الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف ينتقض الإيمان
؟؟
حقيقة الإيمان تدور حول الإيمان بذات الله وصفاته الكريمة وكل مسائل الإيمان وقضاياه تلتقي بهذه الحقيقة الأولى. الإيمان بالله العظيم الرب الخالق الرحمن الرحيم الملك المهيمن العزيز الجبار الذي خلق الخلق لحكمة عظيمة والذي لا يظلم ولا يعتري ذاته أي نقص من نوم أو غفلة أو ضعف أو مرض والقائم على كل نفس بما كسبت والرقيب على كل شيء الذي لا تخفى عليه خافية، والذي يخلق ما يشاء ويختار ويفعل ما يشاء ويحكم ما يشاء ويقضي ما يشاء ويأمر بما شاء وينهى عما شاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه، وما الإيمان بالملائكة إلا فرع عن الإيمان بالله فالملائكة هم جنده، وكذلك الرسل الإيمان بهم فرع عن الإيمان به، لأنهم رسله والقائمون بدعوته، وكذلك الشأن في كتبه فهي قانونه وتشريعه وكلامه، وكذلك اليوم الآخر فهو اليوم
الذي ضربه سبحانه وتعالى موعداً لخلقه من الإنس والجن لفصل القضاء بينهم. فالإيمان باليوم الآخر فرع عن الإيمان بالله وكذلك التكذيب بهذا اليوم كفراً بالله، وما القضاء والقدر إلا فعله وتصريفه سبحانه وتعالى. ولذلك كان الاعتراض على القضاء والقدر بصورة مباشرة نقصاً للإيمان بالله، وسيأتي لأمر هذا الاعتراض تفصيل في مكان آخر إن شاء الله تعالى.
وبهذا تتضح الصورة الكلية للإيمان وأنه ليس أجزاء متفرقة مبعثرة نستطيع أن نأخذ منها ما شئنا ونترك ما شئنا ونبقى بعد ذلك مؤمنين. كلا، إن قضية الإيمان لا تتجزأ ومسائله تنبع جميعها من الإيمان بالله الواحد سبحانه وتعالى. فلذلك كان الاعتراض أو الرد أو التكذيب لمسألة من مسائله وقضية من قضاياه كفراً بالأصل الأصيل وهو (لا إله إلا الله) ونقضاً لها.
فالمكذب بعذاب القبر مثلاً، أو الصراط الموصوف في الأحاديث الصحيحة أنه أدق من الشعرة وأحد من السيف وأنه جسر مضروب على جهنم يجوز عليه المؤمنون بأعمالهم، وبأن بعض الكفار يحشرون على وجوههم يوم القيامة، يسيرون عليها، هو في حقيقة أمره مكذب بقدرة الله عز وجل ولا يفيده إيمانه السابق
بقدرته المشاهدة في الدنيا. ولذلك لما سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يحشرون على وجوههم يا رسول الله؟.. قال صلى الله عليه وسلم: [إن الذي أمشاهم على أرجلهم في الدنيا قادر على أن يحشرهم على وجوههم في الآخرة](البخاري ومسلم والترمذي وأحمد) ، فرد صلوات الله وسلامه عليه الأمر إلى القدرة الإلهية التي يؤمن بها المؤمن في الدنيا. وقس على ذلك كل تكذيب أو رد لأي مسألة من مسائل الإيمان. ويجب أن يكون هذا الأمر واضحاً أيضاً بالنسبة لمسائل التشريع، فالاعتراض على شعيرة ما من شعائر الإسلام هو في حقيقته اعتراض على المشرع سبحانه وتعالى وهذا هو الكفر، فمن قال مثلاً عن السعي بين الصفا والمروة امرأة سعت بين جبلين من جبال مكة وما شأننا نحن بهذا؟.. هو في حقيقته معترض على المشرع سبحانه وتعالى. وقد سمعت أن بعض الحجاج من المسلمين في زماننا يقول بذلك بل وبأكثر منه كالاعتراض على الطواف وتقبيل الحجر الأسود، ورمي الجمار، ولا شك أن هذا الاعتراض على هذه المناسك هو كفر بحكمة المشرع وعلمه سبحانه وتعالى، وهذا هو الكفر المخرج
من الملة والعياذ بالله.
فالاستهزاء بإعفاء اللحية أو الصلاة أو الحجاب الشرعي للمرأة أو المسجد أو الكعبة أو الرسول هو كفر بالله تبارك وتعالى، فكل ما ينسب إلى الله من أمر ونهي وذات والاستهزاء به والاعتراض عليه كفر ونقض للإيمان.
وأعني بالذات ما ينسب إلى الله من شيء كالكعبة والمسجد والمصحف، فالاستهزاء بالمسلم لإسلامه كفر، ولا يتأتى هذا من مسلم أبداً. قال الله تعالى عن الكفار:{إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، وإذا مروا بهم يتغامزون} (المطففين: 29-30) .
والشاهد أن كل ما ينسب إلى الله قد كرم والاستهزاء به استهزاء بمن كرمه وأعزه، ومن شرع له الطريق الذي يسير فيه. ومن هذا الباب أيضاً معاداة المؤمن لأجل تدينه وفتنته ليرجع عن دينه هذا كفر وصد عن سبيل الله تبارك وتعالى. لأن الأصل أن يحب المؤمن لإيمانه ويقدم لإحسانه، فإذا عادى شخص ما المسلم لأجل تمسكه بدينه، ولاعتصامه بكتاب ربه وسنة نبيه فقد كفر وصد عن سبيل الله تبارك وتعالى، أي جمع