المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(السلفيون وقضية فلسطين) - السلفيون وقضية فلسطين في واقعنا المعاصر

[مشهور آل سلمان]

الفصل: ‌(السلفيون وقضية فلسطين)

شكراً على شفاء من مرض أو نجاح في مدرسة، وكنّ -بعد تقديم الأضحية- يرقصن حول المقام الموهوم، فدعا القسامُ الناسَ إلى أن يتوجَّهوا بنذورهم وأضاحيهم إلى الله -تعالى- فقط؛ لأنه -وحده- القادر على النفع والضرّ، وأما أصحاب القبور فلا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، فكيف ينفعون الآخرين؟!

وفي سبيل الاستفادة من السيرة النبويّة، أنكر القسامُ قراءةَ المولد النبوي بالغناء والتمطيط، والمبالغة بتوقيعه على ألحان الموسيقا، والاكتفاء بسيرة الولادة فقط، مع ما أدخل فيها من الأمور التي لم تثبت، ودعا إلى العناية بالنبي صلى الله عليه وسلم أحواله وشمائله، والسنّة العملية من سيرته؛ لتكون نبراساً يستضيء به المسلمون (1) .

وبالجملة؛ فإن العقيدة السلفية الصحيحة، والمنهج السلفي في التلقي والاستدلال، هو الذي كان عليه القسام ورفيقه، وهذا ظاهر للعيان في كتابه هذا، وفي دعوته ونشاطه وتلاميذه، والله الموفق.

(السلفيون وقضية فلسطين)

يؤمن السلفيون بأن قضية فلسطين من القضايا التي يجب العناية بها، وأن تحريرها من الأمور الشرعية الواجبة، وذلك لما لها من منزلة في الشرع الحنيف، وقد تتابع السلفيون على بيان ما لها من حقوق، وأبدوا -كغيرهم (2) - توجّعاً

(1)«عز الدين القسام شيخ المجاهدين في فلسطين» (172-173) لمحمد حسن شُرَّاب.

(2)

أعني: من المسلمين وغيرهم، والمسلمين على جميع شاراتهم وأحزابهم، ولا سيما الحزبيين الذين اتكأوا على (قضية فلسطين) ، واتخذوها ذريعة لتكثير السواد، ودغدغة= = (العواطف) لركوب (العواصف) ، دون (ثمرة) حقيقية بميزان الشرع، وقواعد أهل العلم، اللهم إلا التعدي على حرمات العلماء، واقتناص الفرص في المناسبات للحط من قدرهم، لتسلم لهم رموزهم، وليراهنوا على (الجماهير) ، وليصلوا من خلالهم إلى (أهدافهم) المرحلية؛ الأرضية (منها) قبل التربوية، والله غالب على أمره، وهو المحيط بالنوايا والخفايا.

ص: 10

وتألّماً لما يجري -قديماً وحديثاً- لأهلها وعلى أرضها، ولا سيما الأحداث الجسام، والتي نلخّصها بالآتي:

أولاً: المذابح، وأشهرها: مذبحة دير ياسين في 9/4/1948م، التي بقرت فيها بطون الحبالى، وذُبّحت الأطفال، وقطعت الأوصال، وشوّهت الأجسام، وقذفت في بئر في القرية، وذهل (ليز) مندوب (الصليب (1) !!!) الأحمر آنذاك لما عد أعوانه (250) جثة، ولم يكملوا العدّ -بعد-، فأغمي عليه!

ومن المذابح -أيضاً-: مذبحة شرفات في 7/2/1951م، ومذبحة عيد الميلاد (!!) في 6/1/1952م، ومذبحة قبية في 14/10/1953م، ومذبحة قتل الأطفال في 2/11/1954م، ومذبحة غزة في 28/2/1955م، ومذبحة شاطئ طبريا في 11/2/1955م، ومذبحة غزة الثانية في 5/4/1956م، ومذبحة غرندل في 13/9/1956م، ومذبحة حوسان في 25/9/1956م، ومذبحة قلقيلية في 10/10/1956م، ومذبحة كفر قاسم في 28/10/1956م.

وانتهاءً في تاريخنا الحديث بمجموعة من المذابح، من مثل: مذابح صبرا وشاتيلا في لبنان في 17/9/1982م، وقبلها مذبحة تل الزعتر والكرنتينا في 10/ 8/1976م، وهاتان المذبحتان من أبشع وأشنع ما سُجّل في التاريخ الحديث، إذ قدمت جثث الموتى للكلاب، وتم فيها اغتصاب النساء، وحرق

(1) للنصارى عناية بالصليب منقطعة النظير، وله أشكال وهيئات، قل أن تسلم منه بيوت المسلمين اليوم فضلاً عن ملابسهم وغيرها! وهي موجودة في الموسوعات (المعلمات) العالمية، وكتب دياناتهم!

ص: 11

الشباب، على صورة تقشعر منها الأبدان، وتشيب بسببها الصبيان!

