المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة الثامنة والستون: من آداب النوم - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ٧

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة السادسة والخمسون: شروط وجوب الحج

- ‌الكلمة السابعة والخمسون: صفة الحج وواجباته

- ‌الكلمة الثامنة والخمسون: فضائل مكة وحُرمَتها

- ‌الكلمة التاسعة والخمسون: فضائل المدينة وحُرمَتها

- ‌الكلمة الستون: فوائد وحكم من سورة العاديات

- ‌الكلمة الواحدة والستون: الكفر وأنواعه

- ‌الكلمة الثانية والستون: صلاة الكسوف

- ‌الكلمة الثالثة والستون: التفكير أحواله وفوائده

- ‌الكلمة الرابعة والستون: تأمُّلات في سورة الانفطار

- ‌الكلمة الخامسة والستون: الترغيب في الزواج

- ‌الكلمة السادسة والستون: وقفة مع سورة الكوثر

- ‌الكلمة السابعة والستون: الاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌الكلمة الثامنة والستون: من آداب النوم

- ‌الكلمة التاسعة والستون: التحذير من الغيبة

- ‌الكلمة السبعون: تأملات في سورة النصر

- ‌الكلمة الواحدة والسبعون: أحوال الموتى والمحتضرين

- ‌الكلمة الثانية والسبعون: دروس وعبر من الهجرة النبوية

- ‌الكلمة الثالثة والسبعون: السواك

- ‌الكلمة الرابعة والسبعون: وقفات مع سورة الفيل

- ‌الكلمة الخامسة والسبعون: خطر النميمة

- ‌الكلمة السادسة والسبعون: الفأل وحسن الظن بالله

- ‌الكلمة السابعة والسبعون: مواقف مؤثرة

- ‌الكلمة الثامنة والسبعون: الرفق

- ‌الكلمة التاسعة والسبعون: وقفات مع سورة قريش

- ‌الكلمة الثمانون: محاسبة النفس

- ‌الكلمة الحادية والثمانون: الإمام عبد الله بن المبارك وشيء من أخباره

- ‌الكلمة الثانية والثمانون: فوائد الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌الكلمة الثالثة والثمانون: قضاء حوائج الناس

- ‌الكلمة الرابعة والثمانون: ذم الجبن

- ‌الكلمة الخامسة والثمانون: وقفات مع سورة الكافرون

- ‌الكلمة السادسة والثمانون: فضائل معاوية بن أبي سفيان

- ‌الكلمة السابعة والثمانون: من مشاهد القيامة

- ‌الكلمة الثامنة والثمانون: الإيمان بالملائكة عليهم السلام

- ‌الكلمة التاسعة والثمانون: فضائل الشام

- ‌الكلمة التسعون: تأملات في سورة التين

- ‌الكلمة الحادية والتسعون: الفقراء والضعفاء

- ‌الكلمة الثانية والتسعون: الإيمان بالكتب السابقة وآثاره

- ‌الكلمة الثالثة والتسعون: الجزاء من جنس العمل

- ‌الكلمة الرابعة والتسعون: خطورة الغضب

- ‌الكلمة الخامسة والتسعون: تأملات في سورة الانشراح

- ‌الكلمة السادسة والتسعون: الإنابة

- ‌الكلمة السابعة والتسعون: مواقف مؤثرة

- ‌الكلمة الثامنة والتسعون: ذم البخل

- ‌الكلمة التاسعة والتسعون: فضائل العفو

- ‌الكلمة المائة: مقتطفات من سيرة بطل الإسلام

- ‌الكلمة الواحدة بعد المائة: من أسماء الله الحسنى

- ‌الكلمة الثانية بعد المئة: من أداب اللباس

- ‌الكلمة الثالثة بعد المئة: خطر الرشوة

- ‌الكلمة الرابعة بعد المئة: مقتطفات من سيرة ترجمان القرآن

- ‌الكلمة الخامسة بعد المئة: مخاطر الابتعاث وضوابطه

- ‌الكلمة السادسة بعد المئة: مجالس الناس

- ‌الكلمة السابعة بعد المئة: مواقف مؤثرة

- ‌الكلمة الثامنة بعد المئة: التحايل على الأحكام الشرعية

- ‌الكلمة التاسعة بعد المائة: الإيمان بالرسل عليهم السلام

- ‌الكلمة العاشرة بعد المئة: مقتطفات من أخلاقه وسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌الكلمة الثامنة والستون: من آداب النوم

‌الكلمة الثامنة والستون: من آداب النوم

الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَبَعدُ:

فإن الله تعالى جعل الليل سكنًا وراحة للناس، قَالَ تَعَالَى:{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)} [النبأ: 10 - 11]. والنوم وفاة بعدها حياة لمن شاء الله، قَالَ تَعَالَى:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: 42].

وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا استَيقَظَ مِن نَومِهِ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ»

(1)

.

وللنوم آداب نبوية، وقد وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك:

1 -

إطفاء النار، والمصابيح، وإغلاق الأبواب، وذكر اسم الله: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ بِاللَّيْلِ إِذَا رَقَدْتُمْ، وَغَلِّقُوا

(1)

«صحيح البخاري» (برقم 7395).

ص: 445

الْأَبْوَابَ»

(1)

.

والعلة في إطفاء النار والمصابيح: أن الفأرة ربما جرَّت الفتيلة فأحرقت أهل البيت، كما جاء في الصحيحين مِن حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ، وَأَطْفِئُوا المَصَابِيحَ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ»

(2)

.

وفي الصحيحين مِن حَدِيثِ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: «احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَانِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِيَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ»

(3)

.

وأما إغلاق الأبواب قبل النوم، فقد جاء في رواية مسلم مِن حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَأَغْلِقُوا الْأَبْوَابَ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا»

(4)

.

قال ابن دقيق العيد رحمه الله: «في الأمر بإغلاق الأبواب من المصالح الدينية والدنيوية، حراسة الأنفس والأموال من أهل العبث والفساد، ولا سيما الشياطين، وأما قوله: «فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا» فإشارة إلى أن الأمر بالإغلاق لمصلحة إبعاد

(1)

«صحيح البخاري» (برقم 6296)، و «صحيح مسلم» (برقم 2012).

(2)

«صحيح البخاري» (برقم 6295)، و «صحيح مسلم» (برقم 2012).

(3)

«صحيح البخاري» (برقم 6294)، و «صحيح مسلم» (برقم 2016).

(4)

«صحيح مسلم» (برقم 2012).

ص: 446

الشيطان عن الاختلاط بالإنسان، وخصه بالتعليل تنبيهًا على ما يخفى مما لا يُطَّلَعُ عليه إلا من جانب النبوة»

(1)

.

2 -

تغطية الآنية: روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «غَطُّوا الْإِنَاءَ، وَأَوْكُوا السِّقَاءَ، فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فِيهَا وَبَاءٌ، لَا يَمُرُّ بِإِنَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غِطَاءٌ، أَوْ سِقَاءٍ لَيْسَ عَلَيْهِ وِكَاءٌ، إِلَّا نَزَلَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْوَبَاءِ»

(2)

.

3 -

استحباب الوضوء قبل النوم: لما جاء في الصحيحين مِن حَدِيثِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّا وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ وقُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَاتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ فاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ»

(3)

.

4 -

نفض الفراش قبل الاضطجاع عليه والتسمية: كما جاء في الصحيحين مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ»

(4)

. وفي رواية مسلم: «وَلْيُسَمِّ اللَّهَ، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا

(1)

«فتح الباري» (11/ 87).

(2)

«صحيح مسلم» (برقم 2014).

(3)

«صحيح البخاري» (برقم 6311)، و «صحيح مسلم» (برقم 2710).

(4)

«صحيح البخاري» (برقم 6320)، و «صحيح مسلم» (برقم 2714).

ص: 447

خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ»

(1)

.

5 -

النوم على الشق الأيمن، ووضع اليد اليمنى تحت الخد: لِحَدِيثِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ السَّابِقِ: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّا وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ»

(2)

.

وروى أبو داود في سننه مِن حَدِيثِ حَفصَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ»

(3)

.

6 -

قراءة بعض السور والأذكار قبل النوم: أذكر بعضًا منها: روى البخاري في صحيحه مِن حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ، جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد (1)} وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق (2)} وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس (1)} ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَاسِهِ وَوَجْهِهِ، وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»

(4)

.

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي مَسعُودٍ رضي الله عنه: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ

(1)

«صحيح مسلم» (برقم 2714).

(2)

سبق تخريجه.

(3)

«سنن أبي داود» (برقم 5045)، وصححه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (3/ 951)(برقم 4218).

