المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ رأي الونشريشي لا يجوز لأن ذلك يتنافى مع عزة الاسلام أهل الدجن عصاة - أسنى المتاجر وبيان أحكام من غلب على وطنه النصاري ولم يهاجر وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر

[الونشريسي]

فهرس الكتاب

- ‌ الْمَسْأَلَة هَل تجوز إِقَامَة الْمُسلم فِي بلد غلب عَلَيْهِ النَّصَارَى

- ‌ رَأْي أبي الْوَلِيد بن رشد الْجد تَحْرِيم الْإِقَامَة

- ‌ مناقشة فقهية حول رأى ابْن رشد

- ‌ حكم دم الْمُقِيم بدار الْحَرْب وَمَاله هَل العاصم الْإِسْلَام أم الدَّار راي مَالك بن أنس

- ‌رَأْي أبي بكر بن الْعَرَبِيّ العاصم للدم الاسلام وللمال الدَّار وَرَأى الشَّافِعِي العاصم لَهما جَمِيعًا الْإِسْلَام

- ‌ رَأْي ابْن الْحَاج لَيْسَ لأحد على مَال الْمُسلم الْمُقِيم بدار الْحَرْب أَو دَمه سَبِيل

- ‌ رَأْي ابْن الْحَاج فِي الْمُسلمين المتخلفين فِي برشلونه الَّذين يشتركون مَعَ النَّصَارَى فِي الإغارة على الْمُسلمين

- ‌ الْمُقِيم والراجع بعد الْهِجْرَة والمتمنى الرُّجُوع لَا يحِق لَهُم تولى الْقَضَاء أَو الْإِمَامَة وَلَا تقبل شَهَادَتهم

- ‌ هَل هِيَ تقبل خطابات قُضَاة أهل الدجن وَهل يجوز الرَّد عَلَيْهَا

- ‌ رَأْي المازرى تَحْسِين الظَّن بِالْمُسْلِمين إِذا كَانَ قَاضِي أهل الدجن مُضْطَرّا للاقامة فإقامته لَا تقدح فِي ولَايَته

- ‌ هَل يجوز للْخَارِج على الإِمَام تَوْلِيَة الْقُضَاة مطرف وَابْن الْمَاجشون يريان أَن ذَلِك يجوز

- ‌ رَأْي شُيُوخ الأندلس لَا يجوز

- ‌ خَاتِمَة

- ‌ضميمة

- ‌ رَأْي الونشريشي لَا يجوز لِأَن ذَلِك يتنافى مَعَ عزة الاسلام أهل الدجن عصاة

- ‌ الْخَوْف على النَّفس والأهل وَالْولد وَالْمَال من شرارهم

- ‌ الْخَوْف من الْفِتْنَة فِي الدّين

- ‌ الْخَوْف على الأبضاع والفروج إِشَارَة إِلَى حَادث كنة الْمُعْتَمد ابْن عباد

- ‌ الْخَوْف من التسلط على المَال بإحداث الْوَظَائِف الثَّقِيلَة والمغارم المجحفة

الفصل: ‌ رأي الونشريشي لا يجوز لأن ذلك يتنافى مع عزة الاسلام أهل الدجن عصاة

عَظِيمَة بِحَيْثُ أَنه يعجز عَن تعَاطِي ذَلِك عَنْهُم أَكْثَرهم بل مَا يَجدونَ مثله فِي ذَلِك الْفَنّ إِن هَاجر وبحيث أَنه يلحقهم فِي فَقده ضَرَر كَبِير إِن فقدوه فَهَل يرخص لَهُ فِي الْإِقَامَة مَعَهم تَحت حكم الْملَّة الْكَافِرَة لما فِي إِقَامَته هُنَاكَ من الْمصلحَة لأولئك الْمَسَاكِين الذميين مَعَ أَنه قَادر على الْهِجْرَة مَتى شَاءَ أَو لَا يرخص لَهُ أَو لَا رخصَة لَهُم أَيْضا فِي إقامتهم هُنَاكَ تجرى عَلَيْهِم أَحْكَام الْكفْر لَا سِيمَا وَقد سمح لَهُم فِي الْهِجْرَة مَعَ أَن أَكْثَرهم قادرون عَلَيْهَا مَتى أحبو

وعَلى تَقْدِير أَن لَو رخص لَهُ فِي ذَلِك فَهَل يرخص لَهُ أَيْضا فِي الصَّلَاة بثيابه حسب استطاعته إِذْ لَا تَخْلُو فِي الْغَالِب عَن نَجَاسَة لِكَثْرَة مخالطته (107) لِلنَّصَارَى وتصرفه بَينهم ورقاده وقيامه فِي دِيَارهمْ فِي خدمَة الْمُسلمين الذميين حَسْبَمَا ذكرت

بينوا لنا حكم الله فِي ذَلِك مَأْجُورِينَ مشكورين إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَالسَّلَام الْكثير يعْتَمد مقامكم الْعلي وَرَحْمَة الله تَعَالَى وَبَرَكَاته

