المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ب - كيف كان الصحابة يتلقون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم - السنة النبوية وحي - شيخة بنت مفرج

[شيخة بنت مفرج المفرج]

الفصل: ‌ب - كيف كان الصحابة يتلقون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم

‌ب - كيف كان الصحابة يتلقون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم

؟

لم يكن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحسن الكتابة إلا نفر قليل فقد كانت الأمية غالبة عليهم فكان اعتمادهم في تلقي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم على استعدادهم في الحفظ على ما سبق آنفا كما أنهم نهوا عن كتابة الحديث في بدء الأمر خوف اختلاطه بالقرآن الكريم، وكان الصحابة يتلقون الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إما بطريق المشافهة وإما بطريق المشاهدة لأفعاله وتقريراته وإما بطريق السماع ممن سمع منه صلى الله عليه وسلم أو شاهد أفعاله وتقريراته لأنهم لم يكونوا جميعا يحضرون مجالسه صلى الله عليه وسلم بل كان منهم من يتخلف لبعض حاجاته. هذا ولما كان عدد الحاضرين للسماع من حضرة النبي صلى الله عليه وسلم يختلف قلة وكثرة اختلف لذلك المروي عنه، فبعضه بلغ درجة التواتر وهو ما نقله عنه صلى الله عليه وسلم جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب وهذا نوعان:-

متواتر لفظاً وهو قليل من الأحاديث كحديث "من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار"(1) ومتواتر معنى وهو كثير ومن ذلك الأحاديث الواردة في أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والبيوع والنكاح والغزوات مما لم يختلف فيه فرقة من فرق الإسلام، وبعضه لم يبلغ درجة التواتر وهو الذي يسميه العلماء «خبر الآحاد» .

(1) أخرجه البخاري في صحيحه مع الفتح 1/302 ،كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلمح 110، وأخرجه مسلم 1/10، المقدمة، باب تغليظ الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ح 3و4.

ص: 26

كان الصحابة يحفظون الأحاديث عن ظهر قلب ويبلغونها للناس بطريق المشافهة إلا ما كان من بعض أفراد قلائل كعبد الله بن عمرو بن العاص فقد أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الحديث عنه.

فعن عبد الله بن عمرو هذا أنه قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق"(1) .

هذا ولاختلاف الصحابة في معرفة الكتابة وعدم معرفتها وكثرة حضورهم مجالسه صلى الله عليه وسلم وقلة حضورهم اختلفوا في تحمل الحديث وأدائه قلة وكثرة فكان منهم المقل ومنهم المكثر.

هذا أبو هريرة رضي الله عنه يقول: "ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فانه كان يكتب ولا أكتب"2)

وكما اختلف الصحابة في صفة الأخذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كثرة المروي وقلته لأسباب أشرنا إليها كذلك اختلفوا في فقه الحديث حسب اختلافهم في الفهم والاستعداد الفطري فلم يكونوا سواء في معرفة الناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمفسر

(1) أخرجه أبو داود 4/60، كتاب العلم، باب في كتابة العلم، ح 3646 وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 2/695، ح 3099.

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه مع 1/206، كتاب العلم، باب كتابة العلم ح 113.

ص: 27