(4)

«صحيح البخاري» (برقم 5017).

ص: 448

الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ»

(1)

.

وفي صحيح البخاري مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه: في قصة الشيطان وجاء فيه: «إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَا آيَةَ الْكُرْسِيِّ، لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ»

(2)

.

وفي الصحيحين مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِندَ نَومِهِ: «بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ»

(3)

.

وفي سنن أبي داود مِن حَدِيثِ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اقْرَا {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُون (1)} ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ»

(4)

.

وفي صحيح البخاري مِن حَدِيثِ حُذَيفَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَن يَنَامَ قَالَ: «بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَمُوتُ وأَحْيَا، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ»

(5)

.

(1)

«صحيح البخاري» (برقم 5009)، و «صحيح مسلم» (برقم 807 - 808).

(2)

«صحيح البخاري» (برقم 5010).

(3)

«صحيح البخاري» (برقم 6320)، و «صحيح مسلم» (برقم 2714).

(4)

«سنن أبي داود» (برقم 5055)، وصححه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (3/ 954)(برقم 4227).

(5)

«صحيح البخاري» (برقم 6324).

ص: 449

7 -

استحباب الوضوء عند الجنابة قبل النوم: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ»

(1)

.

وإن اغتسل للجنابة فهو أفضل، فقد روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ عَبدِ اللهِ بنِ أَبِي قَيسٍ قَالَ:«سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِي الْجَنَابَةِ؟ أَكَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ أَمْ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ، قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الْأَمْرِ سَعَةً»

(2)

.

8 -

ومن الآداب أن من استيقظ من النوم استحب له أن يقول هذا الذكر: روى البخاري في صحيحه مِن حَدِيثِ عُبَادَةَ ابنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَعَارَّ

(3)

مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ»

(4)

.

وهذا حديث عظيم القدر، كثير المنافع لمن عَوَّدَ نفسه كلَّما

(1)

«صحيح البخاري» (برقم 288)، و «صحيح مسلم» (برقم 305).

(2)

«صحيح مسلم» (برقم 307).

(3)

التعار: استيقاظ يصحبه كلام.

(4)

«صحيح البخاري» (برقم 1154).

ص: 450

استيقظ من نومه جرى لسانه بتوحيد الله، وذكره، فكان جزاؤه أن تقبل صلاته وتستجاب دعوته، فكم فرجت به من هموم، وكم قضيت به من ديون، وكم صلحت به أحوال فاسدة، والموفق من وفقه الله.

قال ابن بطال رحمه الله: «وعد الله على لسان نبيه أن من استيقظ من نومه لهج لسانه بتوحيد ربه، والإذعان له بالملك والاعتراف بنعمه يحمده عليها، وينزهه عما لا يليق به بتسبيحه، والخضوع له بالتكبير والتسليم له بالعجز عن القدرة، إلا بعونه، أنه إذا دعاه أجابه، وإذا صلى قبلت صلاته، فينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به ويخلص نيته لربه سبحانه وتعالى»

(1)

.

9 -

كراهية النوم على البطن: روى الترمذي في سننه مِن حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مُضْطَجِعًا عَلَى بَطْنِهِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ ضَجْعَةٌ لَا يُحِبُّهَا اللهُ»

(2)

.

10 -

التبكير في النوم: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا»

(3)

.

قال ابن حجر رحمه الله: «لأن النوم قبلها قد يؤدي إلى إخراجها

(1)

«فتح الباري» (3/ 41).

(2)

«سنن الترمذي» (برقم 2768)، وقال الألباني في «صحيح سنن الترمذي»: حسن صحيح (2/ 359)(برقم 2221).

(3)

«صحيح البخاري» (برقم 568)، و «صحيح مسلم» (برقم 647).

ص: 451

عن وقتها مطلقًا أو عن الوقت المختار، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم عن صلاة الصبح، أو عن وقتها المختار، أو عن قيام الليل، وَكَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ يَضرِبُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ وَيَقُولُ: أَسَمَرًا أَوَّلَ اللَّيلِ، وَنَومًا آخِرَهُ؟ ! »

(1)

(2)

.

وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.

(1)

«فتح الباري» (2/ 73).

(2)

انظر: «منتقى الآداب الشرعية» ، للشيخ ماجد العوشن (ص: 188 - 191).

ص: 452