المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ الإقليم الرابع

الجزء التاسع: يمر منه في جبال بلهارا إلى حيث الطول مائة وتسع وأربعون درجة، ثم يدخل في قاقلا التي تقدمت قاعدتها وتتصل جبالها التي في هذا الجزء من غربيها بالجبل الحائل بينها وبين بلاد الحنبه. وفي شرقي هذا الجبل تقع مدينة أطرغا، وموضوعها حيث الطول مائة وخمسة وثلاثين درجة والعرض سبع وعشرون درجة وأربعون دقيقة. وهي أربع مدائن على النهر المنسوب إليها وعلى الذراعين الخارجين منه. ومنبع هذا النهر من الجبل الكبير الذي في غربيها بالقرب من خط‌

‌ الإقليم الرابع

حيث الطول اثنتان وخمسون درجة. ويمر من هناك إلى الجنوب وعلى جانبيه عمائر الحنبه إلى أن ينصب في بحر الهند. وفي مدينة أطرغا يكون ملك هذه البلاد وسمته الحنبه. وفي جنوبي أطرغا الجبل المنسوب إليها، يمتد إلى أن يتصل بجبل الصين وتتشعب منه جبال فيها الكثير من عقاقير الهند والفيلة الكثيرة. وفي شمالي هذا الجبل وشرقي أطرغا بحيرة المدن الأربع وهي كبيرة ومدورة، ومركزها حيث الطول مائة وست وخمسون درجة والعرض ست وعشرون درجة ونصف. وطولها مثل عرضها درجتان. ويقع باب الصين الأعظم وهو مشيد بالبناء مع الحبل الكبير حيث الطول ستون درجة وعرضه مع خط الإقليم الرابع. وفي شرقيه في آخر الجزء مع خط الإقليم الرابع قاعدة الصين، وهي مدينة تاجه وفيها البغبور ملكهم الكبير. ومن الجبل الكبير الذي في شماليها ينزل خمدان، وهو أكبر أنهار الصين، وتصير المدينة بين ذراعيه جزيرة وينزل منه نهران، نهر يمر على هذا الجزء إلى الجنوب حتى ينصب في بحر الهند والفرع الأعظم يأخذ مشرقاً في الجزء العاشر.

الجزء العاشر: أول ما يلقاك منه في بلاد الصين نهر خمدان إلى الشرق ثم ينصب في بحيرة كبيرة تنصب فيها أنهار صغار من جبل الصين، ثم يخرج من جنوبيها نهر خمدان الكبير وقد عظم فيمر في الإقليم الثالث وما بعده إلى آخر خلف خط الاستواء، في الصحاري المحيطة بهذه البحيرة قريباً وبعيداً من عمائر الصين. ومدنه المعجمة كثيرة والمذكور منها هاهنا صينية، وهي القاعدة القديمة وبها كان السلطان. وموضوعها حيث الطول مائة وسبع وستون درجة والعرض ست وعشرون درجة ودقائق. وهي على شرقي نهر ينصب من جبل الصين وعليه عمائر كثيرة. وفي هذه المدينة يعمل الفخار الصيني ويجلب له الطين من أرض كثيرة الفضة في مشارق الصين. ويقال إن صانعه لا ينتفع به وإنما ينتفع به وارثه. وفي شرقي هذه المدينة جبل صين صين الحائل بينها وبين الصين. وفي شرقي هذا الجبل من صين صن المعجمة الأسماء ما همل ذكره في الكتب وعلى الألسن. وتقع القاعدة وهي مدينة منزي التي لم يقدر عليها التتر بحيلة ولا حصار، حيث الطول مائة وست وتسعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض ست وعشرون درجة. وهي على نهر مستمر ينزل من الجبل المذكور ويمر مشرقاً ويتسع اتساعاً كبيراً ثم يختلط في آخر العمارة بالبحر المحيط. وينزل إليه من الجبل الكبير الشمالي أنهار كثيرة عليها عمائر صين صين. والحرير المنزي نهاية في الطيب.

الإقليم الرابع

قال ابن فاطمة: هو عندهم أعدل الأقاليم وأحسنها حيواناً ونباتاً. والكلام في تفصيله يطول. وهو أوسط الأقاليم السبعة وخير الأمور أوسطها. وسكانه بين البياض والحمرة والسمرة والصفرة. ولما كان الإقليم الثالث في جنوبيه والإقليم الخامس في شماليه، حكم لهما بالاعتدال ولاحت لهما مشابهة من الرابع. وعرض هذا الإقليم الرابع ست وثلاثون درجة ووسعه من جنوبيه إلى شماله ست درجات وتسع عشرة دقيقة.

ص: 32

الجزء الأول: تقع فيه جزائر السعادات الأربع التي رسمت، ويصعد البحر المحيط في ساحله إلى حيث الطول ست درجات ونصف، فيقع هناك مازغان، وهي فرضة مشهورة تحمل منها المراكب القمح إلى سبتة وغيرها. وبينها وبين أسفى فرضة مراكش، خمسون ميلاً. ولها طرف يدخل في البحر اثنا عشر ميلاً. وفي شماليها نهر أم ربيع المشهور وتدخله المراكب المتوسطة. وعلى جنوبيه مدينة أزمور على ميلين من البحر وسكانها أكثرهم صنهاجة، وهي قاعدة لولاتها. وبينها وبين طرف مازغان اثنا عشر ميلاً. وفي شمالي هذا النهر على خمسين ميلاً الفرضة المشهورة بالفتح آنفاً. ومعظم سكانها برغواطه وفي شماليها على ستين ميلاً مصب نهر سلا. وهو صعب على دخول المراكب لا يهتدي إلى مسالكه غير قوم يعرفون بوقاصة، وينسبون إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. وعلى جانبه الجنوبي عند المصب، مدينة رباط الفتح التي بناها عبد المؤمن أولاً فتممها على منزع الإسكندرية، المنصور بن عبد المؤمن وعزم أن يجعلها عوضاً عن مراكش، فعالجته المنية. وفي مقابلها على شمال النهر مدينة سلا المشهورة، حيث الطول سبع درجات وعشر دقائق والعرض ثلاث وثلاثون درجة ونصف. وفي شماليها مصب نهر المعمورة وهو من أنهار المغرب المشهورة، مخصوص بالحوت الطيب المعروف عندهم بالسائل، الذي يكون في اختلاط الماء المالح بالحلو ويحمل من هناك إلى الأقطار. وبين المصبين ستة عشر ميلاً، ويقال له أيضاً نهر سبو. وهو ونهر سلا لا يعبران إلا على جسر. وفي شماليه، على ستين ميلاً مصب نهر القصر وهو مشهور عند المسافرين في البحر المحيط وعلى جانبه الجنوبي عند البحر العرائش، وعلى جانبه الشمالي تشمس. وكانتا مدينتين في مدة العلويين ثم صارتا قريتين. ومن هذا المصب إلى مدينة ارباد على البحر المحيط عشرون ميلاً. وهي محل خط وإقلاع، حيث الطول ثمان درجات غير عشرين دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. ومنها تشرق المراكب قليلاً قليلاً إلى فم الزقاق، وهو يدخل بحر الإسكندرية من البحر المحيط، وفي جانبيه الجنوبي طرط اسبرتال داخل في البحر. وعلى جانبه الشمالي الطرف الأغر على ذلك المنزع، وطالما تكسرت عليهما المراكب في هول البحر لملاطمة الأمواج على طرفيه ولانزعاج دخول الماء وخروجه. والسفر بين طرفيه أربعون ميلاً من ازيلا إلى طرف استريال ثم يضيق الزقاق بين بر العدوة وبر الأندلس فيكون قدر ثمانية عشر ميلاً. وطوله إلى جبل الميناء الذي على سبتة أربعة وأربعون ميلاً وهي على البحر المحيط. قال البكري: إن اتساع البحر عندها ثلث مجرى وهو أضيق بقليل عندما يشرق عنها إلى أن يكون عند قصر المجاز ثمانية عشر ميلاً. وبينه وبين طنجة ثمان درجات وإحدى وثلاثون دقيقة وعرضها خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وتكون سبتة المشهورة حيث الطول تسع درجات والعرض خمس وثلاثون درجة ونصف. وهذه المدينة بين بحرين وهي ركاب البرين، شبه الإسكندرية في كثرة الحط والإقلاع وفيها التجار الأغنياء الذين يبتاعون المركب بما فيه من بضائع الهند وغيرها في صفقة واحدة ولا يحوجون صاحبها إلى تقاض. وهي الآن غير راجعة إلى سلطان بل يديرها الفقيه العرفي. وعسكرها في أسطولها في المراكب التي ترد عليها من البحر المحيط ومن ريف عمارة. وآخر هذه الجزيرة قادس وهي صغيرة قدرها اثنا عشر ميلاً.