فأجبته بِمَا نَصه

34 -

‌ رَأْي الونشريشي لَا يجوز لِأَن ذَلِك يتنافى مَعَ عزة الاسلام أهل الدجن عصاة

الْحَمد لله تَعَالَى وَهَذَا الْجَواب وَالله تَعَالَى ولي التَّوْفِيق بفضله

إِن إلهنا الْوَاحِد القهار قد جعل الخزية وَالصغَار فِي أَعْنَاق ملاعين الْكفَّار سلاسل وأغلالا يطوفون بهَا فِي الأقطار وَفِي أُمَّهَات المداين والأمصار إِظْهَارًا لعزة الْإِسْلَام وَشرف نبيه الْمُخْتَار فَمن حاول من الْمُسلمين عصمهم الله ووقرهم انقلاب تِلْكَ السلَاسِل والأغلال فِي عُنُقه فقد حاد الله وَرَسُوله

ص: 58

وَعرض بِنَفسِهِ إِلَى سخط الْعَزِيز الْجَبَّار وحقيق أَن يكبكبه الله مَعَهم فِي النَّار قَالَ الله تَعَالَى {كتب الله لأغلبن أَنا ورسلي إِن الله قوي عَزِيز} فَالْوَاجِب على كل مُؤمن يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر السَّعْي فِي حفظ رَأس الْإِيمَان بالبعد والفرار عَن مساكنة أَعدَاء حبيب الرَّحْمَن والاعتلال بِإِقَامَة الْفَاضِل الْمَذْكُور بِمَا عرض من غَرَض التَّرْجَمَة بَين الطاغية وَأهل ذمَّته من الدجن العصاه لَا يخلص من وَاجِب الْهِجْرَة وَلَا يتَوَهَّم مُعَارضَة مَا سطر فِي السُّؤَال من الْأَوْصَاف الطردية لحكمها الْوَاجِب إِلَّا متجاهل أَو جَاهِل معكوس الْفطْرَة لَيْسَ مَعَه من مدارك الشَّرْع خَبره لِأَن مساكنة الْكفَّار من غير أهل الذِّمَّة وَالصغَار لَا تجوز وَلَا تُبَاح سَاعَة من نَهَار لما تنتجه من الأدناس والأوضار والمفاسد الدِّينِيَّة والدنيوية طول الْأَعْمَار مِنْهَا أَن غَرَض الشَّرْع ان تكون كلمة الْإِسْلَام وَشَهَادَة الْحق قَائِمَة على ظُهُورهَا عالية على غَيرهَا منزهة عَن الازدراء بهَا وَمن ظُهُور شَعَائِر الْكفْر عَلَيْهَا ومساكنتهم تَحت الذل وَالصغَار تَقْتَضِي وَلَا بُد أَن تكون هَذِه الْكَلِمَة الشَّرِيفَة الْعَالِيَة المنيفة سافلة لَا عالية ومزدرى بهَا لَا منزهة وحسبك بِهَذِهِ الْمُخَالفَة للقواعد الشَّرْعِيَّة وَالْأُصُول وبمن يتحملها ويصبر عَلَيْهَا مُدَّة عمره من غير ضَرُورَة وَلَا إِكْرَاه

35 -

الْإِقَامَة فِي حكم النَّصَارَى تحول دون كَمَال الصَّلَاة

وَمِنْهَا أَن كَمَال الصَّلَاة الَّتِي تتلو الشَّهَادَتَيْنِ فِي الْفضل والتعظيم الإعلان والظهور لَا يكون وَلَا يتَصَوَّر إِلَّا بِكَمَال الظُّهُور والعلو والنزاهة من الازدراء والاحتقار فِي مساكنة الْكفَّار وملابسة الْفجار تعريضها للاضاعة والازدراء

ص: 59

والهزء واللعب قَالَ الله تَعَالَى {وَإِذا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاة اتَّخَذُوهَا هزوا وَلَعِبًا ذَلِك بِأَنَّهُم قوم لَا يعْقلُونَ} وحسبك بِهَذِهِ الْمُخَالفَة أَيْضا

36 -

وتعطل الزَّكَاة

وَمِنْهَا إيتَاء الزَّكَاة وَلَا يخفى على ذِي بَصِيرَة وسريرة مستنيرة أَن إِخْرَاج الزَّكَاة (108) للْإِمَام من أَرْكَان الْإِسْلَام وشعائر الْأَنَام وَحَيْثُ لَا إِمَام فَلَا إِخْرَاج لعدم شَرطهَا فَلَا زَكَاة لفقد مستحقها فَهَذَا ركن من أَرْكَان الْإِسْلَام منهد بِهَذِهِ الْمُوَالَاة الكفرية وَأما إخْرَاجهَا لمن يَسْتَعِين بهَا على الْمُسلمين فَلَا يخفى أَيْضا مَا فِيهِ من المناقضة للمتعبدات الشَّرْعِيَّة كلهَا

