المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر أخبار العرب - السيرة النبوية من البداية والنهاية - ت عبد الواحد - جـ ١

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌تَقْدِيم

- ‌ذكر أَخْبَار الْعَرَب

- ‌ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم (2)

- ‌ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ سَدَّ مَأْرِبَ كَانَ صَنْعَتَهُ أَنَّ الْمِيَاهَ تَجْرِي مِنْ بَيْنِ جَبَلَيْنِ، فَعَمَدُوا فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ فَسَدُّوا مَا بَيْنَهُمَا بِبَنَاءٍ مُحْكَمٍ جِدًّا، حَتَّى ارْتَفَعَ الْمَاءُ فَحَكَمَ عَلَى أَعَالِي الْجَبَلَيْنِ، وَغَرَسُوا فِيهِمَا الْبَسَاتِينَ وَالْأَشْجَارَ الْمُثْمِرَةَ الْأَنِيقَةَ، وَزَرَعُوا الزُّرُوعَ الْكَثِيرَةَ، وَيُقَالَ كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ سَبَأَ بْنَ يَعْرُبَ وَسَلَّطَ إِلَيْهِ سَبْعِينَ وَادِيًا يَفِدُ إِلَيْهِ وَجَعَلَ لَهُ ثَلَاثِينَ فُرْضَةً يَخْرُجُ مِنْهَا الْمَاءُ، وَمَاتَ وَلَمْ يَكْمُلْ بِنَاؤُهُ، فَكَمَّلَتْهُ حِمْيَرُ بَعْدَهُ، وَكَانَ اتِّسَاعُهُ فرسخا فِي فَرسَخ، وَكَانُوا فِي غِبْطَةٍ عَظِيمَةٍ وَعَيْشٍ رَغِيدٍ وَأَيَّامٍ طَيِّبَةٍ، حَتَّى ذَكَرَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ تَمُرُّ بِالْمِكْتَلِ عَلَى رَأْسِهَا فَيَمْتَلِئُ مِنَ الثِّمَارِ مِمَّا يَتَسَاقَطُ فِيهِ مِنْ نُضْجِهِ وَكَثْرَتِهِ، وَذَكَرُوا أَنَّهُ لم يكن فِي بِلَادهمْ شئ مِنَ الْبَرَاغِيثِ وَلَا الدَّوَابِّ الْمُؤْذِيَةِ، لِصِحَّةِ هَوَائِهِمْ وَطِيبِ فِنَائِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى (لَقَدْ كَانَ لسبإ فِي مسكنهم آيَة جنتان عَن يَمِين وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ، وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَة طيبَة وَرب غَفُور) وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ بِالْيَمَنِ مِنْ حِمْيَرَ وَصَيْرُورَتِهِ إِلَى الْحَبَشَةِ السُّودَانِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ شِقٌّ وَسَطِيحٌ الْكَاهِنَانِ

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمِ عَلَى أَرْيَاطَ واختلافهما واقتتالهما وصيرورة ملك الْيمن إِلَى أَبْرَهَة بعد قَتله أرياط

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ قَصْدِ أَبْرَهَةَ بِالْفِيلِ مَكَّةَ لِيُخَرِّبَ الْكَعْبَة فَأَهْلَكَهُ الله عَاجلا غير آجل

- ‌ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُلْكِ عَنِ الْحَبَشَةِ وَرُجُوعِهِ إِلَى سيف بن ذى يزن الحميرى

- ‌ذِكْرُ مَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُ الْفُرْسِ بِالْيَمَنِ

- ‌بَاب ذكر بنى إِسْمَاعِيل وهم عرب الْحجاز

- ‌ذكر أصُول أَنْسَاب قبائل عَرَبِ الْحِجَازِ إِلَى عَدْنَانَ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدْنَانَ وُلِدَ لَهُ وَلَدَانِ مَعَدٌّ وَعَكٌّ

- ‌ذِكْرُ جُمَلٍ مِنَ الْأَحْدَاثِ الْوَاقِعَةِ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌بَاب ذكر جمَاعَة مشهورين كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ أَحَدِ أَجْوَادِ الْجَاهِلِيَّةِ