ص: 33

وموضوعها حيث نصفها الجنوبي في الإقليم الرابع والنصف الشمالي في الإقليم الخامس وطولها قريب من طنجة. ويقابل قصر المجاز من الأندلس طريف. وأمامها في البحر جزيرة صغيرة يعرفها المسافرون فيقولون لها جزيرة طريف كما نقول الجزيرة الخضراء. وإنما هي أمام سبتة في بر الأندلس لكن في جهتها جزيرة خضراء عرفت بها. وأمام هذه المدينة في جنوبها جبل الفتح المشهور الذي فتحت منه الأندلس. هكذا يعرفه الناس. واسمه في الكتب جبل طارق. وهو مولى موسى بن نصير فاتح الأندلس. وهذا الجبل يظهر في البحر من سبتة وهو عال في البحر، وفيما بينه وبين الجزيرة الخضراء، الميناء المشهور فيه ترسو مراكب سبتة وغيرها فما للنوء عليها من سبيل. والبحر من شرقي سبتة يأتي إلى الجنوب فيمر قريباً مع خط الإقليم الخامس بجزيرة الأندلس. فأول ما يلقاك في بر العدوة بعد سبتة جبل غماره العالي الطول، العريض، فيه من الأمم ما لا يحصيهم إلا الله تعالى. ومنه يحمل خشب الأرز الذي تنشأ منه الأساطيل، ويعرف في الأبنية الملوكية ويحمل إلى الآفاق. وبينه وبين سبتة ستة وعشرون ميلاً، وإلى نهر لو النازل منه عشرة أميال وهو كبير تدخله المراكب وتسير فيه إلى مدينة باديس. وهي من أشهر فرض غماره وذلك الساحل يعرف بالريف. ومن باديس إلى المزمة مثل ما بين باديس إلى سبتة مائة ميل. وهي فرضة مشهورة. ومنها إلى مدينة مليله مائة ميل. وينصب على شرقيها على عشرة أميال نهر ملويه الكبير المشهور الذي ينزل فيه نهر زيز وينزل فيه نهر سلجماسه. فتكون مسافته من منبع سجلماسه في الجنوب نحو مائة ميل. ومنها إلى أرشغون فرضة تلمسان وحيث ينصب النهر الذي ينصب فيه نهر يسر الكبير سبعون ميلاً. ومنه إلى فرضة هونين اثنا عشر ميلاً. ومنها إلى فرضة وهران المشهورة ثمانون ميلاً. وهي آخر فرض هذا الجزء من المدن العدوية. وميناؤها مشهور مأمون في الهول. ويقابل مدينة باديس من بر الأندلس مالقه. وهي مع خط الإقليم الخامس وعرض البحر بينهما درجة. ومنها يحمل التين المالقي واللوز إلى الأقطار. ويقابل المزمة فرضة المنكب وهي مع الخط المذكور وفي ساحل غرناطة وعرض البحر هنالك مجرى. ويقابل ارشغون مدينة المريه المشهورة التي كانت لها دار صناعة الأندلس وكان فيها ديوانها. وهي أيضاً مه الخط المذكور، ويصنع فيها وفي مالقه وفي مرسية ثياب الحرير الموشاة بالذهب ذات الصنائع الغريبة. وعرض البحر هنالك درجتان. وتقع تلمسان المشهورة حيث الطول أربع عشرة درجة وأربعون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة واثنتان وأربعون دقيقة. وبينها وبين ارشغون عشرون ميلاً. وبينها وبين هونين ثلاثون ميلاً. وهي الآن قاعدة بني عبد الواد من زناتة. ومنها تحمل ثياب الصوف المفضلة على جنسها المصنوع في سائر المغرب. وتحمل منها الجم الخيل والسروج وما يتبع ذلك. والأندلسيون يقولون كأنها من مدن الأندلس لمياهها وبساتينها وكثرة صنائعها. ويقع في غربيها بانحراف إلى الجنوب مدينة الرباط حيث الطول اثنتا عشرة درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة غير عشر دقائق. وفي غربيها مدينة فاس حيث الطول عشر درجات وستون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة. وهي من خواص المغرب الملأى بالخيرات والصنائع الغريبة. ويقال إن فيها من العيون عدد أيام السنة. ويسقيها نهرها الآتي من المرج الذي في شرقيها وينصب في نهر سبو الذي يمر على شماليها. وفي شرقي فاس جبل مديون يمتد إلى الجنوب، وفيه تعمل البرانس المديونية التي لا ينفذ منها المطر. ويختلط هذا الجبل من جنوبه بجبل درن ومن شماله بجبال تازا وجبال غماره. ومن الجبال التي في جنوبي فاس ينزل نهر سبك، ومنها وفي جنوبي هذا النهر، ينزل نهر أم ربيع. ومن الجبال التي في شمالي فاس ينزل نهر يسر، وكلها تنصب في البحر المحيط على ما رسم. وفي شمالي فاس مدينة مكناس المشهورة الكثيرة الزيتون. وينزل من جبال غمارة التي في شرقيها نهر فلفل ويمر بجنوبيها وينصب في نهر سبو. وبينها وبين فاس أربعون ميلاُ. وفي غربيها بانحراف إلى الشمال مدينة القصر، ويعرف بقصر عبد الكريم وبقصر كتامه وهم بادية. وموضوع هذه المدينة حيث الطول ثمان درجات ونصف والعرض أربع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة، وهو على شمالي النهر المنسوب إليه. وبينه وبين سبتة أربعة أيام. وبين نهر سلا ونهر سبو جبال

ص: 34

فازاز، وهم برابرة لهم في الخيل نتاج مشهور ولهم قلعة في هذا الجبل يخزنون فيها طعامهم ومحارثهم في تلك الجهات. وفي تلك الجهة معدن للفضة وأخوه معدن رقيد في جنوبي درن. وفي شرقي جبل مديون جبال مدغرة، وهم من قبيل عبد المؤمن، وهو أعلى هذه الجبال حيث الطول ثلاث عشرة درجة والعرض سبع وثلاثون درجة، ويتبع نهر ملويه الكبير الذي تقدم ذكره. وفي شرقي جبال مدغرة جبال يسر ومنها ينبع نهر يسر المتقدم الذكر، ويتصل بها من شرقيها جبل وانشريش الذي تعمل فيه البسط الملوكية، وهي لبني توجين من زناته، ممتد بقرب خط الإقليم الثالث. ومنه ينبع نهر الشلف الكبير المشهور ويخرج من هذا الجزء إلى الثاني وينصب عند مستغانم، وهو مثل النيل يزيد أيام نقص الأنهار، وعليه مجالات مغزاوه من زناته. ز، وهم برابرة لهم في الخيل نتاج مشهور ولهم قلعة في هذا الجبل يخزنون فيها طعامهم ومحارثهم في تلك الجهات. وفي تلك الجهة معدن للفضة وأخوه معدن رقيد في جنوبي درن. وفي شرقي جبل مديون جبال مدغرة، وهم من قبيل عبد المؤمن، وهو أعلى هذه الجبال حيث الطول ثلاث عشرة درجة والعرض سبع وثلاثون درجة، ويتبع نهر ملويه الكبير الذي تقدم ذكره. وفي شرقي جبال مدغرة جبال يسر ومنها ينبع نهر يسر المتقدم الذكر، ويتصل بها من شرقيها جبل وانشريش الذي تعمل فيه البسط الملوكية، وهي لبني توجين من زناته، ممتد بقرب خط الإقليم الثالث. ومنه ينبع نهر الشلف الكبير المشهور ويخرج من هذا الجزء إلى الثاني وينصب عند مستغانم، وهو مثل النيل يزيد أيام نقص الأنهار، وعليه مجالات مغزاوه من زناته.

