الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
استطراد له صلة بإخراج أهل فلسطين، وفتوى الشيخ الألباني في ذلك
أذكر هنا إفاضة وإضافة لها صلة بـ (السلفيين وقضية فلسطين) ، وهي فتوى دندن حولها كثير من الشانئين، وأوقعت بعض المحبين في حيرة، وهي فتوى لشيخنا محدث العصر الألباني -رحمه الله تعالى- حول قضية خروج أهل فلسطين منها!
فقد ضمّ الشيخ رحمه الله وآخر مثله في السِّنّ -لا في العلم- مجلس، وسأل المسنُّ القادمُ من فلسطين الشيخَ رحمه الله عن مسائل، وقع ضمنها توجّع وشكاية وتألم من حال المسلمين الساكنين في فلسطين، فأفتى الشيخ
- كعادته وبصراحته وجرأته فيما يعتقد- أن مكة خير من فلسطين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لما لم يستطع إقامة الدين فيها هاجر منها، فعلى كل مسلم لا يستطيع أن يقيم دينه في أي بقعة أن يتركها وينتقل إلى بلدة يستطيع فيها ذلك، فكان ماذا؟ وقعت هذه الفتوى لبعض (الأشاعرة)(الصوفيين) في بلادنا، وأخذ يدندن فيها، متهماً الشيخ بأنه (يهودي) ! مستدلاً بكلامه هذا! وأثارت (الصحف) و (الجرائد) هذه القضية، وكتب فيها العالم والجاهل، والسفيه والحقير والوضيع، وصرح بعضهم أنه لا يبغض (الألباني) ولا يعاديه! وإنما يعمل على محاربة (منهجه) فحسب! اللهم يا مقلب (العقول) ثبت (عقلي) على دينك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
ويا ليت هؤلاء تكلموا بأدلة، أو بلُغَة أهل العلم، وإنما بلغة (الجرائد) (1) : السباب، وعرض (العضلات)، وعدم التعرض للمسألة: بتأصيل أو تكييف أو تدليل أو تأريخ، وإنما لامست شيئاً في نفوسهم من نفور أو
(1) ألف الأستاذ محمد سليم بن محمد الجندي (ت 1375هـ - 1955م) رسالة جيدة مطبوعة بعنوان «إصلاح الفاسد من لغة الجرائد» .
(حسد) أو (حقد) ، ففرَّغوا ما فيها، فارتاحوا وانتعشوا، وظنوا أنهم نهوا وأمروا! وفازوا وظفروا! حقاً؛ إنها -أي: المقالات- مكتوبة بلغة، لا يربأ صاحب القلم الحر العلمي إلا السكوت عنها، أو القول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومع ذلك؛ فقد تصدّى أخونا الشيخ حسين العوايشة لما شاع وذاع، وأخذ في التنقيب والبحث، وجمع ما ورد في مسألة (الهجرة) من آثار، وكلام للعلماء الربانيين، فخرجت معه دراسته المنشورة المعنونة بـ «الفصل المبين في مسألة الهجرة ومفارقة المشركين» ، وإنما هو في الحقيقة في سلسلة للعلماء -على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وأعصارهم وأمصارهم- قد نصوا على ذلك، فها هو شيخنا حماد بن محمد الأنصاري، له كتاب مطبوع بعنوان «إعلام الزمرة بأحكام الهجرة» ، في فتاوى كثيرة، تطلب من مظانها (1) ، وأكتفي بنقل (2) فتوى توافق مشرب المشغّب الذي عامله الله بما استحق، من إطفاء نجمه، وأُفول ظله، وطمس صوته، وهي (فتوى ابن عربي (3) الصوفي الحاتمي الطائي) ، قال ما نصه:
«وعليك بالهجرة ولا تقم بين أظهر الكفار، فإن في ذلك إهانة دين الإسلام، وإعلاء كلمة الكفر على كلمة الله، فإن الله ما أمر بالقتال إلا لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، وإياك والإقامة أو الدخول تحت ذمة كافر ما استطعت، واعلم أن المقيم بين أظهُرِ الكفار -مع تمنكه من الخروج من بين ظهرانيهم- لا حظ له في الإسلام (!!) ، فإن النبي s
(1) سيأتي تعداد ما وقفت عليه مفرداً في هذا الباب، والله الموفق، فانظرها، فإنها مفيدة.
