المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب وجوب الإيمان بالشفاعة قال محمد بن الحسين: اعلموا رحمكم الله ، أن المنكر للشفاعة يزعم أن من دخل النار فليس بخارج منها ، وهذا مذهب المعتزلة يكذبون بها ، وبأشياء سنذكرها إن شاء الله تعالى ، مما لها أصل في كتاب الله عز وجل ، وسنن رسول الله صلى الله عليه - الشريعة للآجري - جـ ٣

[الآجري]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ التَّحْذِيرِ مِنْ مَذَاهِبِ الْحُلُولِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمْ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُحَذِّرُ إِخْوَانِي الْمُؤْمِنِينَ مَذْهَبَ الْحُلُولِيَّةِ الَّذِينَ لَعِبَ بِهِمُ الشَّيْطانُ فَخَرَجُوا بِسُوءِ مَذْهَبِهِمْ عَنْ طَرِيقِ أَهْلِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ السُّنَنِ الَّتِي دَلَّتِ الْعُقَلَاءَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عز وجل عَلَى عَرْشِهِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتِهِ وَعِلْمُهُ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ

- ‌كِتَابُ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل كَلَّمَ مُوسَى عليه السلام الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَحْمُودُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى فَقَدْ كَفَرَ ، يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لِمَ؟ قِيلَ:

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: الْإِيمَانُ بِهَذَا وَاجِبٌ ، وَلَا يَسَعُ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ أَنْ يَقُولَ: كَيْفَ يَنْزِلُ؟ وَلَا يَرُدُّ هَذَا إِلَّا الْمُعْتَزِلَةُ وَأَمَّا أَهْلُ الْحَقِّ فَيَقُولُونَ: الْإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ بِلَا كَيْفٍ ، لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قَدْ صَحَّتْ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ بِلَا كَيْفٍ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ قُلُوبَ الْخَلَائِقِ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّبِّ عز وجل بِلَا كَيْفٍ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْجِبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْخَلَائِقَ كُلَّهَا عَلَى إِصْبَعٍ ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَقْبِضُ الْأَرْضَ بِيَدِهِ ، وَيَطْوِي السَّمَاوَاتِ بِيَمِينِهِ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ بِيَمِينِهِ ، فَيُرَبِّيهَا لِلْمُؤْمِنِ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ لِلَّهِ عز وجل يَدَيْنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ آدَمَ عليه السلام بِيَدِهِ وَخَطَّ التَّوْرَاةَ لِمُوسَى بِيَدِهِ ، وَخَلَقَ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ ، وَقَدْ قِيلَ: الْعَرْشُ ، وَالْقَلَمُ ، وَقَالَ لِسَائِرِ الْخَلْقِ: كُنَّ فَكَانَ ، فَسُبْحَانَهُ

- ‌بَابُ التَّحْذِيرِ مِنْ مَذَاهِبِ أَقْوَامٍ يُكَذِّبُونَ بِشَرَائِعَ مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ التَّصْدِيقُ بِهَا

- ‌بَابُ وجُوبِ الْإِيمَانِ بِالشَّفَاعَةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ ، أَنَّ الْمُنْكِرَ لِلشَّفَاعَةِ يَزْعُمُ أَنَّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ فَلَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ يُكَذِّبُونَ بِهَا ، وَبِأَشْيَاءَ سَنَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، مِمَّا لَهَا أَصْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل ، وَسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ إِنَّمَا هِيَ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابُ ذِكْرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا ، وَاخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي»

- ‌بَابُ ذِكْرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَنِي بَيْنَ أَنْ يُدْخِلَ نِصْفَ أُمَّتِي الْجَنَّةَ أَوِ الشَّفَاعَةَ فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ»

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ أَقْوَامًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَشَفَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ شَفَاعَةِ الْعُلَمَاءِ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْإِيمَانِ بِالْحَوْضِ الَّذِي أُعْطِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ التَّصْدِيقِ وَالْإِيمَانِ بِعَذَابِ الْقَبْرِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِمَسْأَلَةِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ

- ‌كِتَابُ التَّصْدِيقِ بِالدَّجَّالِ ، وَأَنَّهُ خَارِجٌ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ

- ‌بَابُ اسْتِعَاذَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ وَتَعْلِيمِهِ لِأُمَّتِهِ أَنْ يَسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ

- ‌بَابُ الْإِيمَانِ بِنُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام حَكَمًا عَدْلًا فَيُقِيمُ الْحَقَّ وَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ

