والعرض ثلاثون درجة وهي على ساحل بحر الزقاق، وفي غربيها جون ردقية، الذي يقال له جون رديق، لادقيق. وفيما بين سرته واجدابيه يدخل البحر إلى الشمال في الإقليم الرابع وتقع منه مدينة اجدابيه حيث الطول أربع وأربعون درجة والعرض مع خط الإقليم الأول، وبينها وبين البحر أميال. ومنها إلى الفيوم مجالات عرب وبربر متفرقة وفيها صنع المعز صهاريج الماء من المطر حين عزم على فتح مصر من القيروان إذ الطريق عليها أقصر وعلى الساحل دورة. وعلى جنوبي الطريق إلى الإسكندرية أوجله وهي جزيرة في تلك الرمال وعمارة في تلك الصحارى فيها ماء ونخل وهي تحت خفارة هيت، وهي حيث الطول ثمان وأربعون درجة واثنتان وخمسون دقيقة وفي سمت عرضها مدينة سانتيرية حيث الطول خمس وأربعون درجة وستون دقيقة، وهي أيضاً جزيرة نخل ومياه في صحارى، والجبال محدقة بها والعربان مطلون على جهاتها ويكفهم عنها أنها من بلاد السلطنة المصرية. وفيها رمان يكون في أوله مراً ثم يكون حلواً إذا طاب. وفي أرضها شجرات من النخل وحب اللوز يجلب إلى الإسكندرية فيتعجب الناظرون منه، وهي مهلكة بالوباء لأهلها فكيف بالغرباء. وبين البحر وبينها حيث العقبة الصغيرة ثمان مراحل. وفي شرقيها وجنوبيها الواحات الشمالية وهي جزائر نخل ومياه على نوع ما تقدم. ويجلب منها الشب والزاج. وفي شماليها بلاد الفيوم ولا يدخل إليها إلا من الصحراء، والجبل دائر بها يمتد بينها وبين بحيرتها. وقطر ذلك كله نحو يوم. وتقع مدينتها التي يحل بها الوالي حيث الطول ثلاث وخمسون درجة والعرض ثمان وعشرون درجة وثمان دقائق. ونهر يوسف عليه السلام يقسمها إلى نصفين ويمر بها حتى ينصب في البحيرة المشهورة بكثرة الطير والسمك. ويقال أن يوسف عليه السلام دبر الفيوم ووضع فيها على ذلك الماء الذي أخرجه من النيل (..) على عدد أيام السنة. وهي كثيرة الغلات والسكر والكتان والفواكه. ويقع في آخر هذا الجزء قاعدة الديار المصرية وهي القاهرة التي بناها جوهر، غلام المعز العبيدي، في شرقي النيل وفي جنوبيها على ميل من مدينة الفسطاط التي اختطها عمرو بن العاص حيث الطول ثلاث وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض تسع وعشرون درجة وخمس وخمسون دقيقة.

ص: 28

الجزء الرابع: يقع فيه انحدار المنهى وهو نهر يوسف عليه السلام الذي دبره من النيل حيث ذروة السريان بالجانب الغربي، وموضوع ذلك حيث الطول ست وخمسون درجة وأربعون دقيقة والعرض سبع وعشرون درجة وست وخمسون دقيقة، فيمر النهر مغرباً مسامتاً لجزيرة النيل إلى أن يكون اللاهون، حيث الطول أربع وخمسون درجة ونصف وقريباً من العرض المتقدم، وهو سد جعل فيه أبواب نهر، حفر احتياطاً لزيادة ماء نهر الفيوم. فإذا زاد على قدر الكفاية، نفس عنه من تلك الأبواب بما يخرج بالزيادة في ذلك النهر المحفور. وفي شرقي خروج المنهى مدينة أسيوط. وفي جهتها جبل الطير، وحديثه أنه يحج إليه الطير في كل سنة وينزل منه واحد يتعلق في سقيف هنالك مشهور. ولأسيوط جزيرة لا يوجد الأفيون المستعمل في الطب إلا فيها وهو من حشائشها. وفي شرقيها جبل الطيلمون يدخل في النيل فينزعج الماء بسببه في المكان الضيق انزعاجاً شديداً تحذر منه المراكب. وفي جنوبيه وجنوب البلاد المتقدمة الذكر جبل جالوت، وهو ممتد من فوق الواحات إلى أن يسامت اللاهون، ويقال إن فيه مطالب كثيرة وعليه كتب بأيدي المشتغلين بذلك. ونسب إلى جالوت على زعمهم، لأنه لما فر من فلسطين حيث قتل جالوت الذي كان قبله، أقام بهذا الجبل ومنه دخل بولده وقومه إلى المغرب. وفي جنوبي هذا الجبل اللازورد، زعموا أن فيه معدناً له وامتنع من استخراجه لانقطاع العمارة. وتقع مدينة اخميم من هذا الجزء على شرقي النيل حيث الطول خمس وخمسون درجة ونصف والعرض ست وعشرون درجة وخمس وثلاثون دقيقة. وتقع مدينة قوص حيث الطول سبع وخمسون درجة وثلاثون دقيقة والعرض ست وعشرون درجة وهي في شرقي النيل. وفي شماليها وشرقي اخميم جبل الزفت العالي الذي يظهر من الطور بالبر المشرقي. والقصير فرضة قوص المشهورة على بحر القلزم، تقع حيث الطول تسع وخمسون درجة، والعرض قريب من قوص.

