الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا
كتب إِلَى الشَّيْخ الْفَقِيه الْمُعظم الْخَطِيب الْفَاضِل الْقدْوَة الصَّالح الْبَقِيَّة وَالْجُمْلَة الفاضلة النقية الْعدْل الأرضي أَبُو عبد الله بن قطيه أدام الله سموهُ ورقيه بِمَا نَصه
1 -
الْمَسْأَلَة هَل تجوز إِقَامَة الْمُسلم فِي بلد غلب عَلَيْهِ النَّصَارَى
الْحَمد لله وَحده
جوابكم يَا سَيِّدي رَضِي الله عَنْكُم ومتع الْمُسلمين بحياتكم فِي نازلة وَهِي أَن قوما من هَؤُلَاءِ الأندلسيين الَّذين هَاجرُوا من الأندلس وَتركُوا هُنَاكَ الدّور وَالْأَرضين والجنات والكرمات وَغير ذَلِك من أَنْوَاع الْأُصُول وبذلوا زِيَادَة على ذَلِك كثيرا من ناض المَال وَخَرجُوا من تَحت حكم الْمسلمَة الْكَافِرَة وَزَعَمُوا أَنهم فروا إِلَى الله سُبْحَانَهُ بايدينهم وأنفسهم وأهليهم وذرياتهم وَمَا بقى بِأَيْدِيهِم أَو أَيدي بَعضهم من الْأَمْوَال واستقروا بِحَمْد الله سُبْحَانَهُ بدار الْإِسْلَام تَحت طَاعَة الله وَرَسُوله وَحكم الذِّمَّة الْمسلمَة
ندموا على الْهِجْرَة بعد حصولهم بدار الاسلام تسخطوا وَزَعَمُوا أَنهم وجدوا الْحَال عَلَيْهِم ضيقَة وَأَنَّهُمْ لم يَجدوا بدار الاسلام الَّتِي هِيَ دَار الْمغرب هَذِه صانها الله وحرس أوطانها وَنصر سُلْطَانه بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّسَبُّب فِي طلب انواع المعاش على الْجُمْلَة رفقا وَلَا يسرا وَلَا مرتفقا وَلَا إِلَى التَّصَرُّف فِي الأقطار أمنا لايقا وصرحوا فِي هَذَا الْمَعْنى بأنواع من قَبِيح الْكَلَام الدَّال على ضعف دينهم وَعدم صِحَة يقينهم فِي معتقدهم وان هجرتهم لم تكن لله وَرَسُوله كَمَا زَعَمُوا وَإِنَّمَا كَانَت لدينا يصيبونها عَاجلا عِنْد وصولهم جَارِيَة على وفْق أهوائهم فَلَمَّا لم يجدوها وفْق أغراضهم صَرَّحُوا بذم دَار الْإِسْلَام وشأنه وَشتم الذى كَانَ السَّبَب لَهُم فِي هَذِه الْهِجْرَة وسبه وبمدح دَار الْكفْر وَأَهله (83 ب) والندم على مُفَارقَته وَرُبمَا حفظ عَن بَعضهم أَنه قَالَ على جِهَة الْإِنْكَار لِلْهِجْرَةِ إِلَى دَار الْإِسْلَام الَّتِي هِيَ هَذَا الوطن صانه الله إِلَى هَا هُنَا يُهَاجر من هنايك بل من هَا هُنَا تجب الْهِجْرَة إِلَى هُنَاكَ وَعَن آخر مِنْهُم أَيْضا أَنه قَالَ إِن جَازَ صَاحب قشتالة إِلَى هَذِه النواحى نسير إِلَيْهِ فنطلب مِنْهُ أَن يردنا إِلَى هُنَاكَ يعْنى إِلَى دَار الْكفْر ومعاودة الدُّخُول تَحت الذِّمَّة الْكَافِرَة كَيفَ أمكنهم
فَمَا الَّذِي يلحقهم فِي ذَلِك من الْإِثْم وَنقص رُتْبَة الدّين والجرحة
وَهل هم بِهِ مرتكبون الْمعْصِيَة الَّتِي كَانُوا فروا مِنْهَا إِن تَمَادَوْا على ذَلِك وَلم يتوبوا وَلم يرجِعوا إِلَى الله سُبْحَانَهُ مِنْهُ
وَكَيف بِمن رَجَعَ مِنْهُم بعد الْحُصُول فِي دَار الْإِسْلَام إِلَى دَار الْكفْر وَالْعِيَاذ الله
