المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ من غير وجود قطع في سندها ولا ثبوت جرح في ناقليها ما نصه إذا صح عندي خبر من رواية - السنن الأبين

[ابن رشيد السبتي]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا

- ‌الْمُقدمَة

- ‌ الْبَاب الأول

- ‌وَقرر الْحَافِظ أَبُو عَمْرو النصري هَذَا الدَّلِيل بِمَا لَا يسلم مَعَه من الِاعْتِرَاض وورود النَّقْض فَإِنَّهُ قَالَ وَمن الْحجَّة

- ‌كتاب ألفته لِابْنِ لَهُ فَكتبت الْكتاب لَهُ وَوَقعت عَلَيْهِ

- ‌فَانْظُر عنايته بِأَن الْإِخْبَار الْجملِي يتَضَمَّن الْإِخْبَار التفصيلي وَأَن الْقيَاس الْجَلِيّ يَقْتَضِي ذَلِك فَفِيهِ إِشَارَة إِلَى جَوَاز الْإِجَازَة الْمُطلقَة

- ‌ الْبَاب الثَّانِي

- ‌ جَامعه سَمِعت مُحَمَّدًا يَعْنِي البُخَارِيّ يَقُول صَالح بن حسان مُنكر الحَدِيث وَصَالح بن أبي حسان الَّذِي روى عَنهُ ابْن أبي ذِئْب

- ‌ الطَّبَقَات

- ‌ أَبُو بكر عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن عبيد الله عَن أبي الزبير عَن جَابر الْقِصَّة بِطُولِهَا فَقَرَأَ عَلَيْهِ إِنْسَان حَدِيث حجاج بن مُحَمَّد عَن ابْن جريح عَن مُوسَى بن عقبَة نَا سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ

- ‌ من غير وجود قطع فِي سندها وَلَا ثُبُوت جرح فِي نَاقِلِيهَا مَا نَصه إِذا صَحَّ عِنْدِي خبر من رِوَايَة

الفصل: ‌ من غير وجود قطع في سندها ولا ثبوت جرح في ناقليها ما نصه إذا صح عندي خبر من رواية

بتاء الْخطاب وَمَا بِمَعْنى الَّذِي أَي إِن الَّذِي قلته من إِنْكَار أبي زرْعَة صَحِيح من أجل هَؤُلَاءِ الروَاة ثمَّ أبدى وَجه الْعذر وأتى بإنما الَّتِي للحصر فِي قَوْله وَإِنَّمَا أدخلت

وَهَذَا الْمَعْنى الَّذِي قصدته إِن عد مخلصا بِالنّظرِ إِلَيْك فِيمَا يلزمك التطوق بِهِ حَيْثُ غلب على ظَنك صِحَّته فَلَا يلْزم غَيْرك مِمَّن يجْتَهد فِي الرِّجَال نعم يكون صَحِيحا فِي حق من يَكْتَفِي بتقليدك وَإنَّك لخليق بذلك من الْفُقَهَاء أَو الْمُحدثين مِمَّن لم يبلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد فِي معرفَة الصَّحِيح والسقيم

وَقد نحا نَحوا من مذهبك الإِمَام أَبُو حَاتِم البستي فِيمَا حكى عَن نَفسه فِي صدر كِتَابه الَّذِي وسمه بِكِتَاب الْمسند الصَّحِيح على التقاسيم والأنواع

//‌

‌ من غير وجود قطع فِي سندها وَلَا ثُبُوت جرح فِي نَاقِلِيهَا مَا نَصه إِذا صَحَّ عِنْدِي خبر من رِوَايَة

// مُدَلّس بِأَنَّهُ بَين السماع فِيهِ لَا أُبَالِي أَن أذكرهُ من غير بَيَان السماع فِي خَبره بعد صِحَّته عِنْدِي من طَرِيق آخر انْتهى

ص: 154

فَلَا يُنكر أَيهَا الإِمَام الْمُعْتَمد أَن يكون من قبل تِلْكَ الْأَحَادِيث وَصحت عِنْده وَاحْتج بهَا قد اعْتمد نَحوا من هَذَا المسلك فَلم يقبلهَا بِمُجَرَّد العنعنة بل بضميمة إِلَيْهَا أفادته صِحَة اللِّقَاء وَالسَّمَاع وَإِن لم يقْتَرن بهَا ذَلِك لفظا

وَقد وَقع للْإِمَام أبي عبد الله البُخَارِيّ فِي جَامعه الصَّحِيح مَا ينظر إِلَى هَذَا الْمَعْنى وَهُوَ مَا ذكره فِي كتاب الصَّلَاة من كِتَابه فِي بَاب إِذا انفلتت الدَّابَّة فِي الصَّلَاة قَالَ فِيهِ نَا آدم قَالَ نَا شُعْبَة قَالَ نَا الْأَزْرَق بن قيس قَالَ كُنَّا بالأهواز نُقَاتِل الحرورية فَبينا أَنا على جرف نهر إِذا رجل يُصَلِّي وَإِذا لجام دَابَّته بِيَدِهِ فَجعلت الدَّابَّة تنازعه وَجعل يتبعهَا قَالَ شُعْبَة هُوَ أَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ فَجعل رجل من الْخَوَارِج يَقُول اللَّهُمَّ افْعَل بِهَذَا الشَّيْخ فَلَمَّا انْصَرف قَالَ إِنِّي سَمِعت قَوْلكُم وَإِنِّي غزوت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سِتّ غزوات أَو سبع غزوات أَو ثَمَان وَشهِدت تيسيره وَإِنِّي أَن كنت أَن أرجع مَعَ دَابَّتي أحب إِلَيّ من أَن أدعها ترجع إِلَى مألفها فَيشق عَليّ