وأول بحر القلزم في هذا الجزء وهو منتهاه، حيث الطول خمس وخمسون درجة والعرض ثلاثون درجة. ومن هناك تسافر مراكب الحجاج وتجار اليمن. والبحر هنالك ضيق كالنهر ثم يأخذ في الاتساع إلى الجنوب والشرق إلى أن يكون اتساعه عند بحر الغزال نحو سبعين ميلاً. والبحر داخل في الإقليم الرابع وكذلك الطول. وايله على خورها. ثم ينتشر البحر إلى الإقليم الثالث فتكون مناهل حجاج مصر على ساحله. وبالقرب منه تقع مدينة مدين الخراب المذكورة في الكتب، حيث الطول إحدى وستون والعرض سبع وعشرون درجة واثنتان وخمسون درجة، وبينها وبين البحر نحو خمسين ميلاً. وفي واديها مسير الركب الحجازي. ويكون عرض البحر عند ساحله نحو مجرى. وفوق ذلك المكان مسامتة القصير من الجانب الغربي. وفي جنوب مدين وشرقيها من المنازل المشهورة والفرض المذكورة الحورا، كانت محل حط وإقلاع خربها العرب. وهي حيث الطول ثلاث وستون درجة وعشرون دقيقة والعرض سبع وعشرون درجة واثنتان وأربعون دقيقة. وفي جنوبيها وغربيها جزائر الغول وهي صغار تنيف على مائة جزيرة، ويأوي إليها سودان عراة يتكلمون بكلام مغلق ثقيل، ولهم مراكب على قدرهم وبيوت من قصب وحشيش ولا عيش لهم إلا من السمك، يصيدونه ويجعلونه في ماء البحر معرضاً للشمس، وذلك يملحونه ثم ينشفونه ويحملونه مقدداً إلى الطور والسويس، فيبيعونه إلى نصارى الكرك والشوبك، بالزبيب والزيت والزيتون ونحو ذلك. ويقع في هذا الجزء حيث الطول أربع وستون درجة وست وخمسون دقيقة والعرض سبع وعشرون درجة، مدينة خيبر المشهورة بسكنى اليهود. وأهلها سودان يذكرون أنهم مسلمون كانوا عبيداً لعلي رضي الله عنه. ومقالة اليهود عليهم بادية. وفيما بينها وبين المدينة النبوية الينبع وبها عيون وخضر وحصن، وهي منازل بني الحسن رضي الله عنه. وموضوعها حيث الطول أربع وستون درجة والعرض ست وعشرون درجة. ولها فرضة على بحر الحجاز على مرحلة منها ينزل فيها الحجاج الذين يقصدون المدينة.

ص: 29

وموضوع المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، حيث الطول خمس وستون درجة وعشرون دقيقة والعرض خمس وعشرون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة. وفي شرقيها العوالي، وهي من السروات الممتدة من أول اليمن إلى الكرك بالشام. وفي شرقيها وشماليها تقع جبال طي وهي ثلاثة يمر بها حجاج الكوفة. الغربي منها وهو الأول حيث الطول ثمان وستون درجة والعرض حيث رأسه الجنوبي ثمان وعشرون درجة وأربعون دقيقة. ومن هنالك إلى آخر الجزء الرابع مجالات بطون طيّ وهي الباقية في الحجاز إلى عصرنا.

