المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: ما حرم بيعه فإجارته مثله - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ٧

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السابع

- ‌تابع لكتاب البيوع

- ‌باب الحجر

- ‌مدخل

- ‌فصل:.وَوَلِيُّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ أَبٌ رَشِيدٌ

- ‌فَصْل: مَنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ فِي تِجَارَةٍ صَحَّ

- ‌باب الوكالة

- ‌ممن تصح الوكالة

- ‌فَصْلٌ: وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِكُلِّ تَصَرُّفٍ وُكِّلَ فِيهِ

- ‌فصل: وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ

- ‌كتاب الشركة

- ‌أقسام الشركة وأحكامها

- ‌أقسام الشركة - القسم الأول: المضاربة

- ‌فصل: وَلَهُ أَنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْأَوَّلِ حُرِّمَ

- ‌فصل: وَيَحْرُمُ قِسْمَةُ الرِّبْحِ وَالْعَقْدُ بَاقٍ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا

- ‌فصل: الثَّانِي شَرِكَةُ الْعِنَانِ

- ‌القسم الثالث والرابع

- ‌فصل: وربح كل شركة على ما شرطا

- ‌باب المساقاة والمزارعة

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَعَلَى الْعَامِلِ مَا فِيهِ صَلَاحُ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ

- ‌باب الإجارة

- ‌تعريف الإجارة وبما تنعقد

- ‌فصل: مَا حُرِّمَ بَيْعُهُ فَإِجَارَتُهُ مِثْلُهُ

- ‌فصل: وَالْإِجَارَةُ أَقْسَامٌ:

- ‌فصل: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ

- ‌فصل: مَنْ اُسْتُؤْجِرَ مُدَّةً فَأَجِيرٌ خَاصٌّ

- ‌باب الْجَعَالَةِ

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌شروط العارية

- ‌فَصْلٌ: الْعَارِيَّةُ الْمَقْبُوضَةُ مَضْمُونَةٌ

- ‌بَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌باب الغصب

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ نَقْصِهِ

- ‌فَصْلٌ: وَمَنْ أَخَذَهُ مِنْ غَاصِبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ ضَمِنَهُ

- ‌فَصْلٌ: مَنْ أَتْلَفَ مُحْتَرَمًا لِمَعْصُومٍ وَمِثْلُهُ يَضْمَنُهُ ضَمِنَهُ

- ‌فَصْلٌ: وَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ الْبَهِيمَةُ صَيْدَ حرم وغيره

- ‌باب الشفعة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَهِيَ عَلَى الْفَوْرِ

- ‌فَصْلٌ: إذَا تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي فَصَفْقَتَانِ لَهُ أَخْذُ إحْدَاهُمَا

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب اللقطة

- ‌مدخل

- ‌فصل: لُقَطَةُ فَاسِقٍ كَعَدْلٍ

- ‌بَابُ اللَّقِيطِ

- ‌باب الوقف

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَيُرْجَعُ إلَى شَرْطِهِ فِي تَقْدِيمٍ وَتَسْوِيَةٍ

- ‌فصل: وَيَحْرُمُ بَيْعُهُ

- ‌باب الهبة

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ

- ‌كتاب الوصايا

- ‌أحكام الوصايا وأقسامها

- ‌باب تبرع المريض

- ‌مدخل

- ‌فصل: مَنْ وَهَبَ أَوْ وَصَّى لِوَارِثٍ فَصَارَ غَيْرَ وَارِثٍ عِنْدَ الْمَوْتِ صَحَّتْ

- ‌فصل: إذَا أَعْتَقَ مَرِيضٌ بَعْضَ عَبْدٍ بَقِيَّتُهُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ

- ‌باب الموصى له

- ‌لمن تصح الوصية

- ‌فَصْلٌ: لَا قَبُولَ وَلَا رَدَّ لِمُوصَى لَهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي

- ‌باب الموصى به

- ‌أحكام الموصى به

- ‌فصل: إذَا وَصَّى بِثُلُثِهِ عَمَّ

- ‌باب عمل الوصايا

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَإِنْ وَصَّى بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ

- ‌فصل: وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو بثلث ماله…الخ

- ‌فصل: وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِعَمْرٍو بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ ابْنَيْهِ