(2)
فات من صنف في هذه المسألة!
(3)
في كتابه «الوصايا» (ص 58-59) .
قد تبرأ منه، ولا يتبرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسلم، وقد ثبت عنه أنه s قال:«أنا بريء من مسلم يقيم بين أظهر المشركين» ، فما اعتبر له كلمة الإسلام، وقال الله -تعالى- فيمن مات وهو بين أظهر المشركين:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} (1)[النساء: 97] ، فلهذا حجرنا في هذا الزمان على الناس زيارة بيت المقدس والإقامة فيه؛ لكونه بيد الكفار، فالولاية لهم والتحكم في المسلمين، والمسلمون معهم على أسوأ حال -نعوذ بالله من تحكم الأهواء-، فالزائرون اليوم البيت المُقدَّس، والمقيمون فيه من المسلمين، هم الذين قال الله فيهم:{ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف: 104] ، وكذلك فلتهاجر عن كل خلق مذموم شرعاً قد ذمه الحقُّ في كتابه، أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
وأخيراً؛ نحيل على دراسات مفردة لمن رام الاستزادة في هذا الموضوع، وهي مهمة:
الأولى: لمصطفى بن رمضان البولاقي (ت 1263هـ - 1847م) : «رسالة فيما إذا كان يحل للمسلمين العيش تحت حكم غير المسلمين والتعايش معهم» .
الثانية: لعلي الرسولي رسالة في الموضوع نفسه، وبالعنوان السابق، وهي والتي قبلها ضمن مجموع منسوخ في القرن (13هـ/19م) في جامعة ييل بأمريكا، تحت رقم [405 - L (970) ] . انظر «المخطوطات العربية في مكتبة جامعة ييل» (106) .
(1) انظر لزاماً عنها: «تفسير الكشاف» (1/557) ، «الدفاع عن أهل السنة والاتباع» لابن عتيق (ص 13-14) ، «الهجرة في القرآن الكريم» (ص 165) .
الثالثة: لأبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي (ت 914هـ - 1508م) : «أسنى المتاجر في بيان أحكام من غلب على وطنه النصارى ولم يهاجر، وما يترتب عليه من العقوبات والزواجر» ، نشرت بتمامها في «المعيار المعرب» (2/119-141) ، ونشرها -قديماً- حسين مؤنس في صحيفة «معهد الدراسات الإسلامية في مدريد» (المجلد 5) ، سنة 1975م، (ص129-182) ، وأعاد نشرها المحقق نفسه في مجلة «معهد المخطوطات العربية» (مجلد 5/الجزء 1/ ذو القعدة/1959)(ص 147-184) ، ثم ظهرت عن دار البيارق في طبعة رديئة! غير مقابلة على نسخ خطية، ومنها نسخة في شنقيط [370 أش] في (17 ورقة) ، كما في «فهرس مكتبة شنقيط وودان» (160) ، وأخرى في مكتبة قاريونس، تحت رقم (845) ، كما في «فهارس مكتبة جامعتها» (2/31) .
الرابعة: «بيان وجوب الهجرة وتحريم موالاة الكفرة ووجوب موالاة مؤمني الأمة» لعثمان بن محمد بن فودي، منه ثلاث نسخ في نيجيريا في جامعة أحمد وبلو، بأرقام [1/127P. و6/8P. و43/7 K.] ، ورابعة في قاريونس/ ليبيا في (77 ورقة) ، تحت رقم (1917) ، كما في «فهرس مكتبة جامعة قاريونس» (2/27) .
الخامسة: «سفر المسلمين إلى بلاد النصارى» ، منه نسخة في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، ضمن مجموع [163] في (7) ورقات.
السادسة: «الشمس المنيرة الزهرا في تحقيق الكلام فيما أدخله الكفار دارهم قهرا» للحسين بن ناصر المهلاّ، منه نسخة في مكتبة الجامع الكبير بصنعاء، تحت رقم (1471) في (21) ورقة.
في رسائل لآخرين، وقد نوهنا -قريباً- أن غير واحد من المعاصرين ألَّف في هذا الباب.