المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلمة التاسعة والثمانون: فضائل الشام - الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة - جـ ٧

[أمين الشقاوي]

فهرس الكتاب

- ‌الكلمة السادسة والخمسون: شروط وجوب الحج

- ‌الكلمة السابعة والخمسون: صفة الحج وواجباته

- ‌الكلمة الثامنة والخمسون: فضائل مكة وحُرمَتها

- ‌الكلمة التاسعة والخمسون: فضائل المدينة وحُرمَتها

- ‌الكلمة الستون: فوائد وحكم من سورة العاديات

- ‌الكلمة الواحدة والستون: الكفر وأنواعه

- ‌الكلمة الثانية والستون: صلاة الكسوف

- ‌الكلمة الثالثة والستون: التفكير أحواله وفوائده

- ‌الكلمة الرابعة والستون: تأمُّلات في سورة الانفطار

- ‌الكلمة الخامسة والستون: الترغيب في الزواج

- ‌الكلمة السادسة والستون: وقفة مع سورة الكوثر

- ‌الكلمة السابعة والستون: الاعتصام بالكتاب والسنة

- ‌الكلمة الثامنة والستون: من آداب النوم

- ‌الكلمة التاسعة والستون: التحذير من الغيبة

- ‌الكلمة السبعون: تأملات في سورة النصر

- ‌الكلمة الواحدة والسبعون: أحوال الموتى والمحتضرين

- ‌الكلمة الثانية والسبعون: دروس وعبر من الهجرة النبوية

- ‌الكلمة الثالثة والسبعون: السواك

- ‌الكلمة الرابعة والسبعون: وقفات مع سورة الفيل

- ‌الكلمة الخامسة والسبعون: خطر النميمة

- ‌الكلمة السادسة والسبعون: الفأل وحسن الظن بالله

- ‌الكلمة السابعة والسبعون: مواقف مؤثرة

- ‌الكلمة الثامنة والسبعون: الرفق

- ‌الكلمة التاسعة والسبعون: وقفات مع سورة قريش

- ‌الكلمة الثمانون: محاسبة النفس

- ‌الكلمة الحادية والثمانون: الإمام عبد الله بن المبارك وشيء من أخباره

- ‌الكلمة الثانية والثمانون: فوائد الإيمان بالقضاء والقدر

- ‌الكلمة الثالثة والثمانون: قضاء حوائج الناس

- ‌الكلمة الرابعة والثمانون: ذم الجبن

- ‌الكلمة الخامسة والثمانون: وقفات مع سورة الكافرون

- ‌الكلمة السادسة والثمانون: فضائل معاوية بن أبي سفيان

- ‌الكلمة السابعة والثمانون: من مشاهد القيامة

- ‌الكلمة الثامنة والثمانون: الإيمان بالملائكة عليهم السلام

- ‌الكلمة التاسعة والثمانون: فضائل الشام

- ‌الكلمة التسعون: تأملات في سورة التين

- ‌الكلمة الحادية والتسعون: الفقراء والضعفاء

- ‌الكلمة الثانية والتسعون: الإيمان بالكتب السابقة وآثاره

- ‌الكلمة الثالثة والتسعون: الجزاء من جنس العمل

- ‌الكلمة الرابعة والتسعون: خطورة الغضب

- ‌الكلمة الخامسة والتسعون: تأملات في سورة الانشراح

- ‌الكلمة السادسة والتسعون: الإنابة

- ‌الكلمة السابعة والتسعون: مواقف مؤثرة

- ‌الكلمة الثامنة والتسعون: ذم البخل

- ‌الكلمة التاسعة والتسعون: فضائل العفو

- ‌الكلمة المائة: مقتطفات من سيرة بطل الإسلام

- ‌الكلمة الواحدة بعد المائة: من أسماء الله الحسنى

- ‌الكلمة الثانية بعد المئة: من أداب اللباس

- ‌الكلمة الثالثة بعد المئة: خطر الرشوة

- ‌الكلمة الرابعة بعد المئة: مقتطفات من سيرة ترجمان القرآن

- ‌الكلمة الخامسة بعد المئة: مخاطر الابتعاث وضوابطه

- ‌الكلمة السادسة بعد المئة: مجالس الناس

- ‌الكلمة السابعة بعد المئة: مواقف مؤثرة

- ‌الكلمة الثامنة بعد المئة: التحايل على الأحكام الشرعية

- ‌الكلمة التاسعة بعد المائة: الإيمان بالرسل عليهم السلام

- ‌الكلمة العاشرة بعد المئة: مقتطفات من أخلاقه وسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌الكلمة التاسعة والثمانون: فضائل الشام

‌الكلمة التاسعة والثمانون: فضائل الشام

الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، وَبَعدُ:

فإن لبلاد الشام مناقبَ كثيرةً ثبتت في الكتاب والسنة، وذكرها أهل العلم في كتبهم، فمن تِلك المناقب:

أولًا: البركةُ فيها وثَبت ذَلك في خمس آيات:

1 -

قَولُهُ تَعَالَى {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} [الأعراف: 137]. قال جمع من المفسرين: إنها بلاد الشام.

