الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ عَنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسَ ابْن بُكَيْرٍ بِهِ.
ذِكْرُ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه
قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي زُمَيْلٍ سِمَاكِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنْتُ رُبُعَ الْإِسْلَامِ، أَسْلَمَ قَبْلِي ثَلَاثَةُ نَفَرٍ وَأَنَا الرَّابِعُ، أَتَيْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله.
فَرَأَيْتُ الِاسْتِبْشَارَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
هَذَا سِيَاقٌ مُخْتَصَرٌ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: إِسْلَامُ أَبِي ذَرٍّ: حَدَّثَنَا (1) عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الْمُثَنَّى عَنْ أَبِي جَمْرَةَ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَخِيهِ: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْخَبَر من السَّمَاء، فاسمع من قَوْله ثمَّ ائتنى.
فَانْطَلق الآخر (3) حَتَّى قَدِمَهُ وَسَمِعَ مِنْ كَلَامِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ: رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَلَامًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ.
فَقَالَ: مَا شَفَيْتَنِي مِمَّا أَرَدْتُ.
فَتَزَوُّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً [لَهُ] فِيهَا مَاءٌ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَعْرِفُهُ، وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ، حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيْلِ [اضْطَجَعَ](4) فَرَآهُ عَلِيٌّ فَعَرَفَ أَنه غَرِيب، فَلَمَّا رَآهُ تبعه وَلم يسْأَل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه عَن شئ حَتَّى
(؟) البُخَارِيّ: حَدَّثَنى.
(2)
خَ ط: حَمْزَة.
وَهُوَ تَحْرِيف وَمَا أثْبته من صَحِيح البُخَارِيّ 2 / 183.
(3)
البُخَارِيّ: الاخ.
(4)
لَيست فِي البُخَارِيّ.
(*)
أَصْبَحَ، ثُمَّ احْتَمَلَ قِرْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا يَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حَتَّى أَمْسَى، فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ.
فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَقَالَ: أَمَا آنَ (1) للرجل [أَن (2) ] يَعْلَمُ مَنْزِلَهُ فَأَقَامَهُ فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ لَا يسْأَل وَاحِد مِنْهُمَا صاجبه عَن شئ.
حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ فَعَادَ [عَلِيٌّ (2) ] عَلِيٌّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَقَامَ مَعَهُ فَقَالَ: أَلَا تُحَدِّثنِي بالذى أقدمك؟ قَالَ: إِن أَعْطَيْتنِي عهدا وميثاقا لترشدنني فَعَلْتُ.
فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ.
قَالَ: فَإِنَّهُ حَقٌّ، وَإِنَّهُ (3) رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتَّبِعْنِي، فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ، وَإِنْ مَضَيْتُ فَاتَّبِعْنِي حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِي.
فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدَخَلَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي ".
فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ (4) لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ.
فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ثُمَّ قَامَ [الْقَوْم (2) ] فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ.
فَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: وَيَلْكُمُ! أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ، وَأَنَّ طَرِيقَ تِجَارَتِكُمْ إِلَى الشَّامِ؟ ! فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ.
ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِهَا (5) فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ.
هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.
وَقَدْ جَاءَ إِسْلَامُهُ مَبْسُوطًا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ.
فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ، وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا.
(1) البُخَارِيّ: أما نَالَ.
(2)
من البُخَارِيّ.
(3)
البُخَارِيّ: وَهُوَ رَسُول الله.
(4)
البُخَارِيّ: والذى نَفسِي بِيَدِهِ.
(5)
البُخَارِيّ: لمثلهَا.
(*)
فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى خَالٍ لَنَا ذِي مَالٍ وَذِي هَيْئَةٍ، فَأَكْرَمَنَا خَالُنَا وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا، فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ فَقَالُوا لَهُ: إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكَ خَلَفَكَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ.
فَجَاءَ خَالُنَا فنثى مَا قِيلَ لَهُ (1) فَقُلْتُ لَهُ: أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرْتَهُ، وَلَا جِمَاعَ لَنَا فِيمَا بَعْدُ.
قَالَ: فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا (2) فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا، وتغطى خَالنَا بِثَوْبِهِ وَجَعَلَ يَبْكِي.
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا حَضْرَةَ مَكَّة، قَالَ فنافر أنيس عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا، فَأَتَيَا الْكَاهِنَ فَخَيَّرَ أُنَيْسًا.
فَأَتَانَا بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا.
وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا بْنَ أَخِي، قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ سِنِينَ.
قَالَ: قُلْتُ لِمَنْ؟ قَالَ: لِلَّهِ.
قُلْتُ: فَأَيْنَ تَوَجَّهُ؟ قَالَ: حَيْثُ وَجَّهَنِيَ اللَّهُ.
قَالَ: وَأُصَلِّي عِشَاءً حَتَّى إِذا كَانَ من آخر اللَّيْل ألفيت كَأَنِّي خِفَاءٌ (3) حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ.
قَالَ: فَقَالَ أنيس: إِن لى حَاجَة بِمَكَّة فألقنى حَتَّى آتِيَكَ.
قَالَ: فَانْطَلَقَ فَرَاثَ (4) عَلَيَّ، ثُمَّ أَتَانِي فَقُلْتُ: مَا حَبَسَكَ قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ عَلَى دِينِكَ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَا يَقُولُ النَّاسُ لَهُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ إِنَّهُ شَاعِرٌ وَسَاحِرٌ.
