الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف الشيعة اصطلاحاً
أ- تعريف الشيعة في كتب الإمامية الاثني عشرية:
1-
يعرف شيخ الشيعة القمي (1) . (المتوفى سنة 301هـ) الشيعة بقوله: هم شيعة علي بن أبي طالب (2) . وفي موضع آخر يقول: "الشيعة هم فرقة علي بن أبي طالب المسمون شيعة علي في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته"(3) .
ويوافقه على هذا التعريف شيخهم "النوبختي"(4) . حتى في الألفاظ نفسها (5) .
مناقشة التعريف الأول:
هذا هو تعريف الشيعة في أهم كتب الشيعة وأقدمها الخاصة بالفرق. وهذا التعريف لا يشير إلى أي أصل من أصول التشيع عندا الاثني عشرية، والتي تعتبر
(1) سعد بن عبد الله القمي، هو عند الشيعة جليل القدر، واسع الأخبار، كثير التصنيف، ثقة. من كتبه: الضياء في الإمامة، ومقالات الإمامية، توفي سنة (301هـ) وقيل:(299هـ) .
انظر: الطوسي/ الفهرست ص: 105، الأردبيلي/ جامع الرواة: 1/355
(2)
المقالات والفرق ص: 3
(3)
المصدر السابق ص: 15
(4)
الحسن بن موسى النوبختي: أبو محمد، متكلم، فيلسوف، قال الطوسي: كان إمامياً حسن الاعتقاد، له مصنفات كثيرة منها: كتاب الآراء والديانات. توفي بعد الثلاثمائة) .
انظر في ترجمته: الطوسي/ الفهرست ص: 75، الأردبيلي/ جامع الرواة: 1/228، ابن النديم/ الفهرست ص177، القمي/ الكنى والألقاب: 1/148، معجم المؤلفين: 3/298، الذهبي/ سير أعلام النبلاء: 15/327
(5)
فرق الشيعة: ص 2، 17
في نظرهم لب التشيع وأساسه؛ كمسألة النص على علي وولده وغيرها (باستثناء ذكره في الأخيرة لإمامة علي فقط بدون ذكر النص أو بقية الأئمة) .
- والتعريف الذي يغفل أصول التشيع التي أحدثها الشيعة فيما بعد هو من التعاريف السليمة لشيعة علي رضي الله عنه أو للشيعة الحقيقيين، وهو يخرج مدعي التشيع من حظيرة التشيع، لأنهم أحدثوا أصولاً لم يقلها أئمة أهل البيت، لكنه حسب مقاييس الاثني عشرية لا يعتبر تعريفاً للشيعة مع أن القمي والنوبختي من الشيعة الاثني عشرية.
- وهذا التعريف يدعي وجود "شيعة علي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم"(1) . ولا سند لهذه الدعوى من الكتاب والسنة، ووقائع التاريخ صادقة، والله سبحانه يقول:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلَامُ} (2) . لا التشيع ولا غيره، والصحابة كانوا في عهده صلى الله عليه وسلم عصبة واحدة، وجماعة واحدة، وشيعة واحدة تشيعهم وولاؤهم لرسول الهدى صلى الله عليه وسلم.
2-
التعريف الثاني:
يقول شيخ الشيعة وعالمها في زمنه المفيد (3) ، بأن لفظ الشيعة يطلق على".. أتباع أمير المؤمنين صلوات الله عليه، على سبيل الولاء والاعتقاد لإمامته بعد
(1) ويسميهم فيقول: "منهم المقداد بن الأسود، وسلمان الفارسي، وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري، وعمار بن ياسر، ومن وافق مودته مودة علي، وهم أول من سمي باسم التشيع من هذه الأمة" المقالات والفرق ص: 15، فرق الشيعة ص: 18
(2)
آل عمران، آية: 19
(3)
محمد بن محمد النعمان الكعبري الملقب بالمفيد، نال في زعمهم شرف مكاتبة مهديهم المنتظر، وله قريب من مائتي مصنف. قال الخطيب البغدادي: كان أحد أئمة الضلال. هلك به خلق من الناس إلى أن أراح الله المسلمين منه. ومات سنة (413هـ) . انظر في ترجمته: الطوسي/ الفهرست ص: 190، ابن النديم/ الفهرست، ص: 197، القمي/ الكنى والألقاب: 3/164، البحراني/ لؤلؤة البحرين ص: 356، وانظر: الخطيب البغدادي/ تاريخ بغداد: 3/231، ابن الجوزي/ المنتظم: 8/118
الرسول صلوات الله عليه وآله بلا فصل، ونفي الإمامة عمن تقدمه في مقام الخلافة، وجعله في الاعتقاد متبوعاً لهم غير تابع لأحد منهم على وجه الاقتداء" (1) . ثم ذكر أنه يدخل في هذا التعريف الإمامية والجارودية الزيدية، أما باقي فرق الزيدية فليسوا من الشيعة، ولا تشملهم سمة التشيع (2) .