- ‌ذكر شئ مِنْ أَخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ

- ‌ذِكْرُ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيِّ

- ‌ذكر شئ من أَخْبَار أُميَّة بن أَبِي الصَّلْتِ الثَّقَفِيِّ

- ‌ذكر قس بن سَاعِدَة الايادي

- ‌ذكر زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ رضي الله عنه

- ‌ذكر شئ مِمَّا وَقع مِنَ الَحَوَادِثِ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ

- ‌ذِكْرُ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ

- ‌ذِكْرُ تَجْدِيدِ حَفْرِ زَمْزَمَ

- ‌ذِكْرُ نَذْرِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ذَبْحَ أَحَدِ وَلَدِهِ

- ‌ذِكْرُ تَزْوِيجِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ وَطِيبِ أَصْلِهِ الْمُنِيفِ

- ‌بَابُ مَوْلِدِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌ذكر ارتجاس الايوان وَسُقُوطِ الشُّرُفَاتِ، وَخُمُودِ النِّيرَانِ، وَرُؤْيَا الْمُوبِذَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الدَّلَالَاتِ

- ‌ذِكْرُ حَوَاضِنِهِ وَمَرَاضِعِهِ عليه الصلاة والسلام

- ‌ذِكْرُ رَضَاعِهِ عليه الصلاة والسلام مِنْ حَلِيمَةَ بِنْتِ أَبِي ذُؤَيْبٍ السَّعْدِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ شُهُودِهِ عليه الصلاة والسلام حَرْبَ الْفِجَارِ

- ‌ذِكْرُ أَخْبَارٍ غَرِيبَةٍ فِي ذَلِكَ

- ‌بَابٌ فِي هَوَاتِفِ الْجَانِّ

- ‌بَاب كَيْفيَّة بَدْء الْوَحْي

- ‌ذكر عمره عليه الصلاة والسلام وَقت بعثته وَتَارِيخِهَا

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ ضِمَادٍ

- ‌بَاب أَمر الله رَسُوله عليه الصلاة والسلام بإبلاغ الرسَالَة إِلَى الْخَاص وَالْعَام

- ‌بَابُ مُجَادَلَةِ الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

الفصل: ‌ذكر أخبار العرب

بسم الله الرحمن الرحيم

‌تَقْدِيم

الْحَمد لله وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُوله، وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أنيب.

وَبعد: فَهَذَا كتاب السِّيرَة النَّبَوِيَّة للامام الْحَافِظ، أَبى الْفِدَاء إِسْمَاعِيل بن كثير، أقدمه للامة الاسلامية راجيا أَن يكون فِي نشره من الْخَيْر مَا يُحَقّق الْفَائِدَة وَمَا يقدم سيرة الرَّسُول الْكَرِيم فِي صُورَة دانية إِلَى الْكَمَال قريبَة إِلَى الْحَقِيقَة دقيقة فِي الْعرض ممحصة الرِّوَايَات والاخبار.

إِن الامام ابْن كثير وَهُوَ الْحَافِظ المتقن قد جمع كل الاخبار عَن حَيَاة الرَّسُول ودعوته وَمَا سبقها من فَتْرَة الْجَاهِلِيَّة، وَقد بذل جهدا فِي تمحيص الاخبار وَنقد أسانيدها، وَإِن كَانَ قد ترخص فِي رِوَايَة بعض الاخبار الْوَاهِيَة كَمَا سنذكر.

وَعَمله هَذَا يضع أَمَام الْقَارئ كل مَا يُمكن الالمام بِهِ فِي هَذَا المجال، ويجعله على بَصِيرَة فِي تفهم السِّيرَة النَّبَوِيَّة ووعى أحداثها.

وَقد آسفنى أَن تظل طبعة هَذِه السِّيرَة الْكَرِيمَة مليئة بالتشويه والتحريف بعيدَة عَن الدقة والضبط، فآثرت عرضهَا صَحِيحَة بريئة من التحريف والتصحيف قدر الامكان، وضبطها وَشرح الْغَرِيب فِيهَا، وَالتَّعْلِيق على مَا يستبعد من الاخبار والْآثَار.