2 -

قَولُهُ تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير (1)} [الإسراء: 1]، وحوله أرضُ الشام، وكان هذا في الإسراء.

3 -

قَولُهُ تَعَالَى في قصة إبراهيم: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِين (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِين (71)} [الأنبياء: 70 - 71] ومعلوم أن إبراهيم إنما نجاه اللهُ ولوطًا إلى أرض الشام، مهاجرًا من أرض العراق.

ص: 593

4 -

قَولُهُ تَعَالَى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِين (81)} [الأنبياء: 81]. وإنما كانت تجري إلى أرضِ الشامِ التي فيها مملكةُ سليمان.

5 -

قَولُهُ تَعَالَى في قصة سبأ: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِين (18)} [سبأ: 18]، قال جمع من المفسرين: يعني قرى الشام، فكانوا يسيرون من اليمن إلى الشام، والقرى التي بورك فيها الشام، والأردن، وفلسطين، ومعنى ظاهرة: أي متواصلة.

فهذه خمسُ آيات في بركة الشام، الأولى في انتقال بني إسرائيل إليها، والثانيةُ مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم إليها، والثالثة هجرة إبراهيم إليها، والرابعة مملكة سليمان بها، والخامسة مسير سبأ إليها، وصفها تبارك وتعالى بأنها الأرض التي بارك فيها.

وفيها أيضًا الطور الذي كلم الله عليه موسى، والذي أقسم الله به في سورة الطور، فقال:{وَالتِّينِ وَالزَّيْتُون (1) وَطُورِ سِينِين (2)} [التين: 1 - 2]. وذكر المفسرون أن المراد بالبركة بركة الدنيا، وذلك بكثرة الأقوات، والثمار، والأنهار والزروع، وسعة الأرزاق، وقال بعضهم: بركة الدين لأنها مقر الأنبياء، ومهبط الملائكة والوحي، وقال النووي رحمه الله:«جعلها الله مباركة لأن الله كلم موسى هناك وبعثه نبيًّا»

(1)

، والصحيح أن ذلك يشمل الأمرين معًا، وَقَد دَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

(1)

«شرح النووي» (6/ 206).

ص: 594

رَبَّهُ لِلشَّامِ بِالبَرَكَةِ، فَقَالَ:«اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا»

(1)

.

ثانيًا: أن الشام أرض المحشر:

قَالَ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ} [الحشر: 2].استدل بهذه الآية جمع من أهل العلم (القرطبي، وابن كثير، وابن حجر) على أن الشام أرض المحشر، فالحشر الأول حصل لليهود بنفيهم إلى الشام، والثاني سيكون للناس، روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ حَكِيمِ بنِ مُعَاوِيَةَ عَن أَبِيهِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «هَا هُنَا تُحشَرُونَ، هَا هُنَا تُحشَرُونَ، هَا هُنَا تُحشَرُونَ، ثلاثًا، رُكبَانًا، وَمُشَاةً، وَعَلَى وُجُوهِكُم .. ثم آخر الحديث، قَالَ ابنُ بُكَيرٍ: فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الشَّامِ، فَقَالَ: إِلَى هَا هُنَا تُحشَرُونَ»

(2)

.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وقد دل الكتاب والسنة وما روي عن الأنبياء المتقدمين عليهم السلام مع ما علم بالحس، والعقل، وكشوفات العارفين أن الخلق، والأمر، ابتداء من مكة أم القرى فهي أم الخلق، وفيها ابتدئت الرسالة المحمدية التي طبق نورها الأرض، وهي التي جعلها الله قيامًا للناس، إليها يصلون، ويحجون، ويقوم بها ما شاء الله من مصالح دينهم ودنياهم، فكان الإسلام في الزمان الأول ظهوره بالحجاز أعظم، ودلت الدلائل

(1)

«صحيح البخاري» (برقم 1037).