مناقشة التعريف الثاني:
1-
لا نجد في تعريف المفيد هذا ذكراً للإيمان بإمامة ولد علي، مع أن من لم يؤمن بهذا فليس من الشيعة عندهم، كما أن هذا التعريف أغفل التصريح ببعض الجوانب الأساسية في التشيع والتي يربط الشيعة وصف التشيع بها كمسألة النص، والعصمة وغيرها من أصول الإمامية.
2-
يلاحظ أنه نص في تعريفه على: إخراج الفرق المعتدلة من الزيدية ولا يصدق وصف التشيع في نظره إلا على غلاة الزيدية وهم الجارودية (3) ، وليس ذلك فحسب، بل إنه فتح المجال في تعريفه لدخول الفرق الغالية كلها.
3-
أما قوله في التعريف: "وجعله في الاعتقاد متبوعاً لهم غير تابع لأحد منهم
(1) أوائل المقالات ص: 39
(2)
أوائل المقالات ص: 39
(3)
الجارودية: فرقة من فرق الزيدية وتنسب إلى أبي الجارود زياد بن المنذر الهمداني الأعمى الكوفي. قال عنه أبو حاتم: كان رافضياً، يضع الحديث في مثالب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، ومن مقالة الجارودية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على علي رضي الله عنه بالإشارة والوصف دون التسمية والتعيين، وأن الأمة ضلت وكفرت بصرفها الأمر إلى غيره.
انظر في أبي الجارود والجارودية: رجال الكشي ص: 151، 229، 230 (وهي ست روايات في ذمه تضمن بعضها كونه كذاباً كافراً، ومع ذلك فمفيدهم ينظمه في سلك التشيع، لأن التشيع في تعريفه هو هذا الغلو..) وانظر: الطوسي/ الفهرست ص: 192، الأردبيلي/ جامع الرواة: 1/339، القمي/ الكنى والألقاب: 1/30، وانظر: ابن حجر/ تهذيب التهذيب: 3/386. وراجع: القمي/ المقالات والفرق ص: 18، النوبختي/ فرق الشيعة ص: 21، نشوان/ الحور العين ص: 156، المقريزي/ الخطط: 2/352، الشهرستاني/ الملل والنحل: 1/159، الملطي/ التنبيه والرد ص: 23، أحمد بن المرتضى/ المنية والأمل ص 20، 90، البغدادي/ الفرق بين الفرق ص: 30، الرازي/ محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ص: 247، الأشعري/ مقالات الإسلاميين: 1/140
…
على وجه الاقتداء" فهذا إشارة إلى أصل من أصول الاعتقاد عندهم وهو التقية، فعلي عند الشيعة في الظاهر تابع للخلفاء الثلاثة وفي الباطن متبوع لهم، فاتباعه للخلفاء - في نظر المفيد وشعيته - ليس على وجه الاقتداء وإنما على وجه التقية، وليس على وجه الاعتقاد وإنما على وجه الموافقة في الظاهر فقط.