ص: 35

الجزء الثاني: أول ما يلقاك منه مدينة تنس، وهي مشهورة بكثرة القمح. ومنها يحمل في المراكب إلى سواحل الأندلس وغيرها. وهي الآن قاعدة مغزاوه من زناته، وموضوعها حيث الطول ثمان عشرة درجة واثنتا عشرة دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. ولها نهر يأتيها من جنوبها وينصب في البحر بشرقيها وبينها وبين البحر ميلان. وفي شرقيها مستغانم وهي من فرض مغزاوه وبينهما ستون ميلاً، وينصب في شرقيها نهر الشلف المتقدم الذكر، وعرض البحر هناك إلى ساحل دانيه من الأندلس نحو ثلاث مجار ونصف، وفي شرقيها مدينة الجزائر. وهي فرضة مشهورة من عمل بجاية، حيث الطول عشرون درجة وثمان عشرة دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة ونصف. وفي شرقيها تدلس على خمسين ميلاً منها وهي فرضة مشهورة. وفي شرقيها قاعدة الغرب الأوسط بجاية، حيث الطول اثنتان وعشرون درجة والعرض أربع وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة، ولها نهر في نهاية من الحسن على شاطئيه البساتين والمنتزهات ويتفرج فيه أصحاب المراكب، ينصب إلى البحر بشرقيها، ومنبعه من جهة شقرا بصحراء الجنوب. وعرض البحر عند بجاية إلى جهة طرطوشة من الأندلس ثلاث مجار، وعلى الساحل الذي بشرقي بجاية جبال الرحمة تقاسي المراكب في بحرها هولاً شديداً. وسكانها من عصاة البرابر، أرضهم حصينة فيها القطن والتين. وفي شرقيها القل. وهي فرضة مشهورة في ساحل قسنطينه الهوى، وبينهما أربعون ميلاً، وموضوع قسنطينه في جنوبيها، حيث الطول ست وعشرون درجة وأربعون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة واثنتان وعشرون دقيقة. ولها نهر ينصب في خندقها العظيم الشرقي، يسمع له دويّ هائل دائر من أعلى المدينة في قعر الخندق مثل ذؤابة النجم لبعد المسافة، وهذه المدينة على آخر سلطنة بجايه. وأول سلطنة إفريقيا على البحر مدينة بونه وهي حيث الطول ثمان وعشرون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وخمسون دقيقة ولها نهر متوسط ينصب في البحر بغربيها. وفي شرقيها مرسى الخرز المخصوص بالمرجان وأمامه في البحر في هذا الجزء سردانيه الجزيرة المشهورة التي يوجد فيها المرجان. وهو شجر في البحر مستحجر يخرج أبيض اللون لينا، فإذا ضربه الهواء احمرّ وصلب. ومدينة هذا المرسى حيث الطول تسع وعشرون درجة ودقائق والعرض يقارب عرض بونه. وفي شرقيها من الفرض المذكورة طبرقه التي يحمل منها الخشب والقصب الفارسي الجيد إلى الحضرة التونسية. وفي شرقيها مدينة ينزرت حيث الطول ثلاثون درجة وستون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة ونصف، ولها نهر عليه منار ينصب في شرقيها ولها بحيرة حلوة في جنوبيها وبحيرة مالحة في شرقيها تنصب كل واحدة منهما في الأخرى ستة أشهر، فلا الحلوة تفسد بالمالحة ولا المالحة تصلح بالحلوة. وقد استفاض أن الحوت يخرج من هاتين البحيرتين في رأس كل شهر جنساً معلوماً ويغيب الجنس الأول حتى يدور العام. وفي شرقيها رأس الجبل حيث المرسى المأمون في فصل الشتاء وإليه تلجأ المراكب من مرسى تونس إذا كان الهول أو يرام إصلاحها وبين هذا الجبل وبين تونس ينصب نهر مجردة المشهور بإفريقية ويقال له عند مصبه المفزع. وتقع الحضرة التي اسمها تونس حيث الطول اثنتان وثلاثون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي على بحيرة مالحة تدخلها المراكب الصغار بالوسق من المراكب الكبار التي ترسي في مينائها. وبين ساحل البحيرة عند تونس وفمها عند البحر عشرة أميال، ودورتها أربعة وعشرون ميلاً. وهذه المدينة الآن هي قاعدة إفريقية، ومعظم بلاد المغرب تابع لها. وفي شرقها اقليبية، وهي حصن على البحر بينهما نحو تسعين ميلاً، والبحر يعطف من شرقيه على جنوبيه حيث تكون مدينة الحمامات على رأس تلك الدخلة، وبالقرب من تونس في البر، وهي في البحر دورة كبيرة. وفي شرقي اقليبية على ستين ميلاً في البحر، جزيرة قوصره، التي تجلب منها شريحة التين والقطن وبها المصطكي. وهي للمسلمين تحت عهد من فرنج صقلية وبينهما مجرى. ومعظم صقلية في الإقليم الخامس وفي شرقي الحمامات على الساحل مدينة سوسه، ومنها فتح المسلمون جزيرة صقلية. وهي حيث الطول أربع وثلاثون درجة ودقائق والعرض اثنتان وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وفي شرقيها بدخلة للجنوب مدينة المهدية التي بناها عبد الله المهدي وجعلها حاضرة إفريقية، وهي مستطيلة في البحر وهو

ص: 36

دائر بها في غير مكان واحد ضيق مثل سبتة. بها في غير مكان واحد ضيق مثل سبتة.

وموضوعها حيث الطول أربع وثلاثون درجة وأربعون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. وفي شرقيها مدينة صفاقس وأمامها القصير الذي لا تدخله المراكب الكبار، وطوله من قبوديه إلى شرقي صفاقس نحو ثمانين ميلاً، وعند منتهاه في الشمال في البحر الكبير جزيرة قرقنّه التي يعمل فيها (..) الناعمة المفضلة وفيها زبيب أفضل من الجربي وهي للمسلمين، وتقع على ثلاثين ميلاً من صفاقس. وصفاقس تقع حيث الطول خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وستون دقيقة. وفي شرقيها وجنوبها مع آخر الجزء الثاني وآخر الإقليم الثالث مدينة قابس التي هي في إفريقية كدمشق في الشام، وينزل إليها نهران من الجبل في جنوبها يخترقان غوطتها وينبوع جداولها عليها. وقد اختصت من بلاد إفريقية بالموز، وفيها الرطب الكثير الطيب، وحب عزيز والحنا. وبينها وبين البحر ثلاثة أميال والمراكب المتوسطة تدخل نهرها. ويمتد منها الجبل الكبير مشرقاً ومغرباً وهو في جنوبيها فيضرب في جهتها بجبل دمّر وفي جهة قفصه بجبل الأوراس وفي جهة القيروان بجبل وسلات، وهو خصيب بجميع هذه الأماكن تجبى منه أموال السلطنة. وتقع مدينة القيروان في جنوبي هذا الجبل حيث الطول ثلاث وثلاثون درجة والعرض إحدى وثلاثون درجة، وهي في الصحراء تصلح لجمال العرب، وكانت قاعدة إفريقية في أول الإسلام وهي الآن تابعة لتونس. ويتصل بجبل وسلات، جبال يسكنها أصناف من رعايا البربر، وفي جنوبيها الصحراء، وفي شماليها مجالات عوف من العرب ومجالات نفزوه وهواره من البربر. وبجهة باجه على خمسين ميلاً من تونس مجالات هديل، وهم فرسان محسبون في إفريقية. ثم يتصل بذلك جبل أوراس المشهور الذي كانت فيه الكاهنة، وسكانه أهل دعارة وعصيان لا يدخلون تحت طاعة سلطان لامتناع جبلهم العريض الطويل، ولما عندهم من الحيل والرجالة والأسلحة. وهو كثير الخيرات وأهله خوارج ومعظمهم من لواته، وهم خلق كثير داخلون في الرعية. وبين هذا الجبل ومدينة بونه مجالات للعرب. ومن حد قسنطينة إلى بجاية مجالات رياح، ومن غربي بجاية إلى تلمسان مجالات رحيبه، وهي متصلة بجبال ونشريش المتقدمة الذكر. وفي الجزء الأول جبل بني راشد، وهم من زناته، ولهم نتاج في الخيل معروف. وتتشعب في هذا الجزء جبال صنهاجة وزواوه وغيرهم مما يطول ذكره.

ص: 37

الجزء الثالث: أول ما يلقاك منه جزيرة جربه المشهورة بالزيت والزبيب والرطب والتفاح والأكسية الملاح، وهي في شرقي قابس، وبينها وبين البر مجاز ضيق يعبر بالزوارق، وبين هذا المجاز وقابس مرحلة، وطول هذه الجزيرة مرحلة وسكانها خوارج. وفي شماليها جزيرة لبدوشيه وهي خالية تأوي إليها المراكي وتسقي منها الماء، وفي شماليها تقع صقلية. وفي شرقي جربه وجنوبها يقهقر البحر إلى الشمال حتى تكون مدينة طرابلس المشهورة، وعليه حيث الطول ثمان وثلاثون درجة، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشرون دقيقة، وفي شرقيها على مرحلتين جبل نفوسه المتصل بجبل دمر وما يتصل به من الجبال إلى جبل درن الذي يدخل في البحر المحيط، وطوله ستة أيام، وعرضه ثلاثة أيام، وفيه مدن وعمائر وخلق كثير ومياه وخصب، ومنه تمتاز طرابلس بأنواع من الخيرات حتى الخضر والفواكه، وفيه الزيتون والزيت والزبيب والتمر. ويتصل به جبال إلى أن ينقطع في شرقي مدينة لبده الخراب، وآثار هذه المدينة من الرخام والحجارة الهرقلية تشهد بحالها المتقدم. وهي على البحر حيث الطول تسع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض مقارب لعرض طرابلس. ومجالات دياب من حد قابس إلى بير السدرة من برقة. وبعد لبده يأخذ البحر في الدخول إلى الجنوب، وعلى ساحله هنالك عمائر لبطون من هواره تحت خفارة دياب. وعلى الجملة فإذا فارقت طرابلس لا تلتقي مدينة فيها حمام ولا خباز إلى أن تصل إلى الإسكندرية. وفي آخر صعود البحر إلى الجنوب يكون قصر أحمد وهو آخر حد إفريقية حيث الطول إحدى وأربعون درجة واثنتان وعشرون دقيقة والعرض مع خط الإقليم الرابع، وفي عرضه قصور مسراته وهي تمتد اثنا عشر ميلاً على زيتون ونخيل، وأهلها من هوارة تحت خفارة دياب، ولهم غرام بحمل الخيل إلى الإسكندرية، ويجد منهم الحجاج في تلك الطريق الشاق معونة. فأول ما يلقاك من حد برقة جون رديق المذكور وما بعده قد ذكر في الإقليم الثالث. شورقيه بير السدرة، أول مجالات العرب إلى العقبة الصغيرة من أرض الإسكندرية. وتقع في دخلة البر بين جون رديق ورأس التين طلميته، وهي فرضة مشهورة هنالك وبها قصر فيه اليهود الذين تحت خفارة العرب.