الجزء الخامس: أول ما يلقاك منه مجالات خفاجة، وهم عرب العراق في عصرنا، وغاراتهم متصلة على البلاد التي صارت في إيالة التتر وكلما طلبوهم دخلوا الصحارى في الحجاز. ثم في شرقيها مجالات بني عامر عرب اليمامة والبحرين. وتقع مدينة البحرين قاعدة بلادها المشهورة على بحر فارس، حيث الطول تسع وسبعون درجة والعرض خمس وعشرون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة. والبحر يدخل في البر من جانبيها ولذلك عرفت بهذا الاسم. وفي شرقيها جزيرة أوال وهي مستطيلة من أول خط الإقليم الثالث إلى حيث العرض ست وعشرون درجة وهي ضيقة أعرض ما فيها عشرة أميال، وبينها وبين البحرين نحو ستين ميلاً، وبها كثير من بقايا القرامطة، وهي كانت مركزهم. وفي شماليها مع خط الإقليم الرابع جزيرة خارك المشهورة بمغاص اللؤلؤ وهي في جنوبي جنبه من مدن فارس. ووسط هذه الجزيرة في خط الإقليم الرابع حيث الطول ثمان وسبعون درجة، وهي من الجزائر الصغار التي لا تبلغ عشرين ميلاً. وفي شرقيها وجنوبها جزيرة كيش وهي مشهورة عند المسافرين وفيها مغاص اللؤلؤ وفيها خواص وأغنياء ومنها أهل فضل. وقدرها اثنا عشر ميلاً ووسطها حيث الطول ثلاث وثمانون درجة والعرض سبع وعشرون درجة. وفي شرقيها فرضة كرمان المشهورة على ألسن المسافرين، وهي مدينة هرمز على خور مالح تدخله المراكب من بحر فارس. وموضوعها حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض ثمان وعشرون درجة وعشرون دقيقة. ويقع في هذا الجزء من فرض مكران تيز حيث الطول ست وثمانون درجة والعرض ست وعشرون درجة وعشرون دقيقة. وفي شرقيها من فرض مكران كير. وبينهما على الساحل ثمانون ميلاً. ثم مدينة قنبلي، وهي حيث الطول سبع وثمانون درجة وخمس وخمسون دقيقة والعرض أربع وعشرون درجة واثنتان وأربعون دقيقة. وتقع قاعدة مكران، مدينة فيروز، حيث الطول سبع وثمانون درجة والعرض ست وعشرون درجة وستون دقيقة.

الجزء السادس: أول ما يلقاك منه بطائح الزط، وهم أمة من عورام السند وبواديهم يضرب بها المثل في الركاكة، ومنازلهم في أخصاص كرجالة البرابر على أنهار وبرك واصلها من نهر البيرون. وفي شرقيهم مدينة البيرون التي ينتسب إليها أبو الريحان البيروني المتفنن في العلوم القديمة والحديثة وهو تلميذ ابن سينا. وهذه المدينة من فرض بلاد السند التي على خليجهم الملح الخارج من بحر فارس، والنهر المنسوب إليها في شرقيها ينصب في الخليج ومنبعه من جبال كابل المتصلة بجبال تخارستان، وهي هنالك منبع بعض الأنهار مثل جيحون الجاري إلى الشمال. وموضوع البيرون حيث الطول إحدى وسبعون درجة واثنتان وخمسون دقيقة. ويمر الخليج فينزل إلى الإقليم الثاني حيث مدينة الديبل التي تقدم ذكرها، ثم يقف مع خط الإقليم الثالث وينصب فيه هناك مهران الكبير على مقربة من الديبل. وفي شرقي ذلك حيث الطول خمس وتسعون درجة ونصف والعرض أربع وعشرون درجة واثنتان وأربعون دقيقة، قاعدة السند وهي المنصورة. والنهر في جنوبيها، ويحدق بها ذراع من مهران يرجع غليه فتصير من ذلك في جزيرة وتقع في شماليه قاعدة كابلستان، كابل التي ينسب إليها الخليج الكابلي. وفي جبالها عقاقر هندية وكانت من ثغور المسلمين في وجوه الهند وقد حصلت مع السند في إيالة التتر.

ص: 30

وموضوعها حيث الطول مائة درجة والعرض ثمان وعشرون درجة، ولها مدن وعمائر عظيمة. وفي غربيها مدينة غزنة العظمى، حيث كان سرير سلطنة محمود بن سبكة صاحب الغزوات المشهورة في الهنود، ثم كان بها سلاطين الغور الذين فتحوا كثيراً من قواعد الهند، وبقايا ممالكهم إلى الآن في مدينة دلهي لم يقدر عليهم التتر. والإسلام عزيز في حوزتهم. وغزنة المذكورة تقع حيث الطول اثنتان وتسعون درجة وإحدى وخمسون دقيقة والعرض ثمان وعشرون درجة وأربع وخمسون دقيقة ولها مدن معجمة.

