الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والطلاعي أبو عبد الأحد بن الفرج القرطبي المالكي مفتي الأندلسي ومحدّثها 1. وحكم بن محمد أبو العاص الجذامي القرطبي مسند الأندلس 2. والقاسم بن محمد بن هشام الرعيني السبتي المالكي 3. وأحمد بن سليمان الباجي 4. وأبو بكر محمد بن أحمد من أهلَ قرطبة الذي تطوّع محاولاً إزالة الخلافات بين ملوك الطّوائف، وسعى بجمع كلمتهم، وكان من بيت وزارة وجلالة 5. كما اشترك في ذلك أبو الفتح نصر بن الحسنِ الترني الشاشي التنكتي من علماء المشرق (وتنكت من أعمال الشاش) وقد جاب البلاد محدّثاًَ وتاجراً، وسمع في مصر والشام والأندلس وتوفي سنة 486 هـ 6.
وقد أسفرت جهود العلماء عن تكوين رأي عام لدى المسلمين في الأندلس، يطلب الوحدة، ويلحّ عليها، فاستجاب ملوك وأمراء الطوائف لهذا الِإلحاح وعلى رأسهم المعتمد ابن عباد الذي كان يملك أكثر البلاد الإسلامية الأندلسية، والذي كان يؤدي الضريبة لألفونسو السادس، وكان قد أرسلها كعادته، فردّها عليه الفونسو وأرسل إليه يتهدده ويتوعّده السير إلى مدينة قرطبة وامتلاكها إلا أن يسلّم إليه جميع الحصون التي في الجبل ويبقى السهل للمسلمين 7. فأسقط في يد المعتمد كما أسقط بيد أمراء الطوائف، فاجتمعوا وتشاوروا، ولكنّهم أدركوا أن الأندلس الإسلامية بأوضاعها المنحلّة، وإغراق أهلها في النّعيم، ليست لديها القدرة على التصدّي للهجَمة الصّليبية القويّة، فبرزت فكرة الاستغاثة بالمرابطين لدى المعتمد الذي قال لابنه: "إن إخواننا وجيراننا ملوك الأندلس، ليس فيهم نفع، ولا يرجى منهم نصرة، ولا حيلة، إن نزل بنا مصاب أو نالنا عدوّ ثقيل، وهو اللّعين الأذفونش، وها هو قد رفع رأسه إلينا، وان نزل علينا بطليطلة ما يرفع عنّا حتى يأخذ اشبيلية" 8.
1سير أعلام النبلاء جـ19 ص199- 201
2 نفسه جـ 17 ص 659.
3 نفسه جـ18 ص6-7.
4 نفسه جـ18 ص545-546.
5 الحجي- تاريخ الأندلس ص349.
6 سير أعلام النبلاء جـ19 ص90-91.
7 الكَامل في التاريخ جـ8 ص138 /سير الأعلام جـ19 ص 58.
8 الحلل الموشية ص- 52/ تاريخ المغرب الكبير ص 720.
استنجاد الأندلس الإسلامية بالمرابطين:
كانت الظّروف الأندلسية التي بيّناها الحافز لطلب النجدة من مسلمي المغرب. فالفكرة كانت عامة على النّطاق الشّعبي، قبل أن يتبنّاها أمراء الطوائف رسميّا، فقد كان
يوسف ابن تاشفن قد أتمّ وحدة المغرب عام 474 هـ تقريباً، ووفد صريخ أهل الأندلس على بلاط مراكش في العام نفسه، ووفد إليه جماعة، وشكوا إليه ما حلّ بهم من عدوان النصارى، وطلبوا إليه النّجدة، والعون، فوعدهم بتحقيق أمنيتهم 1، كما كانت سفارة أبي الوليد الباجي إليه قبل هذا التاريخ لأن الباجي توفي عام 474 هـ كما ذكرنا. وكاتبه المتوكل على الله بن الأفطس حاكم بطليوس 2 وأمام استمرار الصريح استعدّ بقواته ليجوز الأندلس، فافتتح سبتة عام 477 هـ، وأخذ يعدّ العدّة وينشيء المراكب والسفن ليعبر فيها 3. وينتظر الفرصة السّانحة.
وفي سبتة توالت الرسل إليه أكثر من ذي قبل، وازدادت أكثر بعد سقوط طليطلة، فكثرت رسل الأندلس، مجهشين بالبكاء، ناشدين الله والإسلام، مستنجدين بفقهاء حضرته ووزراء دولته، للحثّ على إنقاذهم مما هم فيه، وما يقتضيه واجبه الإسلامي نحو إخوانه. فكان يصغي لقولهم ويستمع إليهم، وترقّ نفسه لهم 4.
ثم تحوّل الأمر بعد استئساد النّصارى على المسلمين وزلزلة طليطلة، فأصبحت الدّعوة للعبور رسميّة، فاتّفقت الأندلس كلّها على ذلك أمراؤها وفقهاؤها وعامّتها 5. وكان ملوك الطوائف يكرهون إلمام يوسف بجزيرتهم 6ولكنّهم أمام ضغط النّصارى وتنكّر الفونسو لهم، وخضوعاً للرّأي العامّ الإسلاميّ، استغاثوا بأمير المسلمين، فَعُقِد اجتماع في قرطبة حضره الزعماء والفقهاء وكثير من اَلنّاس، وعلى رأسهم المعتمد بن عباد، اتّخذ فيه قرار الموافقة على استدعاء المرابطين للنّصرة، ثم دعا المعتمد غيره من ملوك الطوائف إلى هذا الأمر، واجتمعوا بالفعل لاتّخاذ ترتيبات عبور وفد إلى العدوة ودعوة الأمير يوسف، وكتبت رسالة بهذا الشأن وقّعها أمراء الأندلس، وأُرسلت من الأندلس مع سفارة خاصّة وتحت إشراف ابن عبّاد، وحملت السفارة التّحف الثّمينة والوعود المغرية للاستغاثة 7 مع الرّسالة. وقد ضمّ الوفد: عبيد الله بن أدهم قاضي قرطبة، وكان أعقل أهل زمانه، ووزير المعتمد أبا بكر بن زيدون، وقاضي المتوكل على الله عمر بن الأفطس أمير بطليوس، وقاضي عبد الله
1 انظر: عنان- دول الطوائف ص 312- 315.
2 الحجي ص 397/ عنان ص 92.
3 نفح الطيب جـ4 ص354 عن الروض المعطار.
4 نفسه جـ4 ص 359- 0 36.
5 دول الطوائف ص 317.
6 نفح الطيب جـ4 ص 354.
7 التواتي- مأساة انهيار الوجود العربي بالأندلس ص 287.