وَهل يجب على من قَامَت عَلَيْهِ مِنْهُم بالتصريح بذلك أَو بِمَعْنَاهُ شَهَادَة أدب أَو لَا حَتَّى يتَقَدَّم إِلَيْهِم فِيهِ بالوعظ والإنذار فَمن تَابَ إِلَى الله سُبْحَانَهُ نزك ورجى لَهُ قبُول التَّوْبَة وَمن تَمَادى عَلَيْهِ ادب أَو يعرض عَنْهُم وَيتْرك كل وَاحِد مِنْهُم وَمَا اخْتَارَهُ فَمن ثبته الله فِي دَار الاسلام رَاضِيا فَلهُ نِيَّته وأجره على الله سُبْحَانَهُ وَمن اخْتَار الرُّجُوع إِلَى دَار الْكفْر ومعاودة الذِّمَّة الْكَافِرَة ترك يذهب إِلَى سخط الله وَمن ذمّ دَار الاسلام مِنْهُم تَصْرِيحًا اَوْ معنى ترك وَمَا عول عَلَيْهِ
بينوا لنا حكم الله تَعَالَى فِي ذَلِك كُله وَهل من شَرط الْهِجْرَة أَلا يُهَاجر أحد إِلَّا إِلَى دنيا مَضْمُونَة يُصِيبهَا عَاجلا عِنْد وُصُوله جَارِيَة على وفْق غَرَضه حَيْثُ حل أبدا من نواحى الْإِسْلَام أَو لَيْسَ ذَلِك بِشَرْط بل تجب عَلَيْهِم الْهِجْرَة من دَار الْكفْر إِلَى دَار الْإِسْلَام إِلَى حُلْو أَو مر أَو وسع أَو ضيق أَو عسر أَو يسر بِالنِّسْبَةِ (84 أ) إِلَى احوال الدُّنْيَا وَإِنَّمَا الْقَصْد بهَا سَلامَة الدّين والأهل وَالْولد مثلا وَالْخُرُوج من حكم الْملَّة الْكَافِرَة إِلَى حكم الْملَّة الْمسلمَة إِلَى مَا شَاءَ الله من حُلْو أَو مر اَوْ ضيق عَيْش اَوْ سعته وَنَحْو ذَلِك من الْأَحْوَال الدنياوية بَيَانا شافيا مجودا مشروحا كَافِيا يَأْجُركُمْ الله سُبْحَانَهُ وَالسَّلَام الْكَرِيم يعْتَمر مقامكم الْعلي وَرَحْمَة الله تَعَالَى وَبَرَكَاته
فأجبته بِمَا هَذَا نَصه
الْحَمد لله تَعَالَى وَحده وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد بعده
2 -
الْجَواب الْهِجْرَة إِلَى أَرض الْإِسْلَام فَرِيضَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة
الْجَواب عَمَّا سَأَلْتُم عَنهُ وَالله سُبْحَانَهُ ولي التَّوْفِيق بفضله إِن الْهِجْرَة من أَرض الْكفْر إِلَى أَرض الْإِسْلَام فَرِيضَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَكَذَلِكَ الْهِجْرَة من أَرض الْحَرَام وَالْبَاطِل بظُلْم أَو فتْنَة
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (يُوشك أَن يكون خير مَال الْمُسلم غنم يتبع بهَا شعب الْجبَال ومواقع الْقطر يفر بِدِينِهِ من الْفِتَن) أخرجه البُخَارِيّ والموطأ وَأَبُو دَاوُود وَالنَّسَائِيّ وَقد روى أَشهب عَن مَالك (لَا يُقيم أحد فِي مَوضِع يعْمل فِيهِ بِغَيْر الْحق) قَالَ فِي (الْعَارِضَة) فَإِن قيل فَإِذا لم يُوجد بلد إِلَّا كَذَلِك قلت يخْتَار الْمَرْء أقلهَا إِثْمًا مثل أَن يكون الْبَلَد فِيهِ كفر فبلد فِيهِ جور خير مِنْهُ أَو بلد فِيهِ عدل وَحرَام فبلد فِيهِ جور وحلال خير مِنْهُ للمقام أَو بلد فِيهِ معاص فِي حُقُوق الله فَهُوَ أولى من بلد فِيهِ معاص فِي مظالم الْعباد وَهَذَا الأنموذج دَلِيل على مَا رَوَاهُ وَقد قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه فلَان بِالْمَدِينَةِ وَفُلَان بِمَكَّة وَفُلَان بِالْيمن وَفُلَان بالعراق وَفُلَان بِالشَّام امْتَلَأت الأَرْض وَالله جورا وظلما انْتهى
3 -
لَا تجوز الْإِقَامَة إِلَّا فِي حَالَة الْعَجز عَن الْهِجْرَة بِكُل وَجه الْأَدِلَّة من الْقُرْآن الْكَرِيم
