الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: الكمال المطلق للإله الحق المستحق للعبادة وحده
بعد أن عرفنا صفات الآلهة الباطلة، وأنها لا تملك لنفسها ولا لغيرها ضراً ولا نفعاً، فهي لا تستحق العبادة، وإنما الذي يستحق العبادة وحده من يملك القدرة على كل شيءٍ، والإحاطة بكل شيءٍ، وكمال السلطان والغلبة والقهر والهيمنة على كل شيء، والعلم بكل شيء، ويملك الدنيا والآخرة، والنفع والضر، والعطاء والمنع بيده وحده، فمن كان هذا شأنه، فإنه حقيق بأن يُذَكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر، ويُطاع فلا يُعصى ولا يُشرك معه غيره (1).
وصفات الكمال المطلق لله تعالى، لا يحيط بها أحد، ولكن منها على سبيل المثال:
1 - المتفرد بالألوهية:
لا يستحق الألوهية إلا الله وحده، الحي الذي لا يموت أبداً، القيُّوم الذي قام بنفسه وقام به غيره، واستغنى عن جميع المخلوقات، وهي مفتقرة إليه في كل شيء، ومن كمال حياته وقيُّوميّته: أنه لا تأخذه سنة ولا نوم، وجميع ما في السموات والأرض عبيده، وتحت قهره وسلطانه:{إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا} (2).
(1) انظر: تفسير البغوي،1/ 237،3/ 71،2/ 88، 372،وابن كثير،1/ 309، 2/ 572، 3/ 42، 2/ 127، 435، 570، 1/ 344، 2/ 138،وتفسير السعدي، 1/ 313، 7/ 686، 2/ 381، 3/ 397، 4/ 206، 6/ 364، 1/ 356، 2/ 372، وأضواء البيان، 2/ 187، 3/ 271.
(2)
سورة مريم، الآيتان: 93 - 94.
ومن تمام ملكه، وعظمته، وكبريائه: أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه،
فكل الوجهاء والشفعاء عبيد له، لا يُقْدِمون على شفاعة حتى يأذن لهم، ولا يأذن إلا لمن ارتضى، وعلمه تعالى محيط بجميع الكائنات، ولا يطلع أحد على شيء من علمه إلا ما أطلعهم عليه، ومن عظمته أن كرسيه وسع السَّموات والأرض، وأنه قد حفظهما وما فيهما من مخلوقات، ولا يثقله حفظهما، بل ذلك سهل عليه يسير لديه، وهو القاهر لكل شيء، العليُّ بذاته على جميع مخلوقاته، والعليُّ بعظمته وصفاته، العليُّ الذي قهر المخلوقات ودانت له الموجودات، العظيم الجامع لصفات العظمة والكبرياء، وقد دلّ على هذه الصفات العظيمة قوله تعالى: {الله لَا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ الحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَاّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
…
} الآية (1).
2 -
وهو الإله الذي خضع كل شيء لسلطانه، فانقادت له المخلوقات بأسرها: جماداتها وحيواناتها، وإنسها وجنّها وملائكتها:{وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} (2).
3 -
وهو الإله الذي بيده النفع والضر، فلو اجتمع الخلق على أن ينفعوا مخلوقاً لم ينفعوه إلا بما كتبه الله له، ولو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يضروه إذا لم يرد الله ذلك: {وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَاّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ
(1) سورة البقرة، الآية:255.
(2)
سورة آل عمران، الآية:83.