(2)

جزء من حديث في «مسند الإمام أحمد» (33/ 214)(برقم 20011)، وقال محققوه: إسناده حسن.

ص: 595

المذكورة على أن ملك النبوة بالشام، والحشر إليها فإلى بيت المقدس وما حوله يعود الخلق، والأمر، وهناك يحشر الخلق، والإسلام في آخر الزمان يكون أظهر بالشام، وكما أن مكة أفضل من بيت المقدس فأول الأمة خير من آخرها، كما أنه في آخر الزمان يعود الأمر إلى الشام»

(1)

. اهـ.

ثالثًا: أن الملائكة باسطو أجنحتها للشام:

وهذا في حال السلم، فكيف بحال الحرب، روى الترمذي في سننه وأحمد في مسنده مِن حَدِيثِ زَيدِ بنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه: قَالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «طُوبَى لِلشَّامِ، طُوبَى

(2)

لِلشَّامِ، قُلتُ: مَا بَالُ الشَّامِ؟ قَالَ: المَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَجنِحَتَهَا عَلَى الشَّامِ»

(3)

.

رابعًا: أن الله تكفل بالشام وأهله:

روى أبو داود في سننه مِن حَدِيثِ ابنِ حَوَالَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «سَيَصِيرُ الأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً، جُنْدٌ بِالشَّامِ، وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ، وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ. قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ: خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ. فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالشَّامِ، فَإِنَّهَا خِيَرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيَرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ، فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ، وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ

(1)

الفتاوى (27/ 43 - 44).

(2)

طُوبَى: قال المباركفوري: أي: راحة وطيب عيش حاصل لها ولأهلها.

(3)

«سنن الترمذي» (برقم 3954). و «مسند الإمام أحمد» (35/ 483)(برقم 21606)، وقال محققوه: حديث صحيح.

ص: 596

وَأَهْلِهِ»

(1)

.

خامسًا: أن عمود الكتاب والإسلام بالشام:

روى الحاكم في المستدرك مِن حَدِيثِ عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي رَأَيْتُ عَمُودَ الكِتَابِ انْتُزِعَ مِنْ تَحتِ وِسَادَتِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ نُورٌ سَاطِعٌ عُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا إِنَّ الإِيمَانَ إِذَا وَقَعَتِ الفِتَنُ بِالشَّامِ»

(2)

. وَعَمُودُ الْكِتَابِ وَالِإسْلَامِ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَهُمْ حَمَلَتُهُ الْقَائِمُونَ بِهِ

(3)

.

سادسًا: أن الطائفة المنصورة من الشام:

روى الترمذي في سننه وأحمد في مسنده مِن حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ ابْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلَا خَيْرَ فِيكُمْ، لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»

(4)

.

وروى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ سَعدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى

(1)

«سنن أبي داود» (برقم 2483). قوله: «فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ» : أي: فالزموا اليمن، مِنْ غُدُرِكُمْ: كصرد جمع غدير وهو الحوض، تَوَكَّلَ: أي تكفل وضمن (لِي بِالشَّامِ) بأن لا يخربه بالفتنة، (وَأَهْلِهِ) أي: تكفل لي بأهل الشام بأن لا تصيبه الفتنة، ولا يهلك الله بالفتنة من أقام بها. «عون المعبود» لشمس الحق العظيم آبادي (7/ 116).

(2)

«مستدرك الحاكم» (5/ 712 - 713)(برقم 8601)، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وصححه الشيخ الألباني في تحقيقه لأحاديث «فضائل الشام للربعي» (ص: 85).

(3)

«الفتاوى» لشيخ الإسلام ابن تيمية (27/ 42).

(4)

مسند أحمد (24/ 363)(برقم 15597)، وقال محققوه: إسناده صحيح. و «سنن الترمذي» (برقم 2192)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 597

تَقُومَ السَّاعَةُ»

(1)

. وَأَهْلُ الْغَرْبِ: هُمْ أَهلُ الشَّامِ، كَمَا قَالَ ذَلِكَ الإِمَامُ أَحمَدُ، وَأَيَّدَهُ فِي ذَلِكَ شَيخُ الإِسلَامِ ابنُ تَيِمِيَّةَ

(2)

.

سابعًا: وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالتوجه إلى الشام:

روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «سَتَخْرُجُ نَارٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ بَحْرِ حَضْرَمَوْتَ، أَوْ مِنْ حَضْرَمَوْتَ تَحْشُرُ النَّاسَ. قَالُوا: فَبِمَ تَامُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالشَّامِ»

(3)

.