- ‌بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ

الفصل: ‌فصل: ما حرم بيعه فإجارته مثله

‌فصل: مَا حُرِّمَ بَيْعُهُ فَإِجَارَتُهُ مِثْلُهُ

،

إلَّا الْحُرَّ وَالْحُرَّةَ، وَيَصْرِفُ بَصَرَهُ فِي النَّظَرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْوَقْفُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَلَا يَنْعَقِدُ إلَّا عَلَى نَفْعٍ مُبَاحٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ يُسْتَوْفَى دُونَ الْأَجْزَاءِ، كَإِجَارَةِ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا أَوْ كِتَابٍ لِلنَّظَرِ، وَفِي الْمُصْحَفِ الْخِلَافُ، وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ "م 6" وَحُلِيٍّ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِ: يُكْرَهُ بِجِنْسِهِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ لَهُ: فَثَوْبٍ يَلْبَسُهُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ، وَحَيَوَانٍ، وَقِيلَ: حَتَّى كَلْبٍ لِصَيْدٍ وَحِرَاسَةٍ، وَشَجَرٍ لِنَشْرِ ثِيَابٍ وَقُعُودٍ بِظِلِّهِ، وَبَقَرٍ لِحَمْلٍ وَرُكُوبٍ وَغَنَمٍ لِدِيَاسِ زَرْعٍ، وَبَيْتٍ فِي دَارٍ وَلَوْ أَهْمَلَ اسْتِطْرَاقَهُ، وَآدَمِيٍّ لِقَوَدٍ أَوْ إرَاقَةِ خَمْرٍ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ فِيهَا، وَيَحْرُمُ حَمْلُهَا لِشُرْبٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِثْلُهَا مَيْتَةٌ لِطَرْحٍ أَوْ أَكْلٍ وتحرم إجارة دار لِبَيْعِهِ وَنَحْوِهِ، شَرَطَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَا، وَغِنَاءٍ وَفَحْلٍ لِنَزْوٍ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ "وم" وَكَرِهَهُ أحمد لهما، زاد حرب: جدا.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ-6: قَوْلُهُ: "وَفِي الْمُصْحَفِ الْخِلَافُ. وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي بَيْعِهِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وتقدم تحرير ذَلِكَ1، وَأَنَّ الصَّحِيحَ لَا يَصِحُّ، هَكَذَا هُنَا، فَلْيُرَاجِعْ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ: وَإِجَارَتُهُ كَبَيْعِهِ، فَحَصَلَ التَّكْرَارُ.

وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ "وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ" إحْدَاهُمَا كَبَيْعِهِ وَالثَّانِيَةُ لَيْسَ كَبَيْعِهِ، فَيَجُوزُ، وَإِنْ مَنَعْنَا الْبَيْعَ لِعَدَمِ رَغْبَتِهِ عَنْهُ مُطْلَقًا.

1 6/134-135.

ص: 143

قِيلَ: فَاَلَّذِي يُعْطَى وَلَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا؟ فَكَرِهَهُ. وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقِيلَ لَهُ: أَلَا يَكُونُ مِثْلَ الْحَجَّامِ يُعْطَى وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ؟ فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى فِي مِثْلِ هَذَا شَيْئًا كَمَا بَلَغَنَا فِي الْحَجَّامِ1، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ هَذَا مُقْتَضَى النَّظَرِ تُرِكَ فِي الْحَجَّامِ، وَحَمَلَ فِي الْمُغْنِي2 كَلَامَ أَحْمَدَ هَذَا عَلَى الْوَرَعِ لَا التَّحْرِيمِ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ أَنَزَاهُ عَلَى فَرَسِهِ فَنَقَصَ ضَمِنَ نَقْصَهُ، وَنَفْعٍ مَغْصُوبٍ وَأَرْضٍ سَبِخَةٍ لِزَرْعٍ، قَالَ فِي الْمُوجَزِ: وَحَمَامٍ لِحَمْلِ الْكُتُبِ لِتَعَدِّيهِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَهُوَ أَوْلَى، وَأَنَّهُ تَصِحُّ إجَارَةُ هِرٍّ وَفَهْدٍ وَصَقْرٍ مُعَلَّمٍ لِلصَّيْدِ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَيْعِهَا الْخِلَافَ، وَشَمْعٍ لِيُشْعِلَهُ وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا مِثْلَ كُلِّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، فَمِثْلُهُ فِي الْأَعْيَانِ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَنَافِعِ، وَمِثْلُهُ كُلَّمَا أَعْتَقْت عَبْدًا مِنْ عَبِيدِك فَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعَدَدَ وَالثَّمَنَ، وَهُوَ إذْنٌ فِي الِانْتِفَاعِ بِعِوَضٍ، وَاخْتَارَ جَوَازَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ حَائِزٌ، كَالْجَعَالَةِ، وَكَقَوْلِهِ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ، أَوْ مَنْ أَلْقَى كَذَا فَلَهُ كَذَا وَمَنْ أَلْقَى كَذَا فَلَهُ كَذَا، وَجَوَازُ إجارة ماء قناة

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرج البخاري "2279"، ومسلم "2208"، عن ابن عباس قال:"احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره، ولو علم كراهيته، لم يعطه".

2 8/119.

ص: 144

مُدَّةً، وَمَاءِ فَائِضِ بِرْكَةٍ رَأَيَاهُ وَإِجَارَةِ حَيَوَانٍ لِأَخْذِ لَبَنِهِ قَامَ بِهِ هُوَ أَوْ رَبُّهُ، فَإِنْ قَامَ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَعَلَفهَا فَكَاسْتِئْجَارِ الشَّجَرِ، وَإِنْ عَلَفَهَا رَبُّهَا وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي لَبَنًا مُقَدَّرًا فَبَيْعٌ مَحْضٌ، وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ اللَّبَنَ مُطْلَقًا فَبَيْعٌ أَيْضًا، وَلَيْسَ هَذَا بِغَرَرٍ، لِأَنَّ الْغَرَرَ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ، فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْقِمَارِ الَّذِي هُوَ الْمَيْسِرُ، وَهُوَ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، كَبَيْعِ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ.

قَالَ: وَالْمَنَافِعُ وَالْفَوَائِدُ تَدْخُلُ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ سَوَاءً كَانَ الْأَصْلُ مُحْتَبَسًا بِالْوَقْفِ أَوْ غَيْرَ مُحْتَبَسٍ، كَالْعَارِيَّةِ وَنَحْوِهَا، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّارِعُ فِي مَنِيحَةِ الشَّاةِ، وَهُوَ عَارِيَّتُهَا لِلِانْتِفَاعِ بِلَبَنِهَا، كَمَا يُعِيرُهُ الدَّابَّةَ لِرُكُوبِهَا، وَلِأَنَّ هَذَا يَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَهُوَ بِالْمَنَافِعِ أَشْبَهُ، فَإِلْحَاقُهُ بِهَا أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِعَقْدِ الْإِجَارِةِ عَلَى زَرْعِ الْأَرْضِ هُوَ عَيْنٌ مِنْ الْأَعْيَانِ، وَهُوَ وَمَا يُحْدِثُهُ مِنْ الْحَبِّ بِسَقْيِهِ وَعَمَلِهِ، وَكَذَا مُسْتَأْجِرُ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا مَقْصُودُهُ مَا يُحْدِثُهُ اللَّهُ مِنْ لَبَنِهَا بِعَلَفِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَالْآفَاتُ وَالْمَوَانِعُ الَّتِي تَعْرِضُ لِلزَّرْعِ أَكْثَرُ مِنْ آفَاتِ اللَّبَنِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الْجَوَازُ وَالصِّحَّةُ.

قَالَ: وَكَظِئْرٍ، وَمِثْلُهَا نَفْعُ بِئْرٍ وَفِي الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ مَاءُ بِئْرٍ. وَفِي الْفُصُولِ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِجَارَةِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِحِيَازَتِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ غَارَ مَاءُ دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا فَسْخَ، لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْإِجَارَةِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَا يَمْلِكُ عَيْنًا وَلَا يَسْتَحِقُّهَا بِإِجَارَةٍ إلَّا نَفْعَ بِئْرٍ فِي مَوْضِعٍ مُسْتَأْجَرٍ، وَلَبَنَ ظِئْرٍ [فإنهما] يدخلان1 تَبَعًا، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمَاءَ لَمْ يَجُزْ مَجْهُولًا وَإِلَّا جَازَ. ويكون على أصل

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط": " فيه خلاف".