- ‌كِتَابُ⦗ص: 1328⦘الْإِيمَانِ بِالْمِيزَانِ: أَنَّهُ حَقٌّ تُوزَنُ بِهِ الْحَسَنَاتُ وَالسَّيِّئَاتُ

- ‌كِتَابُ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِأَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ وَأَنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ أَهْلِهَا أَبَدًا وَأَنَّ عَذَابَ النَّارِ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ أَهْلِهَا أَبَدًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ شَاهِدٌ أَنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

- ‌بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجَنَّةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا فِي الْبَابِ الَّذِي مَضَى مِثْلُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءُ ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءُ» وَسَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ مَالَا يَجْهَلُهُ

- ‌بَابُ فَضَائِلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْآجُرِّيُّ رحمه الله: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ مِمَّا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ شَرِيعَةِ الْحَقِّ الَّتِي نَدَبَهُمُ اللَّهُ عز وجل

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا نَعَتَ اللَّهُ عز وجل بِهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي كِتَابِهِ مِنَ الشَّرَفِ الْعَظِيمِ مِمَّا تَقِرُّ بِهِ أَعْيُنُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ شَرَّفَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِأَعْلَى الشَّرَفِ ، وَنَعَتَهُ بِأَحْسَنِ النَّعْتِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَتَى وَجَبَتِ النُّبُوَّةُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}

- ‌بَابٌ: ذِكْرُ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضَاعِهِ وَمَنْشَئِهِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي جَاءَهُ الْوَحْيُ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَبْعَثِهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ نَبِيًّا مِنْ قَبْلِ خَلْقِ آدَمَ عليه الصلاة والسلام يَتَقَلَّبُ فِي أَصْلَابِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَأَبْنَاءِ الْأَنْبِيَاءِ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ حَتَّى أَخْرَجَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ بَطْنِ

- ‌بَابُ كَيْفَ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ ذِكْرِ صِفَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَعَتِهِ فِي الْكُتُبِ السَّالِفَةِ مِنْ قَبْلِهِ

- ‌بَابُ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَقَدْ أُمِرُوا بِاتِّبَاعِهِ فِي كُتُبِهِمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل: {عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ، وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَيْفَ كَانَ يَنْزِلُ الْوَحْيُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم ، وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا خَتَمَ اللَّهُ عز وجل بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الْأَنْبِيَاءَ وَجَعَلَهُ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ عز وجل الْخَلْقَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ نَبِيَّنَا صلى الله عليه وسلم أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ عَدَدِ أَسْمَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ عز وجل بِهَا

- ‌بَابُ صِفَةِ خَلْقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَخْلَاقِهِ الْحَمِيدَةِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا خَصَّ اللَّهُ عز وجل بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ إِلَيْهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، رحمه الله: وَمِمَّا خَصَّ اللَّهُ عز وجل بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، مِمَّا أَكْرَمَهُ بِهِ ، وَعَظَّمَ شَأْنَهُ زِيَادَةً مِنْهُ لَهُ فِي الْكَرَامَاتِ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِجَسَدِهِ وَعَقْلِهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا خَصَّ اللَّهُ عز وجل بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرُّؤْيَةِ لِرَبِّهِ عز وجل

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا فَضَّلَ اللَّهُ عز وجل بِهِ نَبِيَّنَا صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا مِنَ الْكَرَامَاتِ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

الفصل: ‌باب وجوب الإيمان بالشفاعة قال محمد بن الحسين: اعلموا رحمكم الله ، أن المنكر للشفاعة يزعم أن من دخل النار فليس بخارج منها ، وهذا مذهب المعتزلة يكذبون بها ، وبأشياء سنذكرها إن شاء الله تعالى ، مما لها أصل في كتاب الله عز وجل ، وسنن رسول الله صلى الله عليه

‌بَابُ وجُوبِ الْإِيمَانِ بِالشَّفَاعَةِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: اعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ ، أَنَّ الْمُنْكِرَ لِلشَّفَاعَةِ يَزْعُمُ أَنَّ مَنْ دَخَلَ النَّارَ فَلَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ يُكَذِّبُونَ بِهَا ، وَبِأَشْيَاءَ سَنَذْكُرُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، مِمَّا لَهَا أَصْلٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل ، وَسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ ، وَسُنَنِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، وَقَوْلِ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَالْمُعْتَزِلَةُ يُخَالِفُونَ هَذَا كُلَّهُ ، لَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَا إِلَى سُنَنِ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم وَإِنَّمَا يُعَارِضُونَ بِمُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ ، وَبِمَا أَرَاهُمُ الْعَقْلُ عِنْدَهُمْ ، وَلَيْسَ هَذَا طَرِيقُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا هَذَا طَرِيقُ مَنْ قَدْ زَاغَ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ وَقَدْ لَعِبِ بِهِ الشَّيْطَانُ ، وَقَدْ حَذَّرَنَا اللَّهُ عز وجل مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتِهِ ، وَحَذَّرَنَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَحَذَّرَنَاهُمْ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، فَأَمَّا مَا حَذَّرَنَاهُمُ اللَّهُ عز وجل وَأَنْزَلَهُ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَحَذَّرَنَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ ، هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٍ} [آل عمران: 7] إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}