فَهَذَا الْأَزْرَق بن قيس وَهُوَ الْحَارِثِيّ الْبَصْرِيّ من بلحارث بن كَعْب من التَّابِعين قَالَ أَبُو حَاتِم فِيهِ صَالح الحَدِيث وَقَالَ ابْن

ص: 155

معِين والنسوي وَغَيرهمَا فِيهِ ثِقَة لم يعرف أَبَا بَرزَة وَلَا يثبت قَول قَائِل لَا يعرف صدقه مخبرا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه سَمعه قَالَ كَذَا أَو أَنه رَآهُ فعل كَذَا إِلَّا بعد ثُبُوت صحبته أَو ثُبُوت عَدَالَته قبل أَن يخبر أَنه صَاحب على نظر فِي هَذَا الْقسم الآخر فَإِنَّهُ إِذا قَالَ لنا من عاصره صلى الله عليه وسلم مِمَّن ثَبت إِسْلَامه وعدالته أَنا صَاحب صدق وَقبل قَوْله وَسمعت رِوَايَته

قَالَ الإِمَام الْفَقِيه الْمَالِكِي أَبُو عَمْرو بن الْحَاجِب وَيحْتَمل الْخلاف للاتهام بِدَعْوَى رُتْبَة لنَفسِهِ

قلت لَكِن لما ثَبت عِنْد شُعْبَة أَن أهل هَذَا الرجل الَّذِي نازعته دَابَّته هُوَ

ص: 156

أَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ وَهُوَ مَعْرُوف الصُّحْبَة وَالسَّمَاع من النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثَبت الحَدِيث وَصَحَّ فَلذَلِك أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه فَهَذَا حَدِيث صَحَّ بضميمة

وَأَبُو بَرزَة اخْتلف فِي اسْمه وَاسم أَبِيه فَقيل نضله بن عبيد قَالَ بعض المتقنين وَعَلِيهِ أَكثر الْعلمَاء وَقيل نَضْلَة بن عَائِد وَقيل عبد الله بن نَضْلَة وَقيل غير ذَلِك وَأَصله مدنِي نزل الْبَصْرَة وعَلى نَحْو من هَذَا تَأَول عُلَمَاء الصَّنْعَة بعدكما عَلَيْكُمَا أعنيك وَالْبُخَارِيّ فِيمَا وَقع فِي كتابيكما من حَدِيث من علم بالتدليس مِمَّن لم يبين سَمَاعه فِي ذَلِك الْإِسْنَاد الَّذِي أخرجتما الحَدِيث بِهِ فظنوا بكما

ص: 157

مَا يَنْبَغِي من حسن الظَّن والتماس أحسن المخارج وأصوب الْمذَاهب لتقدكما فِي الْإِمَامَة وسعة علمكما وحفظكما وتمييزكما ونقدكما أَن مَا أخرجتما من الْأَحَادِيث عَن هَذَا الضَّرْب مِمَّا عرفتما سَلَامَته من التَّدْلِيس

وَكَذَلِكَ أَيْضا حكمُوا فِيمَا أخرجتما من أَحَادِيث الثِّقَات الَّذين قد اختلطوا فحملوا ذَلِك على أَنه مِمَّا رُوِيَ عَنْهُم قبل الِاخْتِلَاط أَو مِمَّا سلمُوا فِيهِ عِنْد التحديث على نظر فِي هَذَا الْقسم الآخر يحْتَاج إِلَى إمعان التَّأَمُّل فبعض مِنْهَا توصلوا إِلَى الْعلم بالسلامة فِيهِ بطبقة الروَاة

ص: 158

عَنْهُم وتمييز وَقت سماعهم وَبَعض أشكل وَقد كَانَ يَنْبَغِي فِيمَا أشكل أَن يتَوَقَّف فِيهِ لكِنهمْ قنعوا أَو أَكْثَرهم بِإِحْسَان الظَّن بكما فقبلوه ظنا مِنْهُم أَنه قد بَان عندكما أمره وحسبنا الِاقْتِدَاء بِمَا فعلوا وَلُزُوم الِاتِّبَاع ومجانبة الابتداع

وَقد سلك أَيْضا هَذَا المسلك أَبُو حَاتِم البستي فَقَالَ فِي صدر كِتَابه وَأما المختلطون فِي أَوَاخِر أعمارهم مثل الْجريرِي وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة وأشباههما فَإنَّا نروي عَنْهُم فِي كتَابنَا هَذَا ونحتج بِمَا رووا إِلَّا أَنا لَا نعتمد من حَدِيثهمْ إِلَّا على مَا روى عَنْهُم الثِّقَات من القدماء الَّذين يعلم أَنهم سمعُوا مِنْهُم قبل اختلاطهم أَو مَا وافقوا الثِّقَات من الرِّوَايَات الَّتِي لَا شكّ فِي صِحَّتهَا وثبوتها من جِهَة أُخْرَى لِأَن حكمهم وَإِن اختلطوا فِي أَوَاخِر أعمارهم وَحمل عَنْهُم فِي اختلاطهم بعد تقدم عدالتهم حكم الثِّقَة إِذا أَخطَأ أَن الْوَاجِب ترك خطئه إِذا علم والاحتجاج بِمَا يعلم أَنه لم يخطيء وَكَذَلِكَ حكم هَؤُلَاءِ الِاحْتِجَاج بهم فِيمَا وافقوا الثِّقَات وَمَا انفردا مِمَّا روى عَنْهُم القدماء من الثِّقَات الَّذين كَانَ سماعهم مِنْهُم قبل الِاخْتِلَاط سَوَاء انْتهى مَا قَالَه أَبُو حَاتِم البستي

وَفِي بعض كَلَامه نظر فليسا سَوَاء وتشبيهه بِحَال الثِّقَة إِذا أَخطَأ لَا يساعد عَلَيْهِ أما مَا رُوِيَ عَنْهُم قبل الإختلاط وتميز مِمَّا رُوِيَ بعده فَلَا إِشْكَال فِيهِ وَأما مَا رُوِيَ عَنْهُم مُسْتَقِيمًا بعد الِاخْتِلَاط فَفِيهِ نظر وَقد أنكرهُ يحيى بن معِين على وَكِيع وَقَالَ لَهُ تحدث عَن سعيد بن أبي عرُوبَة

ص: 159

وَإِنَّمَا سَمِعت مِنْهُ فِي الِاخْتِلَاط فَقَالَ رَأَيْتنِي حدثت عَنهُ إِلَّا بِحَدِيث مستو

فَإِنَّهُ إِن كَانَ الِاعْتِمَاد على الثِّقَات الَّذين وافقوهم دونهم فَلم يعْتَمد عَلَيْهِم فَمَا الْفَائِدَة فِي تَخْرِيج الحَدِيث عَنْهُم دون أولائك الثِّقَات وَإِن كَانَ الِاعْتِمَاد على الروَاة عَنْهُم وعَلى ماقرؤوه عَلَيْهِم من صَحِيح كتبهمْ الَّتِي كتبوها فِي حَال الصِّحَّة أَو الَّتِي كتب عَنْهُم أَصْحَابهم قبل الِاخْتِلَاط كَمَا قَالَ ابْن معِين سَمِعت ابْن أبي عدي يَقُول لَا نكذب الله كُنَّا نأتي الْجريرِي وَهُوَ مختلط فنلقنه فَيَجِيء بِالْحَدِيثِ كَمَا هُوَ فِي كتَابنَا فقد حصل فِي الحَدِيث انْقِطَاع وَصَارَ وجودهم كعدمهم وَلَا فرق بَين أَن يقْرَأ عَلَيْهِ وَهُوَ مختلط وَأَن يقْرَأ على قَبره وَهُوَ ميت فآل الْأَمر إِلَى الِاعْتِمَاد على الوجادة

وَأحسن مَا يلْتَمس لَهُم أَنهم لم يفرط الِاخْتِلَاط فيهم بِحَيْثُ يكونُونَ مطبقين أَو كَانَت لَهُم أَوْقَات تثوب إِلَيْهِم عُقُولهمْ فِيهَا فيتحين الآخذون عَنْهُم تِلْكَ الْأَوْقَات ويقرأون عَلَيْهِم من كتبهمْ أَو كتب أَصْحَابهم أَو يسمعُونَ مِنْهُم مَا حفظوه مِمَّا تظهر لَهُم السَّلامَة فِيهِ

هَذَا هُوَ الَّذِي يجب أَن يعْتَقد فِي من روى عَنْهُم من الثِّقَات وعَلى ذَلِك يحمل فعل وَكِيع بن الْجراح وَغَيره مِمَّن فعله وَإِلَّا عَاد ذَلِك بالقدح على الروَاة عَنْهُم على أَن أَبَا حَاتِم البستي وَإِن كَانَ من أَئِمَّة الحَدِيث

ص: 160

فَعنده بعض التساهل فِي الْقَضَاء بِالصَّحِيحِ فَمَا حكم بِصِحَّتِهِ مِمَّا لم يحكم بِهِ غَيره إِن لم يكن من قبيل الصَّحِيح يكن من قبيل الْحسن وَكِلَاهُمَا يحْتَج بِهِ وَيعْمل عَلَيْهِ إِلَّا أَن يظْهر فِيهِ مَا يُوجب ضعفه

ثمَّ اعْلَم أَيهَا الإِمَام المتبع الْمُعْتَمد أَنَّك سميت فِي جملَة من ذكرت أَنَّك لَا تعلم سماعهم مِمَّن حدثوا عَنهُ قيس بن أبي حَازِم عَن أبي مَسْعُود والنعمان بن أبي عَيَّاش عَن أبي سعيد وَذكرت غَيرهم مِمَّن انْفَرَدت عَن البُخَارِيّ بتخريج بَعضهم وَلم يخرجهم لأحد وَجْهَيْن

إِمَّا لعدم ذَلِك الشَّرْط عِنْده

كَحَدِيث عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن تَمِيم الدَّارِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أحد من سميت وانفردت بِإِخْرَاجِهِ عَنهُ وَهُوَ حَدِيث الدّين النَّصِيحَة لله ولكتابه وَلِرَسُولِهِ ولأئمة الْمُسلمين وعامتهم

خرجته فِي كتاب الْإِيمَان من كتابك وَلَيْسَ لتميم الدَّارِيّ فِي

ص: 161

كتابك غَيره وَأما البُخَارِيّ فَلم يخرج لتميم الدَّارِيّ شَيْئا

ص: 162

وَهَذَا الحَدِيث مِمَّا أغفل القَاضِي أَبُو الْفضل عِيَاض فِي إكماله التَّنْبِيه على موقعه من كتاب مُسلم أَو غَيره فَرَأَيْنَا أَن ننبه عَلَيْهِ

