الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3304 -
أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ خَمِيرَوَيْهِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ، أنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، أنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ،: أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَلَيْسُوا مِمَّنْ نَرْضَى، «لَا يَجُوزُ»
بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ
قَالَ اللَّهُ عز وجل {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَقَالَ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] وَقَالَ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] قَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا عَنَى الْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ، مِنْ قِبَلِ أَنَّ رِجَالَنَا مَنْ نَرْضَى مِنْ أَهْلِ دِينِنَا لَا الْمُشْرِكُونَ لَقَطَعَ اللَّهُ الْوَلَايَةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بِالدِّينِ، وَوَصَفَ الشُّهُودَ مِنَّا فَقَالَ {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] فَلَا تَجُوزُ مِنْ غَيْرِنَا
3305 -
قَالَ الشَّيْخُ: وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،:«يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ وَقَدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ بَدَّلُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ وَغَيَّرُوا»
3306 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا
⦗ص: 153⦘
تُكَذِّبُوهُمْ»
3307 -
وَرَوَى عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مِلَّةٍ عَلَى مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّهَا تَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِمْ» أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، أنا شَاذَانُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فَسَمِعْتُ شَيْخًا يُحَدِّثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَذَكَرَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَاذَانُ: فَسَأَلْتُ عَنْ هَذَا الشَّيْخِ بَعْضَ أَصْحَابِنَا فَزَعَمَ أَنَّهُ عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ، تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ
⦗ص: 154⦘
وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ، أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106] فَقَدْ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: مِنَ الْقَبِيلَةِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ الْقَبِيلَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ:{تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} [المائدة: 106] وَبِمَعْنَاهُ قَالَ عِكْرِمَةُ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى: مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِّينَاهُ عَنِ الْحَسَنِ وَبُقُولِ اللَّهِ {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [المائدة: 106] وَإِنَّمَا الْقَرَابَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْعَرَبِ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ لَا بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ أَهْلِ الذِّمَّةِ يَقُولُ اللَّهُ {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ} [المائدة: 106] وَإِنَّمَا يَتَأَثَّمُ مِنْ كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ لِلْمُسْلِمِينَ الْمُسْلِمُونَ لَا أَهْلُ الذِّمَّةِ قَالَ: وَسَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ
3308 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو الْحَسَنِ الطَّرَائِفِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْكَعْبِيُّ، قَالَا: وَأَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، أنا أَبُو خَالِدٍ يَزِيدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، فِي قَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ} [المائدة: 106] مِنْكُمْ، أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ، وَذَلِكَ أَنَّ رَجُلَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ أَحَدُهُمَا تَمِيمٌ، وَالْآخَرُ عَدِيٌّ صَحِبَهُمَا مَوْلًى لِقُرَيْشٍ فِي تِجَارَةٍ وَرَكِبُوا الْبَحْرَ، وَمَعَ الْقُرَشِيِّ مَالٌ مَعْلُومٌ قَدْ عَلِمَهُ أَوْلِيَاؤُهُ مِنْ بَيْنِ آنِيَةٍ وَبِزَوْرَقَةٍ فَمَرِضَ الْقُرَشِيُّ فَجَعَلَ الْوَصِيَّةَ إِلَى الدَّارِيَّيْنِ فَمَاتَ فَقَبَضَ الدَّارِيَّانِ الْمَالَ فَلَمَّا رَجَعَا مِنْ تِجَارَتِهِمَا جَاءَا بِالْمَالِ وَالْوَصِيَّةِ فَدَفَعَاهُ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ، وَجَاءَا بِبَعْضِ مَالِهِ فَاسْتَنْكَرَ الْقَوْمُ قِلَّةَ الْمَالِ، فَقَالُوا لِلدَّارِيَّيْنِ إِنَّ صَاحِبَنَا قَدْ خَرَجَ مَعَهُ بِمَالٍ كَثِيرٍ مِمَّا أَتَيْتُمَا بِهِ فَهَلْ بَاعَ شَيْئًا، أَوِ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَضَعَ فِيهِ أَمْ هَلْ طَالَ مَرَضُهُ فَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَا: لَا، قَالُوا: إِنَّكُمَا قَدْ خُنْتُمَا لَنَا فَقَبَضُوا الْمَالَ، وَرَفَعُوا أَمْرَهُمْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَلَمَّا نَزَلَتْ: أَنْ يُحْبَسَا بَعْدَ الصَّلَاةِ أَمَرَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَامَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَحَلَفَا بِاللَّهِ رَبِّ السَّمَاوَاتِ، وَرَبِّ الْأَرْضِ مَا تَرَكَ مَوْلَاكُمْ مِنَ مَالٍ إِلَّا مَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ، وَإِنَّا لَا نَشْتَرِي بِأَيْمَانِنَا ثَمَنًا مِنَ الدُّنْيَا {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ، إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ} [المائدة: 106] فَلَمَّا حَلَفَا خَلَّى سَبِيلَهُمَا، ثُمَّ إِنَّهُمْ وَجَدُوا بَعْدَ ذَلِكَ إِنَاءً مِنْ آنِيَةِ الْمَيِّتِ، وَأَخَذُوا الدَّارِيَّيْنِ فَقَالَا اشْتَرَيْنَاهُ
⦗ص: 156⦘
مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ، وَكَذِبَا فَكُلِّفَا الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يَقْدِرَا عَلَيْهَا فَرَفَعُوا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى {فَإِنْ عُثِرَ} [المائدة: 107] يَقُولُ: فَإِنِ اطَّلَعَ {عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} [المائدة: 107]- يَعْنِي الدَّارِيَّيْنِ يَقُولُ: إِنْ كَانَا كَتَمَا حَقًّا {فَآخَرَانِ} [المائدة: 107] مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ {يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} [المائدة: 107] يَقُولُ: فَيَحْلِفَانِ بِاللَّهِ إِنَّ مَالَ صَاحِبِنَا كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّ الَّذِي نَطْلُبُ قِبَلَ الدَّارِيَّيْنِ لَحَقٌ وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ، فَهَذَا قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ حِينَ اطَّلَعَ عَلَى خِيَانَةِ الدَّارِيَّيْنِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} [المائدة: 108]- يَعْنِي الدَّارِيَّيْنِ وَالنَّاسَ - أَنْ يَعُودُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مُعَاذِ بْنِ مُوسَى عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلٍ وَقَالَ مُقَاتِلٌ: أَخَذْتُ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وإِنَّمَا مَعْنَى شَهَادَةِ بَيْنِكُمْ أَيْمَانُ بَيْنِكُمْ إِذَا كَانَ هَذَا الْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
3309 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ الْآدَمَيُّ، بِمَكَّةَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، ثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءَ فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامَ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا بِالذَّهَبِ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ وَجَدُوا الْجَامَ بِمَكَّةَ فَقَالُوا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ، فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَأَنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ، وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106]
⦗ص: 157⦘
" وَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ يُشِيرُ لِتَفْسِيرِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ بِالصِّحَّةِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106] الشَّهَادَةُ نَفْسُهَا، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهَا مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ بِرِوَايَتِنَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِينَ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَشْهَدَانِ لَهُمْ بِمَا ادَّعَوْا عَلَى الدَّارِيَّيْنِ مَنَ الْخِيَانَةِ، ثُمَّ قَالَ {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: 106]- يَعْنِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِينَ مِنْكُمْ بَيِّنَةٌ، فَالدَّارِيَّانِ اللَّذَانِ ادَّعِيَ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا حَكَاهُ مُقَاتِلٌ {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} [المائدة: 107]- يَعْنِي ادَّعَيَا الِابْتِيَاعَ، وَالْوَارِثَانِ - لَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُقَاتِلٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
3310 -
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَازٍ الْمُؤَمَّلِ الْمُؤَمَّلِيُّ، أنا أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، أنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّسَوِيُّ، أنا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بَاذَان، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،: عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة: 106] فَقَالَ: «بَرِئ النَّاسُ مِنْهَا غَيْرِي وَغَيْرِ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءَ، وَكَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّامِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَتَيَا الشَّامَ لِتِجَارَتِهِمَا، وَقَدِمَ عَلَيْهِمَا مَوْلَى لِبَنِي سَهْمٍ يُقَالُ لَهُ بُدَيْلُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ بِتِجَارَةٍ وَمَعَهُ جَامٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَهُوَ عُظْمُ تِجَارَتِهِ، فَمَرِضَ فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يُبَلِّغَا مَا تَرَكَ إِلَى أَهْلِهِ» قَالَ تَمِيمٌ: فَلَمَّا مَاتَ أَخَذْنَا ذَلِكَ الْجَامَ فَبِعْنَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ اقْتَسَمْنَاهُ أَنَا وَعَدِيُّ بْنُ بَدَّاءٍ، فَلَمَّا قَدِمْنَا إِلَى أَهْلِهِ دَفَعْنَا إِلَيْهِمْ مَا كَانَ مَعَنَا، وَفَقَدُوا الْجَامَ فَسَأَلُونَا عَنْهُ، فَقُلْنَا: مَا تَرَكَ غَيْرَ هَذَا وَمَا دَفَعَ إِلَيْنَا غَيْرَهُ قَالَ تَمِيمٌ: فَلَمَّا أَسْلَمْتُ بَعْدَ قَدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ تَأَثَّمْتُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ، وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِمْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِي مِثْلَهَا، فَوَثَبُوا إِلَيْهِ فَأَتَوْا بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُمُ الْبَيِّنَةَ، فَلَمْ يَجِدُوا، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُ بِمَا يَعْظُمُ بِهِ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ، فَحَلَفَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: 106] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ} [المائدة: 108]
⦗ص: 158⦘
فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْهُمْ فَحَلَفَا، فَنُزِعَتِ الْخَمْسُمِائَةِ مِنْ يَدِ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ ذَكَرَهُ الْكَلْبِيُّ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَذَكَرَهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عِنْدَ مَعْنَى مَا ذَكَرَ مُقَاتِلٌ، فَإِنْ كَانَ مَا ذِكْرُهُ هَاهُنَا مَحْفُوظًا فَيُحْتَمَلَ إِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا، إِنَّمَا كَانَ بِقَوْلِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَشَهَادَتِهِ فَكَانَ شَاهِدًا وَاحِدًا، فَحَلَفَ الْوَلِيَّانِ الْوَارِثَانِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَالْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ مَعَ شَاهِدِهِمَا وَاسْتَحَقَّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
3311 -
وَرَوَى مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ شُرَيْحٌ «يُجِيزُ شَهَادَةَ كُلِّ مِلَّةٍ عَلَى مِلَّتِهَا، وَلَا يُجِيزُ شَهَادَةَ الْيَهُودِيِّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ، وَلَا النَّصْرَانِيِّ عَلَى الْيَهُودِيِّ، إِلَّا الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ عَلَى الْمِلَلِ كُلِّهَا» هَذَا هُوَ مَذْهَبُ شُرَيْحٍ فِي ذَلِكَ
3312 -
وَقَدْ غَلَطَ فِيهِ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ مُجَالِدٍ فَرَوَى عَنْهُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:«أَجَازَ شَهَادَةَ الْيَهُودِ بَعْضُهُمُ عَلَى بَعْضٍ» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «شَهَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ» وَكَذَا أَجْمَعُوا عَلَى خَطَئِهِ فِي ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