الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: {أَلَمْ نَشْرَحْ} : الاستفهامُ إذا دخل على النفي قَرَّره، فصار المعنى: قد شَرَحْنا، ولذلك عَطَفَ عليه الماضي. ومثلُه {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ} [الشعراء:
1
8] . والعامَّةُ على جزمِ الحاء ب «لم» وقرأ أبو جعفر بفتحها. وقال الزمخشري: «وقالوا: لعلَّة بَيَّنَ الحاءَ وأشبعها في مَخْرَجِها، فظنَّ السامعُ أنه فتحها» وقال ابن عطية: «إنَّ الأصلَ: ألم نَشْرَحَنْ» بالنونِ الخفيفةِ، ثم أَبْدَلَها ألفاً، ثم حَذَفَها تخفيفاً، كما أنشد ابو زيد:
4597 -
مِنْ أيِّ يَوْمَيَّ من الموتِ أفِرّْ
…
أيومَ لم يُقْدَرَ أم يومَ قُدِرْ
بفتح راء «لم يُقْدَرَ» وكقولِه:
4598 -
اضْرِبَ عنكَ الهمومَ طارِقَها
…
ضَرْبَكَ بالسيفِ قَوْنَسَ الفَرَسِ
بفتح باء «اضربَ» انتهى. وهذا مبنيٌ على جوازِ توكيدِ المجزومِ ب لم، وهو قليلٌ جداً، كقولِه:
4599 -
يَحْسَبُه الجاهلُ ما لم يَعْلما
…
شيخاً على كُرْسِيِّه مُعَمَّما
فتتركبُ هذه القراءةُ مِنْ ثلاثةِ أصولٍ كلُّها ضعيفةٌ؛ لأنَّ توكيدَ المجزومِ ب «لم» ضعيفٌ، وإبدالُها أَلِفاً إنما هو الوقفِ، وإجراءُ الوصلِ مجرى / الوقفِ خِلافُ الأصلِ، وحَذْفُ الألفِ ضعيفٌ، لأنه خلافُ الأصلِ. وخَرَّجه الشيخُ على لغةٍ حكاها اللحيانيُّ في «نوادره» عن بعضِ العربِ وهو الجزمُ ب «لن» ، والنصبُ ب «لم» عكسَ المعروفِ عند الناس، وجعله أَحْسَنَ ممَّا تقدَّم. وأنشد قولَ عائشةَ بنتِ الأعجم تمدح المختار وهو القائمُ بطَلَبِ ثأر الحسين بن علي رضي الله عنهما:
4600 -
قد كادَ سَمْكُ الهدى يُنْهَدُّ قائمُهُ
…
حتى أتيحَ له المختارُ فانْعَمدا
في كلِّ ما هَمَّ أمضى رأيَه قُدُماً
…
ولم يُشاوِرَ في إقدامِه أحدا
بنَصْبِ راء «يُشاور» وجَعَله محتمِلاً للتخريجَيْنِ.
قوله: {أَنقَضَ ظَهْرَكَ} : أي: حَمَله على النقيضِ وهو صوتُ الانتقاضِ والانفكاكِ لثِقَلِه، مَثَلٌ لِما كان يُثْقِلُه صلى الله عليه وسلم. قال أهل اللغة: أَنْقَضَ الحِمْلُ ظَهْرَ الناقةِ إذا سَمِعْتَ له صَريراً مِنْ شِدَّة الحِمْلِ. وسمِعْتُ نقيضَ الرَّحْلِ، أي: صريرَه. قال العباس ابن مرداس:
4601 -
وأَنْقَضَ ظهري ما تَطَوَّيْتَ منهمُ
…
وكنتُ عليهم مُشْفِقاً مُتَحَنِّناً
وقال جميل:
4602 -
وحتى تداعَتْ بالنَّقيضِ حِبالُه
…
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .