المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌علاقة المختصر بالأصل، وأوجه المغايرة وامتيازات المختصر - الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - - المقدمة

[ابن الوزير]

الفصل: ‌علاقة المختصر بالأصل، وأوجه المغايرة وامتيازات المختصر

‌علاقة المختصر بالأصل، وأوجه المغايرة وامتيازات المختصر

قد علمنا فيما مضى أنّ ((الروض)) مختصر من ((العواصم))؛ فإنّ ((الأصل)) لما تم فأينعت ثماره، وازدانت أزهاره، أجال عليه مؤلّفه يد القطاف، فالتقط من ثماره أنضجها، ومن أزهار أطيبها، ثم أعمل يده أخرى فقدّم وآخر وهذّب وشذب، وأصلح ورتّب؛ حتى صار -بحقّ- ((روضاً باسماً))

وقد كان سبب الاختصار ما أشار إليه المؤلف في المقدمة فقال: ((فلأن التوسيع يملّ الكاتب والمكتوب إليه، والمتطلع إلى رؤية الجواب والوقوف عليه، مع أنّ القليل يكفي المنصف، والكثير لا يكفي المتعسّف (1))).

وقال أيضاً: ((ثم إني تأملت الكتاب -بعد ذلك- (أي الأصل) فوجدت ما فيه من التطويل والتدقيق، يصرف الأكثرين عن التأمل له والتحقيق، لا سيّما والباعث لداعية النشاط إلى معرفة مثل هذا إنما هو وجود من يعارض أهل السنة، ويورد على ضعفائهم الشّبه الدقيقة، ومن عوفي من هذا ربما نفر عن مطالعة هذه الكتب نفرة الصحيح عن شرب الأدوية النّافعة، وألم المكاوي الموجعة، فاختصرت منه هذا الكتاب، على أني لم أطنب في الأصل كل الإطناب

)) (2) اهـ.

أما جوانب المغايرة بين الأصل ومختصره ففي أمور:

(1)((الروض)) (1/ 15) ، ومع أن هذا الكلام أراد به المؤلف ((الأصل)) ، إلا أنه يصلح في المختصر أيضاً.

(2)

((الروض)) (1/ 19) ، وانظر (ص/60) من المقدمة.

ص: 75

1 -

سار المؤلف في ((الأصل)) على حسب إيرادات المعترض دون تصرّف في تقديم أو تأخير، بخلاف ((المختصر)) فإنه يجمع الكلام على المسائل المتشابهة في مكان واحد، فيقدم يوخّر بحسب المقتضي.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك: ((الكلام على كفار التأويل وفُسّاقه)) فبينما هي في ((الأصل)) في أوائل الكتاب (2/ 130 - 3/ 223)، كانت في ((المختصر)) في آخر الكتاب:(2/ 481 - 569). ثم هي في ((المختصر)) أكثر ترتيباً.

ومن الأمثلة أيضاً: ذبّ المؤلّف عن أئمة الإسلام الأربعة، فبينما أورده في ((الأصل)) بحسب إيراد المعترض له، فالكلام على أبي حنيفة في (2/ 81) ، والكلام على مالك (3/ 453) ، والكلام على الشافعي في (5/ 5) ، والكلام على أحمد (3/ 300). إلا أنه قد ساقه في ((المختصر)) مساقاً واحداً، حرصاُ منه على جمع الذّبّ عن الأئمة في مكان واحد. ((الروض)) (ص/295 - 343) ، والأمثلة كثيرة، انظر:((الروض)): (1/ 230).

2 -

من جوانب المغايرة اختصار ما لا تعلّق له بنقض كلام المعترض من الفوائد والاستطرادات العلمية فقال في (ص/154 - 155): ((وهذا الموضع يحتمل ذكر فوائد ذكرتها في ((الأصل)) ، منها ما ذكره النووي في «شرح مسلم)) ، ومنها ما لم يذكره، ثم اختصرتها لأنها لا تتعلق بنقض كلام المعترض)) (1) اهـ.

(1) وانظر (1/ 27).

ص: 76

بل إنه يختصر بعض الأوهام التي وهمها المعترض مما ليس تحتها إلا مجرد الاعتراض، وبيان الوهم، فقال في (ص/230):((وقد رأيت أن أقتصر على ذكر أوهام وهمها في هذا الفصل من الأوهام التي لا يفيد ذكرها ولا يهم أمرها؛ فإنّ مجرّد التعرض للاعتراض من غير فائدة مما ليس تحته طائل، ولا يستكثر من ذكره فاضل)) اهـ.

3 -

أن ((الأصل)) ومختصره مبنيان على إلزام الخصم على أصوله، ولم يتعرض المؤلف لبيان المختار عنده أحياناً، وذلك لأجل التقية من ذوي الجهل والعصبية. ثم قال المؤلف عن المختصر:((ثم إني قد اختصرت هذا الكتاب في كتاب لطيف سميته: ((الروض الباسم)) ، وهو أقل تقيّة من هذا ولن يخلو، فالله المستعان)) (1) اهـ.

فيستفاد من هذا فائدة جليلة، وهي معرفة اختياراته في المسائل العلمية حيث صرّح بها في ((المختصر)) ، ولم يتعرض لذلك في ((الأصل)).

4 -

ومن جوانب المغايرة والامتياز في ((المختصر)) ، ما فيه من زيادات على ((الأصل)) ، سواء كانت في الاستدلال أو التمثيل أو التحقيق، فمن تلك المواضع:

* (1/ 9 - 13) بعض الأشعار في مدح أهل الحديث.

* (1/ 133) شعر للمؤلف في العشرة المبشرين بالجنة.

* (1/ 166) فائدة للمؤلف عمن يُخَرِّج لهم البخاري استشهاداً.

(1)((العواصم)) (1/ 225).

ص: 77

* (1/ 170 - 171) كلام الذهبي في حديث: ((ما تقرّب إليّ عبدي)) ورد الحافظ ابن حجر عليه.

* (1/ 246 - 248) الكلام على الوليد بن عقبة.

* (2/ 464 - 476) بعض الكلام والتحقيق في حديث: ((فحجّ آدم موسى))

* (2/ 543 - 569) أحاديث عمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة في الأحكام مع ذكر شواهدها والكلام عليها. فهذه (26) صحيفة ليست في ((الأصل)).

* (2/ 590 - 596) خاتمة المؤلف وفيها نصيحة وعِظة وعبرة، وقصيدة في التمسك بالسنة.

* * *

ص: 78