4-
أما قوله: " (1) وهو كتاب الإرشاد أحد المصادر المعتمدة عند الاثني عشرية "اعتمد عليه علماء الإمامية المتقدمين والمتأخرين، واعتبروه من أهم المصادر في موضوعه وأعاروه عناية فائقة وأهمية كبرى (2) . له؛ حيث قال:"وكانت إمامة أمير المؤمنين بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة سنة منها أربع وعشرون سنة وستة أشهر ممنوعاً من التصرف في أحكامها مستعملاً للتقية والمداراة، ومنها خمس سنين وستة أشهر ممتحناً بجهاد المنافقين من الناكثين والقاسطين والمارقين (3) ، ومضطهداً بفتن الضالين، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة - كذا - سنة من نبوته ممنوعاً من أحكامها خائفاً ومحبوساً هارباً ومطروداً لا يتمكن من جهاد الكافرين ولا يستطيع دفعاً عن المؤمنين، ثم هاجر وأقام بعد الهجرة عشرة سنين مجاهداً للمشركين ممتحناً بالمنافقين إلى أن قبضه الله جل اسمه إليه، وأسكنه جنات النعيم"(4) .
فوصف التشيع لا يصدق - في نظر المفيد - إلا على من اعتقد
(1) بالاعتقاد بإمامة علي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بلا فصل" فهذا مبني على إنكار الشيعة لصحة خلافة الخلفاء الثلاثة، وقد شرح مفيدهم هذه الجملة، وفصل القول فيها في كتاب آخر
(2)
" مقدمة الإرشاد ص: 7، وانظر في توثيقه عندهم: بحار الأنوار 1/27
(3)
ورد في "معاني الأخبار" لشيخهم ابن بابويه القمي: أن المراد بالناكثين: الذين بايعوا بالمدينة ونكثوا بيعته بالبصرة، والقاسطين: معاوية وأصحابه من أهل الشام، والمارقين: أصحاب النهروان. معاني الأخبار ص: 204
(4)
الإرشاد ص: 12
خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ممتدة من حين التحاق الرسول بالرفيق الأعلى إلى أن توفي علي (1) ، ولا صحة لخلاف الخلفاء الثلاثة، فلا يصدق - حسب تعريفه- وصف التشيع بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على ثلاثة من الصحابة، وباقي الصاحبة هم - في نظر الشيعة - كفار كالمشركين الذين عاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم، والحكومة كافرة، وعلي يعيش بينهم متستراً بالتقية والنفاق (2) ، فأي إساءة إلى علي رضي الله عنه وإلى صحابة رسول الله - رضوان الله عليهم وإلى الإسلام أبلغ من هذا؟!.
3-
التعريف الثالث للشيعة:
وإذا كان المفيد لا ينص في تعريفه للتشيع على مسألة النص والوصية، فإننا نرى في شيخهم الطوس (3) . يربط وصف التشيع بالاعتقاد بكون علي إماماً للمسلمين بوصية من الرسول صلى الله عليه وسلم وبإرادة من الله (4) .
فالطوسي هنا يجعل الاعتقاد بالنص هو أساس التشيع، ولهذا يخرج الطوسي السليمانية (5) . الزيدية من فرق الشيعة؛ لأنهم
(1) ونجد شيخهم عبد الله شبر يؤكد في تعريفه للشيعة على هذا المعنى فيقول: "اعلم أن لفظ الشيعة يطلق على من قال بخلافة أمير المؤمنين عليه السلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم بلا فصل"(حق اليقين: 1/195)
(2)
وسيأتي - إن شاء الله - ذكر شواهد ذلك في مبحث حكم منكر إمامة الاثني عشر
(3)
أبو جعفر محمد بن الحسين بن علي الطوسي هو عندهم شيخ الإمامية ورئيس الطائفة، وهو مؤلف كتابين من كتبهم الأربعة (التي هي كالكتب الستة عند أهل السنة) وهما: تهذيب الأحكام والاستبصار، توفي سنة (460هـ) وكانت ولادته سنة (385هـ) .