ص: 38

وموضوعها حيث الطول أربع وأربعون درجة، والعرض ثلاث وثلاثون درجة وعشر دقائق، ومنها تحمل المراكب الكبريت والعسل والقمح والشعير. وفي الشرق مدينة برقة التي كانت قاعدة البلاد البرقية، فخربها العرب، ويقال لها اليوم مدية المرج، وبينها وبين طلميته عشرة أميال. وخصب برقة الذي فيه الأشجار والخيرات هو في الدخلة التي في جنوبها ومسافته نحو عشرة مراحل من غرب إلى شرق، ومن حماه عرب هيت فله الصولة. ومن جبالها ينزل نهر درنه وينصب في البحر المالح. ولم أر في جميع بلاد برقه نهراً غيره، وفي جنوبه الصحراء المقفرة. وتقع درنه حيث الطول ست وأربعون درجة، والعرض خمس وثلاثون درجة وسبع عشرة دقيقة، وكانت من مدن برقة المذكورة فخربها العرب، وهي الآن محسوبة من قصور العرب التي يأوي إليها اليهود ووكلائهم، وفي ساحلها رأس أوثان الذي يأخذ البحريون على أنفسهم البشارة عنده، وهو واقع في الركن حيث الطول أربع وأربعون درجة والعرض أربع وثلاثون درجة واثنتان وخمسون دقيقة. وفي شرقيه الهلال المشهور، وهو جبل يظهر من بعيد في البحر في ميمنة جزيرة اقريطش الواقعة في الإقليم الخامس، وبينه وبين رأس أوثان مرحلتان. وفي شرقي درنه، رأس التين المشهور، وهو في الركن الشرقي، كما أن رأس أوثان في الركن الغربي، وموضعه حيث الطول خمس وثلاثون درجة غير دقائق. ومن هنالك يأخذ البحر ستاً وأربعون درجة وسبع وأربعون دقيقة والعرض في الصعود إلى الجنوب. فيكون في جنوبيه من المراسي المشهورة القرشي، ثم طبرقه، وهي قاعدة البلاد في أيام الروم، وكانت البلاد تعرف بانطابلس فسمتها العرب برقة لما رأتها فيها من كثرة الحجارة المختلطة بالرمل. ولطبرق مرسى قلّ أن يكون له نظير على هذا البحر، فما للرياح عليه سبيل، كأنه حوض منقور في حجر، وبقايا أسوار هذه المدينة تدل على قدمها. وهي حيث الطول سبع وأربعون درجة واثنتان وعشرون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة وخمسون دقيقة، وفي جهتها المجرى المعروف بالبنطان. وفي شرقي ذلك من القصور المشهورة عند العرب لك وقمار، وفي شرقيها العقبة الكبيرة، وهي أول الديار المصرية. وهنالك مرسى المسلم من المراسي المذكورة. والعقبة حيث الطول تسع وأربعون درجة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. وهنالك دخلة هواره المشهورة وهي دخلة في البحر. وفي شماليها مرسى الكنائس المشهورة ومن هنالك مجالات هواره، ثم مجالات (..) إلى آخر البحيرة. وتقع الإسكندرية المشهورة، التي هي ركاز بحر الهند وبحر الروم، حيث الطول إحدى وخمسون درجة وعشرون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، ولها بحران مثل سبتة والمهدية. إلا أن الإسكندرية يفصل بين طرفيها الطرف الخارج أمامها، وفيها المنار المشهور الذي تهتدي به المراكب بالنهار وبنوره بالليل، وطوله في زمننا أبع وثمانون قامة، وطول مأذنة إشبيلية خمس وثلاثون قامة، وطول مأذنة مراكش ست وثلاثون قامة، وطول عمود السواري الذي في الإسكندرية مائة ذراع ودوره أربعون شبراً. وللإسكندرية خليج في جنوبها يدخل إليه الماء من النيل أيام الزيادة فتأتي إليه المراكب من سائر السواحل المصرية بأنواع الغلال والخيرات، فإذا تعطل هذا الخليج عملت البحيرة التي في شرقيها. وهي مالحة يدخل إليها ماء البحر بين الإسكندرية ورشيد وتسافر فيه المراكب إلى البلاد التي على النيل. وعلى أربعين ميلاً من الإسكندرية تروجه وهي في الجنوب بميلة إلى الغرب يتسوق إليها عرب البحيرة وعرب برقة ولها شهرة بذلك، والعنب التروجي في نهاية الطيب وحسن المنظر، ويقال إنه كان بجهتها من الغرب مدينة قديمة فيها لقي أهل مصر المعز العبيدي حين قدم من إفريقية، ثم خربت بالفتن. وفي شرقي الإسكندرية وجنوبها دمنهور على خمسين ميلاً، وهي قاعدة البحيرة، ولها خليج من خليج الإسكندرية، وأكثر ما يتسوق فيها عرب البحيرة. وتقع رشيد على غربي النيل عند مصبه في البحر، حيث الطول اثنتان وخمسون درجة وأربع دقائق والعرض إحدى وثلاثون درجة وستون دقيقة، وفي شرقيها بحيرة نستروه. وليس في بحيرات الديار المصرية أكثر إيراداً منها، فقد بلغ في عصرنا خمسة وعشرين ألف دينار مصرية، وسائر البحيرات المصرية تضمن سبعين ألف دينار. وفي شرقيها رباط البورلص، ومنه يصير البحر إلى الجنوب فتقع دمياط المشهورة على مصب

ص: 39

النيل الشرقي حيث الطول أربع وخمسون درجة، فيكون في آخر الجزء الثالث والعرض إحدى وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتقع المحلة قاعدة الغربية حيث الطول ثلاث وخمسون درجة واثنتان وعشرون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة وست دقائق. وتقع المنصورة التي بنيت في عصرنا رباطاً على خليج أشمون الخارج من النيل الشرقي، والذي ينصب في بحيرة تنيس حيث الطول ثلاث وخمسون درجة ونصف والعرض إحدى وثلاثون درجة غير دقائق. ل الشرقي حيث الطول أربع وخمسون درجة، فيكون في آخر الجزء الثالث والعرض إحدى وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتقع المحلة قاعدة الغربية حيث الطول ثلاث وخمسون درجة واثنتان وعشرون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة وست دقائق. وتقع المنصورة التي بنيت في عصرنا رباطاً على خليج أشمون الخارج من النيل الشرقي، والذي ينصب في بحيرة تنيس حيث الطول ثلاث وخمسون درجة ونصف والعرض إحدى وثلاثون درجة غير دقائق.

