المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إياك مخالفة الله في أمره - الزهر الفائح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح

[ابن الجزري]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌الحشر يوم القيامة

- ‌حاسب نفسك

- ‌اعرف قدرك عند الله

- ‌آفات الغفلة

- ‌إياك وعقوق الوالدين

- ‌إياك والزنا

- ‌إياك مخالفة الله في أمره

- ‌أقوال الصالحين في التوبة والإقلاع عن الذنوب

- ‌كرامات الأولياء

- ‌إثم عقوق الوالدين

- ‌الخوف من النداء للعرض

- ‌لا تغتر بالدنيا

- ‌احزن في الدنيا تفرح في الآخرة

- ‌لا تغفل عن ذكر الله

- ‌علامة حب الله للعبد

- ‌الغيبة والنميمة

- ‌اتق دعوة المظلوم

- ‌أد الأمانة ولا تخن من خانك

- ‌الخصال التي تنجي من السوء

- ‌داوم على حساب نفسك

- ‌تذكر الموت واجعله أمامك

- ‌طريد الله

- ‌الأمن من مكر الله

- ‌إحذر آفة الشهوة

- ‌إحذر غضب الله

- ‌اطلب النجاة من عذاب الله

- ‌لا تغرنك الدنيا

- ‌كيفية تعبد أبو الحسن الثوري

- ‌بكاء الرسول عند قبض روحه

- ‌اخش عذاب الله وعامله بتقواه

- ‌مناجاة الصالحين

- ‌خف ربك يوم الحساب

- ‌إياكم ومحقرات الذنوب

- ‌بادر بالتوبة فان الموت يأتي بغتة

- ‌لا تقنط من رحمة الله

- ‌كن لله مطيعاً ولا تشتغل بالدنيا

- ‌ثمرة الأكل من الحلال

- ‌لا تؤخر التوبة وتذكر لقاء الله

- ‌نقض العهود والغدر فيها

- ‌حاسب نفسك

- ‌بكاء الصالحين عند موتهم

- ‌خوفاً من الله تعالى

- ‌عذاب أهل النار

- ‌وفي أنفسكم أفلا تبصرون

- ‌أهوال القيامة

- ‌تأهب لأهوال القيامة

- ‌لا تأكل النار موضعاً مسحته الدموع

- ‌عش ما شئت فإنك ميت

- ‌أد الفرائض وكف عن المحارم

- ‌روعة العرض يوم القيامة

- ‌صفة دخول المؤمنين الجنة

- ‌مكفرات الذنوب وموجبات الجنة

- ‌لقاء الأرواح المؤمنة

- ‌وصية الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء

- ‌خاتمة

الفصل: ‌إياك مخالفة الله في أمره

‌إياك مخالفة الله في أمره

وقال بعض الصالحين: رأيت غلاماً قد انقطع عن الناس وهو قائم يصلي، فانتظرته حتى فرغ من صلاته، فسلمت عليه وقلت له: أما معك مؤنس؟ قال: نعم، قلت: وأين هو؟ قال: أمامي، وخلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، ومن تحتي، فقلت في نفسي: إن عنده معرفة، فقلت له: هل عندك زاد؟ قال: نعم، فقلت: وأين هو؟ قال: الإخلاص لله عز وجل والتوحيد، والإقرار لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، قلت له: يا سيدي: إن لي عندك حاجة، قال: وما هي؟ فقلت: أن تدعو الله تعالى لي، فقال: حجب الله طرفك من كل معصية وألهمك بفكرة فيما يرضيه حتى لا يكون لك همة إلا هو، قلت: يا سيدي، متى ألقاك؟ قال لي: أما اللقاء في الدنيا فلا تحدث نفسك بلقائي، وأما الآخرة فإنها لجميع المتقين، وإياك أن تخالف الله تعالى فيما أمرك به وندبك إليه، وإياك إن كنت تبتغي لقائي فاطلبني مع الناظرين إليه، قلت له: وكيف ذلك، قال: بتغضيض بصري عن كل محرم واجتنابي عن كل مسكر، وقد سألت الله تعالى أن يجعل جنتي النظر إليه، ثم صاح يسعى وأقبل يسعى، حتى غاب عن بصري.

وقال الأصمعي رضي الله تعالى عنه: رأيت، أعرابياً في الطواف وهو أرمد العينين والقذى يسبل من عينيه وهو لم يزل قذاهما، فقلت له: ما بالك لا تزيل القذى من عينيك؟ فقال: إن الطبيب زجرني عن ذلك، ولا خير فيمن لا يزجر بالطبيب، إذا نهاه فلا ينتهي، فقلت له: أي شيء تشتهي؟ فقال: أشتهي لكن أحتمي، لأني رأيت أهل الجنة غلبت حميتهم على شهوتهم، فهم لا يشتهون بعدها أبداً. ورأيت أهل النار غلبت شهوتهم على حميتهم فلذلك افتضحوا وشقوا شقاوة لا يسعدون بعدها أبداً.

وحكي عن الحسن البصري رضي الله عنه انه مشى خلف جزارة، فلما بلغ

ص: 33

سكة الجزارة وقف وبكى بكاء شديداً، فقيل له في ذلك، لقال: كان ههنا رجل عابد، فدخل يوما هذه السكة، فرأى امرأة نصرانية، فافتتن بها فخاطبها، فامتنعت منه إلا أن يدخل في دين النصرانية، فغلب عليه الشيطان، ودخل في دينها، فلما سمعت المرأة بذلك خرجت إليه وبصقت في وجهه، وقالت له: أفٍ لك من رجل تركت دين الاسلام لشهوة ساعة وأنا تركت دين النصرانية لشهوة ساعة، وأنا تركت دين النصرانية لشهوة الأبد، فأسلمت وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وحسن إسلامها.

وقال الحسن الرازي رضي الله عنه: رأيت ولدي في المنام عليه ثياب النيران، ومقطعات النيران، فقلت له: يا بني، مالي أرى عليك زي أهل النار، فقال: يا أبت، حدثتني نفسي بشيء، وغلبني هواي، وقد هوى بي في النار، فإياك يا أبت ثم إياك أن تضلل نفسك.

وقال سفيان الثوري رضي الله عنه: رأيت رجلاً متعلقاً بأستار الكعبة، وهو يقول: اللهم سلم، فقلت له: ما شأنك؟ ومم تطلب السلامة؟ فقال لي: يا أخي، كنا أربعة أخوة تنصر أحدنا عِنْداً، وتهوَّد الآخر، وتمجس الثالث، وبقيت أنا خائفاً من الله تعالى، وراغباً في السلامة.

وحكى بعضهم أنه اصطاد سمكتين، فنادته أحدهما: أتأخذني وأنا أطوع منك إلى الله تعالى، فجاوبتها الأخرى: لا تمني عليه بطاعتك، فما عبده أحد إلا بما سبق له في القدر.

وقال ذو النون المصري رضي الله عنه: مررت بدير فوجدت فيه رجلاً يعبد الشمس من دون الله تعالى، فقلت له: يا شيخ لمن تعبد؟ فقال: الشمس، فقلت له: دع، واعبد الله الذي خلقك وخلق السموات والأرض، والشمس والنجوم، والليل والنهار، والشجر والجبال، وخلق كل شيء فقدره تقديراً،

ص: 34