وكما أَنَّك أَيْضا لم تخرج حَدِيث بعض من سميت كَحَدِيث

أبي رَافع عَن أبي وَهُوَ حَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان فَلم يعْتَكف عَاما فَلَمَّا كَانَ الْعَام الْمقبل اعْتكف عشْرين لَيْلَة

أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَغَيرهمَا

وَلَقَد أبعد النجعة أَبُو الْفضل فِي قَوْله خرجه ابْن أبي شيبَة فِي

ص: 163

مُسْنده كَمَا أبعد أَيْضا النجعة فِي بَيَان أحد حَدِيثي أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَة عَن أبي مَسْعُود الَّذين أَشَارَ إِلَيْهِمَا مُسلم وَلم يُخرجهُ مُسلم وَهُوَ حَدِيث

لَا تجزي صَلَاة لَا يُقيم الرجل صلبه فِيهَا فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود

فَقَالَ خرجه ابْن أبي شيبَة

وَذَلِكَ إبعاد مِنْهُ للنجعة

فقد خرجه أَيْضا أَبُو دَاوُد والنسوي فِي سُنَنهمَا وَالتِّرْمِذِيّ فِي جَامعه كلهم من طَرِيق الْأَعْمَش عَن عمَارَة بن عُمَيْر عَن أبي معمر عَن أبي مَسْعُود وَلَيْسَ فِيهِ ذكر سَماع عِنْد جَمِيعهم وَإِنَّمَا ننبه هُنَا مِنْهَا على مَا أغفله القَاضِي أَبُو الْفضل إكمالا لما نقص من الْمُقدمَة فِي إكماله

ص: 164

وَإِمَّا لِأَنَّهُ لم يَقع لَهُ أَعنِي للْإِمَام أبي عبد الله البُخَارِيّ على بعد ذَلِك عَلَيْهِ

ص: 166

فقد روينَا بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدّم إِلَى الخليلي رحمه الله قَالَ أَنا عبد الْوَاحِد بن بكر الصُّوفِي نَا عبد الله بن عدي الْجِرْجَانِيّ نَا مُحَمَّد بن أَحْمد القومسي قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن حمدوية يَقُول سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول أحفظ مائَة ألف حَدِيث صَحِيح وَأعرف مِائَتي ألف حَدِيث غير صَحِيح

وَإِن خرج مِنْهَا شَيْئا قُلْنَا اطلع على مَا لم تطلع عَلَيْهِ من ذَلِك

فَأَما مَا ذكرت من شَأْن قيس عَن أبي مَسْعُود والنعمان عَن أبي سعيد فَاعْلَم أَيهَا الإِمَام الأوحد أَنهم علمُوا صِحَة سَماع قيس من أبي مَسْعُود

ص: 167

والنعمان من أبي سعيد فجروا على نهجهم الْوَاضِح وشرطهم الصَّحِيح

فَأَما قيس فقد ذكر البُخَارِيّ سَمَاعه من أبي مَسْعُود فِي موضِعين فِي كِتَابه أَحدهمَا فِي بَاب تَخْفيف الإِمَام فِي الْقيام وإتمام الرُّكُوع وَالسُّجُود فَقَالَ

نَا أَحْمد بن يُونُس قَالَ نَا زُهَيْر قَالَ نَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد قَالَ سَمِعت قيسا قَالَ أَخْبرنِي أَبُو مَسْعُود أَن رجلا قَالَ وَالله يَا رَسُول الله إِنِّي لأتأخر عَن صَلَاة الْغَدَاة من أجل فلَان مِمَّا يُطِيل بِنَا ح فَقَالَ فِيهِ عَن قيس أَخْبرنِي أَبُو مَسْعُود

وَالثَّانِي ذكره فِي بَاب صَلَاة كسوف الشَّمْس

فَقَالَ نَا شهَاب بن عباد قَالَ نَا إِبْرَاهِيم بن حميد عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس قَالَ سَمِعت أَبَا مَسْعُود يَقُول قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا يكسفان لمَوْت أحد من النَّاس ح قَالَ فِيهِ عَن قيس سَمِعت أَبَا مَسْعُود فقد إنتهى إِلَيْهِ مَا لم ينْتَه إِلَيْك

وَسَمَاع قيس وَهُوَ ابْن أبي حَازِم عَوْف بن عبد الْحَارِث من أبي مَسْعُود واسْمه عقبَة بن عَمْرو البدري مَشْهُور مَذْكُور عِنْد

ص: 168

أَئِمَّة الصَّنْعَة وَقد نَص عَلَيْهِ الإِمَام النَّاقِد أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الله بن جَعْفَر بن نجيح بن الْمَدِينِيّ فِي كتاب التَّارِيخ والعلل من تأليفه