الجزء الرابع: أول ما يلقاك منه بحيرة تنيس وهي في شرقي دمياط، وتقع مدينة تنيس التي تنسب إليها الثياب العالية داخل هذه البحيرة في جزيرة حيث الطول أربع وخمسون درجة وأربعون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وفي شرقي هذه البحيرة على البحر المالح، الفرما الخراب، حيث الطول أربع وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. ويبقى بين بحر الروم الذي هو بحر المرجان، وبحر الهند الذي هو بحر اللؤلؤ، برزخ نحو سبعين ميلاً. وكان عمرو بن العاص قد أراد أن يخرق ما بين البحرين من جهة القلزم في مكانٍ يعرف الآن بذنب التمساح، فنهاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لئلا يتخطف الحجاج بالحرم. وفي شرقي الفرما العريش، كانت مدينة منيعة في طريق الرمال، وهي حيث الطول ست وخمسون درجة ونصف والعرض اثنتان وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وفي شرقيها غزة، ويقال لها غزة هاشم. ويزعمون أن جد النبي عليه السلام مدفون بها. ويقال أن الإمام الشافعي رضي الله عنه منها. وهي حيث الطول سبع وخمسون درجة ودقائق. ومن هنالك يلتوي البحر إلى الغرب والشمال، فتكون عسقلان في دخلة حيث الطول خمس وخمسون درجة وعشرون دقيقة، والعرض أربع وثلاثون درجة وخمسون دقيقة. وهي على البحر، وغزة بينها وبين البحر أكوام رمال. وبعد عسقلان يافا، من الفرض المشهورة، حيث الطول ست وخمسون درجة والعرض أربع وثلاثون درجة ثم يكون على الساحل قيسارية حيث الطول سبع وخمسون درجة وثلاثون دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة. ثم تقع مدينة عكا، ركاب الفرنج، ومجمع تجارهم وحجابهم، حيث الطول ثمان وخمسون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتقع صور التي لا ترام بحصار من جهة البر حيث الطول تسع وخمسون درجة وسبع عشرة دقيقة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وقد حفر الفرنج حولها حتى أرادوا بها البحر. وتقع بيروت فرضة دمشق حيث الطول تسع وخمسون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة. وتقع طرابلس على البحر حيث الطول إحدى وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة. وتقع اللاذقية على البحر، حيث الطول إحدى وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة. وتقع الإنطاكية المشهورة حيث الطول إحدى وستون درجة وخمس وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وعشر دقائق. وبينها وبين البحر السويدية على مصب نهر العاصي الذي ينزل من جهة بعلبك ويمر على شمالي حمص وحماه وشيزر ثم على شرقي إنطاكية وشماليها إلى بحر الرومان، ثم يلتوي إلى الشمال، ثم يكون جون الأرمن. والمدن المشهورة عليه تقع في أول عرض هذا الجزء. فأولها المصيصة على نهر سيحان حيث الطول تسع وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة، وبينها وبين البحر اثنا عشر ميلاً. وفي شماليها أدنه على شمال نهر سيحان، وبين المدينتين عشرون ميلاً وكذلك بين أدنه وبين البحر. وفي شماليها قاعدة بلاد سيس: طوسوس، وهي على جانبي نهرها، وهو ينصب في البحر على اثني عشر ميلاً. وبينها وبين أدنه عشرون ميلاً. وهي حيث الطول ثمان وخمسون درجة، والعرض ست وثلاثون درجة وسبع عشرة دقيقة. وسيس مدينة أحدثها ابن لاوي ملك الأرمن وصيرها حاضرة ملكه.

ص: 40

وهي حيث الجيل الدائر والبحر منها على رمية سهم. وأول ما يقع في الجزء الرابع من المعالم الجنوبية التيه، وهو على أربع مراحل، يتركه الركب المصري على يساره إذا سار من القلزم إلى الطور. ويقع جبل الطور الذي على بحر القلزم في شرقي بحر الغزال حيث الطول سبع وخمسون درجة وعشرون دقيقة. وتقع إيله على رأس خورها الخارج من بحر القلزم، حيث الطول ثمان وخمسون درجة وأربعون دقيقة والعرض ثلاثون درجة وخمسون دقيقة. وكانت من قواعد اليهود فخربت. وفي شماليها العقبة الشاقة المنسوبة إليها، يسير الراكب من أولها إلى آخرها مرحلة. وفي شماليها يقع الشوبك حيث الطول سبع وخمسون درجة والعرض إحدى وثلاثون درجة. وتقع الكرك المشهورة في شماليها، حيث الطول ست وخمسون درجة وخمسون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة ونصف.

وهناك في مؤتة قبر جعفر الطيار وقبر أصحابه، وله واد فيه ماء وبساتين. وتقع القدس حيث الطول ست وخمسون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. وبينها وبين الكرك البحيرة الميتة مائلة عنها للشرق، ولا يكون فيها ذو روح وبها يوجد محل (..) وفي التفاسير أنها ديار قوم لوط التي خسف بها. ونهر الأردن المعروف يخرج من بحيرة طبريا ويمر بالغور حتى ينصب في هذه البحيرة الميتة. ويقول الناس إن لها منفذاً إلى بحر القلزم. وتقع طبريا التي كانت قاعدة جند الأردن حيث الطول سبع وخمسون درجة وخمس وأربعون دقيقة وفي جهتها البحيرة المنسوبة إليها، بينها وبين عكا وصور ينزل إليها نهر من بحيرة قادوش التي فوقها، ويخرج منها نهر الأردن. وفي طبريا عيون سخنة تغني أهلها عن الحمام. وقد خربت المدينة باختلاف الملتين عليها وهي الآن مع عسقلان ويافا وقيسارية في حوزة المسلمين. وجبل عامر ممتد في شرقي الساحل وجنوبه حتى يقرب من صور وعليه السقيف الذي استرجع في عصرنا للمسلمين.

وكان رعاياه في حكم الفرنج فعادوا إلى حكم المسلمين ودخلوا في أقطاع الجند. وفي شرقيه وجنوبه جبل عوف، وكان أهله عصاة فبنى عليهم سامه حصن عجلون حتى دخلوا في الطاعة. وفي شرقيه وجنوبيه جبل السلط، وكان أهله أيضاً عصاة، فبنى المعظم عليهم حصن السلط حتى دخلوا في الطاعة، وبينه وبين عجلون مرحلتان وكذلك بينه وبين الكرك. والغور طويل ويحسن فيه قصب السكر والموز. وآخره أريحا التي على أول البحيرة الميتة كانت مدينة للجبارين، وهي الآن منيعة. وما بين هذا الغور والساحل غور بيسان. ومن أخذ على الطريق اليسرى سار على تابلس التي جبلها حج وقبلة للسمرة وجبل الشراة في جنوبي البلقاء وخلفه برية ويسكنه الآن فلاحون، وفي جهة (..) التي خرج منها بنو العباس إلى الخلافة في العراق. وفي ذلك الخط الجنوبي الأزرق، وهو حصن بناه المعظم على طرف البرية التي فيها الطريق إلى الحجاز وعلى يمين الطريق العلا وتبوك وعلى اليسار طريق تيما. وفي شمالي الأزرق، البصرة، قاعدة حوران على أربع مراحل من دمشق، وفي شرقيها في الخط الجنوبي صلخد، قاعدة جبل بني هلال. وتقع قاعدة الشام، دمشق، حيث الطول ستون درجة والعرض أربع وثلاثون درجة. وفي الإصطرلبات ثلاث وثلاثون درجة مثل بغداد وتونس، وإنما كثرة الثلج فيها من الجبال التي في جهاتهما والتي لا يبرح الثلج عنها. ويقال إن جنان الدنيا أربع: سمرقند وشعب بوان والايله وغوطة دمشق. قال أبو بكر الخوارزمي: والغوطة تفضل هذه الثلاث وتفضل سائر جنان الدنيا. وتقع بعلبك في غربيها وشماليها وبينها أربعون ميلاً.

وفيها الآثار العظيمة من الحجارة الطويلة العريشة، والثلج فيه كثير، وهو معروف بالصالحين، والجبال الثلجية ممتدة إلى جهة حمص، وبينه وبين البحر جبل الخيط تسكنه أقوام إباحية، كثيراً ما يبيعون المسلمين إلى الفرنج إذا مروا بهم. وتتصل بهم إلى جهة وادي التيم (..) المشهورة على مرحلة من دمشق. ويمتد جبل سكين الذي تنتشر فيه دعوة الإسماعيلية وفيه حصونهم، مصيات والكاف الحواني، فيما بين حمص وحماه إلى جهة البحر. وفي طرفه من جهة بعلبك وحمص حصن الأكراد الذي قيل إنه يأتي منه النبيذ المسكر. وفي غربي حصن الأكراد (..) الذي فتحه المسلمون. ويتصل بجبل الإسماعيلية، وعلى مذهبهم جبل السماق من عمل حلب. وهو ملآن بالإسماعيلية، وإلى جهة البحر يظهر قائماً كأنه حائط على جبله واللاذقية، جبل الناصرية.

ص: 41

وهم منسوبون إلى نصير مولى علي رضي الله عنه، ويزعمون أن علياً قدّس الله روحه، وقفت له الشمس كما وقفت ليوشع، وكلمته الجمجمة كما كلمت المسيح وغالوا في تأليهه. ومذهبهم شائع في جزيرة عانا من طرف الجزيرة التي تلي العراق. وفي جبل النصيرية في الشمال: صهيون، المشهورة بالمتعة، على مقربة منها. وموضوع حمص، وهي قاعدة من أجناد الشام، حيث الطول إحدى وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة. وحماه على مرحلة من حمص وهي من أنزه مدن الشام، ونهر العاصي شماليها، وعليه منار ونواعر والزوارق تتردد فيه بين البساتين. ثم منها إلى معرة، مرحلة. وهي مشهورة بكثرة الزيتون والتين والفستق، وفيها عامود يحركه الصغير فيميل وذلك بهندسة تحته. وفيها قبر يوشع عليه السلام. وفي خارجها دير سمعان تحت قبر عمر بن عبد العزيز وهو مكشوف للسماء كما أوصى. وفي الجنوب خناصر التي كان يحل بها أيام خلافته، وهي من مدن البرية، وكذلك سلمية التي يتردد أهلها على حماه.