ص: 3

وسأعود إِلَى قصَّة هَذَا الْكتاب وعملى فِيهِ بعد الحَدِيث عَن مُؤَلفه والالمام بشئ من أخباره (1) .

ابْن كثير: هُوَ أَبُو الْفِدَاء عماد الدّين إِسْمَاعِيل، بن عمر، بن كثير، بن ضوء، ابْن كثير، ابْن زرع، القرشى، الشَّافِعِي.

كَانَ أَصله من الْبَصْرَة، وَلكنه نَشأ بِدِمَشْق وتربى بهَا.

ولد بمجدل الْقرْيَة من أَعمال مَدِينَة بصرى شَرْقي دمشق، سنة سَبْعمِائة أَو إِحْدَى وَسَبْعمائة.

وَتوفى بعد أَن فقد بَصَره، فِي يَوْم الْخَمِيس السَّادِس وَالْعِشْرين من شعْبَان سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة، عَن أَربع وَسبعين سنة.

نشأته: كَانَ أَبوهُ خَطِيبًا لقريته،، وَبعد مولد ابْن كثير بِأَرْبَع سِنِين توفى وَالِده، فرباه

أَخُوهُ الشَّيْخ عبد الْوَهَّاب.

وعَلى هَذَا الاخ تلقى ابْن كثير علومه فِي مبدأ أمره.

ثمَّ انْتقل إِلَى دمشق سنة 706 فِي الْخَامِسَة من عمره.

شُيُوخه: كَانَت دراسة ابْن كثير متجهة إِلَى الْفِقْه والْحَدِيث وعلوم السّنة، إِذْ كَانَت الوجهة الْغَالِبَة فِي عصره، وشيوخه فِي هَذَا المجال كَثِيرُونَ.

(1) تَرْجَمته فِي شذرات الذَّهَب 6 / 231.

والدرر الكامنة 1 / 374 وذيل تذكرة الْحفاظ للحسيني 58.

وديل الطَّبَقَات للسيوطي.

(*)

ص: 4

فقد تفقه بالشيخ برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن الفزارى الشهير بِابْن الفركاح، الْمُتَوفَّى سنة 729.

وَسمع بِدِمَشْق من عِيسَى بن الْمطعم، وَمن أَحْمد بن أَبى طَالب المعمر الشهير بِابْن الشّحْنَة الْمُتَوفَّى سنة 730 ; وَمن الْقَاسِم ابْن عَسَاكِر، وَابْن الشِّيرَازِيّ، وَإِسْحَاق ابْن الْآمِدِيّ، وَمُحَمّد بن زراد.

ولازم الشَّيْخ جمال يُوسُف بن المزكى المزى، صَاحب تَهْذِيب الْكَمَال، الْمُتَوفَّى سنة 742.

وَقد انْتفع بِهِ ابْن كثير، وَتخرج بِهِ، وَتزَوج بابنته.

كَمَا قَرَأَ كثيرا على شيخ الاسلام تقى الدّين بن تَيْمِية، الْمُتَوفَّى سنة 728، ولازمه وأحبه وتأثر بآرائه.

وفى ذَلِك يَقُول ابْن الْعِمَاد: (كَانَت لَهُ خُصُوصِيَّة بِابْن تَيْمِية ومناضلة عَنهُ وَاتِّبَاع لَهُ فِي كثير من آرائه، وَكَانَ يُفْتى بِرَأْيهِ فِي مَسْأَلَة الطَّلَاق، وامتحن بِسَبَب ذَلِك وأوذى) .

وَيَقُول ابْن حجر: (وَأخذ عَن ابْن تَيْمِية ففتن بحبه وامتحن بِسَبَبِهِ) .

كَمَا قَرَأَ على الشَّيْخ الْحَافِظ المؤرخ شمس الدّين الذَّهَبِيّ مُحَمَّد بن أَحْمد بن قايماز الْمُتَوفَّى سنة 748.

وَأَجَازَ لَهُ من مصر أَبُو مُوسَى القرافى، والحسيني، وَأَبُو الْفَتْح الدبوسي، وعَلى بن عمر الوانى، ويوسى الختنى.

وَغير وَاحِد.

