الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلم خبر يقر بصحته، ثم ردَّه بغير تقية، فهو كافر (1) .
ثالثاً: وقوع الإجماع من الأئمة المجتهدين:
كان الأئمة الأربعة من أشد الناس تمسكاً بالحديث إذا ثبت عندهم لا يعدلون عنه إلى قول أحد من الناس، فعلى سبيل المثال:
أ) يقول الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه: "إياكم والقول في دين الله تعالى بالرأي وعليكم باتباع السنة، فمن خرج عنها ضَلَّ"(2) .
ب) وكان الإمام مالك رضي الله عنه يقول: "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم وما جاء من نبيكم، وإن لم تفهموا المعنى فسلِّموا لعلمائكم ولا تجادلوهم، فإن الجدال في الدين من بقايا النفاق"(3) .
ج) أما الإمام الشافعي فيؤكد ذلك قائلاً: يسقط كلُّ شيءٍ مخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقحم معه رأي، ولا يقاس، فإن الله عز وجل قطع العذر بقوله صلى الله عليه وسلم " (4) .
د) أما الإمام أحمد فكان يقول: أولأحد كلام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) ؟!.
(1) انظر الإحكام في أصول الأحكام (ص 89) .
(2)
قواعد التحديث (ص 23) وفيها زيادة.
(3)
انظر: المرجع السابق.
(4)
كتاب الأم (2/228) وانظر (2/226)(7/273) والرسالة (ص 217، 219) .
(5)
انظر: قواعد التحديث (ص 52) .
المطلب الرابع: ثبوت حجية السنة بالدلبل العقلي
…
المطلب الرابع: العقل والحس والمشاهدة
وهي أمارات تدل على حجية السنة وتدل على أنَّ ما أجمل من القرآن الكريم تبيِّنه السنة وتفصله؛ فمثلاً فرض الله على الناس في القرآن الكريم عدة
فرائض مجملة غير مبينة، لم تفصل في القرآن أحكامها، ولا كيفية أدائها، فقال تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [النساء: 77]، و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] ، {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97] . ولم يبين كيف تقام الصلاة وتؤتى الزكاة ويؤدَّى الصوم والحج. ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين هذا الإجمال بسنته القولية والعملية؛ لأن الله سبحانه وتعالى منحه سلطة هذا التبيين بقوله عز شأنه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] ، فلو لم تكن هذه السنة البيانية حجة على المسلمين، وقانوناً واجباً اتباعه، ما أمكن تنفيذ فرائض القرآن ولا اتباع أحكامه.
فالعقل والحس والمشاهدة أمارات دالة على ضرورة السنة وحجيتها، ووجوب اتباعها، وهذه السنن البيانية إنما وجب اتباعها من جهة أنها صادرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ورويت عنه بطريق يفيد القطع بورودها عنه، أو الظن بورودها، فكل سنة تشريعية صَحَّ صدورُها عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهي حُجَّة واجبةُ الاتباع (1) .
(1) انظر: علم أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف (1/ 28) مطبعة النصر – القاهرة، ط. السابعة 1376?. تعليم علم الأصول د. نور الدين مختار الخادمي (ص155) مكتبة العبيكان، ط. الأولى 1423?.