ص: 1198

769 -

حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ قَالَ: أَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران: 7] الْآيَةَ فَقَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ فَهُمُ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ عز وجل فَاحْذَرُوهُمْ»

ص: 1199

770 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: نا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ الْأَصْبَهَانِيُّ قَالَ: نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: أَنْبَأَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7] إِلَى قَوْلِهِ عز وجل: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ} [آل عمران: 7] مِنْهُ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ سَمَّاهُمُ اللَّهُ عز وجل لَكُمْ ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاحْذَرُوهُمْ» قَالَهَا ثَلَاثًا

ص: 1199

771 -

وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: " نَزَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَذِهِ الْآيَةِ {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ} [آل عمران: 7] مِنْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ حَذَّرَكُمْ اللَّهُ عز وجل فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَاحْذَرُوهُمْ»

ص: 1200

772 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ ابْنُ عَلَوَيْهِ الْقَطَّانُ قَالَ: نا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: نا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّ نَاسًا يُجَادِلُونَكُمْ بِشِبْهِ الْقُرْآنِ ، فَخُذُوهُمْ بِالسُّنَنِ ، فَإِنَّ أَصْحَابَ السُّنَنِ أَعْلَمُ

⦗ص: 1201⦘

بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل»

ص: 1200

773 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ الْقَاضِي قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: نا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: نا يَزِيدُ الْفَقِيرُ قَالَ: كُنَّا بِمَكَّةَ مِنْ قُطَّانِهَا ، وَكَانَ مَعِي أَخٌ لِي يُقَالُ لَهُ: طَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ ، وَكُنَّا نَرَى رَأْيَ الْحَرُورِيَّةِ ، فَبَلَغَنَا أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ قَدِمَ ، وَكَانَ يَلْزَمُ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ ، فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا لَهُ: بَلَغَنَا عَنْكَ قَوْلٌ فِي الشَّفَاعَةِ ، وَقَوْلُ اللَّهِ عز وجل

⦗ص: 1202⦘

يُخَالِفُكَ ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا ، وَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ أَنْتُمْ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ ، قَالَ: فَتَبَسَّمَ أَوْ ضَحِكَ ، وَقَالَ: أَيْنَ تَجِدُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل؟ قُلْنَا: حَيْثُ يَقُولُ رَبُّنَا عز وجل فِي كِتَابِهِ: {رَبَّنَا إِنَّكَ مِنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ} [آل عمران: 192] وَقَالَ عز وجل: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} [المائدة: 37] وَقَوْلُهُ عز وجل {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} [الحج: 22] ، وَأَشْبَاهُ هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ ، فَقَالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل أَمْ أَنَا؟ فَقُلْنَا: بَلْ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ شَهِدْتُ تَنْزِيلَ هَذَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ تَأْوِيلَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَّ الشَّفَاعَةَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل لِمَنْ عَقَلَ قَالَ: قُلْنَا: وَأَيْنَ الشَّفَاعَةُ؟ قَالَ: فِي سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ قَالَ: فَقَرَأَ عَلَيْنَا {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ

⦗ص: 1203⦘

فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 43] ثُمَّ قَالَ: أَلَا تَرَوْنَهَا حَلَّتْ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ عز وجل شَيْئًا ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" إِنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ الْخَلْقَ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا ، وَلَمْ يُشَاوِرْ فِيهِ أَحَدًا ثُمَّ أَمَاتَهُمْ ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا ، وَلَمْ يُشَاوِرْ فِيهِ أَحَدًا ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا ، وَلَمْ يُشَاوِرْ فِيهِ أَحَدًا ، فَأَدْخَلَ مَنْ شَاءَ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ ، وَأَدْخَلَ مَنْ شَاءَ النَّارَ بِذَنْبِهِ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عز وجل تَحَنَّنَ عَلَى الْمُوَحِّدِينَ فَبَعَثَ بِمَلَكٍ مِنْ قِبَلِهِ بِمَاءٍ وَنُورٍ: فَدَخَلَ النَّارَ فَلَمْ يُصِبْ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يُصِبْ إِلَّا مَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا ، فَأَخْرَجَهُمْ حَتَّى جَعَلَهُمْ بِفِنَاءِ الْجَنَّةِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ عز وجل: فَأَمَدَّهُ بِمَاءٍ وَنُورٍ فَنَضَحَ وَلَمْ يُصِبْ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يُصِبْ إِلَّا مَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا ، إِلَّا أَصَابَهُ ذَلِكَ النَّضْحُ ، فَأَخْرَجَهُمْ حَتَّى جَعَلَهُمْ بِفِنَاءِ الْجَنَّةِ ، ثُمَّ أَذِنَ لِلشُّفَعَاءِ فَشَفَعُوا لَهُمْ فَأَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ وَشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ "

ص: 1201

774 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ

⦗ص: 1204⦘

قَالَ: نا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ قَالَ: نا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ: مَرَرْتُ بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَهُوَ فِي حَلْقَةٍ يُحَدِّثُ أُنَاسًا ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ ، فَسَمِعْتُهُ يَذْكُرُ أُنَاسًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَالَ: وَكُنْتُ يَوْمَئِذٍ أُنْكِرُ ذَلِكَ قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَعْجَبُ مِنَ النَّاسِ ، وَلَكِنْ أَعْجَبُ مِنْكُمْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَقُولُ اللَّهُ عز وجل:{يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا ، وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [المائدة: 37] فَانْتَهَرَنِي أَصْحَابُهُ وَكَانَ أَحْلَمَهُمْ ، فَقَالَ: دَعُوا الرَّجُلَ ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمُ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [المائدة: 37] قَالَ: وَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل عَذَّبَ قَوْمًا بِخَطَايَاهُمْ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُخْرِجَهُمْ

⦗ص: 1205⦘

أَخْرَجَهُمْ قَالَ: فَلَمْ أُكَذِّبْ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّ الْمُكَذِّبَ بِالشَّفَاعَةِ أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهِ خَطَأً فَاحِشًا خَرَجَ بِهِ عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عَمَدَ إِلَى آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ ، أَخْبَرَ اللَّهُ عز وجل: أَنَّهُمْ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ أَنَّهُمْ غَيْرُ خَارِجَيْنَ مِنْهَا ، فَجَعَلَهَا الْمُكَذِّبُ بِالشَّفَاعَةِ فِي الْمُوَحِّدِينَ ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى أَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي إِثْبَاتِ الشَّفَاعَةِ أَنَّهَا إِنَّمَا هِيَ لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ ، وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا ، فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ السُّوءِ عَنْ جُمْلَةِ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَيْمَانِ ، وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِمْ قَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَكُلُّ مَنْ رَدَّ سُنَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسُنَنَ أَصْحَابِهِ فَهُوَ مِمَّنْ شَاقَقَ الرَّسُولَ وَعَصَاهُ ، وَعَصَى اللَّهَ تَعَالَى بِتَرْكِهِ قَبُولَ السُّنَنِ ، وَلَوْ عَقَلَ هَذَا الْمُلْحِدُ وَأَنْصَفَ مِنْ نَفْسِهِ ، عَلِمَ أَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ عز وجل وَجَمِيعَ مَا تَعَبَّدَ بِهِ خَلْقَهُ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ عز وجل نَبِيَّهُ عليه السلام: أَنْ يُبَيِّنَ لِخَلْقِهِ مَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ مِمَّا تَعَبَّدَهُمْ بِهِ ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ

⦗ص: 1206⦘

: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44] وَقَدْ بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ جَمِيعَ مَا فَرَضَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِمْ مِنْ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ وَبَيَّنَ لَهُمْ أَمْرَ الدُّنْيَا وَأَمْرَ الْآخِرَةِ وَجَمِيعَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَلَمْ يَدَعْهُمْ جَهَلَةً لَا يَعْلَمُونَ حَتَّى أَعْلَمَهُمْ أَمْرَ الْمَوْتِ وَالْقَبْرِ وَمَا يَلْقَى الْمُؤْمِنُ ، وَمَا يَلْقَى الْكَافِرُ ، وَأَمْرَ الْمَحْشَرِ وَالْوُقُوفَ وَأَمْرَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ حَالًا بَعْدَ حَالٍ يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْحَقِّ ، وَسَنَذْكُرُ كُلَّ بَابٍ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، اعْلَمُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّ أَهْلَ الْكُفْرِ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ وَرَأَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ وَأَصَابَهُمُ الْهَوَانُ الشَّدِيدُ نَظَرُوا إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ مَعَهُمْ فِي النَّارِ فَعَيَّرُوهُمْ بِذَلِكَ وَقَالُوا: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ إِسْلَامُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَأَنْتُمْ مَعَنَا فِي النَّارِ؟ فَزَادَ أَهْلَ التَّوْحِيدِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حُزْنًا وَغَمًّا ، فَاطَّلَعَ اللَّهُ عز وجل عَلَى مَا نَالَهُمْ مِنَ الْغَمِّ بِتَعْيِيرِ أَهْلِ الْكُفْرِ لَهُمْ فَأَذِنَ فِي الشَّفَاعَةِ فَيَشْفَعُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَلَائِكَةُ وَالشُّهَدَاءُ وَالْعُلَمَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ فِيمَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأُخْرِجُوا مِنْهَا عَلَى حَسَبِ مَا أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى طَبَقَاتٍ شَتَّى فَدَخَلُوا الْجَنَّةَ ، فَلَمَّا فَقَدَهُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ وَدُّوا حِينَئِذٍ لَوْ كَانَ مُسْلِمَيْنَ وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ لَيْسَ شَافِعٌ يَشْفَعُ لَهُمْ ، وَلَا صَدِيقٌ حَمِيمٌ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنْ

⦗ص: 1207⦘

عَذَابِهِمْ شَيْئًا قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي أَهْلِ الْكُفْرِ لَمَّا نَضَجُوا بِالْعَذَابِ وَعَلِمُوا أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِغَيْرِهِمْ قَالُوا: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلُ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [الأعراف: 53] الْآيَةَ ، وَقَالَ عز وجل:{فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} [الشعراء: 94]، {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [الشعراء: 95] ، {قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ} [الشعراء: 96] ، {تَالَلَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الشعراء: 97] ، {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 98] ، {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} [الشعراء: 99] ، {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ} [الشعراء: 100] ، {وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: 101] وَقَالَ عز وجل فِي سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ لِأَهْلِ الْكُفْرِ: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} [المدثر: 42]، {قَالُوا: لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} [المدثر: 43]، {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} [المدثر: 45] ، {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر: 46] ، {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 47] ، {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هَذِهِ كُلُّهَا أَخْلَاقُ الْكُفَّارِ فَقَالَ عز وجل: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَابُدَّ مِنْ شَفَاعَةٍ وَأَنَّ الشَّفَاعَةَ لِغَيْرِهِمْ لِأَهْلِ التَّوْحِيدِ خَاصَّةً ،

⦗ص: 1208⦘

وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر: 1]، {رُبَّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنَّمَا يَوَدُّ الْكُفَّارُ أَنْ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ عِنْدَمَا رَأَوْا مَعَهُمْ فِي النَّارِ قَوْمًا مِنَ الْمُوَحِّدِينَ فَعَيَّرُوهُمْ وَقَالُوا: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ إِسْلَامُكُمْ وَأَنْتُمْ مَعَنَا فِي النَّارِ فَحَزِنُوا مِنْ ذَلِكَ فَأَمَرَ اللَّهُ عز وجل الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَمِنْ سَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَشْفَعُوا فِيهِمْ فَشَفَعُوا فَأُخْرِجَ مَنْ فِي النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ فَفَقَدَهُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ فَسَأَلُوا عَنْهُمْ فَقِيلَ: شَفَعَ فِيهِمُ الشَّافِعُونَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ، فَعِنْدَهَا وَدُّوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ حَتَّى تَلْحَقَهُمُ الشَّفَاعَةُ

ص: 1203

775 -

حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ: عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {رُبَّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] قَالَ: " حُدِّثْتُ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِمَنْ دَخَلَ النَّارَ: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ فَيَغْضَبُ اللَّهُ عز وجل لَهُمْ ، فَيَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ: اشْفَعُوا ، فَيَشْفَعُونَ فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ ، حَتَّى إِنَّ إِبْلِيسَ لَيَتَطَاوَلُ رَجَاءَ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ

ص: 1209

776 -

وَأَنْبَأَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عز وجل:{رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} [الحجر: 2] قَالَ: " لَا تَزَالُ الرَّحْمَةُ وَالشَّفَاعَةُ حَتَّى يُقَالَ: لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ كُلُّ مُسْلِمٍ قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ " قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: بَطَلَتْ حُجَّةُ مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ ، الْوَيْلُ لَهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ فَلَيْسَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ

ص: 1210

777 -

أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ الْعُكْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:«مَنْ كَذَّبَ بِالشَّفَاعَةِ فَلَيْسَ لَهُ فِيهَا نَصِيبٌ»

ص: 1211