راجع ترجمته لنفسه في الفهرست ص: 88-190، البحراني/ لؤلؤة البحرين ص: 293-304، القمي/ الكنى والألقاب: 2/357، وانظر: لسان الميزان لابن حجر: 5/135
(4)
تلخيص الشافي: 2/56
(5)
السليمانية: فرقة من فرق الزيدية تُنسب إلى سليمان بن جرير الزيدي، وهي تسمى بالسليمانية عند كثير من أصحاب الفرق (انظر: مقالات الإسلاميين: 1/143، اعتقادات فرق المسلمين ص: 78، الملل والنحل: 1/159، التبصير في الدين ص 17) . =
لا يقولون بالنص بل يقولون: إن الإمامة شورى، وإنها تصلح بعقد رجلين من خيار المسلمين، وإنها قد تصلح في المفضول.. ويثبتون إمامة الشيخين أبي بكر وعمر (1) ، ولم يخرجوهم من دائرة التشيع فحسب، بل اعتبروهم "نواصب"(2) . ولم يكتفوا بذلك، فقد جاء في رجال الكشي أن الزيدية شر من النواصب (3) ، ويجري هذا الحكم من الاثني عشرية على كل فرق الزيدية التي تقول برأي السليمانية كالصالحية والبترية (4) .
ويذهب بعض شيوخهم المعاصرين إلى ما ذهب إليه الطوسي، فيقصر وصف التشيع على من يؤمن بالنص على خلافة علي، فيقول بأن لفظ الشيعة:"علم من يؤمن بأن علياً هو الخليفة بنص النبي"(5) .
ويلاحظ أن مسألة النص هي محل اهتمام الشيعة البالغ في القديم والحديث؛ فنرى - مثلاً - في القديم شيخهم الكليني يعقد في كتابه الكافي ثلاثة عشر باباً في مسألة
= ومن أصحاب الفرق من يسميها بالجريرية (الحور العين ص 156، الخطط/ المقريزي: 2/325) ، وقد نص صاحب الفرق بين الفرق أنها تسمى بـ "السليمانية أو الجريرية". (الفرق بين الفرق ص 32)، ويسميها صاحب المنية والأمل أحياناً بالسليمانية ص: 90، وأحياناً بالجريرية ص: 90
(1)
الأشعري/ مقالات الإسلاميين: 1/143
(2)
انظر: الطوسي/ التهذيب: 1/364، الحر العاملي/ الوسائل: 4/288.
والنواصب: هم قوم يدينون ببغض عليّ رضي الله عنه (ابن منظور / لسان العرب: 1/762) ولكن الرافضة تذهب في مفهوم النصب مذهبا آخر -كما ترى- حتى تجعل "من أحب أبا بكر وعمر ناصبيا (مجموع الفتاوى شيخ الإسلام: 5/112) بل من قدم أبا بكر على عليّ فهو ناصبي (انظر: ابن ادريس/السرائر ص 471، الحر العاملي/ وسائل الشيعة: 6/341-342.
(3)
انظر: رجال الكشي ص: 459
(4)
الصالحية: أصحاب الحسن صالح بن حي.
والبترية: أصحاب كثير النوي الأبتر وقولهما في الإمامة كقول السليمانية واعتبرهما الشهرستاني فرقة واحدة، لأن مقالتهما واحدة، ولم يذكرهم الأشعري إلا البترية، وقال بأن مذهبهم: أنهم ينكرون رجعة الأموات، ولا يرون لعليّ إمامة إلا حين بويع (الأشعري / مقالات الإسلاميين: 1/144، الشهرستاني / الملل والنحل: 1/161) .
(5)
محمد جواد مغنية/ الشيعة في الميزان ص: 15
النص على الأئمة يضمنها مائة وتسعة أحاديث (1) ، ونرى في الحاضر أحد الروافض يؤلف كتاباً في ستة عشر مجلداً في حديث من أحاديثهم التي يستدلون بها على ثبوت النص على علي وهو حديث "الغدير"(2) . ويسمي كتابه باسم الغدير (3) ، فلا غرابة في أن يربط الشيعة وصف التشيع بقضية النص، لكن اللافت للنظر أن هذا الاهتمام والمبالغة يسري في كل عقائدهم التي هي محل استنكار وتكذيب من جمهور المسلمين، فتراهم في كل عقيدة من هذه العقائد التي هذا شأنها، يجعلونها هي عمود التشيع وأساسه، ويبالغون في إثباتها، ولكن حينما يعرف شيوخهم التشيع لا يذكرون هذه العقائد في التعريف مع أنهم يعلقون الوصف بالتشيع بالإيمان بها، ولا تشيع بدونها؛ كمسألة الرجعة مثلاً، قالوا في أحاديثهم:"ليس منا من لم يؤمن بكرتنا"(4) . ومع ذلك لا ترى لها ذكراً في تعريف التشيع، وكذلك مسألة العصمة، والإيمان بخلاف ولد علي وغيرها، بل تجد هذه المبالغة حتى في مسائل الفقه وقضايا الفروع كمسألة المتعة، قالوا:"ليس منا من لم.. يستحل متعتنا"(5) . فالقوم ليسوا على منهج واضح سليم في ذلك.