ص: 145

الْإِبَاحَةِ، وَهَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ أَوْ الْحَضَانَةُ أو يلزمه أحدهما بعقده على الآخر واعتبار رُؤْيَةِ مُرْتَضِعٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 7،10".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ-7-10: قَوْلُهُ: "وَهَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ أَوْ الْحَضَانَةُ أَوْ يلزمه أحدهما: بعقده على الآخر واعتبار رؤية مُرْتَضِعٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَجْهَانِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-7: هَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الرَّضَاعَةِ اللَّبَنُ أَوْ الْحَضَانَةُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْفَائِقِ:

أَحَدُهُمَا: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْحَضَانَةُ، وَهِيَ خِدْمَةُ الْوَلَدِ، وَحَمْلُهُ، وَوَضْعُ الثَّدْيِ فِي فِيهِ، وَأَمَّا اللَّبَنُ فَيَدْخُلُ تَبَعًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَاللَّبَنُ تَبَعٌ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالرَّضَاعَةِ، وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شرحه، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، وَيَكُونُ اللَّبَنُ تَبَعًا. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِصَالِ: لَبَنُ الْمُرْضِعَةِ يَدْخُلُ في عقد الإجارة، وإن كان يهلك2 بِالِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِ انْتَهَى.

قلت: ويحتمله كلام صاحب المقنع، وغيره، "3وكذا المصنف وغيره، حيث قالوا: يعقد على نفع العين دون إجارائها إلَّا فِي الظِّئْرِ، وَنَقْعِ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا3" وصرح به

1 8/74.

2 في "ط": " تملك".

3 -

3 ليست في "ط".

ص: 146

وَقِيلَ: الْحَضَانَةُ تَتْبَعُ لِلْعُرْفِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ. وَيُعْتَبَرُ محل رضاع، ورخص أَحْمَدُ فِي مُسْلِمَةٍ تُرْضِعُ طِفْلًا لِنَصَارَى بِأُجْرَةٍ، لا لمجوسي، وسوى

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، حَيْثُ قَالَ: وَلَا تُسْتَحَقُّ بعقد الإجارة عين إلا في "1موضعين؛ لبن الظئر ونقع البئر1"، فَإِنَّهُمَا يَدْخُلَانِ تَبَعًا، وَكَذَا قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْعَقْدُ وَقَعَ عَلَى اللَّبَنِ، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ الْأَشْبَهُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق:6]"2وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ2"، قَالَ فِي الْهَدْيِ: وَالْمَقْصُودُ إنَّمَا هُوَ اللَّبَنُ، قَوَّى ذَلِكَ بِعَشْرَةِ وُجُوهٍ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْهَدْيِ، قَالَ الناظم:

وفي الأجود3 المقصود بالعقد درها4

والإرضاع لا حضن ومبدأ مقصد5

انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي6 فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ على ما يذهب إجراؤه بالانتفاع به "7إلا في الظئر7" يَجُوزُ الرَّضَاعُ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُوهُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ، إلَّا فِي الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا يَعُودُ قَوْلُهُ تَبَعًا إلَى نَقْعِ الْبِئْرِ لا إلى الظئر ومال إليه ابن منجا فِي شَرَحَ الْمُقْنِعِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ لِجَوَازِ هَلَاكِ الْعَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ فِي الظِّئْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-8-9: إذَا عَقَدَ عَلَى أَحَدِهِمَا هَلْ يَلْزَمُهَا8 الْآخَرُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الخلاف، وفيه مسألتان.

1 -1 في "ط": " موضع لبن الظئر وبقع السر".

2 -

2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

3 في "ط": " الأجور".

4 في "ط" و"ح": " ردها".

5 في "ط": " يقصده".

6 3/383.

7 -

7 في "ط": " لا في الطير".

8 في "ط": "يلزمها".

ص: 147

أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا، لِاسْتِوَاءِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ. ومن أعطى صيادا أجرة ليصيد

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-8: لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ تَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ:

أَحَدُهُمَا: تَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ أَيْضًا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهَا سِوَى الرَّضَاعِ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قُلْت: الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَيُعْمَلُ بِهِمَا.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-9: وَهِيَ الثَّالِثَةُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلْحَضَّانَةِ فَهَلْ يَدْخُلُ الرَّضَاعُ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ:

أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهَا الرَّضَاعُ أَيْضًا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهَا، قَالَ فِي "التَّلْخِيصِ": لَمْ يَلْزَمْهَا وَجْهًا وَاحِدًا انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ أَقْوَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ إلَى الْعُرْفِ، وَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَمِلَ بِهَا.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ-10: هَلْ تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ الْمُرْتَضِعِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَمْ تَكْفِي صِفَتُهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ:

أَحَدُهُمَا: تَكْفِي صِفَتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ3 وَالْفَائِقِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، وَاَللَّهُ أعلم.