ثامنًا: مدح النبي صلى الله عليه وسلم للشام وأنها خير المنازل:

روى أبو داود في سننه وأحمد في مسنده مِن حَدِيثِ أَبِي الدَّردَاءِ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ فُسْطَاطَ

(4)

الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ بِالْغُوطَةِ إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ، مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّامِ»

(5)

.

وفي رواية: «يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ الكُبرَى فُسْطَاطُ الْمُسْلِمِينَ

(1)

«صحيح مسلم» (برقم 1925).

(2)

«مناقب الشام وأهله» لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص: 79 - 80).

(3)

«مسند الإمام أحمد» (9/ 145)(برقم 5146)، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

(4)

الفسطاط بالضم والكسر: المدينة التي فيها مجتمع الناس، وكل مدينة فسطاط، وكذلك الخيمة الكبيرة ومنها فسطاط مصر، فإن البلد أقيم مكان فسطاط (خيمة) عمرو بن العاص فاتح مصر رضي الله عنه. «المعجم الوسيط» (ص: 688)، و «النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 445).

(5)

«مسند الإمام أحمد» (39/ 412)(برقم 23985)، وقال محققوه: إسناده صحيح على شرط مسلم. و «سنن أبي داود» (برقم 4298).

ص: 598

بِأَرضٍ يُقَالُ لَهَا: الغُوطَةُ، فِيهَا مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا: دِمَشْقُ، خَيرُ مَنَازِلِ المُسلِمِينَ يَومَئِذٍ»

(1)

.

تاسعًا: نزول عيسى ابن مريم عليه السلام بالشام:

روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ النَّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ بَعَثَ اللهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ»

(2)

.

عاشرًا: هلاك المسيح الدجال يكون في الشام:

روى مسلم في صحيحه مِن حَدِيثِ النَّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عِندَمَا ذَكَرَ وُصُولَ المُسلِمِينَ إِلَى الشَّامِ، قَالَ:«فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ»

(3)

.

الحادي عشر: أنها عُقْرُ دار المؤمنين:

روى الإمام أحمد في مسنده مِن حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا إِنَّ عُقْرَ دَارِ الْمُؤْمِنِينَ الشَّامُ»

(4)

. قال ابن الأثير: عُقْرُ دار الإسلام الشام، أي: أصله وموضعه، كأنه أشار به إلى وقت

(1)

مستدرك الحاكم (5/ 684)(برقم 8543)، وقال محققه: حديث صحيح.

(2)

«صحيح مسلم» (برقم 2937).

(3)

«صحيح مسلم» (برقم 2897).

(4)

«مسند الإمام أحمد» (28/ 165)(برقم 16965)، وقال محققوه: إسناده حسن.

ص: 599

الفتن أي يكون الشام يومئذ آمنًا منها، وأهل الإسلام به أسلم

(1)

.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية معلقًا على المناقب السابقة من الكتاب والسنة وآثار العلماء: «وهي أحد ما اعتمدته في تحضيضي للمسلمين على غزو التتار وأمري لهم بلزوم دمشق ونهيي لهم عن الفرار إلى مصر، واستدعائي للعسكر المصري إلى الشام، وتثبيت العسكر الشامي فيه، وقد ظهر مصداق هذه النصوص النبوية على أكمل الوجوه في جهادنا للتتار، وأظهر الله للمسلمين صدق ما وعدناهم به وبركة ما أمرناهم به، وكان ذلك فتحًا عظيمًا ما رأى المسلمون مثله مثل صرح مملكة التتار التي أذلت أهل الإسلام فإنهم لم يهزموا أو يغلبوا كما غلبوا على باب دمشق في الغزوة الكبرى التي أنعم الله علينا فيها من النعم بما لا نحصيه خصوصًا وعمومًا.

يشير بذلك إلى معركة شقحب

(2)

سنة (702 هـ) في شهر رمضان التي انتصرت فيها الجيوش المصرية والشامية بقيادة الملك الناصر قلاوون وحضور الخليفة وسكان دمشق على التتار»

(3)

.

وَالحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحبِهِ أَجمَعِينَ.

(1)

«النهاية في غريب الحديث والأثر» (3/ 271).

(2)

شقحب: عين ماء حولها مرج جنوبي دمشق على يمين الذاهب إلى حوران بعد الكسوة.

(3)

«مناقب الشام وأهله» لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص: 86 - 87).

ص: 600