الجزء السابع: أول ما يلقاك من خط الإقليم الرابع مدينة القندبار وهي من قواعد بلاد الهند حيث الطول مائة وعشر درجات، ويقال إنها إحدى الإسكندريات التي بناها الاسكندر في الأقطار. ولما فتحها المسلمون بعد كابل صارت ثغراً في وجه الهند، وهي على النهر المنسوب إليها والذي ينزل من الجبال المنسوبة إليها التي في غربيها، ويمر النهر بجنوبها ويحتضنها منه باع فتبقى في وسط الماء وينزل النهر الصغير في النهر الكبير الذي ينزل في مهران. وعلى نهر السند في هذا الجزء، وجبال كفار الهنود في جانبه الجنوبي وفي شماليه، بلاد معجمة للمسلمين. وكفار الهند الكائنين تحت الذمة كانت مضافة للقندبار. وفي شرقي ذلك بلاد كفار الهند إلى أن يدخل في بلاد هندوستان التي فتحها غياث الدين الغوري صاحب غزنة وأخوه شهاب الدين. فأولها من كراسي الملك المشهورة يافون. فيها نائب سلطة من سلطان دلهي، وهي حيث الطول مائة وثلاث وعشرون درجة والعرض ست وعشرون درجة وخمس عشرة دقيقة. ولها بلاد معجمة ورعاياها هنود كفار والجند ترك مسلمون. ومياه هذه البلاد برك من مياه الأمطار يقولون لها البلاحات.

الجزء الثامن: أول ما يلقاك منه بلاد هاشي التي قاعدتها في الإقليم الرابع. وفي شرقيها قاعدة بلهرا ملك ملوك الهند، وهي مدينة القنوج، التي أطال غزوها والتردد عليها السلطان محمود على مسيرة ثلاثة اشهر. وموضوعها حيث الطول مائة وإحدى وثلاثون درجة وخمسون دقيقة والعرض تسع وعشرون درجة. وهي بين ذراعين من نهر كنك المعظم عند الهنود، وتصير بهما جزيرة. وعلى جانبي هذا النهر، في انحداره من هنالك حتى بحر الهند، قلاع البراهمة التي لا ترى. وهم عباد الهند الذين ينسبون إلى البرهمن وهو أول حكمائهم وسلاطينهم الذين اجتمعت لهم ممالك الهند وأديانها. وهم لا يرون يؤكل ما فيه روح. والأبداد عندهم. الواحد عندهم يخلد في هذا العالم لأنه صفا وتروحن واستحق ذلك. ولهم في هذا الباب خوارق. وعبادتهم دائرة على رقص الجواري ولعبهن في الأبداد. ومن أراد التقرب منهن حرق نفسه أو دخل إلى نهر كنك المذكور. وهنالك شجر القنا في غاية الارتفاع وقوم مرتبون ولهم سيوف مسلولة وخناجر قائمة لبعض المتقربين يربط رأسه في طرف قناة ثم يحني عنقه فينزل الرأس وترتفع القناة على شط النهر. وآخر يلقي نفسه من شاهق على تلك السيوف والخناجر فيقطع. وآخر يغرق نفسه في النهر. ويزعمون أن هذا النهر من الجنة، وأنه متى جعلت فيه القاذورات أظلم جوه وامتلأت أرجاؤه من الرياح والأمطار والصواعق. وقد جرب ذلك السلطان محمود عند عقبة عوزك، فوجد ذلك صحيحاً. واطلب ذلك في التاريخ اليمني الذي صنفه أبو النصر العتبي في سريته. والمشهور من المدن التي على هذا النهر في هذا الجزء عوص. وهي على غربيه في جادة الطريق التي يسلكها تجار المسلمين في ساحل المكنونات إلى دلهي. وسكانها من كفار الهنود لكن لهم سياسة في مسلك التجار عليهم.

وموضوعها حيث الطول مائة وثلاثة وثلاثون درجة والعرض سبع وعشرون درجة ونصف. ومن شرقي هذا النهر إلى آخر هذا الجزء جبال بلهارا، فيها كثير من بلاد الهند المعجمة. وهذه المملكة عندهم أعظم ممالك الهند ولصاحبها يدين سائر ملوكهم وفيها الفيلة الكثيرة والكركدنات التي تقطع الطرق فلا يسلكها إلا الجمع. ويقال إن الفلفل ينبت في مجاري مياهها بحيث لا يصل إليه أحد وتأخذه السيول فيلتقط وينشف.

ص: 31