1 8/73.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/283.

3 "ط": "الرعاية".

ص: 148

لَهُ سَمَكًا لِيَخْتَبِرَ بَخْتَهُ فَقَدْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ له بشبكته، قاله أَبُو الْبَقَاءِ.

وَمَنَعَ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ إجَارَةَ نَقْدٍ أَوْ شَمْعٍ لِلتَّجَمُّلِ، وَثَوْبٍ لِتَغْطِيَةِ نَعْشٍ، وَمَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ، كَرَيَاحِينَ.

قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَتُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ، بَلْ عَنْبَرٍ، لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ جَوَازُهُ، وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِحِجَامَةٍ، كَفَصْدٍ، وَيُكْرَهُ لِلْحُرِّ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 8/129.

ص: 149

أَكْلُهُ، وَعَنْهُ يَحْرُمُ، وَاخْتَارَ فِي التَّعْلِيقِ: عَلَى سَيِّدِهِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ، وَكَذَا أَخْذُهُ بِلَا شَرْطٍ، وَجَوَّزَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ لغير حر.

وَتَجُوزُ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ فِي الذِّمَّةِ، قَالَ ابن الجوزي: على المنصوص، وفي مدة روايتان "م11" لَا لِخِدْمَةٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا إعَارَتُهُ وَلَا إجَارَةُ مُشَاعٍ مُفْرَدًا، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ العكبري وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، كَشَرِيكِهِ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَيَتَخَرَّجُ لَنَا مِنْ عَدَمِ1 إجَارَةِ الْمُشَاعِ أَنْ لَا يَصِحَّ رَهْنُهُ، وَكَذَلِكَ هبته، ويتوجه: ووقفه، قال:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةٌ-11: قَوْلُهُ: "وَتَجُوزُ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ فِي الذِّمَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: عَلَى الْمَنْصُوص، وَفِي مدة روايتان" انتهى، يعني في جواز "2إجارته لعمل2" غَيْرِ الْخِدْمَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَأَطْلَقَهُمَا النَّاظِمُ.

إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحُ. وقال في المغني أيضا المصراة4 هَذَا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ5 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.

وَالرِّوَايَةُ الثانية: لا يجوز ولا يصح.

1 ليست في الأصل و"ر".

2 -

2 في "ط": " إيجار تداخل".

3 8/135.

4 في "ط": " المعراة".

5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/336.

ص: 150

وَالصَّحِيحُ صِحَّةُ رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ وَهِبَتِهِ، وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ، وَالْمُرَادُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَإِلَّا فَفِي بَيْعِهِ خِلَافٌ ذَكَره ابْنُ حَزْمٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ فِي مُشَاعٍ مِنْ غَرْسٍ.

وَهَذَا التَّخْرِيجُ خِلَافُ نَصِّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ سِنْدِيٍّ: يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشَاعِ وَرَهْنُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجَّرَ، لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لِلْمَنَافِعِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ، وَهَلْ مِثْلُهُ إيجَارُ حَيَوَانٍ وَدَارٍ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا لِوَاحِدٍ أَوْ يَصِحُّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م12".

وَكَذَا وَصِيَّةٌ بِمُنْفَعِهِ، وَلَا امْرَأَةٍ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنَّهَا ذَاتُ زوج أو إنها مؤجرة قبل نكاح.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

"1 تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: لَا لِخِدْمَةٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا إعَارَتُهُ انْتَهَى. فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إعَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ لِلْخِدْمَةِ، عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ فِي الْعَارِيَّةِ: إعَارَةُ كُلِّ ذِي نَفْعٍ جَائِزٌ منتفع بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ إلَّا الْبُضْعَ وَمَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ لِمُحْرِمٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَعَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ، وَيَتَوَجَّهُ كَإِجَارَةٍ انْتَهَى. فَقَطَعَ هُنَا: أَنَّ إعَارَتَهُ كَإِجَارَتِهِ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْعَارِيَّةِ الْجَوَازُ، وَمَا مَنَعَ إلَّا صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ، ثُمَّ وَجَّهَ مِنْ عِنْدِهِ أَنَّهُ كَالْإِجَارَةِ، فَحَصَلَ الْخَلَلُ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ1".

