المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الخامس: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم وختمها لجميع النبوات - العروة الوثقى في ضوء الكتاب والسنة

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول: تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله

- ‌المبحث الأول: مكانة ومنزلة لا إله إلا الله

- ‌المبحث الثاني: معنى لا إله إلا الله

- ‌المبحث الثالث: أركان لا إله إلا الله

- ‌المبحث الرابع: فضل لا إله إلا الله

- ‌المبحث الخامس: لا إله إلا الله تتضمن جميع أنواع التوحيد

- ‌1 - التوحيد الخبري العلمي الاعتقادي:

- ‌2 - التوحيد الطلبي القصدي الإرادي:

- ‌ أنواع التوحيد على التفصيل

- ‌النوع الأول: توحيد الربوبية

- ‌النوع الثاني: توحيد الأسماء والصفات:

- ‌النوع الثالث: توحيد الإلهية

- ‌المبحث السادس: لا إله إلا الله دعوة الرسل عليهم السلام

- ‌المبحث السابع: شروط لا إله إلا الله

- ‌الشرط الأول: العلم بمعناها المنافي للجهل

- ‌الشرط الثاني: اليقين المنافي للشك

- ‌الشرط الثالث: القبول المنافي للرد

- ‌الشرط الرابع: الانقياد المنافي للترك

- ‌الشرط الخامس: الصدق المنافي للكذب

- ‌الشرط السادس: الإخلاص المنافي للشرك

- ‌الشرط السابع: المحبة المنافية للبغض

- ‌الشرط الثامن: الكفر بما يعبد من دون الله

- ‌الفصل الثاني: تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الأول: معناها ومقتضاها

- ‌المبحث الثاني: وجوب معرفة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثالث: الحُجَجُ والبراهين على صدقه صلى الله عليه وسلم

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: معجزات القرآن العظيم:

- ‌الوجه الأول: الإعجاز البياني والبلاغي:

- ‌الوجه الثاني: الإخبار عن الغيوب:

- ‌والإخبار بالغيوب أنواع:

- ‌النوع الأول: غيوب الماضي:

- ‌النوع الثاني: غيوب الحاضر:

- ‌النوع الثالث: غيوب المستقبل:

- ‌الوجه الثالث: الإعجاز التشريعي:

- ‌الوجه الرابع: الإعجاز العلمي الحديث:

- ‌المطلب الثاني: معجزات النبي صلى الله عليه وسلم الحسية:

- ‌النوع الأول: المعجزات العلوية:

- ‌النوع الثاني: آيات الجوّ:

- ‌النوع الثالث: تصرّفه في الإنس والجن والبهائم:

- ‌أ - تصرفه في الإنس:

- ‌ب - تصرفه في الجنّ والشياطين:

- ‌جـ - تصرّفه في البهائم:

- ‌النوع الرابع: تأثيره في الأشجار والثمار والخشب

- ‌أ - تأثيره في الأشجار:

- ‌ب - تأثيره في الثّمار:

- ‌جـ - تأثيره في الخشب:

- ‌النوع الخامس: تأثيره في الجبال والأحجار وتسخيرها له:

- ‌أ - تأثيره في الجبال:

- ‌ب - تأثيره في الحجارة:

- ‌جـ - تأثيره في تراب الأرض:

- ‌النوع السادس: تفجير الماء، وزيادة الطعام والشراب والثمار:

- ‌أ - نبع الماء وزيادة الشراب:

- ‌ب - زيادة الطعام وتكثيره لما جعل الله فيه صلى الله عليه وسلم من البركة:

- ‌جـ - زيادة الثمار والحبوب:

- ‌النوع السابع: تأييد الله له بالملائكة:

- ‌النوع الثامن: كفاية الله له أعداءه وعصمته من الناس:

- ‌النوع التاسع: إجابة دعواته صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: حقوقه على أمته صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - الإيمان الصادق به صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم والحذر من معصيته

- ‌3 - اتباعه صلى الله عليه وسلم واتخاذه قدوة

- ‌4 - محبته صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين

- ‌5 - احترامه وتوقيره ونصرته

- ‌6 - الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم

- ‌7 - وجوب التحاكم إليه والرضى بحكمه صلى الله عليه وسلم

- ‌8 - إنزاله مكانته صلى الله عليه وسلم بلا غلو ولا تقصير

- ‌المبحث الخامس: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم وختمها لجميع النبوات

- ‌المبحث السادس: تحريم الغلو فيه صلى الله عليه وسلم

- ‌1 - الغلو في الصالحين هو سبب الشرك بالله تعالى

- ‌2 - وحذَّر صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور

- ‌3 - وحذّر صلى الله عليه وسلم أمته عن اتخاذ قبره وثناً يُعبد من دون الله

- ‌4 - وكما سد صلى الله عليه وسلم كل باب يوصّل إلى الشرك فقد حمى التوحيد عما يقرب منه ويخالطه من الشرك وأسبابه

- ‌5 - أنواع زيارة القبور:

