المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر خراب السد - العقود اللؤلؤية في تاريخ الدولة الرسولية - جـ ١

[علي بن الحسن الخزرجي]

الفصل: ‌ذكر خراب السد

إلى سعة الأرض وعموم السقي. وكان للسد ثلاثة ثقوب وكان السد بركة عظيمة فإذا احتاجوا إلى السقي فتحوا الثقب الأعلى فينصبّ الماء في تلك البركة فيسقوا به. فإذا نزل الماء عن الثقب الأعلى فتحوا الثقب الأوسط فينصب الماء منه إلى تلك البركة ثم يسقون منها. فإذا نزل الماء عن الثقب الأوسط فتحوا الثقب الثلث فينصب الماء إلى البركة كما هو. وكانت بلقيس قد جعلت في البركة اثنتي عشرة عيناً. فكانوا يسقون جنانهم وزراعاتهم وما حاولوا من شيء على حسب ما يريدون وأفضل. وكان الخادم يمشي بين الشجر والمكتل على رأسه فيمتلأ من الفواكه من غير إن يتناول شيء بيده ولا يلقط شيئاً من الأرض. وكانت الشمس لا تصل إلى أحد يمشي في تلك الجنان من تراكب الشجر. وكانوا يتعاطوا يتعاطون النيران فيما بينهم مسيرة شهرين في شهرين وقيل مسيرة ستة أشهر في مثلها) آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور (. قالوا: وكان الرجل يسير من بلده الثانية فيقيل بها ويمسي في الثالثة من القرى التي بارك الله فيها وهي قرى بيت الله المقدس) فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا (. فلما كفروا نعمة الله أرسل إليهم رسله. فيقال الله أرسل إليهم اثنتي عشر نبيا. وقيل ثلاثة عشر نبيا. فكذّبوا رسل الله وأعرضوا عن طاعة الله. فأرسل الله عليهم سيل العرم والعرمُ المطر الشديد قاله صاحب التّيجان. ثم أخرب الله السُّدّ.

‌فصل

‌ذكر خراب السد

قال صاحب التيجان: بينما طريفة بنت لجبر الحجورية زوجة عمرو بن عامر المزيقياء نائمة إلى جانب عمرو في ليلة من الليالي إذ رأت في منامها كأن سحابة سوداء غشيت أرض اليمن

فبرقت وأردعت وأصعقت فلم تمر على شيء إلاّ

ص: 22

أحرقته. ففزعت من منامها وقامت وهي مرعوبة وقد ذرعت ذعرا شديدا. فسكن عمرو روعتها وسأل عن قصتها. فقالت: والنور والظلماء ليهلكن الشجر ويتلف اليمن ويخرب البلاد ويتشتت العباد. قال: وكيف يكون ذلك. قالت سبع سنين شداد تأتي بالزلزال والأوابد يقطع فيها الولد الوالد. قال لها عمرو: قد نصحت وصدقت فما وجه الرأي قالت سرْ إلى السدّ فإذا رأيت البرق والرعد وطلع النحس وغاب السعد فعند ذلك الجرذ الجرذ إذا رأيته يكثر الحفر ويقلّب بيديه عظام الصخر فقد أزف الأمر فعليك بالصبر ولا تجزع للدهر. قال لها: فمتى ترين ذلك يكون. قالت له: لا أدري غير أنه أمر من الله نزل وحكم منه سبق في الأزل لا ينصرف عن سهل ولا جبل حيثما أراد وصل فليكن منك الحذر الوجل. فانطلق عمرو إلى السد فلم يزل يتعاهده حتى رأى يوما جرذا يحفر السد بيديه ورجليه فكان يقلب الصخرة التي لا يقلبها إلا أربعون رجلا: وكان الجرذ أعمى فلما رأى ذلك رجع إلى طريفة وقال لها رأيت تصديق مقالتك يا طريفة. فقالت له يا عمرو الأسفار دارا بدار وجارا من جار عند ما ينزل الأقدار ويستأثر الليل والنهار. قالت ومتى ذلك. قالت: لسبع سنين ينزل الأمر بيقين بتفريق اليدين ويكثر الرين. وقال قوم أنها السبع الشداد التي رآها عزيز مصر وفسر له روياه يوسف الصدّيق عليه السلام. ففعل عمرو ما أمرته طريفة وكتم الأمر وأجمع أن يرتحل في ولده وقومه وكتم ذلك لئلا ينكره الناس عليه. ثم أنه يوما أمر بعمل مائدة فنحر مائة من الإبل وذبح من الغنم شيئا كثيرا ونادى في العرب أن هلموا إلى مجد مزيقياء. فتأتي له الناس من كل جانب ولم يتخلف عنه شريف ولا وضيع. ثم أمر أكبر أولاده وهو ثعلبة العنقاء جدّ الأوس والخزرج أبو أبيهم حارثة بن ثعلبة العنقاء. وقال له: إذا أمرتك بأمر فلا تأتمر. فإني سأضربك بعنزتي هذه فإذا ضربتك فالطم وجهي. فقال له ثعلبة: والله يا أبت ما أستطيع دفع يدي إلى وجهك ولا تطاوعني نفسي على ذلك. قال: يا بني أن لي عليك حقا فلا تخالف أباك فإذا في ذلك مصلحة لي ولك. فقال له ثعلبة: سمعا وطاعة. فلما طعم

ص: 23