مَسْأَلَة-12: قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ إجَارَةِ الْمُشَاعِ: وَهَلْ مِثْلُهُ إيجَارُ حَيَوَانٍ وَدَارٍ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا لِوَاحِدٍ أَوْ يَصِحُّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى:

أَحَدُهُمَا: هُوَ كَإِجَارَةِ الْمُشَاعِ، جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْوَجِيزِ، وفرضها في الحيوان والدار كالمصنف4، وفرضها في المغني2 والشرح3

1 -1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

2 8/52.

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/268.

4 ليست في "ط".

ص: 151

ويحرم على أذان وإمامة صلاة وتعليم قرآن وَنِيَابَةِ حَجٍّ، وَفِي حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَجْهَانِ "م13" وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: يَجُوزُ لِحَاجَةٍ، وَاخْتَارَهُ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا كَأَخْذِهِ بِلَا شَرْطٍ، نَصَّ عَلَيْهِ "وش" وَمَنَعَ فِي إمَامَةٍ وَكَذَا مَالِكٌ إلَّا فِي إمَامَةٍ تَبَعًا لِأَذَانٍ.

وَكَجَعَالَةٍ1 وَقَالَ الشَّيْخُ: فِيهَا وَجْهَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: الْجُعْلُ فِي حَجٍّ كَأُجْرَةٍ، وَنَصُّهُ: الْجَوَازُ عَلَى الرُّقْيَةِ "و" لِأَنَّهَا مُدَاوَاةٌ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُكْرَهُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ بَعْضِهِمْ، مَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ لَمْ يُجَوِّزْ إيقَاعَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ، كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَقِرَاءَةٍ، وَالِاسْتِئْجَارُ يُخْرِجُهَا عن ذلك، ومن جوزه فلأنه نَفْعٌ يَصِلُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَسَائِرِ النَّفْعِ، وَجُوِّزَ إيقَاعُهَا غَيْرَ عِبَادَةٍ فِي هَذِهِ الْحَالِ، لِمَا فِيهَا مِنْ النَّفْعِ.

قَالَ: وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ عِوَضًا وَأُجْرَةً، بَلْ رزق

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

الدَّارِ فَقَطْ، يَعْنِي إذَا كَانَتْ لِوَاحِدٍ وَآجَرَهَا لِاثْنَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيجَارُ الْحَيَوَانِ وَالدَّارِ لِاثْنَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا الصِّحَّةَ فِي الْمُشَاعِ.

قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ العمل.

مَسْأَلَةٌ-13: قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى أَذَانٍ وَإِمَامَةِ صَلَاةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَنِيَابَةِ حَجٍّ، وَفِي حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى:

أَحَدُهُمَا: هُمَا مُلْحَقَانِ بِمَا قَبْلَهُمَا، فَتَحْرُمُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِمَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرعايتين والحاوي الصغير، وصححه الناظم.

1 ليست في الأصل.

ص: 152

لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ لِلَّهِ أُثِيبَ، وَمَا1 يَأْخُذُهُ رِزْقٌ لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ فِي آخِرِ الْجِهَادِ2، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَوْ خَرَجَ الْأَذَانُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْبَةً لَمْ يَقَعْ صَحِيحًا، وَقَدْ قُلْتُمْ يَقَعُ بِهِ الْإِجْزَاءُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ، فَقَالَ: الْحُكْمُ3 بِصِحَّتِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ قُرْبَةً، كَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ يَصِحُّ، وَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ بِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ قُرْبَةً وَغَيْرَ قُرْبَةٍ، وَالْأَذَانُ شَرْطُهُ أَنْ يَقَعَ قُرْبَةً، كَالصَّلَاةِ، وَيَجُوزُ عَلَى حِسَابٍ وَخَطٍّ، وَفِي الْمُبْهِجِ: لَا مُشَاهَرَةٍ.

وَتَحْرُمُ أُجْرَةٌ وَجَعَالَةٌ عَلَى مَا لا يتعدى نفعه، كصوم وصلاة خلفه

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ب".

2 10/330.

3 في الأصل: "الحاكم".