وَكَانَ أُنَيْسٌ شَاعِرًا.
قَالَ: فَقَالَ: لَقَدْ سَمِعْتُ الْكُهَّانَ فَمَا يَقُولُ بِقَوْلِهِمْ، وَقد وضعت قَوْله على إقراء الشّعْر فو الله مَا يَلْتَئِمُ لِسَانَ أَحَدٍ أَنَّهُ شِعْرٌ، وَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَادِقٌ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ.
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: هَلْ أَنْتَ كَافِيَّ حَتَّى أَنْطَلِقَ؟ قَالَ: نَعَمْ! وَكُنْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ عَلَى حَذَرٍ، فَإِنَّهُمْ قد شنعوا لَهُ وتجهموا لَهُ.
(1) نثى مَا قيل لَهُ: أظهره وَحدث بِهِ.
(2)
الصرمة: الْقطعَة من الابل مَا بَين الْعشْرين إِلَى الثَّلَاثِينَ (3) الخفاء: الكساء.
(4)
راث: أَبْطَأَ.
(*)
قَالَ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى قَدِمْتُ مَكَّةَ فَتَضَعَّفْتُ رَجُلًا مِنْهُم فَقلت: أَيْن هَذَا الرجل الذى
يَدعُونَهُ الصَّابِئ؟ قَالَ: فَأَشَارَ إِلَى.
فَمَالَ أَهْلُ الْوَادِي عَلَيَّ بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ حَتَّى خَرَرْت مغشيا على، ثمَّ ارْتَفَعت حِينَ ارْتَفَعْتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أَحْمَرُ، فَأَتَيْتُ زَمْزَمَ فَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهَا وَغَسَلْتُ عَنِّي الدَّمَ وَدَخَلْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، فَلَبِثْتُ بِهِ يَا بْنَ أخى ثَلَاثِينَ من يَوْم وَلَيْلَة مالى طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ.
قَالَ فَبَيْنَا أَهْلُ مَكَّةَ فِي لَيْلَةٍ قَمْرَاء إِضْحِيَان (1) وَضرب الله على أشحمة (2) أَهْلِ مَكَّةَ، فَمَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ غَيْرُ امْرَأَتَيْنِ، فَأَتَتَا على وهما يدعوان إساف ونائلة.
فَقلت: أنكحوا أَحَدَهُمَا الْآخَرَ.
فَمَا ثَنَاهُمَا ذَلِكَ.
فَقُلْتُ: وَهُنَّ مثل الْخَشَبَة غير أَنى لم أركن.
قَالَ: فانطلقتا يولولان ويقولان: لَو كَانَ هَهُنَا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا.
قَالَ: فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَهُمَا هَابِطَانِ من الْجَبَل فَقَالَا: مالكما؟ فَقَالَتَا: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا.
قَالَا: مَا قَالَ لَكُمَا؟ قَالَتَا: قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلَأُ الْفَمَ.
قَالَ: وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ وَصَاحَبُهُ حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ صَلَّى.
قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ.
فَقَالَ: " عَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله.
من أَنْتَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: مِنْ غِفَارٍ، قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَهَا عَلَى جَبْهَتِهِ، قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: كَرِهَ أَنِ انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ.
قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ آخُذَ بِيَدِهِ فَقَذَفَنِي صَاحِبُهُ، وَكَانَ أعلم بِهِ منى.
قَالَ: مَتى كنت هَهُنَا؟ قَالَ: قلت: كنت هَهُنَا مُنْذُ ثَلَاثِينَ من بَين لَيْلَة وَيَوْم.
(1) إِضْحِيَان: مضيئة.
(2)
الاشحمة: الآذان.
(*)
قَالَ: فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟ قُلْتُ: مَا كَانَ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ
عُكَنُ بَطْنِي، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ ".
قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ.
قَالَ: فَفَعَلَ.
قَالَ: فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، حَتَّى فَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ، قَالَ: فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ طَعَامٍ أَكَلْتُهُ بِهَا.
فَلَبِثْتُ مَا لَبِثْتُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي قَدْ وُجِّهْتُ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا يَثْرِبَ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ، لَعَلَّ اللَّهَ يَنْفَعُهُمْ بِكَ وَيَأْجُرُكَ فِيهِمْ "؟ قَالَ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ أَخِي أُنَيْسًا، قَالَ: فَقَالَ لِي: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ صَنَعْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ.
قَالَ: فَمَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ.
ثُمَّ أَتَيْنَا أُمَّنَا فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا، فَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، فَتَحَمَّلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَومنَا غفار، قَالَ فَأَسْلَمَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَكَانَ يؤمهم خفاف بن أيماء بن رخصَة الْغِفَارِيُّ وَكَانَ سَيِّدَهُمْ يَوْمَئِذٍ.
وَقَالَ بَقِيَّتُهُمْ: إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أسلمنَا.
قَالَ: فَقَدِمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ.
قَالَ: وَجَاءَتْ أَسْلَمُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِخْوَانُنَا نُسْلِمُ عَلَى الَّذِي أَسْلَمُوا عَلَيْهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " غِفَارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ ".
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بِهِ نَحْوَهُ.
وَقَدْ رَوَى قِصَّةَ إِسْلَامِهِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَفِيهِ زِيَادَاتٌ غَرِيبَةٌ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ إِسْلَامِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ فِي كِتَابِ الْبِشَارَاتِ بِمَبْعَثِهِ عليه الصلاة والسلام.