أَنا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عِيسَى بن يُوسُف الْمَقْدِسِي الشُّرُوطِي كِتَابَة إِذْ لَقيته بِمَدِينَة بلبيس من الديار المصرية عَن الْعدْل أبي الْقَاسِم الْحُسَيْن ابْن هبة الله بن صصرى إجَازَة عَن أبي الْقَاسِم صَدَقَة بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن إجَازَة عَن أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْبَزَّار عَن أبي الْحُسَيْن عَليّ بن مُحَمَّد بن عبد الله بن بَشرَان عَن أبي عَمْرو عُثْمَان ابْن أَحْمد الدقاق عَن أبي الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن البرا الْعَبْدي عَن أبي الْحسن عَليّ بن الْمَدِينِيّ أَنه قَالَ قيس بن أبي حَازِم سمع من أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَسعد بن أبي وَقاص وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة بن عبيد الله وَأبي شهم وَجَرِير بن عبد الله البَجلِيّ وَأبي مَسْعُود البدري وخباب بن

ص: 169

الْأَرَت والمغيرة بن شُعْبَة ومرداس بن مَالك الْأَسْلَمِيّ ومستورد بن شَدَّاد الفِهري ودكين بن سعيد الْمُزنِيّ وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَأبي سُفْيَان بن حَرْب وخَالِد بن الْوَلِيد وَحُذَيْفَة بن الْيَمَان وَعبد الله بن مَسْعُود وَسَعِيد بن زيد وَأبي جُحَيْفَة قيل لعَلي هَؤُلَاءِ كلهم سمع مِنْهُم قيس بن أبي حَازِم سَمَاعا قَالَ نعم سمع مِنْهُم سَمَاعا وَلَوْلَا ذَلِك لم نعده لَهُ سَمَاعا

فا نظر عنايته بِسَمَاعِهِ وتأكيده لَهُ الْمرة بعد الْمرة

وَأما أَحَادِيث النُّعْمَان عَن أبي سعيد فقد خرجها البُخَارِيّ وخرجتها أَنْت أَيهَا الإِمَام فِي مَوَاضِع من كتابك مَنْصُوصا فِيهَا على السماع فَأثْبت فِي آخر كتابك مَا نفيت فِي أَوله وأقررت بِمَا أنْكرت وَشهِدت من نَفسك على نَفسك فَمَا ذنبهم أَن حفظوا ونسيت وَلَا غرو فَإِنَّمَا

ص: 170

ذَلِك تعويذ لكمالك

شخص الْأَنَام إِلَى كمالك فاستعذ

من شَرّ أَعينهم بِعَيْب وَاحِد

وَذكرت أَيهَا الإِمَام فِي صفة الْجنَّة يسر الله علينا فِيهَا بِلَا محنة

نَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي قَالَ أَنا المَخْزُومِي قَالَ نَا وهيب عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا

قَالَ أَبُو حَازِم فَحدثت بِهِ النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش الزرقي فَقَالَ حَدثنِي أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ح

وخرجه أَيْضا البُخَارِيّ كَذَلِك لوُجُود شَرطه فِيهِ وَهُوَ معرفَة السماع فَقَالَ فِي صفة الْجنَّة وَقَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أَنا الْمُغيرَة بن سَلمَة قَالَ نَا وهيب عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا

قَالَ أَبُو حَازِم فَحدثت بِهِ النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش فَقَالَ حَدثنِي أَبُو سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن فِي الْجنَّة لشَجَرَة يسير الرَّاكِب الْجواد

ص: 171

الْمُضمر السَّرِيع مائَة عَام مَا يقطعهَا

فقد اتفقتما على تَخْرِيج هَذَا الحَدِيث عَن شيخ وَاحِد مَنْصُوصا فِيهِ عندكما على سَماع النُّعْمَان من أبي سعيد

والمخزومي هُوَ أَبُو هَاشم الْمُغيرَة بن سَلمَة المَخْزُومِي الْبَصْرِيّ قَالَ أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِيّ عِنْد ذكره هَذَا الحَدِيث وَلم أر لَهُ فِي الْكتاب غَيره يَعْنِي فِي صَحِيح البُخَارِيّ

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم اللالكائي أخرجَا لَهُ جَمِيعًا وَأكْثر لَهُ مُسلم سمع وهيبا وَعبد الْوَاحِد بن زِيَاد

روى عَنهُ عَليّ بن الْمَدِين وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ والمحمدون ابْن المثنة وَابْن عبد الله المخرمي وَابْن بشار

ص: 172

قَالَ ابْن الْجُنَيْد ثِقَة

وَقَالَ البُخَارِيّ مَاتَ سنة مِائَتَيْنِ

الْموضع الثَّانِي قريب مِنْهُ فِي الْبَاب نَفسه من كتابك قلت فِيهِ نَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ نَا يَعْقُوب يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن القاريء عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن أهل الْجنَّة ليتراءون الغرفة فِي الْجنَّة كَمَا ترايون الْكَوْكَب فِي السَّمَاء

قَالَ فَحدثت بذلك النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش فَقَالَ سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول كَمَا تراءون الْكَوْكَب الدُّرِّي فِي الْأُفق الشَّرْقِي أَو الغربي

وخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي صفة الْجنَّة فَقَالَ

أَنا عبد الله ابْن مسلمة نَا عبد الْعَزِيز عَن أَبِيه عَن سُهَيْل عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن أهل الْجنَّة ليترايون الغرف فِي الْجنَّة كَمَا يترايون الْكَوْكَب فِي

ص: 173

السَّمَاء قَالَ أبي فَحدثت النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش فَقَالَ أشهد لسمعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يحدث وَيزِيد فِيهِ كَمَا ترايون الْكَوْكَب الغارب فِي الْأُفق الشَّرْقِي والغربي

عبد الْعَزِيز الْمَذْكُور فِي هَذَا الحَدِيث هُوَ أَبُو تَمام عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار

الْموضع الثَّالِث قلت فِي المناقب من كتابك نَا قُتَيْبَة بن سعيد قَالَ نَا يَعْقُوب يَعْنِي ابْن عبد الرَّحْمَن الْقَارِي عَن أبي حَازِم قَالَ سَمِعت سهلا يَقُول سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض

وَفِيه قَالَ أَبُو حَازِم فسمعني النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش وَأَنا أحدثهم هَذَا الحَدِيث فَقَالَ هَكَذَا سَمِعت سهلا يَقُول قَالَ فَقلت نعم قَالَ فَأَنا أشهد على أبي سعيد الْخُدْرِيّ لسمعته يزِيد فَأَقُول إِنَّهُم مني وَذكر الحَدِيث بِتَمَامِهِ

ص: 174

وخرجه البُخَارِيّ فِي موضِعين فِي الْفِتَن وَفِي ذكر الْحَوْض

فَقَالَ فِي كتاب الْفِتَن فِي بَاب قَول الله سُبْحَانَهُ {وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة} الْأَنْفَال 25 التَّرْجَمَة

نَا يحيى بن بكير نَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي حَازِم قَالَ سَمِعت سهل بن سعد يَقُول سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض ح وَفِيه قَالَ أَبُو حَازِم فسمعني النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش وَأَنا أحدثهم هَذَا فَقَالَ هَكَذَا سَمِعت سهلا فَقلت نعم قَالَ وَأَنا أشهد على أبي سعيد الْخُدْرِيّ لسمعته يزِيد فِيهِ قَالَ إِنَّهُم مني ثمَّ ذكر تَمام الحَدِيث

وَقَالَ فِي بَاب الْحَوْض نَا سعيد بن أبي مَرْيَم نَا مُحَمَّد بن مطرف حَدثنِي أَبُو حَازِم عَن سهل بن سعد قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض من مر عَليّ شرب وَمن شرب لم يظمأ أبدا ليردن عَليّ أَقوام أعرفهم ويعرفونني ثمَّ يُحَال بيني وَبينهمْ

قَالَ أَبُو حَازِم فسمعني النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش فَقَالَ هَكَذَا سَمِعت من سهل فَقلت نعم قَالَ أشهد على أبي سعيد الْخُدْرِيّ لسمعته وَهُوَ يزِيد فِيهَا فَأَقُول إِنَّهُم مني فَيُقَال إِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك

ص: 175

فَأَقُول سحقا سحقا لمن غير بعدِي

والعذر لَك أَيهَا الإِمَام باد فَإِن النَّص على السماع فِيمَا خرجت أَنْت من هَذِه الْأَحَادِيث ورد مضمنا غُضُون الحَدِيث لَيْسَ مصدرا بِهِ وَلَا ملاقيا للنَّاظِر وَإِنَّمَا ذكرت هَذِه الْأَحَادِيث فِي المساند فِي مُسْند سهل لِأَن هَذِه الزِّيَادَة إِنَّمَا وَقع ذكرهَا عَن أبي سعيد التبع وَقد جرت هَذِه الْغَفْلَة عَلَيْك يَرْحَمك الله غَفلَة أُخْرَى رَأينَا أَن ننبه عَلَيْهَا تَتِمَّة الْفَائِدَة وصلَة بالنفع عَائِدَة وَهِي أَنَّك قلت وَأسْندَ النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ ثَلَاثَة أَحَادِيث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَهَذَا الْكَلَام يفهم ظَاهره أَنه لم يسند غَيرهَا وَقد أخرجت لَهُ فِي صحيحك سِتَّة أَحَادِيث من رِوَايَة النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش عَن أبي سعيد أَحدهَا الْمَتْن المدرج فِي حَدِيث إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة

وَالثَّانِي المدرج أَيْضا فِي حَدِيث إِن أهل الْجنَّة ليتراءون الغرفة فِي الْجنَّة

وَالثَّالِث المدرج فِي حَدِيث أَنا فَرَطكُمْ على الْحَوْض

ص: 176

وَالرَّابِع حَدِيث إِن أدنى أهل الْجنَّة منزلَة رجل صرف الله وَجهه عَن النَّار قبل الْجنَّة ح تفردت بِهِ عَن البُخَارِيّ

وَالْخَامِس حَدِيث أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن أدنى أهل النَّار عذَابا منتعل بنعل من نَار يغلي دماغه من حرارة نَعْلَيْه خرجتهما فِي الْإِيمَان من كتابك

وَالسَّادِس حَدِيث من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله باعد الله وَجهه عَن النَّار سبعين خَرِيفًا خرجته فِي الصّيام من كتابك وخرجه البُخَارِيّ فِي الْجِهَاد من غير نَص مِنْكُمَا على سَماع النُّعْمَان لَهُ من أبي سعيد وخرجه أَبُو عبد الرَّحْمَن النسوي فِي مُصَنفه ناصا فِيهِ على سَماع النُّعْمَان

ص: 177

من أبي سعيد فَقَالَ أَنا مُؤَمل بن إيهاب قَالَ نَا عبد الرَّزَّاق أَنا ابْن جريح أَخْبرنِي يحيى بن سعيد وَسُهيْل بن أبي صَالح سمعا النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش قَالَ سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكره

وللنعمان بن أبي عَيَّاش عَن أبي سعيد حَدِيث سابغ خرجه أَبُو بكر الْبَزَّار فِي مُسْنده قَالَ الْبَزَّار نَا أَحْمد بن مَنْصُور قَالَ نَا سعيد بن سُلَيْمَان قَالَ نَا إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر قَالَ نَا مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة عَن النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش الزرقي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا صَلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس

قَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله بن أبي بكر وَقد ذكر هَذَا الحَدِيث من طَرِيق الْبَزَّار إِسْنَاده صَالح حسن مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة حدث عَنهُ مَالك بن أنس وَغَيره من الثِّقَات

قلت الَّذِي يظْهر أَن مُسلما رحمه الله إِنَّمَا عَنى بقوله ثَلَاثَة أَحَادِيث الثَّلَاثَة الْأَخِيرَة مِمَّا ذكر الَّتِي لم يرد فِيهَا مَنْصُوصا سَماع

ص: 178

النُّعْمَان من أبي سعيد وَلم تمر بِذكرِهِ الثَّلَاثَة أَحَادِيث الَّتِي نَص فِيهَا على سَمَاعه مِنْهُ لِأَنَّهَا وَردت متبعة لحَدِيث سهل بن سعد حَسْبَمَا بَيناهُ على أَن أَبَا عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ قد نَص فِي مُصَنفه على سَماع النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش من أبي سعيد فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عليه وسلم من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله ح فَقَالَ أَعنِي النَّسَائِيّ أَنا مُؤَمل بن إيهاب قَالَ نَا عبد الرَّزَّاق أَنا ابْن جريح أَخْبرنِي يحيى بن سعيد وَسُهيْل بن أبي صَالح سمعا النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش قَالَ سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكره

قلت وَهُوَ فِي البُخَارِيّ وَمُسلم من طَرِيق عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريح بِسَنَدِهِ فِي كتاب النَّسَائِيّ وَفِيه سمعا النُّعْمَان عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم من غير نَص على سَماع النُّعْمَان من أبي سعيد

رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن إِسْحَاق بن نصر عَن عبد الرَّزَّاق وَرَوَاهُ مُسلم عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور وَعبد الرَّحْمَن بن بشر عَن عبد الرَّزَّاق

وَزَاد مُسلم فِي طرقه رِوَايَة ابْن الْهَادِي والدراوردي لَهُ عَن سُهَيْل عَن النُّعْمَان عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 179

وَقد نقص القَاضِي أَبَا الْفضل من صدر إكماله التَّنْبِيه على هَذِه الْمَوَاضِع والاستدراك على مُسلم رحمه الله فِيهَا وَلَا بُد للْأولِ أَن يفضل للْآخر

مَا كَانَ أحْوج ذَا الْكَمَال إِلَى

عيب يوقيه من الْعين

وَقد ذكر حَدِيث الشَّجَرَة الإِمَام الْحَافِظ أَبُو نعيم أَحْمد بن عبد الله ابْن أَحْمد الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه الْمخْرج على كتابك وَفِيه التَّنْبِيه على أَنه من مُسْند أبي سعيد

أَنا أَبُو الْعِزّ عبد الْعَزِيز بن عبد الْمُنعم كِتَابَة قَالَ كتبت إِلَيْنَا أم هاني عفيفة بنت أبي بكر بن أبي عبد الرَّحْمَن من أَصْبَهَان قَالَت كتب إِلَيّ أَبُو عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن الْحسن الْقَارِي قَالَ أَنا أَبُو نعيم الْحَافِظ قَالَ نَا أَبُو أَحْمد الغطريفي نَا عبد الله بن مُحَمَّد بن شيروية نَا إِسْحَاق

ص: 180

ابْن ابراهيم نَا المَخْزُومِي نَا وهيب عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب فِي ظلها مائَة عَام لَا يقطعهَا

قَالَ فَحدثت بِهِ النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش فَحَدثني عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب على الْفرس الْجواد الْمُضمر السَّرِيع مائَة عَام لَا يقطعهَا رَوَاهُ يَعْنِي مُسلما عَن إِسْحَاق حدّثنَاهُ فِي مُسْند أبي سعيد الْخُدْرِيّ

فَانْظُر كَيفَ أَشَارَ الْحَافِظ أَبُو نعيم إِلَى أَن أَبَا أَحْمد الغطريفي حَدثهمْ بِهِ عَن مُسْند أبي سعيد إِذْ هُوَ مَظَنَّة الْغَفْلَة وَالنِّسْيَان اللازمين للْإنْسَان وَأول نَاس أول النَّاس

أسأَل الله تَعَالَى وجلت عَظمته وَعز سُلْطَانه أَن يذكرنَا من الْخَيْر مَا نَسِينَا ويعلمنا مِمَّا يُصْلِحنَا مَا جهلنا ويتجاوز عَن سيئات أَعمالنَا ويعاملنا من الْفضل بِمَا هُوَ أَهله

وَمَا توفيقنا إِلَّا بِاللَّه هُوَ حَسبنَا وَعَلِيهِ نتوكل وَبِه نعتصم مِمَّا يصم وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم وَأَسْتَغْفِر الله الغفور الرَّحِيم وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين

كمل بِحَمْد الله وعونه وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم

ص: 181

تَسْلِيمًا بمدرسة مَدِينَة سبتة حرسها الله تَعَالَى فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين لجمادى الأولى سنة خمس وَتِسْعين وسِتمِائَة