ومنها خرج عبد الله المهدي فأقام دعوته بالمغرب ثم توالى بنوه في الخلافة على مصر والشام إلى أن أزال دولتهم السلطان صلاح الدين بن أيوب. ومن معرة إلى قنسرين مرحلة كبيرة وكانت قاعدة جند من أجناد الشام، ثم ضعفت بقوة حلب وخربت بدخول الفرنج واستيلائهم على جهاتها، وهي الآن قرية وتحتها ينصب نهر قويق في بحيرة كبيرة. وربوة قنسرين مشرفة عليها والبسيط ممتد من هنالك إلى حلب مرحلة صغيرة. وتقع هذه المدينة المشهورة التي ضخمت بدولة بني حمدان فيها، ثم بالدول العربية والعجمية التي توالت عليها إلى أن دخلها التتر في عصرنا فخربوها وسكنوا ديار أهلها، وذلك حيث الطول ثلاث وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وهي في جنوب نهر قويق وشرقيه، وهو يأتي من جهة عزاز، وهو حصن مشهور في شمالي حلب. ولهذه المدينة جهات في نهاية الحسن والطيبة والخصب معظم تربتها أحمر، فهي تفرح النفس وأكثر ما يزرع فيها القطن الذي يحمل في المراكب إلى سبتة فيعم بلاد المغرب، وقد خصبت أرضها بالفستق الكبير. ومن أنزه المساكن التي في جهتها الباب، من أملح مما تبصره عين وترتاح إليه نفس. وهنالك النافورة التي ذكرها امرؤ القيس في شعره، والوادي الذي أتى في وصغه المناري بالعجب. وفي هذا المكان مدينة إلا أنها غير مشهورة، ولها حمام وبزازون وعطارون، وهي على مرحلة جيدة من حلب في طريق الفرات وفي الجهة الشمالية نهر الجوز من أحسن أنهارها الدنيا وأكثرها خيرات وأكنفها ظلالاً.

ص: 42

وفي تلك الجهة حصن تل باشر على مرحلة جيدة من حلي فيه المياه والبساتين، وقد خص بالعين المعروف، وبالأخص الذي لا نظير له ولا يستطيعون توصيله إلى حلب لأنه يستحيل إلى ماء في الطريق. وبين حلب وإنطاكية حازم، وهو حصن كثير الأرزاق، وقد خص بالرمان الذي يظهر باطنه من ظاهره مع عدم العجم وكثرة الماء، وهو على مرحلة جيدة من حلب. وفي شرقي الباب المتقدم الذكر فيما بين حلب والفرات مدينة منبج، التي سأل الرشيد بن عبد الملك بن صالح عن ليلها فقيل له سحر كله. ولأبي فراس الحمداني شعر في منتزهاتها وأماكن لذاتها، وفيها ماء سائح وأكثر شجرها التوت لتربية دود الحرير. وهي حيث الطول ثلاث وستون درجة وخمس وأربعون دقيقة والعرض خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وبينها وبين الفرات حيث قلعة نجم والجسر خمسة وعشرون ميلاً، وهذه القلعة في السحاب، وصفها الفاضل بالوصف البديع، وكان يقال لذلك المكان منبج فصار يعرف بقلعة نجم، وهي من بناء السلطان محمود بن زنكي رحمه الله. وكان كثيراً ما يرابط بها ويغزو منها الفرنج الذين تسلطوا بالفتنة على ثغور الشام والجزيرة. وهذا الجسر جزنا عليه إلى حران، وفوقه بمرحلة جيدة حصن بداية يجاز عليه إلى سروج، التي بنا الحريري مقاماته على ذكرها، وهي كثيرة المياه والبساتين، وفيها الرمان المفضل والكمثري والخوخ والسفرجل، وبينها وبين حران مرحلة، وقد تعمل في مرحلتين. وأول ما يلقاك في هذا الجزء الرابع من الفرات المنحدر من جسر منبج إلى الشرق والجنوب، مدينة باليس المشهورة بالتجار الأغنياء، والبرية بينها وبين حلب وكثيراً ما تقطع فيها العرب على أهلها، وهي من الجانب الغربي الشامي. وفي شرقيها وجنوبها على الجانب الشرقي الجزيري، مدينة الرقة المعروفة بالبيضاء، لبياض رملها وسورها، وهي قاعدة ديار بلاد الجزيرة، حيث الطول ست وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة.

وتقع جزيرة قرقسيا، وهي بين الفرات والخابور النازل من رأس عين، حيث الطول ست وستون درجة وخمسون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتحتها مدينة الرحبة، وهي ذات فواكه كثيرة على غربي الفرات في الجانب الشامي، وهي فرضة تدمر، وهي على مرحلة منها في البرية، وبها آثار عظيمة كبيرة. ويزعم شعراء العرب أن الجن بناها لسليمان بن داود عليهما السلام، وبها جامع من صخرة واحدة كأنه نقرة في جبل منقطع، وقد صنع سقف ذلك الجامع منه وكل ما فيه. وهي أرض زيتون ونخيل، وفيها الكثير من الغاسول. وتقع جزيرة عانة في وسط الفرات، حيث الطول سبع وستون درجة وعشرون دقيقة، وهي من بلاد الجزيرة، وأهلها الغالب عليهم النصرانية، وحرها مذكور في الأشعار. وتحتها في وسط الفرات الحديثة حيث الطول سبع وستون درجة ودقائق. وتقع مدينة هيت على غربي الفرات، وهي أيضاً من مدن الجزيرة وإليها منتهى الحد، حيث الطول ثمان وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون درجة، وهي بلد خيرات ونخيل. وتقع مدينة الأنبار على جانب الفرات الشرقي، وهي أول مدن العراق من جهة الجزيرة، حيث الطول تسع وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وتقع مدينة الكوفة المشهورة على ذراع من الفرات في غربيه، حيث الطول تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وخمسون دقيقة.

ص: 43

وهي إسلامية بنيت في مدة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. ويقال أن ماء الطوفان فاض من مكان قربها، وهي بلد نخل وفيها البنفسج العراقي. وتقع مدينة واسط على جانب دجلة حيث الطول اثنتان وستون درجة وثلاثون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشرون دقيقة. وفي هذا الجزء تقع بطائح الكوفة من فضلات مياه الفرات، تأوي إليها العربان وقطاع الطريق. ويقع في هذا الجزء الرابع من مدن الجزيرة حران القديمة، وهي من حيث الطول خمس وستون درجة والعرض ست وثلاثون درجة، وهي في جادة الموصل من حلب، وفيها تقع رأس عين حيث الطول ست وستون درجة وخمس وخمسون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وتحتها المياه الكثيرة والبساتين، ومن عيونها يتجمع الخابور. وفي خارجها بحيرة غاية في العمق، ترمى فيها الدنانير، فيقاس كيف تنزل إلى قعرها وينحدر في أثرها الغطاسون فيلتقطونها، وفيها النيلوفر الكثير ذي الألوان المختلفة المبهجة. وتقع في آخر عرض الإقليم الرابع مدينة نصيبين قاعدة ديار ربيعة، حيث الطول سبع وستون درجة وخمسون دقيقة. وهي مخصوصة بالورد الأبيض الذي يعم ماء ورده بلاد الدنيا ويفضل على سائر أنواعه. ولا يوجد فيها ورد أحمر ولا في الحدود. وهي محجوبة في الشمال بالجبال الكبير، ومنه ينزل نهر الهرماش الذي يمر مع سورها وعليه البساتين الكثيرة ثم ينصب في نهر سيحان. وبين رأس عين على الجبل ماردردين وقلعتها لا ترام، وكان بنو حمدان يسمونها الباز الأشهب، وفيها المرعز الكثير تحمل منها أكسيته إلى البلاد، وبينها وبين نصيبين دار ملك الفرس، وهي الآن قرية على نهر على حافتيه رمان كثير، وغير ذلك.