ثم مذبحة عيون قارة في 20/5/1990م، ثم مجزرة الأقصى الشهيرة في 8/10/1991م، إذ قُتل المصلّون جملة، ولم يراعوا حق ضعيف أو كبير أو امرأة، وبارك شياطينهم من الحاخامات بهذه المجزرة، وطالبوا بالمزيد! وعملوا على المباركة! ولا تنسى أبداً مجزرة المسجد (1) الإبراهيمي بالخليل بقيادة اليهودي الطبيب النجس باروخ غولدشتاين في 25/10/1994م، وكانت-أيضاً- ضد المصلين، وباركها (!!) -أيضاً- كثير من الحاخامات، ولا سيما الذي تولى كبره منهم (غورون) و (دروكمان) ، ونصب لمنفذها (غولدشتاين) تمثالاً (!!) إعجاباً وحباً! (2)

ويزداد التوجع والتألم؛ لما نسمع ونقرأ تصريحات هؤلاء المعتدين، فمثلاً: سأل أحد الصحفيين الضابط اليهودي (مالينكي) عمَّا ارتكبه في بعض هذه المذابح: هل أنت نادم على ما فعلت؟ قال: بالعكس؛ لأنّ الموت لأيِّ عربي في إسرائيل (3)

(1) يطلق الناس في الخليل خاصة وفي فلسطين بعامة، فضلاً عن غيرها، على هذا المسجد (الحرم الإبراهيمي) ، والأمر -من وجهة نظر شرعية- ليس كذلك. وانظر التعليق على (ص 221) .

(2)

للدكتور عرفات حجازي كتاب مطبوع جيد، ينصح بقراءته، وعنوانه «مدينة الخليل وحروب الحاخامات الدينية» .

(3)

هذه التسمية منكرة، وقد شاع على ألسنة الناس في بلاد المسلمين القول في سياق الذمّ: فعلت إسرائيل كذا، وستفعل كذا! و (إسرائيل) هو رسول كريم من رسل الله؛ وهو:(يعقوب) عليه السلام، وهو بريء من دولة اليهود الخبيثة الماكرة، إذ لا توارث بين الأنبياء والرسل وبين أعدائهم من الكافرين، فليس لليهود أية علاقة دينية بنبي الله (إسرائيل) عليه السلام، وهذه التسمية تسيء لمفاهيم ديننا، ولا يرضى الله عنها ولا رسوله ولا أنبياؤه، ولا سيما (إسرائيل) عليه السلام، إذ هم قوم (كفرة) ، وقوم= = (بهت) ، وإطلاق هذه التسمية عليهم فيها إيذاء له عليه السلام، والواجب الحيلولة دون ذلك.

وثبت في «صحيح البخاري» (3533) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم؛ يشتمون مذمماً ويلعنون مذمماً، وأنا محمد» .

والواجب -على الأقل- إغاظتُهم بتسميتهم (يهود) ؛ لأنهم يشمئزون من هذه التسمية، ويفرحون بانتسابهم الكاذب ليعقوب عليه السلام، فليس لهم شيء من فضائله ومناقبه عليه السلام.

وللشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رسالة مطبوعة بقطر عام 1398هـ، بعنوان «الإصلاح والتعديل فيما طرأ على اسم اليهود والنصارى من التبديل» ، وانظر في هذا

-أيضاً-: «معجم المناهي اللفظية» (44) للشيخ بكر أبو زيد، ومجلتنا «الأصالة» الغراء، مقالة الشيخ ربيع بن هادي (حكم تسمية دولة يهود بإسرائيل) العدد (32) : السنة السادسة/15 ربيع الأول/1422هـ (ص 54-57) .

ثم وجدت هذا التحذير في كتاب «خرافات يهودية» لأحمد الشقيري (ص 13-30) تحت عنوان (لستم أبناء إبراهيم، أنتم أبناء إبليس) .

ص: 12

معناهُ الحياة لأي إسرائيلي (3) .

ثانياً: اغتصاب الأرض، وإخراج أهلها منها عنوةً.

عبر مسلسل دموي، وتخطيط محكم، وتنفيذ دقيق، استطاع اليهود سرقة (فلسطين) على دفعات، وكان ذلك بمباركة ودعم الغرب الكافر، وغفلة كثير من الشعب الفاجر (1)، وكان ذلك على دفعتين: سنة 1948م احتلوا فيها فلسطين، وسنة 1967م احتلوا فيها الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف، والمسجد الأقصى، وسيناء، والجولان.

(1) عمل أعداء الله عز وجل على إيجاد منظمات فدائية في الشعب الفلسطيني، تتبنى الماركسية والثورية، وكان (سر الليل) عندهم في معسكراتهم في بعض الأحايين (شتم الله) كما أخبرني بذلك غير واحد {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ

إِلَاّ كَذِباً} .

ص: 13