وَلَا يسْقط هَذِه الْهِجْرَة الْوَاجِبَة على هَؤُلَاءِ الَّذين استولى الطاغية لعنة الله تَعَالَى على معاقلهم وبلادهم إِلَّا تصور الْعَجز عَنْهَا بِكُل وَجه وَحَال لَا الوطن وَالْمَال فَإِن ذَلِك كُله ملغى فِي نظر الشَّرْع (84 ب) قَالَ الله تَعَالَى {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا فَأُولَئِك عَسى الله أَن يعْفُو عَنْهُم وَكَانَ الله عفوا غَفُورًا} فَهَذَا الإستضعاف المعفو عَمَّن اتّصف بِهِ غير الاستضعاف المعتذر بِهِ فِي أول الْآيَة وصدرها وَهُوَ قَول الظالمي أنفسهم {كُنَّا مستضعفين فِي الأَرْض} فَإِن الله تَعَالَى لم يقبل قَوْلهم فِي الِاعْتِذَار بِهِ فَدلَّ على أَنهم كَانُوا قَادِرين على الْهِجْرَة من وَجه مَا وَعَفا عَن الاستضعاف الَّذِي لَا يُسْتَطَاع مَعَه حِيلَة وَلَا يهتدى بِهِ سَبِيل بقوله {فَأُولَئِك عَسى الله أَن يعْفُو عَنْهُم} عَسى من الله واجبه فالمستضعف المعاقب فِي صدر الْآيَة هُوَ الْقَادِر من وَجه والمستضعف المعفو عَنهُ فِي عجزها هُوَ الْعَاجِز من كل وَجه فَإِذا عجز الْمُبْتَلى بِهَذِهِ الْإِقَامَة عَن الْفِرَار بِدِينِهِ وَلم يسْتَطع سَبِيلا إِلَيْهِ وَلَا ظَهرت لَهُ حِيلَة
وَلَا قدرَة عَلَيْهِ بِوَجْه وَلَا حَال وَكَانَ بِمَثَابَة المقعد أَو المأسور أَو كَانَ مَرِيضا جدا أَو ضَعِيفا جدا فَحِينَئِذٍ يُرْجَى لَهُ الْعَفو وَيصير بِمَثَابَة الْمُكْره على التَّلَفُّظ بالْكفْر وَمَعَ هَذَا لَا بُد أَن تكون لَهُ نِيَّة قَائِمَة أَنه لَو قدر وَتمكن لهاجر وعزم صَادِق مستصحب أَنه إِن ظفر بمكنة وقتا مَا فيهاجر وَأما المستطيع بِأَيّ وَجه كَانَ وَبِأَيِّ حِيلَة تمكنت فَهُوَ غير مَعْذُور وظالم لنَفسِهِ إِن أَقَامَ حَسْبَمَا تضمنته الْآيَات وَالْأَحَادِيث الواردات قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء تلقونَ إِلَيْهِم بالمودة وَقد كفرُوا بِمَا جَاءَكُم من الْحق} إِلَى قَوْله {وَمن يَفْعَله مِنْكُم فقد ضل سَوَاء السَّبِيل} وَقَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم لَا يألونكم خبالا ودوا مَا عنتم قد بَدَت الْبغضَاء من أَفْوَاههم وَمَا تخفي صُدُورهمْ أكبر قد بَينا لكم الْآيَات إِن كُنْتُم تعقلون} وَقَالَ الله تَعَالَى {لَا يتَّخذ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافرين أَوْلِيَاء من دون الْمُؤمنِينَ وَمن يفعل ذَلِك فَلَيْسَ من الله فِي شَيْء إِلَّا أَن تتقوا مِنْهُم تقاة ويحذركم الله نَفسه وَإِلَى الله الْمصير}
(85 أ) وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا تركنوا إِلَى الَّذين ظلمُوا فتمسكم النَّار وَمَا لكم من دون الله من أَوْلِيَاء ثمَّ لَا تنْصرُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {بشر الْمُنَافِقين بِأَن لَهُم عذَابا أَلِيمًا الَّذين يتخذون الْكَافرين أَوْلِيَاء من دون الْمُؤمنِينَ أيبتغون عِنْدهم الْعِزَّة فَإِن الْعِزَّة لله جَمِيعًا} إِلَى قَوْله {وَلنْ يَجْعَل الله للْكَافِرِينَ على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافرين أَوْلِيَاء من دون الْمُؤمنِينَ أتريدون أَن تجْعَلُوا لله عَلَيْكُم سُلْطَانا