الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ: قِصَصُ تَكْثِيرِ الطَّعَامِ مِنْ آيَاتِ نُبُوَّتِهِ عليه السلام]
وَأَمَّا تَكْثِيرُ الطَّعَامِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمِصًا، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي، فَقُلْتُ لَهَا: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمَصًا شَدِيدًا. فَأَخْرَجَتْ لِي جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ، قَالَ: فَذَبَحَتْ وَطَحَنَتْ فَفَرَغَتْ إِلَيَّ فَرَاغِي، فَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ مَعَهُ. قَالَ: فَجِئْتُ فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا
ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنْتُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ، فَصَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ لَكُمْ سُورًا، فَحَيَّ هَلًا بِكُمْ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ فَجِئْتُ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْدُمُ النَّاسَ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ لِي. فَأَخْرَجْتُ لَهُ عَجِينًا فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ فِيهَا، وَبَارَكَ ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ وَلَا تُنْزِلُوهَا. وَهُمْ أَلْفٌ فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَأَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ، وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ، وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ» .
وَفِي رِوَايَةٍ «قَالَ جَابِرٌ: إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ فَجَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ. فَقَالَ: أَنَا نَازِلٌ. فَقَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلِبَثْنَا ثَلَاثًا لَا نَذُوقُ ذَوَاقًا، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي إِلَى الْبَيْتِ، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي: رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا مَا فِي ذَلِكَ صَبْرٌ، قَالَتْ: عِنْدِي شَعِيرٌ، وَعَنَاقٌ، فَذَبَحْتُ
الْعَنَاقَ، وَطَحَنْتُ الشَّعِيرَ حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِي الْبُرْمَةِ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ، وَالْبُرْمَةُ بَيْنَ الْأَثَافِيِّ قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ. فَقُلْتُ: طُعَيِّمٌ لِي، فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ. قَالَ: كَمْ هُوَ؟ فَذَكَرْتُ لَهُ، قَالَ: كَثِيرٌ طَيِّبٌ. قَالَ: قُلْ لَهَا: لَا تَنْزِعُ الْبُرْمَةَ، وَلَا الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ حَتَّى آتِيَ. قَالَ: قُومُوا. فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ، وَالْأَنْصَارُ. فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ: وَيْحَكِ، جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَمَنْ مَعَهُمْ إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا، وَبَقِيَ بَقِيَّةٌ، قَالَ: كُلْ هَذَا، وَأَهْدِ، فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، «عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ
سُلَيْمٍ: قَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ، ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي، وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: بِالطَّعَامِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمَنْ مَعَهُ: قُومُوا. قَالَ: فَانْطَلَقَ، وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمْ حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، قَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ، وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ. فَقَالَتْ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلُمِّي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا عِنْدَكِ. فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ فَفُتَّ، وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا فَأَدَمَتْهُ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ
لِعَشَرَةٍ. فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ خَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ. فَأَذِنَ لَهُمْ حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا، وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلًا أَوْ ثَمَانُونَ» . وَفِي طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ثَمَانُونَ، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو طَلْحَةَ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ، وَأَنَسٌ، وَفَضَلَ فَضْلَةٌ فَأَهْدَيْنَاهَا لِجِيرَانِنَا. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَلَمَةَ قَالَ:«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ فَأَمَرَنَا أَنْ نَجْمَعَ مَا فِي أَزْوَادِنَا - يَعْنِي مِنَ التَّمْرِ - فَبَسَطَ نِطَعًا فَنَثَرْنَا عَلَيْهِ أَزْوَادَنَا، قَالَ: فَتَمَطَّيْتُ، وَتَطَاوَلْتُ فَنَظَرْتُ، فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ شَاةٍ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، قَالَ: فَأَكَلْنَا ثُمَّ، تَطَاوَلْتُ فَنَظَرْتُهُ فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ الشَّاةِ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ
«كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسَيرٍ قَالَ: فَنَفَدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ حَتَّى هَمُّوا بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ فَدَعَوْتَ اللَّهَ عَلَيْهَا. قَالَ: فَفَعَلَ، فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ، وَذُو النَّوَى بِنَوَاهُ، قِيلَ: وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى؟ قَالَ: يَمُصُّونَهُ، وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ. قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهَا حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوَادَهُمْ، قَالَ: فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبَدٌ غَيْرُ شَاكٍّ فِيهَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» . وَفِي لَفْظٍ آخَرَ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمَ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَصَابَ النَّاسَ مَجَاعَةٌ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَنَحَرْنَا نَوَاضِحَنَا، فَأَكَلْنَا، وَادَّهَنَّا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: افْعَلُوا. قَالَ: فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ فَعَلْتَ قَلَّ الظَّهْرُ. وَفِي رِوَايَةٍ: مَا بَقَاؤُهُمْ
بَعْدَ إِبِلِهِمْ، وَلَكِنِ ادْعُهُمْ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ، ثُمَّ ادْعُ لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ. فَدَعَا بِنِطَعٍ فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ. قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ، وَجَعَلَ الْآخَرُ يَجِيءُ بِكَفِّ تَمْرٍ، وَجَعَلَ يَجِيءُ الْآخَرُ بِكِسْرَةٍ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ. قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ: خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ. قَالَ: فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلَّا مَلَئُوهُ، قَالَ: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ» الْحَدِيثَ. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، فَأَصَابَنَا جَهْدٌ حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا، فَأَمَرَنَا نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَمَعْنَا مَزَاوِدَنَا فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا، فَاجْتَمَعَ زَادُ الْقَوْمِ عَلَى النِّطَعِ، قَالَ:
فَتَطَاوَلْتُ لِأَحْزُرَهُ كَمْ هُوَ، فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ الْعَنْزِ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، قَالَ: فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ مِنْ وَضُوءٍ؟ قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَوَاةٍ فِيهَا نُطْفَةٌ، فَأَفْرَغَهَا فِي قَدَحٍ، فَتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ، فَقَالُوا: هَلْ مِنْ طَهُورٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَرِغَ الْوَضُوءُ» . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ أُمَّ مَالِكٍ كَانَتْ تُهْدِي لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي عُكَّةٍ لَهَا سَمْنًا، فَيَأْتِيهَا بَنُوهَا فَيَسْأَلُونَ الْأُدْمَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ فَتَعْمِدُ إِلَى الَّذِي كَانَتْ تُهْدِي فِيهِ لِلنَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَجِدُ فِيهَا سَمْنًا، قَالَ: فَمَا زَالَ يُقِيمُ لَهَا أُدْمَ بَيْتِهَا حَتَّى عَصَرَتْهُ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: عَصَرْتِيهَا؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: لَوْ تَرَكْتِيهَا مَا زَالَ قَائِمًا» . وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَطْعِمُهُ، فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ، فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُمَا، حَتَّى كَالَهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ، وَلَقَامَ لَكُمْ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَيْنَبَ فَدَخَلَ بِأَهْلِهِ قَالَ: فَصَنَعَتْ أُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا، فَجَعَلَتْهُ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ، فَقَالَتْ: يَا أَنَسُ، اذْهَبْ
بِهَذَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْ: بَعَثَتْ بِهَذَا أُمِّي إِلَيْكَ وَهِيَ تُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَتَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَكَ مِنَّا قَلِيلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: إِنَّ أُمِّي تُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَتَقُولُ: إِنَّ هَذَا لَكَ مِنَّا قَلِيلٌ. فَقَالَ: ضَعْهُ، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ فُلَانًا، وَفُلَانًا، وَفُلَانًا، وَمَنْ لَقِيتَ. وَسَمَّى رِجَالًا، قَالَ: فَدَعَوْتُ مَنْ سَمَّى، وَمَنْ لَقِيتُ، قَالَ الْجَعْدُ - وَهُوَ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ - عَدَدَ كَمْ كَانُوا؟ قَالَ: كَانُوا زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةٍ، وَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا أَنَسُ، هَاتِ التَّوْرَ. قَالَ: فَدَخَلُوا حَتَّى امْتَلَأَتِ الصُّفَّةُ، وَالْحُجْرَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِيَتَحَلَّقْ عَشْرَةٌ عَشْرَةٌ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِمَّا يَلِيهِ. قَالَ: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا. قَالَ: فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ، وَدَخَلَتْ طَائِفَةٌ حَتَّى أَكَلُوا كُلُّهُمْ، فَقَالَ: يَا أَنَسُ، ارْفَعْ، فَرَفَعْتُ فَمَا أَدْرِي حِينَ وَضَعْتُ كَانَ أَكْثَرَ أَمْ حِينَ رَفَعْتُ، قَالَ: وَجَلَسَ طَوَائِفُ مِنْهُمْ يَتَحَدَّثُونَ. وَذَكَرَ نُزُولَ آيَةِ الْحِجَابِ» .