4-
تعاريف أخرى للشيعة:
وهنالك تعريفات أخرى للشيعة متفرقة في كتب الشيعة القديم منها والحديث لا تخرج عما ذكرنا (6) . وهناك تعريفات أخرى اتجهت اتجاهاً خاصاً
(1) انظر: أصول الكافي: 1/286-328
(2)
سيأتي ذكره وتخريجه ومناقشته عند ذكر أدلة الشيعة في مسألة الإمامة
(3)
كتاب الغدير لشيخهم المعاصر عبد الحسين الأميني النجفي، وهو مليء بالأكاذيب والطامات والكفر البواح. انظر: مسألة التقريب بين السنة والشيعة للمؤلف ص: 66 وما بعدها
(4)
ابن بابويه/ من لا يحضره الفقيه: 3/291، الحر العاملي/ وسائل الشيعة 7/438، تفسير الصافي 1/347، المجلس/ بحار الأنوار: 53/92
(5)
المصادر السابقة (نفس الصفحات)
(6)
فمن هذا التعاريف ما يربط التشيع باتباع علي وتقديمه على غيره في الإمامة (انظر: شرح اللمعة: 2/228) . ومنها ما يزيد على ذلك بوجوب الاعتقاد أنه الإمام بوصية من رسول الله وبإرادة من الله تعالى نصاً، كما يرى الإمامية، ووصفاً كما يرى الجارودية (موسوعة العتبات المقدسة المدخل ص: 91، عن هوية التشيع ص: 12)
- في التعريف - لا يشير إلى أصولهم في التشيع المعروفة؛ فهذا شيخهم النجاشي (1) . يعرف بالشيعة بقوله:
"الشيعة الذين إذا اختلف الناس عن رسول الله أخذوا بقول علي، وإذا اختلف الناس عن علي أخذوا بقول جعفر بن محمد"(2) .
وإذا اختلف النقل عن جعفر بن محمد بماذا يأخذون؟
لا نجد في التعريف جواباً على ذلك.. إلا إن كان هذا التعريف يشير في توقفه عند جعفر بن محمد إلى أن النقل عنه لا يختلف، وهذا خلاف الواقع وخلاف المأثور عن جعفر بن محمد حتى في كتب الشيعة نفسها.. أم إن هذا النص موضوع في حياة جعفر بن محمد فتوقف عنده ونقله النجاشي، وأيا كان فهو لا يشير إلى الأئمة الذين هم قبل جعفر، كما لا يشير إلى الأئمة بعده..
ثم إن في هذا التعرف خروجاً عن منهج الإسلام، فهو يقول بأن الناس إذا اختلفوا في النقل عن رسول الله لا يؤخذ بمقاييس الترجيح المعروفة في اختيار النقل الصحيح.. بل يؤخذ بقول علي. وإذا اختلف النقل عن علي يؤخذ بقول جعفر هكذا يقولون، ثم لماذا لا يختلف القول عن جعفر، ويختلف القول عن الله وعلي؟.. وهل جعفر أفضل منهما؟!
وثمة تعريفات أخرى في كتب الاثني عشرية تجعل التشيع والشيعة مرادفة للتقوى والصلاح والاستقامة. قال أبو عبد الله: "ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع والتجشع والأمانة"(3) . وقال: "إنما شيعة علي من
(1) أحمد بن علي بن أحمد بن العباس بن محمد النجاسي، له كتاب الرجال الذي اعتمد عليها شيوخ الإمامية، توفي سنة (450هـ) .
(انظر: الأردبيلي/ جامع الرواة: 1/54، القمي/ الكني: 3/199)
(2)
رجال النجاشي ص: 9
(3)
سفينة البحار: 1/733