- ‌النوع الأول: زيارة شرعية

- ‌النوع الثاني: زيارة شركية وبدعية

- ‌الفصل الثالث: نواقض ونواقص الشهادتين

- ‌المبحث الأول: أقسام المخالفات

- ‌القسم الأول: يوجب الردة، ويبطل الإسلام

- ‌القسم الثاني: لا يبطل الإسلام ولكن ينقصه

- ‌المبحث الثاني: أخطر النواقض وأكثرها وقوعاً

- ‌الأول: الشرك في عبادة الله تعالى

- ‌الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم

- ‌الثالث: من لم يكفِّر المشركين، أو شك في كفرهم

- ‌الرابع: من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه

- ‌الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌السادس: من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌السابع: السحر

- ‌التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌العاشر: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به

- ‌المبحث الثالث: تفصيل الناقض الأول والرابع وأنواع النفاق والبدع

- ‌1 - تفصيل الناقض الأول من هذه النواقض: ((الشرك)):

- ‌النوع الأول: شرك أكبر يخرج من الملة [

- ‌1 - شرك الدعوة:

- ‌2 - شرك النية

- ‌3 - شرك الطاعة:

- ‌4 - شرك المحبة:

- ‌النوع الثاني من أنواع الشرك: شرك أصغر

- ‌النوع الثالث من أنواع الشرك: شرك خفي:

- ‌2 - تفصيل الناقض الرابع:

- ‌3 - أنواع النفاق:

- ‌(أ) نفاق اعتقادي يُخرج من الملَّة، وهو ستة أنواع:

- ‌(ب) النوع الثاني النفاق العملي لا يخرج من الملَّة، وهو خمسة أنواع:

- ‌4 - الأمور المبتدعة عند القبور أنواع:

- ‌النوع الأول:

- ‌النوع الثاني:

- ‌النوع الثالث:

- ‌المبحث الرابع: أصول نواقض الشهادتين

- ‌القسم الأول:

- ‌1 - الردة القولية:

- ‌2 - الردة الفعلية:

- ‌3 - الردة العقدية:

- ‌4 - الردة بالشك:

- ‌القسم الثاني من القوادح:

- ‌الفصل الرابع: دعوة المشركين والوثنيين إلى كلمة التوحيد

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الحجج العقلية القطعية على إثبات ألوهية الله تعالى

- ‌ يستحيل وجود مرادهما معاً

- ‌إذا لم يحصل مراد واحد منهما لزم عجز كل منهما

- ‌ النافذ مراده هو الإله القادر والآخر عاجز

- ‌ واتفاقهما على مراد واحد في جميع الأمور غير ممكن

- ‌المبحث الثاني: ضعف جميع المعبودات من دون الله من كل الوجوه

- ‌المبحث الثالث: ضرب الأمثال

- ‌1 - قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ

- ‌2 - ومن أحسن الأمثال وأدلّها على بطلان الشرك

- ‌المبحث الرابع: الكمال المطلق للإله الحق المستحق للعبادة وحده

- ‌1 - المتفرد بالألوهية:

- ‌5 - إحاطة علمه بكل شي، شامل للغيوب كلها:

- ‌المبحث الخامس: بيان الشفاعة المثبتة والمنفيّة

- ‌الشفاعة لغة:

- ‌واصطلاحاً:

- ‌أولاً: ليس المخلوق كالخالق

- ‌ثانياً: الشفاعة شفاعتان: مثبتة ومنفية:

- ‌1 - الشفاعة المثبتة:

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثاني:

- ‌2 - الشفاعة المنفية:

- ‌ثالثاً: الاحتجاج على من طلب الشفاعة

- ‌المبحث السادس: الإله الحق سخر جميع ما في الكون لعباده

- ‌أولاً: على وجه الإجمال:

- ‌ثانياً: على وجه التفصيل:

الفصل: ‌المبحث الخامس: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم وختمها لجميع النبوات

‌المبحث الخامس: عموم رسالته صلى الله عليه وسلم وختمها لجميع النبوات

إنّ أصل الأصول هو تحقيق الإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله إلى جميع الخلق: إنسهم وجنّهم، عربهم وعجمهم، كتابيِّهم ومجوسيِّهم، رئيسهم ومرؤوسهم، وأنه لا طريق إلى الله عز وجل لأحد من الخلق إلا بمتابعته صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً، حتى لو أدركه موسى وعيسى، وغيرهم من الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام؛ لوجب عليهم اتباعه، كما قال تعالى:

{وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (1).

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بعث محمد وهو حيٌّ ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به، ولينصرنه)) (2)؛ ولهذا جاء في الحديث: ((لو كان موسى حيّاً بين أظهركم ما حلّ له إلا أن يتبعني)) (3).

(1) سورة آل عمران، الآيتان: 81 - 82.

(2)

انظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية، ص77، 191 - 200، وفتاوى ابن تيمية، 19/ 9 - 65، بعنوان: إيضاح الدلالة في عموم الرسالة للثقلين، والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، 1/ 31 - 176، وتفسير ابن كثير، 1/ 378، وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، 2/ 334، ومعالم الدعوة للديلمي، 1/ 454 - 456، والمناظرة بين الإسلام والنصرانية، ص303 - 309.