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، «عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ عَمَدَتْ إِلَى مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ جَشَّتْهُ، وَجَعَلَتْ مِنْهُ خَطِيفَةً، وَعَصَرَتْ عُكَّةً عِنْدَهَا، ثُمَّ بَعَثَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ فَدَعَوْتُهُ، قَالَ: وَمَنْ مَعِي؟ فَجِئْتُ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَقُولُ: وَمَنْ مَعِي. فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ صَنَعَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ فَدَخَلَ فَجِيءَ بِهِ، وَقَالَ: أَدْخِلْ عَشَرَةً. حَتَّى عَدَّ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أَكَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَامَ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ هَلْ نَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ؟» وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَتَدَاوَلُ قَصْعَةً مِنْ غَدْوَةٍ إِلَى اللَّيْلِ، يَقُومُ عَشَرَةٌ وَيَقْعُدُ عَشَرَةٌ، فَقُلْنَا: مَا كَانَ يُمَدُّ؟ قَالَ: فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَعْجَبُ؟ مَا كَانَتْ
تُمَدُّ إِلَّا مِنْ هَهُنَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ، وَالْحَاكِمُ فِي صَحِيحِهِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيَسْتَتْبِعَنِي فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيَسْتَتْبِعَنِي فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي، وَعَرَفَ مَا فِي وَجْهِي وَمَا فِي نَفْسِي، ثُمَّ قَالَ: أَبَا هِرٍّ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْحَقْ، وَمَضَى فَاتَّبَعْتُهُ، فَدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟ قَالُوا: هَدَاهُ لَكَ فُلَانٌ، أَوْ فُلَانَةُ. قَالَ: أَبَا هِرٍّ. قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْحَقْ أَهْلَ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي. قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلَا إِلَى مَالٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا، وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ؟ ! كُنْتُ أَحَقَّ أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاءُوا أَمَرَنِي فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا، فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهَمْ مِنَ الْبَيْتِ، فَقَالَ: يَا أَبَا هِرٍّ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: خُذْ فَأَعْطِهِمْ. فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ فَأُعْطِيهِ الْآخَرَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ
الْقَدَحَ فَأُعْطِيهِ الْآخَرَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ رُوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: أَبَا هِرٍّ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ. قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: اقْعُدْ، فَاشْرَبْ، فَقَعَدْتُ، فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: اشْرَبْ. فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: اشْرَبْ، حَتَّى قُلْتُ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا. قَالَ: فَأَرِنِي. فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَسَمَّى، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟ فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ
يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَبَيْعًا؟ أَمْ عَطِيَّةً؟ أَوْ قَالَ: هِبَةً؟ قَالَ: بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَصُنِعَتْ، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِسَوَادِ الْبَطْنِ أَنْ يُشْوَى، وَايْمُ اللَّهِ مَا فِي الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ إِلَّا مَنْ قَدْ حَزَّ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَّأَ لَهُ، فَجَعَلَ مِنْهَا قَصْعَةً، فَأَكَلُوا أَجْمَعُونَ، وَشَبِعْنَا، فَفَضَلَتِ الْقَصْعَتَانِ فَحَمَلْنَاهَا عَلَى الْبَعِيرِ» أَوْ كَمَا قَالَ.