المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: ما جاء في السنة النبوية وأقوال الصحابة ومن بعدهم - السنة النبوية وحي - شيخة بنت مفرج

[شيخة بنت مفرج المفرج]

الفصل: ‌المبحث الثاني: ما جاء في السنة النبوية وأقوال الصحابة ومن بعدهم

‌المبحث الثاني: ما جاء في السنة النبوية وأقوال الصحابة ومن بعدهم

جاءت السنة بذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا وإنَّ ما حَرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرَّمَ الله"(1) .

وعن حسان بن عطية أنه قال:"كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسنة كما ينزل عليه بالقرآن ويعلمه إياها كما يعلمه القرآن"(2) .

وعن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آتاني الله القرآن ومن الحكمة مثليه"(3)

والوحي ينقسم إلى متلو وغير متلو، فالوحي المتلو هو القرآن الكريم ومن الوحي غير المتلو السنة النبوية لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى

(1) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه (أخرجه أبو داود 5/10، كتاب السنة باب لزوم السنة، ح 4604 وأخرجه الترمذي 5/38، كتاب العلم، باب ما نهي عنه أن يقال عن حديث النبي صلى الله عليه وسلمح 2664 وقال حديث حسن غريب، وأخرجه ابن ماجه 1/6، المقدمة باب تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلموالتغليظ على من عارضه ح 12) عن المقداد بن معد يكرب، وحسنه الترمذي وصححه الحاكم.

(2)

أخرجه أبو داود في مراسيله ص 361، باب في البدع، ح 536 ،وقال محققه شعيب الأرناؤوط: رجاله ثقات رجال الشيخين، غير أنّه مرسل.

(3)

أخرجه أبو داود في مراسيله ص 359 باب البدع، ح 534، وقال محققه شعيب الأرناؤوط رجاله ثقات إلا شيخ أبي داود صدوق، غير أنّه مرسل.

ص: 15

،إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3-4] وقوله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء:80] إلى غير ذلك من الأدلة، غير أن السنة النبوية تفارق القرآن الكريم بأمور كثيرة أهمها:

1-

أنها نزلت بالمعنى ولفظها من النبي صلى الله عليه وسلم ومن هنا جاز روايتها بالمعنى للخبير بمقاصدها العارف بمعانيها وألفاظها عند من يرى ذلك من العلماء.

2– أنها ليست معجزة بألفاظها.

3– ولا متعبداً بتلاوتها.

وقد يشكل على أن السنة بأقسامها: أقوالها وأفعالها وتقريراتها من الوحي ما قرره العلماء من جواز الاجتهاد له صلى الله عليه وسلم وأنه اجتهد في كثير من الوقائع في الحروب وغيرها، فَجعْلُ السنة موحى بها من الله سبحانه يعارض ما قرره جمهور العلماء فضلاً عن أنه يسلبه صلى الله عليه وسلم خصائصه ومزاياه من الفهم الثاقب والرأي الصائب. والجواب عن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم وإن اجتهد في كثير من المواطن التي لم ينزل عليه فيها وحي بمقتضى ما فطر عليه من العقل السليم والنظر السديد إلا أَنَّ الله سبحانه لايتركه وشأنه، ولكن يقره إذا أصاب وينبهه إن أخطأ.

ومن هنا كان اجتهاده صلى الله عليه وسلم إذا أقره الله عليه وحياً حكماً فلا تعارض بين أن السنة وحي من الله وأن ذلك لا يسلبه صلى الله عليه وسلم شيئاً من خصائصه ومزاياه بل يؤكدها ويقررها (1) .

(1) كتاب الحديث والمحدثون ص 11 وما بعدها بتصرف.

ص: 16

وإننا لنلمس آثار رحمة الله تعالى وحكمته في أن جعل الوحي قسمين: قسماً: لا تجوز روايته بالمعنى بل لابد فيه من التزام الألفاظ المنزلة وهو القرآن الكريم، وقسماً: تجوز روايته بالمعنى لمن يستطيع ذلك وهو السنة النبوية المطهرة، وفي ذلك صون الشريعة والتخفيف عن الأمة ولو كان الوحي كله من قبيل القرآن الكريم في التزام أدائه بلفظه لشق الأمر وعظم الخطب ولما استطاع الناس أن يقوموا بحمل هذه الأمانة الإلهية.

ولو كان الوحي كله من قبيل السنة في جواز الرواية بالمعنى لكان فيه مجال للريب ومثار للشك ومغمز للطاعنين ومنفذ للملحدين، إذ يقولون لا نأمن أخطاء الرواة في أداء الشريعة ولا نثق بقول نقلة العقائد والأحكام والآداب، ولكِنَّ الله جلت حكمته صان الشريعة بالقرآن ورفع الإصر عن الأمة بتجويز رواية السنة في الحدود السابقة؛ لئلا يكون للناس على الله حجة (1) .

(1) كتاب الحديث والمحدثون ص 19 وما بعدها (بتصرف) .

ص: 17