مُبينًا} وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا} الَّذين اتَّخذُوا دينكُمْ هزوا وَلَعِبًا من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَالْكفَّار أَوْلِيَاء وَاتَّقوا الله إِن كُنْتُم مُؤمنين وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة اتَّخَذُوهَا هزوا وَلَعِبًا ذَلِك بِأَنَّهُم قوم لَا يعْقلُونَ) وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّمَا وَلِيكُم الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة وَيُؤْتونَ الزَّكَاة وهم رَاكِعُونَ وَمن يتول الله وَرَسُوله وَالَّذين آمنُوا فَإِن حزب الله هم الغالبون} وَقَالَ تَعَالَى {إِن الَّذين تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة ظالمي أنفسهم قَالُوا فيمَ كُنْتُم قَالُوا كُنَّا مستضعفين فِي الأَرْض قَالُوا ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة فتهاجروا فِيهَا فَأُولَئِك مأواهم جَهَنَّم وَسَاءَتْ مصيرا إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء والولدان لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَة وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلا فَأُولَئِك عَسى الله أَن يعْفُو عَنْهُم وَكَانَ الله عفوا غَفُورًا} وَقَالَ تَعَالَى
{ترى كثيرا مِنْهُم يتولون الَّذين كفرُوا لبئس مَا قدمت لَهُم أنفسهم أَن سخط الله عَلَيْهِم وَفِي الْعَذَاب هم خَالدُونَ وَلَو كَانُوا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالنَّبِيّ وَمَا أنزل إِلَيْهِ مَا اتخذوهم أَوْلِيَاء وَلَكِن كثيرا مِنْهُم فَاسِقُونَ} والظالمون أنفسهم فِي هَذِه الْآيَة السَّابِقَة إِنَّمَا هم التاركون لِلْهِجْرَةِ مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهَا حَسْبَمَا تضمنه قَوْله تَعَالَى {ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة فتهاجروا فِيهَا} فظلمهم أنفسهم إِنَّمَا كَانَ بِتَرْكِهَا وَهِي الْإِقَامَة مَعَ الْكفَّار وتكثير سوادهم وَقَوله {تَوَفَّاهُم الْمَلَائِكَة} فِيهِ تَنْبِيه على أَن الموبخ على ذَلِك والمعاقب عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ من مَاتَ مصرا على هَذِه الْإِقَامَة (85 ب) وَأما من تَابَ عَن ذَلِك وَهَاجَر وأدركه الْمَوْت وَلَو بِالطَّرِيقِ فتوفاه الْملك خَارِجا عَنْهُم فيرجى قبُول تَوْبَته أَلا يَمُوت ظَالِما لنَفسِهِ وَيدل ذَلِك ايضا على قَول الله تَعَالَى {وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله} إِلَى قَوْله {وَكَانَ الله غَفُورًا رحِيما} فَهَذِهِ الْآي القرآنية كلهَا أَو أَكْثَرهَا مَا سوى قَوْله {ترى كثيرا مِنْهُم} إِلَى آخرهَا نُصُوص فِي تَحْرِيم الْمُوَالَاة الكفرانية وَأما قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين} فَمَا أبقت مُتَعَلقا إِلَى التطرق لهَذَا التَّحْرِيم وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذين اتَّخذُوا دينكُمْ هزوا وَلَعِبًا من الَّذين أُوتُوا الْكتاب من قبلكُمْ وَالْكفَّار أَوْلِيَاء وَاتَّقوا الله إِن كُنْتُم مُؤمنين}