ص: 153

وَيَجُوزُ الرِّزْقُ عَلَى مُتَعَدٍّ. وَفِي التَّذْكِرَةِ: فِي غَزْوٍ1 لَا، كَأَخْذِ الرِّزْقِ فِي بِنَاءٍ وَنَحْوِهِ، ذَكَرَهُ فِي الْخِصَالِ وَالتَّلْخِيصِ، وَذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ، نَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَ مَا يَحُجُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ لِيَحُجَّ، لَا أَنْ يَحُجَّ لِيَأْخُذَ، فَمَنْ يُحِبُّ إبْرَاءَ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أَوْ رُؤْيَةَ الْمَشَاعِرِ يَأْخُذُ لِيَحُجَّ، وَمِثْلُهُ كُلُّ رزق أخذ على عمل صالح، ففرق2 بَيْنَ مَنْ يَقْصِدُ الدِّينَ، وَالدُّنْيَا وَسِيلَتُهُ، وَعَكْسِهِ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ عَكْسَهُ لَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ من خلاق، قال: وحجه عن غير ليستفضل3 مَا يُوفِي دَيْنَهُ الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ، لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ، وَيَتَوَجَّهُ فِعْلُهُ لِحَاجَةٍ، وَنَقَلَ ابْنُ مَاهَانَ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَحُجُّ بِهِ أَيَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَفِي الْغُنْيَةِ: إنْ فَرَّطَ فِيهِ حَتَّى افْتَقَرَ فَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِبَدَنِهِ مُفْلِسًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَكَسَّبَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَسْأَلْ النَّاسَ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ: أَخْذُ الْأُجْرَةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْقُرْبَةِ، بِدَلِيلِ الرِّزْقِ، فَقَالُوا: الرِّزْقُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّهُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ "4وَلَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ4".

وَفِي الْفُنُونِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ: عِبَادَاتٌ، فَاعْتَبَرَ لَهَا الْإِخْلَاصَ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ قَادِحَةً فِي الإخلاص ما استحقت الغنائم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في

2 في "ط": "فيفرق".

3 في "ط": " ليتفضل".

4 -

4 ليست في الأصل.

ص: 154

وَسُلِبَ الْقَاتِلُ، وَكَذَا أَخْذُ مُؤَذِّنِينَ وَقُضَاةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ: تَجُوزُ الْأُجْرَةُ عَلَى ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ بِلَا خِلَافٍ، كَتَفْرِقَةِ الصَّدَقَةِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ، وَاَلَّذِي هُوَ مَحْضُ الْقُرْبَةِ مَا كَانَ بِالْإِهْدَاءِ، فَأَمَّا الذَّبْحُ فَهُوَ تَقْرِيبٌ لَهَا إلَى الفقراء.

وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ مُدَّةً، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً لَا يُظَنُّ عَدَمُهَا فِيهَا، وَإِنْ طَالَتْ، وَقِيلَ: إلَى سَنَةٍ، وَقِيلَ: ثَلَاثٌ، وَقِيلَ: ثَلَاثِينَ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْعَاقِدِ وَلَوْ مُدَّةً لَا يُظَنُّ فِنَاءُ الدُّنْيَا فِيهَا، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: فِي السَّلَمِ الشَّرْعُ يُرَاعِي الظَّاهِرَ، أَلَا تَرَى لَوْ اشْتَرَطَ أَجَلًا تَفِي بِهِ مُدَّتُهُ صح، ولو اشترط مئتين1 أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَصِحَّ، وَسَوَاءٌ وَلِيَتْ الْعَقْدَ أَوْ لَا، أَوْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِإِجَارَةٍ أَوْ غيرها، وظن التسليم في وقته المستحق، أو لَمْ تَكُنْ، فَإِنْ كَانَتْ مَرْهُونَةً وَقْتَ الْعَقْدِ فوجهان "م 14".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ هُنَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشيخ موفق، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَالْوَجِيزِ وشرح ابن رزين وغيرهم.

مَسْأَلَةٌ-14: قَوْلُهُ: "وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ مُدَّةً وَسَوَاءٌ وَلِيَتْ الْعَقْدَ أَوْ لَا أَوْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِإِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَظَنَّ التَّسْلِيمَ فِي وَقْتِهِ المستحق، أو لم تكن، فإن كانت مرهونة وَقْتَ الْعَقْدِ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَجَّرَهُ شَيْئًا مُدَّةً لَا تَلِي الْعَقْدَ صَحَّ إنْ أَمْكَنَ تَسْلِيمُهُ فِي أَوَّلِهَا، سَوَاءٌ كَانَ فَارِغًا وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ مُؤَجَّرًا.

