المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله: {أَلَمْ نَشْرَحْ} : الاستفهامُ إذا دخل على النفي قَرَّره، - الدر المصون في علوم الكتاب المكنون - جـ ١١

[السمين الحلبي]

الفصل: قوله: {أَلَمْ نَشْرَحْ} : الاستفهامُ إذا دخل على النفي قَرَّره،

قوله: {أَلَمْ نَشْرَحْ} : الاستفهامُ إذا دخل على النفي قَرَّره، فصار المعنى: قد شَرَحْنا، ولذلك عَطَفَ عليه الماضي. ومثلُه {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ} [الشعراء:

‌ 1

8] . والعامَّةُ على جزمِ الحاء ب «لم» وقرأ أبو جعفر بفتحها. وقال الزمخشري: «وقالوا: لعلَّة بَيَّنَ الحاءَ وأشبعها في مَخْرَجِها، فظنَّ السامعُ أنه فتحها» وقال ابن عطية: «إنَّ الأصلَ: ألم نَشْرَحَنْ» بالنونِ الخفيفةِ، ثم أَبْدَلَها ألفاً، ثم حَذَفَها تخفيفاً، كما أنشد ابو زيد:

4597 -

مِنْ أيِّ يَوْمَيَّ من الموتِ أفِرّْ

أيومَ لم يُقْدَرَ أم يومَ قُدِرْ

ص: 43

بفتح راء «لم يُقْدَرَ» وكقولِه:

4598 -

اضْرِبَ عنكَ الهمومَ طارِقَها

ضَرْبَكَ بالسيفِ قَوْنَسَ الفَرَسِ

بفتح باء «اضربَ» انتهى. وهذا مبنيٌ على جوازِ توكيدِ المجزومِ ب لم، وهو قليلٌ جداً، كقولِه:

4599 -

يَحْسَبُه الجاهلُ ما لم يَعْلما

شيخاً على كُرْسِيِّه مُعَمَّما

فتتركبُ هذه القراءةُ مِنْ ثلاثةِ أصولٍ كلُّها ضعيفةٌ؛ لأنَّ توكيدَ المجزومِ ب «لم» ضعيفٌ، وإبدالُها أَلِفاً إنما هو الوقفِ، وإجراءُ الوصلِ مجرى / الوقفِ خِلافُ الأصلِ، وحَذْفُ الألفِ ضعيفٌ، لأنه خلافُ الأصلِ. وخَرَّجه الشيخُ على لغةٍ حكاها اللحيانيُّ في «نوادره» عن بعضِ العربِ وهو الجزمُ ب «لن» ، والنصبُ ب «لم» عكسَ المعروفِ عند الناس، وجعله أَحْسَنَ ممَّا تقدَّم. وأنشد قولَ عائشةَ بنتِ الأعجم تمدح المختار وهو القائمُ بطَلَبِ ثأر الحسين بن علي رضي الله عنهما:

ص: 44

4600 -

قد كادَ سَمْكُ الهدى يُنْهَدُّ قائمُهُ

حتى أتيحَ له المختارُ فانْعَمدا

في كلِّ ما هَمَّ أمضى رأيَه قُدُماً

ولم يُشاوِرَ في إقدامِه أحدا

بنَصْبِ راء «يُشاور» وجَعَله محتمِلاً للتخريجَيْنِ.

ص: 45

قوله: {أَنقَضَ ظَهْرَكَ} : أي: حَمَله على النقيضِ وهو صوتُ الانتقاضِ والانفكاكِ لثِقَلِه، مَثَلٌ لِما كان يُثْقِلُه صلى الله عليه وسلم. قال أهل اللغة: أَنْقَضَ الحِمْلُ ظَهْرَ الناقةِ إذا سَمِعْتَ له صَريراً مِنْ شِدَّة الحِمْلِ. وسمِعْتُ نقيضَ الرَّحْلِ، أي: صريرَه. قال العباس ابن مرداس:

4601 -

وأَنْقَضَ ظهري ما تَطَوَّيْتَ منهمُ

وكنتُ عليهم مُشْفِقاً مُتَحَنِّناً

وقال جميل:

4602 -

وحتى تداعَتْ بالنَّقيضِ حِبالُه

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 45