المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثالثا: أثر التوبة على حقوق الله وحقوق العباد: - الخصال المكفرة للذنوب

[الخطيب الشربيني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تمهيد

- ‌أولاً: تقسيم المعاصي إلى صغائر وكبائر:

- ‌ثانياً: توضيح المراد بحقوق الله وحقوق العباد:

- ‌ثالثاً: أثر التوبة على حقوق الله وحقوق العباد:

- ‌المبحث الأولالخصال المكفرة للذنوب

- ‌أولاً: الوضوء وقد جاء فيه أحاديث كثيرة منها:

- ‌ثانياً: الصلوات الخمس:

- ‌ثالثاً: موافقة تأمين المأموم لتأمين الملائكة:

- ‌رابعاً: المشي إلى المساجد:

- ‌خامساً: المحافظة على صلاة الجمعة:

- ‌سادساً: صيام نهار رمضان وقيام ليله وقيام ليلة القدر:

- ‌سابعاً: صيام عاشوراء:

- ‌ثامناً: صيام يوم عرفه:

- ‌تاسعاً: الحج والعمرة:

- ‌عاشراً: الصدقة:

- ‌أحد عشر: الحمدُ بعد الطعام:

- ‌ثاني عشر: المرض والتعب:

- ‌المبحث الثانيكلام أهل العلم على الأحاديث السابقة

- ‌المبحث الثالثتكفير الحج للذنوب وكلام أهل العلم في ذلك

- ‌المبحث الرابعكلام أهل العلم في قوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات)

- ‌المبحث الخامسترجمة الخطيب الشربيني

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌شيوخه وثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌مصادر ترجمته:

- ‌المبحث السادسوصف المخطوطة

- ‌الخِصالُ المُكَفِّرَةُ للذنوب

- ‌قائمة المصادر

الفصل: ‌ثالثا: أثر التوبة على حقوق الله وحقوق العباد:

‌ثالثاً: أثر التوبة على حقوق الله وحقوق العباد:

اعلم أن المعصية إذا كانت متعلقة بحقوق الله المالية فلا بد للتائب منها أن يؤدي حقوق الله تعالى، ولا يكفي مجرد الإقلاع عن المعصية.

قال الإمام النووي: [

ثم إن كانت المعصية لا يتعلق بها حق مالي لله تعالى ولا للعباد، كقبلة الأجنبية ومباشرتها فيما دون الفرج فلا شيء عليه سوى ذلك، وإن تعلق بها حق مالي كمنع الزكاة والغصب والجنايات في أموال الناس وجب مع ذلك تبرئة الذمة عنه] روضة الطالبين 11/ 245 - 246.

وذكر الخطيب الشربيني أن حق الله تعالى كالزكاة والكفارات لابد من أدائها. مغني المحتاج 4/ 440.

وقال الإمام النووي أيضاً: [وإن تعلق بالمعصية حق ليس بمالي، فإن كان حداً لله تعالى بأن زنى أو شرب الخمر، فإن لم يظهر عليه فله أن يظهره ويقر به ليقام عليه الحد، ويجوز أن يستر على نفسه وهو الأفضل، فإن ظهر فقد فات الستر فيأتي الإمام ليقيم عليه الحد] روضة الطالبين 11/ 246 - 247.

وكلام النووي يدل على أن الحدود المختصة بالله تعالى كحد الزنا والسرقة وشرب الخمر لا تسقط بمجرد التوبة، ولا بد من إقامة الحد وهذا مذهب جمهور الفقهاء. انظر الموسوعة الفقهية 18/ 18 - 19.

