الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَدِيثُ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا
حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الْمِصْرِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: زَعَمُوا أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ حَدِيثِ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ قَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: «أَخْبِرْنِي عَنْ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليه السلام، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ؟، وَمِنْ أَيِّ شَيْءٌ هُوَ؟» قَالَ: كَانَ كُرْسِيُّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْيَابِ الْفِيَلَةِ، مُفَصَّصَةٌ بِالدُّرِّ والْيَاقُوتِ، وَالزَّبَرْجَدِ وَاللُّؤْلُؤِ، وَقَدْ جَعَلَ دَرَجَةً مِنْهَا مُفَصَّصَةً بِالْيَاقُوتِ، وَالزَّبَرْجَدِ وَاللُّؤْلُؤِ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْكُرْسِيِّ، فَحُفِّفَ مِنْ جَانِبَيْهِ بِالنَّخْلِ نَخْلٍ مِنْ ذَهَبٍ، شَمَارِيخُهَا مِنْ يَاقُوتٍ، وَزَبَرْجَدٍ وَلُؤْلُؤٍ، وَجَعَلَ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ الَّتِي عَلَى يَمِينِ الْكُرْسِيِّ طَوَاوِيسَ مِنْ ذَهَبٍ، ثُمَّ جَعَلَ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ الَّتِي عَلَى يَسَارِ الْكُرْسِيِّ نُسُورًا مِنْ ذَهَبٍ مُقَابِلُهَا طَوَاوِيسُ، وَجَعَلَ عَلَى يَمِينِ الدَّرَجَةِ الْأُولَى شَجَرَتَيْ صَنَوْبَرٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَلَى يَسَارِهَا أَسَدَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَلَى رُءُوسِ الْأَسَدَيْنِ عَمُودَيْنِ مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَجَعَلَ مِنْ جَانِبِيِ الْكُرْسِيِّ شَجَرَتَيْ كَرْمٍ مِنْ ذَهَبٍ قَدْ أَظَلَّتَا الْكُرْسِيَّ، وَجَعَلَ عَلَى عَنَاقِيدِهَا
دُرًّا وَيَاقُوتًا أَحْمَرَ، ثُمَّ جَعَلَ فَوْقَ دَرَجِ الْكُرْسِيِّ أَسَدَيْنِ عَظِيمَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ مُجَوَّفَيْنِ مَحْشُوَّيْنِ مِسْكًا وَعَنْبَرًا، فَإِذَا أَرَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليهما السلام أَنْ يَصْعَدَ عَلَى كُرْسِيِّهِ اسْتَدَارَ الْأَسَدَانِ سَاعَةً، ثُمَّ يَقِفَانِ فَيَضُخَّانِ مَا فِي أَجْوَافِهِمَا مِنَ الْمِسْكِ، وَالْعَنْبَرِ حَوْلَ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليهما السلام، ثُمَّ يُوضَعُ مِنْبَرَانِ وَاحِدٌ لِخَلِيفَتِهِ، وَالْآخَرُ لِرَئِيسِ أَحْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ذَلِكَ الزَّمَانَ، ثُمَّ أَمَامَ كُرْسِيِّهِ سَبْعُونَ مِنْبَرًا مِنْ ذَهَبٍ لِيَصْعَدَ عَلَيْهَا سَبْعُونَ قَاضِيًا مِنْ أَحْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعُلَمَائِهِمْ، وَأَهْلِ الشَّرَفِ مِنْهُمْ وَالتَّقْوَى، وَمِنْ خَلْفِ تِلْكَ الْمَنَابِرِ كُلِّهَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ مِنْبَرًا مِنْ ذَهَبٍ لَيْسَ عَلَيْهَا أَحَدٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى كُرْسِيِّهِ وَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى الدَّرَجَةِ السُّفْلَى، فَاسْتَدَارَ الْكُرْسِيُّ كُلُّهُ بِمَا فِيهِ وَعَلَيْهِ، فَيَبْسُطُ الْأَسَدُ يَدَهُ الْيُمْنَى، وَيَنْشُرُ النَّسْرُ جَنَاحَهُ الْأَيْمَنَ، حَتَّى إِذَا اسْتَوَى سُلَيْمَانُ عليه السلام عَلَى الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَعَدَ عَلَى الْكُرْسِيِّ قَاعِدًا، أَخَذَ مِنْ تِلْكَ النُّسُورِ نَسْرٌ مِنْهَا عَظِيمٌ تَاجَ سُلَيْمَانَ عليه السلام فَوَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا وَضَعَهُ عَلَى رَأْسِهِ اسْتَدَارَ الْكُرْسِيُّ بِمَا فِيهِ كَمَا تَدُورُ الرَّحَى
الْمُسْرِعَةُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه: «وَمَا الَّذِي يَدُورُ بِهِ يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟» قَالَ: تِنِّينٌ مِنْ ذَهَبِ ذَلِكَ الْكُرْسِيِّ عَلَيْهِ، وَهُوَ عَظِيمٌ مِمَّا عَمِلَهُ صَخْرٌ الْجِنِّيُّ، فَإِذَا أَحَسَّتْ بِدَوَرَانِهِ تِلْكَ النُّسُورُ وَالْأَسَدُ، وَالطَّوَاوِيسُ الَّتِي فِي أَسْفَلِ الْكُرْسِيِّ إِلَى أَعْلَاهُ دُرْنَ مَعَهُ، فَإِذَا وَقَفَ وَقَفْنَ جَمِيعًا كُلُّهُنَّ مُنَكِّسَاتٍ عَلَى رَأْسِ سُلَيْمَانَ عليه السلام وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ يَنْفُخْنَ جَمِيعَ مَا فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ عَلَى رَأْسِ سُلَيْمَانَ عليه السلام، وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ تَتَنَاوَلُ حَمَامَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَاقِفَةٌ عَلَى عَمُودِ جَوْهَرٍ التَّوْرَاةَ، فَتَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ، فَيَقْرَأُهَا سُلَيْمَانُ عليه السلام عَلَى النَّاسِ، فَإِذَا قَرَأَهَا عَلَيْهِمْ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْقَضَاءِ، وَجَلَسَ قُضَاةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مَنَابِرِهِمْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنِ شِمَالِهِ، حَافِّينَ حَوْلَ كُرْسِيِّهِ، حَتَّى إِذَا قُرِّبَ الشُّهَدَاءُ لِلشَّهَادَاتِ دَارَ التِّنِينُ بِالْكُرْسِيِّ كَدُورِ الرَّحَى الْمُسْرِعَةِ وَاسْتَدَارَتِ الْأَسْوَدُ، وَخَفَقَتِ النُّسُورُ بِأَجْنِحَتِهَا، وَنَشَرَتِ الطَّوَاوِيسُ أَذْنَابَهَا، فَفَزِعْتُ الشُّهَدَاءُ، وَتَخَوَّفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ عِنْدَمَا يَرَوْنَ مِنَ السُّلْطَانِ، فَيُدَاخِلُهُمْ مِنْ ذَلِكَ رُعْبٌ شَدِيدٌ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: وَاللَّهِ لَنَشْهَدَنَّ بِالْحَقِّ، فَإِنَّا إِنْ نَشْهَدِ الْيَوْمَ بِالْبَاطِلِ لَنَهْلِكَنَّ، فَكَانَ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرُ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عليهما السلام، وَعَجَائِبُ مَا كَانَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ عليه السلام بَعَثَ بُخْتَنَصَّرَ بَعْدَهُ، فَأَخَذَ ذَلِكَ الْكُرْسِيَّ مَعَهُ، فَحَمَلَهُ إِلَى أَنْطَاكِيَّةَ، فَأَرَادَ أَنْ يَصْعَدَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالصُّعُودِ عَلَيْهِ وَلَا بِحَالِهِ، فَلَمَّا وَضَعَ قَدَمَهُ عَلَى الدَّرَجَةِ، رَفَعَ الْأَسَدُ يَدَهُ الْيُمْنَى، فَضَرَبَ بِسَاقِهِ الَّتِي فِي الْأَرْضِ فَدَقَّ سَاقَهُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه:«وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟» قَالَ كَعْبٌ
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عليه السلام إِذَا أَرَادَ الصَّعُودَ وَضَعَ قَدَمَيْهِ جَمِيعًا، ثُمَّ ثَبَتَ بِقَدَمَيْهِ جَمِيعًا، وَإِنَّ بُخْتَنَصَّرَ رَفَعَ رِجْلًا وَوَضَعَ رِجْلًا، فَضَرَبَ الْأَسَدُ سَاقَهُ الَّتِي لَمْ يَرْفَعْهَا مِنَ الْأَرْضِ فَدَقَّهَا، وَرَجَعَ بُخْتَنَصَّرَ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَعْرُجُ مِنْهَا حَتَّى مَاتَ لَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَ الْكُرْسِيُّ بِأَنْطَاكِيَّةَ حَتَّى هُزِمَ خَلِيفَةُ بُخْتَنَصَّرَ، فَنُقِلَ الْكُرْسِيُّ إِلَى بَابِلَ، فَلَمْ يَزَلْ بِبَابِلَ حَتَّى هَلَكَ خَلِيفَةُ بُخْتَنَصَّرَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَمَلَكَ فَارِسٌ مِنْ مُلُوكِ الْفُرْسِ، فَحَمَلَ ذَلِكَ الْكُرْسِيَّ. قَالَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه:«وَمَا اسْمُ ذَلِكَ الْمَلِكِ؟» قَالَ: كَانَ يُسَمَّى كِدَاسَ بْنَ سَدَاسٍ، فَحَمَلَهُ مِنْ بَابِلَ وَرَدَّهُ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَوَضَعَهُ تَحْتَ الصَّخْرَةِ، فَلَمْ يُرَ أَحَدٌ وَقَعَ فِي يَدِهِ مِنْ تِلْكَ الْمُلُوكِ الرُّكُوبُ عَلَى كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ عليه السلام بَعْدَهُ، وَلَا الْقُعُودُ عَلَيْهِ، وَلَا يُقْعَدُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُدْرَ أَيْنَ هُوَ، وَلَمْ يَرَ أحدٌ أَثَرَهُ إِلَى السَّاعَةِ