الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُسَوَى الْفَقِيرُ بِالذَّاتِ الضَّعِيفُ بِالذَّاتِ الْعَاجِزُ بِالذَّاتِ الْمُحْتَاجُ بِالذَّاتِ، الَّذِي لَيْسَ لَهُ مِنْ ذَاتِهِ إِلَّا الْعَدَمُ، بِالْغَنِيِّ بِالذَّاتِ، الْقَادِرِ بِالذَّاتِ، الَّذِي غِنَاهُ، وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَجُودُهُ، وَإِحْسَانُهُ، وَعِلْمُهُ، وَرَحْمَتُهُ، وَكَمَالُهُ الْمُطْلَقُ التَّامُّ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ؟
فَأَيُّ ظُلْمٍ أَقْبَحُ مِنْ هَذَا؟ وَأَيُّ حُكْمٍ أَشَدُّ جَوْرًا مِنْهُ؟ حَيْثُ عَدَلَ مَنْ لَا عِدْلَ لَهُ بِخَلْقِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ - ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 1] .
فَعَدَلَ الْمُشْرِكُ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ، بِمَنْ لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ، فَيَا لَكَ مِنْ عَدْلٍ تَضَمَّنَ أَكْبَرَ الظُّلْمِ وَأَقْبَحَهُ.
[فَصْلٌ الشِّرْكُ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَالْإِرَادَاتِ وَالنِّيَّاتِ]
فَصْلٌ
الشِّرْكُ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ وَالْإِرَادَاتِ وَالنِّيَّاتِ
وَيَتْبَعُ هَذَا الشِّرْكَ الشِّرْكُ بِهِ سُبْحَانَهُ فِي الْأَفْعَالِ، وَالْأَقْوَالِ، وَالْإِرَادَاتِ، وَالنِّيَّاتِ، فَالشِّرْكُ فِي الْأَفْعَالِ كَالسُّجُودِ لِغَيْرِهِ، وَالطَّوَافِ بِغَيْرِ بَيْتِهِ، وَحَلْقِ الرَّأْسِ عُبُودِيَّةً وَخُضُوعًا لِغَيْرِهِ، وَتَقْبِيلِ الْأَحْجَارِ غَيْرِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ الَّذِي هُوَ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ، وَتَقْبِيلِ الْقُبُورِ وَاسْتِلَامِهَا، وَالسُّجُودِ لَهَا، وَقَدْ لَعَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنِ اتَّخَذَ قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مَسَاجِدَ يُصَلِّي لِلَّهِ فِيهَا، فَكَيْفَ بِمَنِ اتَّخَذَ الْقُبُورَ أَوْثَانًا يَعْبُدُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ؟
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» .
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ: «إِنَّ شِرَارَ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءُ، وَالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ» .
وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا عَنْهُ: «إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ» .
وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه وَصَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ زَوَّارَاتِ الْقُبُورِ، وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا الْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ» .
وَقَالَ: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» .