ص: 182

خَاتِمَة

فَبعد عرض مَذَاهِب أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ فِي حَدِيث المتعاصرين إِذا ورد مُعَنْعنًا لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِأَن هَذَا الرَّاوِي قد لَقِي شَيْخه الَّذِي حدث عَنهُ أَو شافهه بِحَدِيث فَمنهمْ من رده مُطلقًا وَاخْتَارَ أَن يرد فِي الحَدِيث تَصْرِيح بِالسَّمَاعِ من أول راو فِي الْإِسْنَاد حَتَّى آخِره وَسبق ص 43 أَن هَذَا من مَذَاهِب أهل التَّشْدِيد إِذْ إِنَّه لن يسلم لنا من الْأَحَادِيث إِلَّا الْقَلِيل

وَاخْتَارَ الْبَعْض أَن يقبل مَعَ اشْتِرَاط طول الصُّحْبَة بَينهمَا كَمَا سبق ص 51

وَهَذَا وَإِن كَانَ فِي ظَاهِرَة مُسْفِرًا عَن سَماع إِلَّا أَنه مَذْهَب متشدد ترد بِهِ كثير من الْأَحَادِيث الَّتِي حملهَا الروَاة عَن شيوخهم فِي أثْنَاء الرحلة وَفِي موسم الْحَج وَنَحْو ذَلِك

هَذَا وَاخْتَارَ الإِمَام مُسلم رحمه الله أَن يقبل بِشُرُوط مِنْهَا

أَن يكون هُنَاكَ احْتِمَال قوي للقاء بَينهمَا وَأَن لَا يرد تَصْرِيح يَقُول بِانْتِفَاء سَماع هَذَا الرَّاوِي من شَيْخه الَّذِي يحدث عَنهُ

وَلم يشْتَرط رحمه الله أَن يرد تَصْرِيح بِالسَّمَاعِ بَينهمَا وَاعْتبر أَن من اشْترط ذَلِك أَنه أَدخل شريطة زَائِدَة لم يسْبق إِلَيْهَا وَأَنه مُخَالف للْإِجْمَاع حَسْبَمَا ذكر فِي مُقَدّمَة صَحِيحه

وَاسْتدلَّ رحمه الله على ذَلِك بِأَحَادِيث رويت معنعنة وَلم يرد فِيهَا تَصْرِيح بِالسَّمَاعِ وَأَن أهل الْعلم بالأخبار وَالرِّوَايَات قبلوها وَلم يردوا مِنْهَا

ص: 183

شَيْئا حَسْبَمَا زعم

وَقد سبق مناقشته رحمه الله حول هَذَا الادعاء وَأَن الْإِجْمَاع على خلاف مَا ذهب إِلَيْهِ

وَلَعَلَّ من أبرز مَا يُمكن أَن يرد بِهِ على هَذَا الإِمَام رحمه الله هُوَ من صلب مَا ذكر فِي مُقَدّمَة صَحِيحه من أَن الْإِرْسَال كَانَ شَائِعا فِي ذَلِك الْوَقْت فَكَانَ لَا بُد من أَن يوضع قيد لضبط هَذِه الْمَسْأَلَة أما قبُول مُطلقًا فَهُوَ مِمَّا أوقع الإِمَام مُسلما فِي الْحَرج

وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الدَّافِع الَّذِي جعل ابْن الْمَدِينِيّ وتلميذه البُخَارِيّ رحمهمَا الله يشترطان أَن يرد فِي مثل هَذِه الْحَالة تَصْرِيح جملي من الرَّاوِي بِأَنَّهُ سمع من الشَّيْخ الَّذِي يحدث عَنهُ كي يُؤمن إرْسَاله بِشُرُوط سبق عرضهَا كَأَن تَنْتفِي وصمة التَّدْلِيس عَن هَذَا الرَّاوِي الَّذِي حدث عَن شَيْخه مُعَنْعنًا وَأَن يَصح السَّنَد إِلَيْهِ فِي الحَدِيث الَّذِي صرح فِيهِ وَلَو مرّة بِالسَّمَاعِ من شَيْخه الَّذِي حدث عَنهُ

فَكَانَ مَذْهَب ابْن الْمَدِينِيّ وتلميذه أبي عبد الله البُخَارِيّ بوضعهما لهَذَا الْقَيْد أَو الضَّابِط فِي وَقت وَقد شاع فِيهِ الْإِرْسَال أَجْدَر بِأَن يكون راجحا على مَذْهَب من قبل العنعنه فِي مثل هَذِه الْحَالة وَبِدُون وضع قيد لَهَا

فرحم الله ابْن رشيد الفِهري على مَا قرر فِي هَذِه الْمَسْأَلَة من مناقشته الإِمَام مُسلم رحمه الله حول مَا اشْترط وحول مَا اسْتدلَّ بِهِ من أَحَادِيث سبق ذكرهَا إِلَّا أَنه لم يستوعب الْأَحَادِيث الَّتِي ألزم بهَا الإِمَام مُسلم خَصمه وَلذَا فقد قُمْت بإفرادها بِالتَّعْلِيقِ على جُزْء حَدِيثي للعلامة الشَّيْخ المعلمي

ص: 184

الْيَمَانِيّ رحمه الله وستخرج قَرِيبا إِن شَاءَ الله تَعَالَى

فرحم الله أَئِمَّتنَا على مَا قرروا ونشروا من علم ورحمنا مَعَهم وصل اللَّهُمَّ وَسلم وَبَارك على نَبينَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ وسبحانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك

ص: 185