37 -

وتعطل الصّيام

وَمِنْهَا صِيَام رَمَضَان وَلَا يخفى أَنه فرض على الْأَعْيَان وَزَكَاة الْأَبدَان وَهُوَ مَشْرُوط بِرُؤْيَة الْهلَال ابْتِدَاء وانقضاء وَفِي أَكثر الْأَحْوَال إِنَّمَا تثبت الرُّؤْيَة بِالشَّهَادَةِ وَالشَّهَادَة لَا تُؤَدّى إِلَّا عِنْد الْأَئِمَّة وخلفايهم وَحَيْثُ لَا إِمَام وَلَا خَليفَة وَلَا شَهَادَة الشَّهْر إِذْ ذَاك مَشْكُوك الأول وَالْآخر فِي الْعَمَل الشَّرْعِيّ

38 -

وتحول دون الْحَج

وَمِنْهَا حج الْبَيْت وَالْحج وَإِن كَانَ سَاقِطا عَنْهُم لعدم الِاسْتِطَاعَة لِأَنَّهَا موكولة إِلَيْهِم

ص: 60

39 -

وتمنع من الْجِهَاد

(وَمِنْهَا الْجِهَاد) فالجهاد لإعلاء كلمة الْحق ومحو الْكفْر من قَوَاعِد الْأَعْمَال الإسلامية وَهُوَ فرض على الْكِفَايَة وَعند مَسِيس الْحَاجة وَلَا سِيمَا بمواضع هَذِه الْإِقَامَة الْمَسْئُول عَنْهَا وَمَا يجاورها ثمَّ هم إِمَّا تاركوه من غير ضَرُورَة مَانِعَة مِنْهُ على الْإِطْلَاق فهم كالعازم على تَركه من غير ضَرُورَة والعازم على التّرْك من غير ضَرُورَة كالتارك قصدا مُخْتَارًا وَإِمَّا مقتحمون نقيضه بمعونة أَوْلِيَائِهِمْ على الْمُسلمين إِمَّا بالنفوس وَإِمَّا بالأموال فيصيرون حربيين مَعَ الْمُشْركين وحسبك بِهَذِهِ مناقضة وضلالة

40 -

هَذِه الْإِقَامَة تضع من أَمر الْإِسْلَام وَتعرض للاستغراق فِي مُشَاهدَة الْمُنْكَرَات

وَقد اتَّضَح بِهَذَا التَّقْرِير نقص صلَاتهم وصيامهم وزكاتهم وجهادهم وإخلالهم بإعلاء كلمة الله وَشَهَادَة الْحق وإهمالهم لاجلالها وتعظيمها وتنزيهها عَن إزدراء الْكفَّار وتلاعب الْفجار فَكيف يتَوَقَّف متشرع أَو يشك متورع فِي تَحْرِيم هَذِه الْإِقَامَة مَعَ استصحابها لمُخَالفَة جَمِيع هَذِه الْقَوَاعِد الإسلامية الشَّرِيفَة الجليلة مَعَ مَا يَنْضَم إِلَيْهَا ويقترن بِهَذِهِ المساكنة المقهورة مِمَّا لَا يَنْفَكّ عَنْهَا غَالِبا من التنقيص الدنياوي وَتحمل المذلة والمهانة وَهُوَ مَعَ ذَلِك مُخَالف لمعهود

ص: 61

عزة الْمُسلمين ورفعة أقدارهم وداع إِلَى احتقار الدّين واهتضامه وَهُوَ أَي مَا يَنْضَم إِلَى مَا تقدم أُمُور أَيْضا تصطك مِنْهَا المسامع مِنْهَا الإذلال والاحتقار والإهانة وَقد قَالَ عليه السلام

(لَا يَنْبَغِي لمُسلم أَن يذل نَفسه) وَقَالَ

(الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى)

وَمِنْهَا الازدراء والاستهزاء وَلَا يتحملها ذُو مُرُوءَة فاضلة من غير ضَرُورَة وَمِنْهَا السب والأذية فِي الْعرض وَرُبمَا كَانَت فِي الْبدن وَالْمَال وَلَا يخفى (مَا) فِيهِ من جِهَة السّنة والمروءة

وَمِنْهَا الِاسْتِغْرَاق فِي مُشَاهدَة الْمُنْكَرَات والتعرض لملابسة النَّجَاسَات وَأكل الْمُحرمَات والمتشابهات

41 -

الْخَوْف من نقض النَّصَارَى لعهودهم

وَمِنْهَا (109) مَا يتَوَقَّع مخوفا فِي هَذِه الْإِقَامَة وَهُوَ أُمُور أَيْضا مِنْهَا نقض الْعَهْد من الْملك والتسلط على النَّفس والأهل وَالْولد وَالْمَال وَقد رُوِيَ أَن عمر بن عبد الْعَزِيز نهى عَن الْإِقَامَة بِجَزِيرَة الأندلس مَعَ أَنَّهَا كَانَت فِي ذَلِك الْوَقْت رِبَاطًا لَا يجهل فَضله وَمَعَ مَا كَانَ الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ من الْعِزَّة والظهور ووفور الْعدَد وَالْعدَد لَكِن مَعَ ذَلِك نهى عَنهُ خَليفَة الْوَقْت الْمُتَّفق على فَضله وَدينه وصلاحه ونصيحته لرعيته خوف التَّعْزِير فَكيف بِمن ألْقى

ص: 62