المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الرابعكلام أهل العلم في قوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات) - الخصال المكفرة للذنوب

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد

- ‌أولاً: تقسيم المعاصي إلى صغائر وكبائر:

- ‌ثانياً: توضيح المراد بحقوق الله وحقوق العباد:

- ‌ثالثاً: أثر التوبة على حقوق الله وحقوق العباد:

- ‌المبحث الأولالخصال المكفرة للذنوب

- ‌أولاً: الوضوء وقد جاء فيه أحاديث كثيرة منها:

- ‌ثانياً: الصلوات الخمس:

- ‌ثالثاً: موافقة تأمين المأموم لتأمين الملائكة:

- ‌رابعاً: المشي إلى المساجد:

- ‌خامساً: المحافظة على صلاة الجمعة:

- ‌سادساً: صيام نهار رمضان وقيام ليله وقيام ليلة القدر:

- ‌سابعاً: صيام عاشوراء:

- ‌ثامناً: صيام يوم عرفه:

- ‌تاسعاً: الحج والعمرة:

- ‌عاشراً: الصدقة:

- ‌أحد عشر: الحمدُ بعد الطعام:

- ‌ثاني عشر: المرض والتعب:

- ‌المبحث الثانيكلام أهل العلم على الأحاديث السابقة

- ‌المبحث الثالثتكفير الحج للذنوب وكلام أهل العلم في ذلك

- ‌المبحث الرابعكلام أهل العلم في قوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات)

- ‌المبحث الخامسترجمة الخطيب الشربيني

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌شيوخه وثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌مصادر ترجمته:

- ‌المبحث السادسوصف المخطوطة

- ‌الخِصالُ المُكَفِّرَةُ للذنوب

- ‌قائمة المصادر

الفصل: ‌المبحث الرابعكلام أهل العلم في قوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات)

‌المبحث الرابع

كلام أهل العلم في قوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات)

ومن الأدلة العامة التي تدل على أن الأعمال الصالحة تكفر الذنوب قوله تعالى: (الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) سورة هود الآية

وقد احتج أهل العلم بالعموم الوارد في الآية (الحسنات) فكل الحسنات تذهب كل السيئات

قال القرطبي: [قوله تعالى: (الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين إلى أن الحسنات هاهنا هي الصلوات الخمس].

وقال مجاهد: [الحسنات قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر].

قال ابن عطية: [وهذا على جهة المثال في الحسنات، والذي يظهر أن اللفظ عام في الحسنات خاص في السيئات لقوله صلى الله عليه وسلم:(ما اجتنبت الكبائر).

ص: 82

قلت: سبب النزول يعضد قول الجمهور، نزلت في رجل من الأنصار قيل هو أبو اليسر بن عمرو وقيل اسمه عباد خلا بامرأة فقبلها وتلذذ بها فيما دون الفرج.

روى الترمذي عن عبد الله قال: (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها مادون أن أمسها وأنا هذا فاقض فيَّ ما شئت، فقال له عمر لقد سترك الله لو سترت على نفسك، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فانطلق الرجل فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فدعاه فتلى عليه: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) إلى آخر الآية، فقال رجل من القوم هذا له خاصة، قال: لا بل للناس كافة) قال الترمذي حديث حسن صحيح.

وخرَّج أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنهم (أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة حرام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن كفارتها فنزلت: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) فقال الرجل: ألي هذه يا رسول الله؟ فقال لك ولمن عمل بها من أمتي) قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.

ص: 83

وروى عن أبي اليسر قال: (أتتني امرأة تبتاع تمراً فقلت إن في البيت تمرا أطيب من هذا فدخلت معي في البيت فأهويت إليها فقبلتها، فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال استر على نفسك وتب ولا تخبر أحداً، فلم أصبر فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال استر على نفسك وتب ولا تخبر أحداً، فلم أصبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: أخلفت غازياً في سبيل الله في أهله بمثل هذا حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا تلك الساعة حتى ظن أنه من أهل النار، قال وأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أوحى الله إليه: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) قال أبو اليسر فأتيته فقرأها عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصحابه يا رسول الله ألهذا خاصة أم للناس عامة؟ فقال بل للناس عامة) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب) تفسير القرطبي 9/ 110 - 112.

وقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له قال فنزلت: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) قال فقال الرجل: ألي هذه يا رسول الله؟ قال لمن عمل بها من أمتي).

ص: 84

وروى مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها فأنا هذا فاقض في ما شئت فقال له عمر لقد سترك الله لو سترت نفسك قال فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فقام الرجل فانطلق فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً دعاه وتلى عليه هذه الآية: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) فقال رجل من القوم يا نبي الله هذا له خاصة، قال بل للناس كافة.

وحديث ابن مسعود رضي الله عنهم يؤكد ما ذكره القرطبي في سبب نزول الآية الكريمة.

وقال الإمام النووي: [باب قوله تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) قوله في الذي أصاب من امرأة قبلة فأنزل الله فيه: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) إلى آخر الحديث، هذا تصريح بأن الحسنات تكفر السيئات واختلفوا في المراد بالحسنات هنا فنقل الثعلبي أن أكثر المفسرين على أنها الصلوات الخمس واختاره ابن جرير وغيره من الأئمة.

ص: 85

وقال مجاهد: [هي قول العبد سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ويحتمل أن المراد الحسنات مطلقاً] شرح النووي على صحيح مسلم 17/ 79 - 81.

وقال المناوي: [قال القاضي صغائر الذنوب مكفرات بما يتبعها من الحسنات، وكذا ما خفي من الكبائر لعموم قوله تعالى:(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)، وقوله صلى الله عليه وسلم:(وأتبع السيئة الحسنة تمحها).

أما ما ظهر منها وتحقق عند الحاكم فلا يسقط إلا بالتوبة، وأقره الطيبي، قال الغزالي: والأولى إتباعها بحسنة من جنسها لكي تضادها، قال فيكفر سماع الملاهي بسماع القرآن ومجالس الذكر والقعود في المسجد جنباً بالاعتكاف فيه ومس المصحف بإكرامه وكثرة القراءة فيه وبأن يكتب مصحفاً ويقفه وشرب الخمر بالتصدق بكل شراب حلال طيب وقس عليه. والقصد سلوك طريق المضادة فإن المرض يعالج بضده فكل ظلمة ارتفعت إلى القلب بمعصية لا يمحوها إلا نور يرتفع إليه بحسنة تضاده والمتضادات هي المتناسبات فإن البياض يزال بالسواد لا بالحرارة مثلا]. فيض القدير 1/ 406.

ص: 86