قُلْت: فَإِنْ كَانَ مَا آجَرَهُ مَرْهُونًا وَقْتَ الْعَقْدِ لَا وَقْتَ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْأُجْرَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى.

قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ تَسْلِيمَهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ ظاهر

1 في "ب" و"ر": "ما بين".

2 3/384.

ص: 155

وَقَوْلُنَا: وَظَنَّ التَّسْلِيمَ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ أَمْكَنَ التَّسْلِيمُ. وَقَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لِمَنْ عَلَّلَ فِي مَنْعِ إجَارَةِ الْمُضَافِ بِأَنَّهُ لا يمكن تسليمه في الْحَالِ، كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ، قَالُوا: إنَّمَا تُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ عِنْدَ وُجُوبِهِ، كَالسَّلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ، قَالُوا: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ لَا، لما ذكرنا.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَدَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِهِمْ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحَالِ الرَّاهِنِ، بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا أَوْ بَاذِلًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ وَقْتَ الْحُلُولِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

تَنْبِيهٌ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ ابْنَ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِمَا، بَلْ هُوَ اسْتَنْبَطَهُمَا وَخَرَّجَهُمَا، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِ، فَإِذَنْ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي التَّرْجِيحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى يُطْلَقَ الْخِلَافُ فِيهَا، بَلْ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ كَلَامٌ فِيهَا، وَلَمْ نَرَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ إلَّا لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُقَالَ: الْمَقِيسُ عَلَيْهِ وَالْمُشَابِهُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي التَّرْجِيحِ فِيهَا، لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا خَرَّجَ مَسْأَلَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَخْرِيجِهَا عَلَى أَصْلٍ مشهور في المذهب، والله أعلم.

ص: 156

وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ أَوْ فِي الْفُصُولِ: لَا يَتَصَرَّفُ مَالِكُ الْعَقَارِ فِي الْمَنَافِعِ بِإِجَارَةٍ وَلَا إعَارَةٍ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، لِأَنَّهُ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ لَهُ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ، فَلَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ الْمَالِكِ فِي مَحْبُوسٍ بِحَقٍّ، لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ، فَمُرَادُ الْأَصْحَابِ مُتَّفِقٌ، وَهُوَ أَنَّهُ تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُؤَجِّرِ، وَيُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ وَقْتَ وُجُوبِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيجَارُهُ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ.

وَأَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ اطَّلَعَ عَلَى خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الترجيح، وهو بعيد، والمعتمد عليه الأول.

ص: 157

وَهَذَا وَاضِحٌ، وَلَمْ أَجِدْ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُ هَذَا، وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ1 إنَّ الَّذِي يَخْطُرُ بِبَالِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ تَصِحُّ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا من جندي

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 بعدها في الأصل و"س" و"ط": "إن".

ص: 158

وَغَرَسَهَا قَصَبًا ثُمَّ انْتَقَلَ الْإِقْطَاعُ عَنْ الْجُنْدِيِّ: إنَّ الْجُنْدِيَّ الثَّانِيَ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَإِنَّهُ إنْ شَاءَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِمَنْ لَهُ فِيهَا الْقَصَبُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ مُطْلَقُ الْإِيجَارِ مُدَّةً طَوِيلَةً، بَلْ الْعُرْفُ، كَسَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا، قَالَهُ شَيْخُنَا.

وَلَوْ قَالَ: آجَرْتُك شَهْرًا، لَمْ يَصِحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: صِحَّتُهُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، وَلَوْ آجَرَهُ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ سَنَةً فَشَهْرٌ بِالْعَدَدِ ثَلَاثِينَ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي نَذْرٍ وَصَوْمٍ، وَبَاقِيهَا بِالْأَهِلَّةِ، وَعَنْهُ: الْجَمِيعُ بِالْعَدَدِ، وَكَذَا مَا اُعْتُبِرَتْ1 الْأَشْهُرُ فِيهِ، كَعِدَّةٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِمَا فِي نَذْرٍ، وَعِنْدَ شيخنا:

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 هنا نهابة النسخ "ب".

ص: 159