ص: 19

وكذلك فإنه من المقرر عند العلماء أن من شروط التوبة من المعصية المتعلقة بالناس رَدُّ الحقوق لأصحابها

قال الإمام النووي: [وإن تعلق بها حق مالي كمنع الزكاة والغصب والجنايات في أموال الناس، وجب مع ذلك تبرئة الذمة عنه بأن يؤدي الزكاة ويرد أموال الناس إن بقيت، ويغرم بدلها إن لم تبق، أو يستحل المستحق فيبرئه، ويجب أن يعلم المستحق إن لم يعلم به، وأن يوصله إليه إن كان غائباً إن كان غصبه منه هناك، فإن مات سلَّمه إلى وارثه، فإن لم يكن له وارث وانقطع خبره، دفعه إلى قاضٍ تُرضى سيرتهُ وديانته، فإن تعذر تصدق به على الفقراء بنية الغرامة له إن وجده

وإن كان معسراً نوى الغرامة إذا قدر، فإن مات قبل القدرة فالمرجو من فضل الله تعالى المغفرة.

قلت - أي النووي - ظواهر السنن الصحيحة تقتضي ثبوت المطالبة بالظلامة، وإن مات معسراً عاجزاً إذا كان عاصياً بالتزامها، فأما إذا استدان في مواضع يباح له الاستدانة واستمر عجزه عن الوفاء حتى مات، أو أتلف شيئاً خطأً وعجز عن غرامته حتى مات، فالظاهر أن هذا لا مطالبة في حقه في الآخرة، إذ لا معصية منه والمرجو أن الله تعالى يعوض صاحب الحق]. روضة الطالبين 11/ 245 - 246.

ص: 20

وقال النووي أيضاً: [وإن كان حقاً للعباد كالقصاص وحد القذف فيأتي المستحق ويمكنه من الاستيفاء فإن لم يعلم المستحق وجب في القصاص أن يعلمه فيقول أنا الذي قتلت أباك ولزمني القصاص، فإن شئت فاقتص وإن شئت فاعف

وأما الغيبة إذا لم تبلغ المغتاب فرأيت في فتاوى الحناطي أنه يكفيه الندم والاستغفار وإن بلغته

فالطريق أن يأتي المغتاب ويستحل منه فإن تعذر لموته أو تعسر لغيبته البعيدة استغفر الله تعالى ولا اعتبار بتحليل الورثة هكذا ذكره الحناطي]. روضة الطالبين11/ 247.

وذكر الشيخ أحمد النفراوي المالكي أن الإسنوي والسنوسي قالا:

[التوبة من الغصب والسرقة والحرابة ونحو ذلك يشترط في صحتها رد المغصوب]. الفواكه الدواني 1/ 76.

وقال النفراوي أيضاً: [وإن تعلقت - المعصية - بحقوق العباد لزم مع الندم رضا العبد أو بذله إليه إن كان الذنب ظلماً كما في الغصب وقتل العمد] الفواكه الدواني 1/ 76.

وقال النفراوي أيضاً: [ومن واجبات التوبة رد المظالم إلى أهلها بأن يدفعها إليهم إن كانت أموالاً ولو أتى ذلك على جميع ما عنده أو يردها إلى الوارث فإن لم يجد له وارثاً تصدق به على المظلوم.

ص: 21

وإن كانت أعراضاً كقذف أو غيبة استحلل المقذوف أو المغتاب إن كان حياً وإن وجده مات فيكثر من فعل الحسنات ليعطي منها المظلوم] الفواكه الدواني 2/ 301.

وقال الشيخ أحمد النفراوي المالكي: [وأما تبعات العباد فلا يكفرها التوبة، بل لا بد من استحلال أربابها، لأن حقوق العباد لا يقال لها ذنوب] الفواكه الدواني 2/ 302.

وقال الخطيب الشربيني: [يشترط في التوبة منها إقلاع عنها وندم عليها وعزم أن لا يعود لها وردُّ ظلامة آدمي من مال وغيره وقصاص وحد قذف إن تعلقت به والله أعلم، فيؤدي الزكاة لمستحقها ويرد المغصوب إن بقي وبدله إن تلف لمستحقه أو يستحق منه أو من ورائه ويعلمه إن لم يعلم فإن لم يوجد مستحق أو انقطع خبره سلمها إلى قاض أمين فإن تعذر تصدق بها ويؤدي الغرم أو يتركها عنده]. مغني المحتاج 4/ 439.

ص: 22