الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّبَّاحِ، نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، نا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام، فَمَرَّ عَلَى قَبْرٍ حَدِيثٍ بِالْبَقِيعِ فَسَأَلَ عَنْهُ؟ فَقَالُوا: هَذِهِ فُلانَةٌ مَوْلاةُ بَنِي فُلانٍ.
قَالَ: فَعَرَفَهَا رَسُولُ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام، قَالَ:«فَهَلا آذَنْتُمُونِي بِهَا؟» .
قَالُوا: مَاتَتْ ظُهْرًا وَأَنْتَ صَائِمٌ قَائِلٌ، فَلَمْ نُحِبَّ أَنْ نُوقِظَكَ بِهَا.
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام، فَصَفَّ بِالنَّاسِ وَصَفَّ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَكَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا، ثُمَّ قَالَ:«لا يَمُوتَنَّ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا دُمْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلا آذَنْتُمُونِي بِهِ؛ فَإِنَّ صَلاتِي عَلَيْهِ رَحْمَةٌ»
بَابُ الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ
163 -
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي الشَّرِيفُ أَبُو الْحُسَيْنِ، قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ
أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمُقْرِئُ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الصَّيْدَلانِيِّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ، أنا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ النَّيْسَابُورِيُّ الْفَقِيهُ، قَالَ: حَدَّثَنَاهُ الرَّبِيعُ فِي (اخْتِلافِ الْحَدِيثِ)، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ، عليه الصلاة والسلام، قَالَ:«إِنَّكُمْ لَتَبْكُونَ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ لَيُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: حَدِيثُ عَمْرَةَ أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
164 -
أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْقَاسِمِ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، نا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ.
وَأنا أَبُو بَكْرٍ، نا الرَّبِيعُ، قَالَ: أنا الشَّافِعِيُّ، نا عَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: تُوُفِّيَتِ ابْنَةٌ لِعُثْمَانَ، بِمَكَّةَ، فَجِئْنَا
نَشْهَدُهَا، وَحَضَرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ: أَلا تَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام، قَالَ:«إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ»
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ إِذَا بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ شَجَرَةٍ، قَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلاءِ الرَّكْبُ.
فَذَهَبْتُ فَإِذَا صُهَيْبٌ.
قَالَ: فَادْعُهُ.
فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ، فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ فَالْحَقْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ رضي الله عنه سَمِعْتُ صُهَيْبًا يَبْكِي، وَيَقُولُ: وَا أُخَيَّاهْ! وَا صَاحِبَاهْ! فَقَالَ عُمَرُ: يَا صُهَيْبُ، تَبْكِي عَلَيَّ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام:«إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ»
قَالَ: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ ذُكِرَ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ عُمَرَ! لا وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام، أَنَّ اللَّهَ عز وجل يُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام، قَالَ:«إِنَّ اللَّهَ يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا؛ لِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ» ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ ذَلِكَ: (وَاللَّهُ أَضْحَكَ وَأَبْكَى)، قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: فَوَاللَّهِ، مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ شَيْءٍ.
165 -
أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْقَاسِمِ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ، نا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَمَا رَوَتْ عَائِشَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام، أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا عَنْهُ بِدَلالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنْ قِيلَ: فَأَيْنَ دَلالَةُ الْكِتَابِ؟ قِيلَ: قَوْلُ اللَّهِ عز وجل: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] ، وَقَوْلُهُ:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7]، وَقَوْلُهُ:{لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} [طه: 15]، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَعَمْرَةُ أَحْفَظُ عَنْ عَائِشَةَ مِنَ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَحَدِيثُهَا أَشْبَهُ الْحَدِيثَيْنِ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا، فَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ عَلَى غَيْرِ مَا رَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ، عليه الصلاة والسلام:«إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا» ، فَهُوَ وَاضِحٌ لا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ؛ لأَنَّهَا تُعَذَّبُ بِالْكُفْرِ، وَهَؤُلاءِ يَبْكُونَ وَلا يَدْرُونَ مَا هِيَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ فَهُوَ صَحِيحٌ؛ لأَنَّ عَلَى الْكَافِرِ عَذَابًا
أَعْلَى، فَإِنْ عُذِّبَ بِدُونِهِ فَزِيدَ فِي عَذَابِهِ فَبِمَا اسْتَوْجَبَ، وَمَا نِيلَ مِنْ كَافِرٍ مِنْ عَذَابٍ أَدْنَى مِنْ عَذَابٍ أَعْلَى مِنْهُ، وَمَا زِيدَ عَلَيْهِ مِنَ الْعَذَابِ فَبِاسْتِيجَابِهِ، لا بِذَنْبِ غَيْرِهِ فِي بُكَائِهِ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: يَزِيدُهُ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ.
قِيلَ: يَزِيدُهُ بِمَا اسْتَوْجَبَ بِعَمَلِهِ، وَيَكُونُ بُكَاؤُهُمْ سَبَبًا، لا أَنَّهُ يُعَذَّبُ بِبُكَائِهِمْ.
فَإِنْ قِيلَ: أَيْنَ دَلالَةُ السُّنَّةِ؟ قِيلَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام، لِرَجُلٍ:«هَذَا ابْنُكَ؟» .
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لا يَجْنِي عَلَيْكَ، وَلا تَجْنِي عَلَيْهِ» .
فَأَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ، عليه الصلاة والسلام، مِثْلَ مَا أَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى، مِنْ أَنَّ جِنَايَةَ كُلِّ امْرِئٍ عَلَيْهِ، كَمَا عَمَلُهُ لَهُ لا لِغَيْرِهِ وَلا عَلَيْهِ
166 -
أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْقَاسِمِ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ، نا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبْجَرَ، عَنْ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِي رِمْثَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ مَعَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ، عليه الصلاة والسلام،