الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نوعاً من الإلهية فقد تناولته هذه الآية؛ فإنها عامة في كل من دعا من دون الله مدعواً وذلك المدعو يبتغي إلى الله الوسيلة، ويرجو رحمته، ويخاف عذابه، فكل من دعا ميتاً، أو غائباً من الأنبياء، والصالحين سواء كان بلفظ الاستغاثة، أو غيرها فقد فعل الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة منه. فكل من غلا في نبي، أو رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من العبادة مثل: أن يقول: يا سيدي فلان انصرني، أو أعني، أو أغثني، أو ارزقني، أو أنا في حسبك، ونحو هذه الأقوال فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليُعبد وحده، ولا يجعل معه إله آخر.
النوع الثاني:
أن يسأل الله تعالى بالميت. وهو من البدع المحدثة في الإسلام وهذا ليس كالذي قبله؛ فإنه لا يصل إلى الشرك الأكبر، والعامة الذين يتوسلون في أدعيتهم بالأنبياء والصالحين كقول أحدهم: أتوسل إليك بنبيك، أو بأنبيائك، أو بملائكتك، أو بالصالحين من عبادك، أو بحق الشيخ فلان، أو بحرمته، أو أتوسل إليك باللوح والقلم، وغير ذلك مما يقولونه في أدعيتهم، وهذه الأمور من البدع المحدثة المنكرة والذي جاءت به السنة هو التوسل والتوجه بأسمائه، وصفاته، وبالأعمال الصالحة كما ثبت في الصحيحين في قصة الثلاثة (أصحاب الغار)، وبدعاء المسلم الحي الحاضر له.
النوع الثالث:
أن يظن أن الدعاء عند القبور مستجاب، أو أنه أفضل من الدعاء في المسجد فيقصد القبر لذلك؛ فإن هذا من المنكرات إجماعاً
ولم نعلم في ذلك نزاعاً بين أئمة الدين
…
وهذا أمر لم يشرعه الله، ولا رسوله، ولا فعله أحد من الصحابة، ولا التابعين ولا أئمة المسلمين
…
وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجدبوا مرات ودهمتهم نوائب ولم يجيئوا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم بل خرج عمر بالعباس فاستسقى بدعائه وقد كان السلف ينهون عن الدعاء عند القبور فقد رأى علي بن الحسين رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيدعو فيها فقال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجعلوا قبري عيداً ولا تجعلوا بيوتكم قبوراً وصلوا عليَّ وسلموا حيثما كنتم فسيبلغني سلامكم وصلاتكم)) (1) ووجه الدلالة أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل قبر على وجه الأرض وقد نهى عن اتخاذه عيداً فغيره أولى بالنهي كائناً ما كان (2) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ولا تجعلوا قبري عيداً وصلوا عليَّ فإنّ صلاتكم تبلغني حيثما كنتم)) (3).
(1) رواه إسماعيل القاضي في كتاب فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ص34، وصححه الألباني في المرجع نفسه، وله طرق وروايات ذكرها في كتابه تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد، ص140.
(2)
الدرر السنية في الأجوبة النجدية لعبد الرحمن بن قاسم، 6/ 165 - 174.
(3)
أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم 2042، وأحمد، 2/ 367، وحسنه الشيخ الألباني في كتابه تحذير الساجد، ص142.