الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعارض الجرح والتعديل:
-[قال الحافظ: (والجرح مقدم على التعديل (3) إن صدر مُبَيَّنًا من عارف بأسبابه، فإن خلا عن التعديل قبل مجملا على المختار (4)).]-
تكلم الماتن رحمه الله هنا على مسألتين:
الأولى - عند تعارض الجرح والتعديل في الراوي الواحد، واشترط لقبول الجرح شرطين:
1 -
أن يكون مُبَيَّنا.
2 -
أن يصدر من عارف بأسبابه؛ لأن البعض قد يجرح بما لا يقدح أصلا كما سبق ذكر أمثلة على ذلك.
الثانية - أن يخلو الراوي من تعديل فهنا يقبل الجرح مجملا على المختار.
تنبيه:
دلَّ كلامه بمنطوقه في المسألة الأولى أن الجرح يقدم على التعديل مطلقا بشرط تحقيق ما ذكر، ودل بمفهومه أن الجرح يهمل إذا فُقد شرط من الشرطين، وأن التعديل هو الذي يعتمد. ومفهوم كلامه في المسألة الثانية أن الراوي إذا كان معدلا فإنه لا يقبل فيه الجرح المجمل.
وفي كل هذه الحالات ليس إلا اختيار واحد من الطرفين، وهو إما ترجيح جانب التعديل، أو جانب الجرح.
والأقوى أنه إن كان يمكن الجمع بين الجرح والتعديل فيقدم على الترجيح، كأن يكون مثلا يهم في فلان أو ضعيف في فلان فقط فهنا يعمل في حالته فقط.
وظاهر صنيع ابن حجر في التقريب أنه يلتزم حالة وسطا في بعض الحالات، وأنه وإن قدم التعديل إلا أنه لا يهمل الجرح مطلقا بل يراعيه وينقل الراوي من مرتبة عليا لمرتبة أدنى منها تبعا لحال الجارح والجرح.
قال الشيخ وليد العاني في "منهج دراسة الأسانيد"(ص/135): (من خلال دراسة هذه المرتبة في التقريب، ظهر أن ابن حجر سار على نهج مدروس عنده، قد وضع له ضوابط معينة.
لقد تعارف أهل الاصطلاح أن من كثر مزكُّوه، وقلَّ ناقدوه، قدِّم رأي الأغلبية على الأقلية، خاصة إذا كانت القلة غير معتبرة أساساً، أو أن جرحها لا يلتفت إليه، حيث تبين بالبحث والدراسة أن قول الأقلية مرجوح، أو أنه إنما قيل لسبب من الأسباب غير المعتبرة عند النقاد.
لكن ابن حجر - كما علمنا سابقا- اشترط أن يكون حكمه على الراوي شاملاً وعادلاً، والشمول يقتضي الإحاطة بكل ما قيل في الرجل من جرح معتبر أو غير معتبر، وتعديل معتبر أو غير معتبر
…
لقد تبين لي من خلال دراسة رجال هذه المرتبة أن رجلا ما يوثقه جماعة من النقاد المعتدلين منهم والمتشددين، ثم يظهر للباحث أن واحدا من النقاد يخالف الجمهور، وقال فيه قولاً يجرحه فيه، فالباحث العادي يمضي ولا يلتفت إلى القول المخالف للجمهور، لكن ابن حجر يتوقف عند قول المخالف ويدرسه، هل له وجه معتبر أم لا .. ؟
فإن كان له وجه معتبر جعل هذا الراوي من المختلف فيه، ووضعه في المرتبة الخامسة، وإن لم يكن له وجه معتبر، وخرجه ابن حجر على وجه يبرئ فيه ساحة هذا الراوي، جعل هذا الراوي في المرتبة الرابعة، وأعطاه لقب صدوق، أو لا بأس به، ولم يرفعه إلى درجة ثقة أو ثبت، وذلك للقول المخالف الذي قيل فيه
…
أما إذا كان الجرح غير معتبر بالكلية، ويرى ابن حجر أنه يجب أن يطرح بالمرة، ولا ينظر فيه أساساً، عند ذلك يرفعه ابن حجر إلى المرتبة الثالثة، فيقول فيه ثقة أو تبث أو حافظ، إلى آخر ألقاب هذه المرتبة).
ثم ضرب أمثلة على ذلك - وسوف أقتصر في التدليل على أمثلة للمرتبة الرابعة، والخامسة وأما الثالثة فالأمر فيها ظاهر -. فمما ذكر رحمه الله:
فمن أمثلة المرتبة الرابعة:
- غالب بن خطاف القطان البصري. (صدوق).
وثقه أحمد، وابن معين، والنسائي، وأبو حاتم، وابن سعد، وغيرهم إلا أن ابن عدي ذكره في الكامل، وأورد له حديثا منكرا، وتعقبه ابن حجر فقال:"الحمل فيها على الراوي عنه: عمر بن المختار البصري، وهو من عجيب ما وقع لابن عدي"، وقال الذهبي:"لعل الذي ضعفه ابن عدي آخر ".
- يزيد بن أبي مريم الدمشقي. (لا بأس به).
وثقه الأئمة، وابن معين، ودحيم، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وقال الدارقطني:"ليس بذاك"، قال ابن حجر:"هذا جرح غير مفسر، فهو مردود".
- مبشِّر بن إسماعيل الحلبي. (صدوق).
قال ابن سعد كان ثقة مأمونا وقال النسائي لا بأس به.
قال ابن حجر: "تكلم فيه بلا حجة"، وقد نقل ابن قانع في الوفيات أنه ضعيف، وتعقبه ابن حجر في "هدي الساري" فقال:"وابن قانع ليس بمعتمد".
ومن أمثلة المرتبة الخامسة:
- الربيع بن يحيى بن مقسم البصري. (صدوق له أوهام).