وفي جنوبي نصيبين مدينة سنجار من أحسن المدن، وجبلها من أخصب الجبال فيه الجوز واللوز اللذان يكسران بصحن الكف، ومنها يجلب حب الرمان الكثير والعين الناشف و (..) المعمول من العنب. وفي داخلها عين معينة تخرج إلى ظاهر، وينضاف إليها ما يكون منه نهر، وينضاف إلى ذلك نهر نصيبين وينصب الجميع في الثرثار المشهور الذي كان عليه مدينة الخضر وهي خراب، وفي غياض هذا النهر الأسود الكثيرة، وهو ينصب في الصحارى. وموضوع سنجار، حيث الطول ثمان وستون درجة وعشرون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وتقع مدينة الموصل قاعدة بلاد الجزيرة في غربي دجلة، حيث الطول تسع وستون درجة والعرض خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وأمامها من الجانب الشرقي، نينوى، مدينة يونس عليه السلام على ظهر ربوة، وهي خراب. وهناك تل التوبة، وهذه المدينة من أحسن البلاد منظراً في مياهها وبساتينها وشوارعها التي على دجلة. وأهلها فيهم خصوصية، وفيها صنائع جمة، ولا سيما أواني النحاس المطعم يحمل منها للملوك، وكذلك ثياب الحرير التي تنسج بها. وفي جنوبها وشرقها من الجانب الشرقي، مصب الزاب الأصغر بالقرب من مدينة أشور الخراب، وهي مذكورة في التوراة، وبها كان الملوك الآشوريون الذين خربوا بيت المقدس. وبعده ينصب الزاب الكبير من الجهة الشرقية، وعليه البساتين التي يجلب منها الرمان من دجلة إلى بغداد. وتقع تكريت، وهي آخر مدن الجزيرة مما يلي العراق، على غربي دجلة، حيث الطول اثنتان وسبعون درجة ونصف، وبينها وبين الموصل للقوافل ستة أيام، في أرض يصنع فيها النفط كأنها قطعة من جهنم. وبالقرب من الموصل قارة فيها ماء حار عليه ميناء سلطاني ينتفع الناس بها، وفي جنوبها وشرقها، النهر الإسحاقي، حفره في أيام المتوكل إسحاق بن إبراهيم صاحب شرطته. وهو أول سواد العراق ومنها تبدأ الأشجار، وخروج مياه دجلة التي تسبح فيها أرض العراق، وعنده ينتهي الجزء الرابع، وتقع مدينة اربل قاعدة بلاد شهر زور، وهي حيث الطول تسع وستون درجة وخمسون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة وعشرون دقيقة.

ص: 44

الجزء الخامس: أول ما يلقاك على جانب دجلة مدن العراق. وهي أربع عشرة، مدينة الزوراء منها، وهي مدينة المنصور في الجانب الغربي من نهر الصرات، ونهر عيسى النازلين من الفرات إلى دجلة. والمدينة التي كانت فيها الخلافة في عصرنا بالجانب الشرقي، طول وتر قوسها على دجلة ميلان ولها جسران. ومباني بغداد معظمها بالقصب والطوب، والكلس والجبس، يفسدها هواؤها، فلا يكاد اللحظ يقع عليها في جميع مبانيها. والرخام يتشقق من الحر. وأرخص ما فيها التمر، الذي يجلب من البصرة، والأرز وقصب السكر اللذان يجلبان من البطائح. وجهات واسط فيها التفاح الواسطي، والعنب الرازقي، والنارنج القروي، والليمون اليعقوبي، والورق البغدادي والأقلام الواسطية. وتصعد لها المراكب ببضائع الهند في دجلة. وموضوعها حيث الطول ثلاث وسبعون درجة والعرض ثلاث وثلاثون درجة وتسع دقائق. وينزل من الفرات نهر عيسى، فينصب في دجلة بين القرية والرشلة، وهو من الأنهار الكبار التي تخرج من الفرات، فيسقي من الضياع عدد أيام الشهور. وأشباهه في ذلك نهر الملك ونهر النيل. ويخرج من دجلة من المياه هذه في أرض العراق، القاطول، بالجانب الشرقي من سر من رأى، وينزل من شهرزور إلى بغداد النهروان. وإذا سار السائر منها إلى المدائن عبر هذا النهر على جسر كبير ومصبه في دجلة. والمدائن التي كانت للأكاسرة على مرحلة من بغداد، والإيوان منها باق في الجانب الشرقي، وهو من أجر وقار. وكثيراً ما يستعمل أهل العراق القار في أبنيتهم، ولا سيما في الحمامات وأماكن الماء. ومن المدائن، يلتوي دجلة، فيغرب حتى تقع واسط في الجزء الرابع، كما تقدم، ثم تقع بطائح واسط والبصرة من الأنهار الخارجة من دجلة تحت واسط في هذا الجزء، وهي ثمانون فرسخاً في مثلها، حدثت في أيام اشتغال الفرس بقتال العرب، في صدر الإسلام، فصارت ولاية منحازة وربما كان فيها ملك من الثوار وقاعدتها الجامد. وأكبر الأنهار التي تنصب فيها الفرات. ومعظم أهلها كلدانيون، على ملة الناس عليه السلام ويسمونهم الصابئة. ومن الكلدانيين كان أبو إسحاق الصابي الكاتب، وله مصنف في ذلك. وتقع دينة البصرة، التي بنيت في الخلافة العمرية، حيث الطول أربع وسبعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة، وهي على نهر يقال له الفيص (؟) مع شرقيها وجزيرة الإبله التي هي أحد منتزهات العالم بين هذا النهر ونهر معقل ونهر الإبله ودجلة، وإذا صعد المد من نهر فارس لم يشرب من هذه المياه. ويذكرون أنه يصعد ستة أيام، وتحل البصرة طوله سبعة أيام من العين إلى العين، يعنون من عباس إلى عبدان. وتقع عبدان على نهر فارس، وهو يدور بها، فلا يبقى بينها وبين البر إلا قليل، حيث الطول خمس وسبعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض إحدى وثلاثون درجة وخمس دقائق. ويصب دجلة في البحر الفارسي. وفي جنوبي عبدان وشرقيها الخشبات، وهي علامات في البحر للمراكب تنتهي إليها، وتحذر الأقاصير التي تحدث من مصب دجلة عادة، فيرفع على هذه العلامات بالليل أشعار للمراكب. وفي شرقي الخشبات مصب دجلة الأهواز، حيث الطول سبع وسبعون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة غير عشر دقائق. وفي شرقي ذلك مهربان، من فرض فارس، حيث الطول سبع وسبعون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض ثلاثون درجة وأربعون دقيقة. وفي شرقيها جنابة، ومن فرض فارس والتي ينسب إليها أبو سعيد الجنابي القرمطي، صاحب الأفعال الشنيعة. موضوعها حيث الطول ثمان وسبعون درجة وعشرون دقيقة. وفي شرقيها اشهر فرض فارس، سيراف، حيث الطول تسع وسبعون درجة والعرض ثلاثون درجة وثلاثون دقيقة. وأهلها أعرف الناس برئاسة البحر، ومبانيها من خشب الساج. ويقع في هذا الجزء من مدن فارس، قاعدتها القديمة، اصطخر، وهي حيث الطول تسع وسبعون درجة ودقيقة، والعرض اثنتان وثلاثون درجة، وبها كانت خزائن الأكاسرة وديوان فارس، فانتقل ذلك في الإسلام إلى شيراز، التي بنيت في زمن الحجاج، وهي حيث الطول تسع وسبعون درجة، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وصاحبها الآن له عسكر جليل ودار للؤلؤ يأتي بعضه من مغاصها، فبقيت بلاداً بين رهبة ورغبة في أمن وعافية. وتقع جور، وهي إحدى قواعد كور فارس حيث الطول ثمان وتسعون درجة والعرض إحدى وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة، وإليها ينسب الورد