وَقد ولى ابْن كثير مشيخة أم الصَّالح والتنكزية بعد إِمَامه الذَّهَبِيّ.

كَمَا ذكره الذَّهَبِيّ فِي مسودة طَبَقَات الْحفاظ.

(1)

(1) ذيل تذكرة الحقاظ للحسيني 58: (*)

ص: 5

‌ذكر أَخْبَار الْعَرَب

(1 / 1 السِّيرَة)

ص: 1

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قِيلَ: إِنَّ جَمِيعَ الْعَرَبِ يَنْتَسِبُونَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ ابْرَاهِيمَ عليهما السلام وَالتَّحِيَّةُ وَالْإِكْرَامُ.

وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُور أَن الْعَرَب العاربة قبل إِسْمَاعِيل، وَمِنْهُم عَادٌ وَثَمُودُ وَطَسْمٌ وَجَدِيسٌ وَأَمِيمٌ وَجُرْهُمٌ وَالْعَمَالِيقُ، وأمم آخَرُونَ لَا يعلمهُمْ إِلَّا الله، كَانُوا قَبْلَ الْخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام وَفِي زَمَانِهِ أَيْضًا.

فَأَمَّا الْعَرَبُ الْمُسْتَعْرِبَةُ، وَهُمْ عَرَبُ الْحِجَازِ، فَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ ابْرَاهِيمَ عليهما السلام.

وَأَمَّا عَرَبُ الْيَمَنِ وَهُمْ حِمْيَرُ فَالْمَشْهُورُ أَنهم من قحطان، واسْمه مهزم.

قَالَهُ ابْنُ مَاكُولَا.

وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعَةَ إِخْوَةٍ: قَحْطَانُ وَقَاحِطٌ وَمِقْحَطٌ وَفَالِغٌ.

وَقَحْطَانُ بْنُ هُودٍ، وَقِيلَ هُوَ هُودٌ.

وَقِيلَ هُودٌ أَخُوهُ.

وَقِيلَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ.

وَقِيلَ إِنَّ قَحْطَانَ مِنْ سلالة إِسْمَاعِيل، حَكَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ قحطان [ابْن الْهَمَيْسَعِ (1) ] بْنِ تَيْمَنَ بْنِ قَيْذَرَ [بْنِ نَبْتِ (1) ] بْنِ إِسْمَاعِيلَ.

وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي نَسَبِهِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: (بَابُ نِسْبَةِ الْيَمَنِ إِلَى إِسْمَاعِيلَ عليه السلام حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدثنَا سَلمَة رضى الله عَنهُ

(1) من المخطوطة (*)

ص: 3

قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قوم من أسلم يتناضلون بِالسُّيُوفِ فَقَالَ: " ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ وَأَنَا مَعَ بَنِي فلَان " لَاحَدَّ الْفَرِيقَيْنِ، فأمسكوا بِأَيْدِيهِم، فَقَالَ: مالكم؟ قَالُوا: وَكَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلَانٍ، فَقَالَ:" ارموا وَأَنا مَعكُمْ كلكُمْ (1) ".

تفرد بِهِ الْبُخَارِيُّ.

وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ: " ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، ارْمُوا وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ " فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ فَقَالَ ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَأَسْلَمُ (2) بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ.

يَعْنِي: وَخُزَاعَةُ فِرْقَةٌ مِمَّنْ كَانَ تَمَزَّقَ مِنْ قَبَائِلِ سَبَأٍ حِينَ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ.

كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

وَكَانَتِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ مِنْهُمْ، وَقَدْ قَالَ لَهُمْ عليه الصلاة والسلام:" ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مِنْ سُلَالَتِهِ.

وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ جِنْسُ الْعَرَبِ، لَكِنَّهُ تَأْوِيلٌ بِعِيدٌ إِذْ هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ بِلَا دَلِيلٍ.

لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ الْقَحْطَانِيَّةَ مِنْ عَرَبِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهِمْ لَيْسُوا مِنْ

سُلَالَةِ إِسْمَاعِيلَ.