(3)

أخرجه الإمام أحمد في مسنده، 3/ 338، وله شواهد وطرق كثيرة ذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد، 1/ 173 - 174، وانظر: مشكاة المصابيح بتحقيق الألباني، 1/ 63، 68.

ص: 80

ومن خالف عموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لا يخلو من أحد أمرين:

1 -

إما أن يكون المخالِفُ مؤمناً بأنه مرسل من عند الله؛ ولكنه يقول رسالته خاصة بالعرب.

2 -

وإما أن يكون المخالف منكراً للرسالة جملةً وتفصيلاً.

فأما المعترف له بالرسالة؛ ولكنه يجعلها خاصة بالعرب فإنه يلزمه أن يصدقه في كل ما جاء به عن الله تعالى، ومن ذلك عموم رسالته، ونسخها للشرائع قبلها، فقد بيّن صلى الله عليه وسلم أنه رسول الله إلى الناس أجمعين، وأرسل رسله، وبعث كتبه في أقطار الأرض إلى كسرى، وقيصر، والنجاشي، وسائر ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام، ثم قاتل من لم يدخل في الإسلام من المشركين، وقاتل أهل الكتاب، وسبى ذراريهم، وضرب الجزية عليهم، وذلك كلّه بعد امتناعهم عن الدخول في الإسلام، أما كونه يؤمن برسول ولا يصدّقه في جميع ما جاء به فهذا تناقض ومكابرة.

* وأما المنكر لرسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مطلقاً، فقد قام البرهان القاطع على صدق صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، ولا تزال معجزات القرآن تتحدى الإنس والجنّ، فإمَّا أن يأتي بما يُناقض المعجزة القائمة وإلا لزمه الاعتراف بمدلولها، فإن اعترف بالرسالة لزمه التّصديق بكل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وإن ذهب يُكابر ويُعاند ليأتي بقرآن مثل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وقع في العجز وفضح نفسه لا محالة؛ لأن أصحاب الفصاحة والبلاغة قد عجزوا عن ذلك، ولا شك أن غيرهم أعجز عن هذا؛ لأن القرآن

ص: 81

معجزة قائمة مستمرة خالدة (1).

وحينئذ يلزم جميع الخلق العمل بما فيه، والتحاكم إليه.

وقد صرح القرآن الكريم بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول إلى جميع الناس، وخاتم النبيين، قال تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِالله وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِالله وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (2)، وقال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} (3)،

{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} (4).

وهذا تصريح بعموم رسالته لكل من بلغه القرآن.

وصرح تعالى بشمول رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكتاب، فقال:{وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَالله بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (5)، {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ الله وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (6)، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً

(1) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، 1/ 144، 166، ومناهج الجدل في القرآن الكريم، ص303، والإرشاد إلى صحيح الاعتقاد للدكتور/ صالح بن فوزان، 2/ 182.

(2)

سورة الأعراف، الآية:158.

(3)

سورة الفرقان، الآية:1.

(4)

سورة الأنعام، الآية:19.

(5)

سورة آل عمران، الآية:20.

(6)

سورة الأحزاب، الآية:40.

ص: 82

لِّلْعَالَمِينَ} (1)، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} (2).

وبلغ صلى الله عليه وسلم الناس جميعاً أنه خاتم الأنبياء، وأن رسالته عامّة، قال صلى الله عليه وسلم:((أعطيت خمساً لم يُعطَهُنَّ أحد من الأنبياء قبلي))، وذكر منها:((وكان النبي يُبعث إلى قومه خاصّة، وبُعثت إلى الناس كافّةً))

الحديث (3).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلاّ وُضِعت هذه اللبنة))؟ قال: ((فأنا اللّبِنةُ، وأنا خاتم النبيين)) (4).

وعموم رسالته صلى الله عليه وسلم لجميع الإنس والجنّ في كل زمان ومكان من بعثته إلى يوم القيامة، وكونها خاتمة الرسالات، يقضي ويدلّ دلالة قاطعة على أن النبوة قد انقطعت بانقطاع الوحي بعده، وأنه لا مصدر للتشريع والتعبد إلا كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،وهذا يقتضي وجوب الإيمان بعموم رسالته، واتباع ما جاء به، فقد قال صلى الله عليه وسلم:((والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار)) (5).وبهذا تقوم الحجة وتثبت

(1) سورة الأنبياء، الآية:107.

(2)

سورة سبأ، الآية:28.

(3)

أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، برقم 438، ومسلم، كتاب المساجد، برقم 521.

(4)

أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب خاتم النبيين، برقم 3535، ومسلم، كتاب الفضائل، باب ذكر كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، برقم 2286.

(5)

أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، ونسخ الملل بملته، برقم 153.

ص: 83

رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وعمومها وشمولها لجميع الثقلين: الإنس والجنّ، في كل زمان ومكان إلى قيام الساعة:{قَدْ جَاءَكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ} (1)، {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ

} (2).

(1) سورة الأنعام، الآية:104.

(2)

سورة الكهف، الآية:29.

ص: 84