ص: 45

الجوري، وهو عال كالنصيبي. وتقع مدينة الأهواز، وهي قاعدة خوزستان القديمة، حيث الطول خمس وسبعون درجة والعرض اثنتان وثلاثون درجة، وهي موصوفة بشدة الحمى. ومنها إلى عسكر مكرم عشرة فراسخ. وهي مدينة مشهورة من خوزستان يحيط بها دجلة الأهواز ونهر المسرفان. وبها السكر العسكري، وبها العقارب الجرارة التي لا يعيش لديغها. ولذلك قيل: ما قام سكره تلدغ عقاربه. ومنها إلى الشمال والشرق مدينة ششتر، قاعدة خوزستان في عصرنا. وكان يقال لها شتر، وإليها تنسب ثياب الحرير الشترية، وبينها وبين عسكر مكرم مرحلة. ومنها تنزل مياه أصفهان التي تتجمع إلى دجلة الأهواز. وبينها وبين أصفهان جبل اللوز وطوله نحو ستة أيام، وفيه خلق من الأكراد وملك يقال له هرارست. وتقع اصفهان، إحدى قواعد عراق العجم المعروفة في الكتب بالجبال، حيث الطول خمس وسبعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون دقيقة. وهي اثنتا عشرة محلة، كل محلة منها كالمدينة، والمنعوت منها هي شهرستان واليهودية. ويمر على هذه المحلات زندرود، وهو نهر مليح. وهذه المدينة صحيحة الهواء بحيث قدم لعاملها ثلاث تفاحات كل تفاحة من سنة فلم يفرق بين القديمة منها والحديثة. ويقال حشيشها زعفران وترابها كحل وذبابها نحل. والشهد الأصفهاني هو الغاية وكذلك ورودها. وتقع نهاوند من مدن الجبل المشهورة، حيث الطول ثلاث وسبعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة. وتقع همدان قاعدة عراق العجم حيث الطول أربع وثلاثون درجة، والعرض ست وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي آخر عرض الإقليم الرابع. وتقع نديتوند، حيث الطول خمس وسبعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي في جبل دنياوند الملثم بالسحاب، وليس في عراق العجم جبل أعلى منه. وتقع مدينة معقل كردكوة المشهورة من معاقل الإسماعيلية، حيث الطول تسع وخمسون درجة والعرض ست وثلاثون درجة. وهو جبل قوهستان الذي بين خراسان وفارس وكرمان. وفي هذا الجزء قاعدة كرمان في عصرنا، وهي قواشر، حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض ثلاثون درجة وعشرون دقيقة، ومن قواعد كرمان القديمة، الشيرجان، وهي حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. وكذلك مدينة جيرفت، وهي حيث الطول خمس وثمانون درجة ونصف، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشر دقائق. وفي جبالها الحديد الكرماني الذي تصنع منه السيوف الكرمانية. وسيقع في هذا الجزء من فواعد خراسان، مدينة هراة، حيث الطول سبع وثمانون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة ونصف، وفي غربيها قاعدة قوهستان حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض خمس وثلاثون درجة وعشر دقائق. وفي شرقيها مع الجنوب جبال الغور، وقاعدتها مدينة فيروزكوه، حيث الطول تسع وثمانون درجة وأربعون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة. الجوري، وهو عال كالنصيبي. وتقع مدينة الأهواز، وهي قاعدة خوزستان القديمة، حيث الطول خمس وسبعون درجة والعرض اثنتان وثلاثون درجة، وهي موصوفة بشدة الحمى. ومنها إلى عسكر مكرم عشرة فراسخ. وهي مدينة مشهورة من خوزستان يحيط بها دجلة الأهواز ونهر المسرفان. وبها السكر العسكري، وبها العقارب الجرارة التي لا يعيش لديغها. ولذلك قيل: ما قام سكره تلدغ عقاربه. ومنها إلى الشمال والشرق مدينة ششتر، قاعدة خوزستان في عصرنا. وكان يقال لها شتر، وإليها تنسب ثياب الحرير الشترية، وبينها وبين عسكر مكرم مرحلة. ومنها تنزل مياه أصفهان التي تتجمع إلى دجلة الأهواز. وبينها وبين أصفهان جبل اللوز وطوله نحو ستة أيام، وفيه خلق من الأكراد وملك يقال له هرارست. وتقع اصفهان، إحدى قواعد عراق العجم المعروفة في الكتب بالجبال، حيث الطول خمس وسبعون درجة وثلاثون دقيقة والعرض أربع وثلاثون دقيقة. وهي اثنتا عشرة محلة، كل محلة منها كالمدينة، والمنعوت منها هي شهرستان واليهودية. ويمر على هذه المحلات زندرود، وهو نهر مليح. وهذه المدينة صحيحة الهواء بحيث قدم لعاملها ثلاث تفاحات كل تفاحة من سنة فلم يفرق بين القديمة منها والحديثة. ويقال حشيشها زعفران وترابها كحل وذبابها نحل. والشهد الأصفهاني هو الغاية وكذلك ورودها. وتقع نهاوند من مدن الجبل المشهورة، حيث الطول ثلاث وسبعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة والعرض ست وثلاثون درجة. وتقع همدان قاعدة عراق العجم حيث الطول أربع وثلاثون درجة، والعرض ست وثلاثون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي آخر عرض الإقليم الرابع. وتقع نديتوند، حيث الطول خمس وسبعون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وهي في جبل دنياوند الملثم بالسحاب، وليس في عراق العجم جبل أعلى منه. وتقع مدينة معقل كردكوة المشهورة من معاقل الإسماعيلية، حيث الطول تسع وخمسون درجة والعرض ست وثلاثون درجة. وهو جبل قوهستان الذي بين خراسان وفارس وكرمان. وفي هذا الجزء قاعدة كرمان في عصرنا، وهي قواشر، حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض ثلاثون درجة وعشرون دقيقة، ومن قواعد كرمان القديمة، الشيرجان، وهي حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض اثنتان وثلاثون درجة. وكذلك مدينة جيرفت، وهي حيث الطول خمس وثمانون درجة ونصف، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وعشر دقائق. وفي جبالها الحديد الكرماني الذي تصنع منه السيوف الكرمانية. وسيقع في هذا الجزء من فواعد خراسان، مدينة هراة، حيث الطول سبع وثمانون درجة وثلاثون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة ونصف، وفي غربيها قاعدة قوهستان حيث الطول أربع وثمانون درجة والعرض خمس وثلاثون درجة وعشر دقائق. وفي شرقيها مع الجنوب جبال الغور، وقاعدتها مدينة فيروزكوه، حيث الطول تسع وثمانون درجة وأربعون دقيقة، والعرض إحدى وثلاثون درجة.

ص: 46

الجزء السادس: أول ما يلقاك منه مدينة الباميان، وهي قاعدة لجهاتها، والجبال والمياه تحف بها. ومن جبلها تنزل بعض أنهار جيحون، وموضوع الباميان حيث الطول سبعون درجة وخمس دقائق، والعرض أربع وثلاثون درجة. وأشهر أنهار جيحون وأكبرها وأطولها مداً، نهر (..) ، وهو ينزل من جبال حتن، حيث الطول سبع وتسعون درجة، والعرض ثلاثون درجة وثلاث دقائق. وتنحدر إليه عيون كثيرة من ذلك الجبل ومن جبال كابلستان من الإقليم الثالث، فإذا مر بجبل الباميان انحدرت إليه أنهار أسماؤها معجمة، ثم تجتمع كلها بالقرب من آخر عرض الإقليم الرابع. وينحدر عمودها، وهو جيحون، إلى الخامس، وتقع في شرقي جبل الغر والباميان، وفي غربي كابلستان، بلاد سجستان. وقاعدتها القديمة زرنج، وهي حيث الطول أربع وسبعون درجة وسبع دقائق، والعرض اثنتان وثلاثون درجة وست دقائق. ونهر الهند سند الكبير، الذي يخرج من شرقي جبال الغور، يجوز بلاد سجستان من غرب إلى شرق، فيكون عليه مدينة بست المشهورة في شماليه، حيث الطول ثلاث وتسعون درجة، والعرض ثلاث درجات، ثم يمر النهر إلى أن ينتهي حيث الطول خمس وتسعون درجة إلى الجنوب، فيكون زرع في شماليه على نحو عشرين ميلاً، ويصلها منه جدول يشقها وينتفع به أهلها في الجامع وغيره، ثم يلتوي النهر إلى الغرب، فيكون في موضع التوائه، على جبل منقطع في نهاية المنعة، معقل الطاق، الذي لا يرام، وبه يعتصم ملوك هذه البلاد، وفيه يجعلون خزائنهم. وهو حيث الطول على سمت زرنج، والعرض إحدى وثلاثون درجة. ويمر النهر في شماليه مغرباً إلى أن ينصب في بحيرة سجستان. وطول هذه البحيرة، من الغرب إلى الشرق ثلاثة أيام، والعرض نصفها. وفي جنوبي سجستان مجالات القلج، وهم ترك. ولهم شهامة (قد أبلوا) في فتوح الهند، ففتحوا منها ما والاهم وملكوا مدينة أجه، ومدينة نهاور، على نهر مهران. وفي شمالي سجستان، بلاد طخارستان، وقاعدتها ترمذ في الإقليم الخامس، على نهر جيحون، وفي شرقيها بلاد حتن وأسماؤها معجمة، وفي أطرافها أنهار ومروج تسكنها أجناس الترك ويتحاربون عليها مع الهنود، فإنها تليهم من جهة الجنوب.

الجزء السابع: أول ما يلقاك منه بلاد القندبار الهندية، وقد تقدمت قاعدتها في آخر خط الإقليم الثالث. وكان المسلمون قد فتحوها، وجعلوها ثغراً لما في شرقها، ثم فتحوا في شرقها بلاد أجه على شرقي مهران النازل إلى بلاد السند، حيث الطول مائة وعشرون درجة وخمس وخمسون دقيقة، والعرض ثلاث وثلاثون درجة. وفي شرقيها بلاد نهاور، فتحها المسلمون أيضا من الترك، وقاعدتها مدينة نهاور، وهي أيضاً على شرقي مهران، حيث الطول مائة وخمس وستون درجة، والعرض أربع وثلاثون درجة واثنتا عشرة دقيقة.

ص: 47