وَعِنْدَهُمْ أَنَّ جَمِيعَ الْعَرَبِ يَنْقَسِمُونَ إِلَى قِسْمَيْنِ: قَحْطَانِيَّةٍ وَعَدْنَانِيَّةٍ.

فَالْقَحْطَانِيَّةُ شَعْبَانِ: سَبَأٌ وَحَضْرَمَوْتُ.

وَالْعَدْنَانِيَّةُ شَعْبَانِ أَيْضًا: رَبِيعَةُ وَمُضَرُ، ابْنًا نِزَارِ بْنِ مَعَدِّ بْنِ عَدْنَانَ، وَالشَّعْبُ الْخَامِسُ وَهُمْ قُضَاعَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهِمْ، فَقِيلَ إِنَّهُمْ عَدْنَانِيُّونَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ.

وَيُرْوَى هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجُبَيْرِ بْنِ مَطْعِمٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَعَمِّهِ مُصْعَبِ الزُّبَيْرِيِّ وَابْنِ هِشَامٍ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ: " قُضَاعَةَ بن معد " وَلكنه لَا يَصِحُّ.

قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ.

(1) صَحِيح البُخَارِيّ ج 2 ص 133.

(2)

البُخَارِيّ: وَمِنْهُم أسلم.

(*)

ص: 4

وَيُقَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ (1) يَزَالُوا فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ وَصَدْرٍ مِنَ الْإِسْلَامِ يَنْتَسِبُونَ إِلَى عَدْنَانَ، فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وكانو أَخْوَالَهُ، انْتَسَبُوا إِلَى قَحْطَانَ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ أَعْشَى بْنُ ثَعْلَبَةَ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ: أَبْلِغْ قُضَاعَةَ فِي الْقِرْطَاسِ أَنَّهُمُ * لَوْلَا خَلَائِفُ آلِ الله مَا عنقوا قَالَتْ قُضَاعَةُ إِنَّا مِنْ ذَوِي يُمْنٍ * وَاللَّهُ يعلم مَا بروا وَلَا (2) صَدَقُوا قَدِ ادَّعَوْا وَالِدًا مَا نَالَ أُمَّهُمُ * قَدْ يَعْلَمُونَ وَلَكِنْ ذَلِكَ الْفَرَقُ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو السُّهَيْلِيُّ أَيْضًا مِنْ شِعْرِ الْعَرَبِ مَا فِيهِ إبداع فِي تعيير (3) قضاعة فِي فِي انْتِسَابِهِمْ إِلَى الْيَمَنِ.

وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُمْ مِنْ قَحْطَانَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ إِسْحَاقَ وَالْكَلْبِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ النَّسَبِ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَهُوَ قُضَاعَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ حِمْيَرَ بْنِ سَبَأِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِهِمْ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثَانِ: - يَا أَيُّهَا الدَّاعِي ادْعُنَا وَأَبْشِرْ * وَكُنْ قُضَاعِيًّا وَلَا تُنْزِرْ

- نَحْنُ بَنُو الشَّيْخِ الْهِجَانِ الْأَزْهَرِ (4) * قُضَاعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِمْيَرِ النَّسَبُ الْمَعْرُوفُ غَيْرُ الْمُنْكَرِ * فِي الْحَجَرِ الْمَنْقُوشِ تَحْتَ الْمِنْبَرِ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ النَّسَبِ: هُوَ قُضَاعَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حِمْيَرَ.

وَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ سُوَيْد، عَن أَبى عشابة (5) مُحَمَّد بن مُوسَى، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَا نَحْنُ مِنْ مَعَدٍّ؟ قَالَ لَا.

قلت: فَمن نَحن؟ قَالَ: أَنْتُم من قضاعة بن مَالك بن حمير.

(1) فِي الاصل: لن، وَهُوَ خطأ (2) المطبوعة: وَمَا (3) المطبوعة: تَفْسِير.

وَهُوَ خطأ (4) الهجان: الرجل الحسيب.

والازهر: الْمشرق الْوَجْه.

(5)

كَذَا بالمطبوعة وفى المخطوطة: مشابة وَلَا وجود لَهما.

وَلَعَلَّه أبوعشانة حى بن يُؤمن.

(*)

ص: 5