المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: ويرجع إلى شرطه في تقديم وتسوية - الفروع وتصحيح الفروع - جـ ٧

[شمس الدين ابن مفلح - المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد السابع

- ‌تابع لكتاب البيوع

- ‌باب الحجر

- ‌مدخل

- ‌فصل:.وَوَلِيُّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ أَبٌ رَشِيدٌ

- ‌فَصْل: مَنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ فِي تِجَارَةٍ صَحَّ

- ‌باب الوكالة

- ‌ممن تصح الوكالة

- ‌فَصْلٌ: وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِكُلِّ تَصَرُّفٍ وُكِّلَ فِيهِ

- ‌فصل: وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ

- ‌كتاب الشركة

- ‌أقسام الشركة وأحكامها

- ‌أقسام الشركة - القسم الأول: المضاربة

- ‌فصل: وَلَهُ أَنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْأَوَّلِ حُرِّمَ

- ‌فصل: وَيَحْرُمُ قِسْمَةُ الرِّبْحِ وَالْعَقْدُ بَاقٍ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا

- ‌فصل: الثَّانِي شَرِكَةُ الْعِنَانِ

- ‌القسم الثالث والرابع

- ‌فصل: وربح كل شركة على ما شرطا

- ‌باب المساقاة والمزارعة

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَعَلَى الْعَامِلِ مَا فِيهِ صَلَاحُ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ

- ‌باب الإجارة

- ‌تعريف الإجارة وبما تنعقد

- ‌فصل: مَا حُرِّمَ بَيْعُهُ فَإِجَارَتُهُ مِثْلُهُ

- ‌فصل: وَالْإِجَارَةُ أَقْسَامٌ:

- ‌فصل: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ

- ‌فصل: مَنْ اُسْتُؤْجِرَ مُدَّةً فَأَجِيرٌ خَاصٌّ

- ‌باب الْجَعَالَةِ

- ‌باب السبق

- ‌باب العارية

- ‌شروط العارية

- ‌فَصْلٌ: الْعَارِيَّةُ الْمَقْبُوضَةُ مَضْمُونَةٌ

- ‌بَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌باب الغصب

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ نَقْصِهِ

- ‌فَصْلٌ: وَمَنْ أَخَذَهُ مِنْ غَاصِبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ ضَمِنَهُ

- ‌فَصْلٌ: مَنْ أَتْلَفَ مُحْتَرَمًا لِمَعْصُومٍ وَمِثْلُهُ يَضْمَنُهُ ضَمِنَهُ

- ‌فَصْلٌ: وَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ الْبَهِيمَةُ صَيْدَ حرم وغيره

- ‌باب الشفعة

- ‌مدخل

- ‌فَصْلٌ: وَهِيَ عَلَى الْفَوْرِ

- ‌فَصْلٌ: إذَا تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي فَصَفْقَتَانِ لَهُ أَخْذُ إحْدَاهُمَا

- ‌باب إحياء الموات

- ‌باب اللقطة

- ‌مدخل

- ‌فصل: لُقَطَةُ فَاسِقٍ كَعَدْلٍ

- ‌بَابُ اللَّقِيطِ

- ‌باب الوقف

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَيُرْجَعُ إلَى شَرْطِهِ فِي تَقْدِيمٍ وَتَسْوِيَةٍ

- ‌فصل: وَيَحْرُمُ بَيْعُهُ

- ‌باب الهبة

- ‌مدخل

- ‌فصل: يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ

- ‌كتاب الوصايا

- ‌أحكام الوصايا وأقسامها

- ‌باب تبرع المريض

- ‌مدخل

- ‌فصل: مَنْ وَهَبَ أَوْ وَصَّى لِوَارِثٍ فَصَارَ غَيْرَ وَارِثٍ عِنْدَ الْمَوْتِ صَحَّتْ

- ‌فصل: إذَا أَعْتَقَ مَرِيضٌ بَعْضَ عَبْدٍ بَقِيَّتُهُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ

- ‌باب الموصى له

- ‌لمن تصح الوصية

- ‌فَصْلٌ: لَا قَبُولَ وَلَا رَدَّ لِمُوصَى لَهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي

- ‌باب الموصى به

- ‌أحكام الموصى به

- ‌فصل: إذَا وَصَّى بِثُلُثِهِ عَمَّ

- ‌باب عمل الوصايا

- ‌مدخل

- ‌فصل: وَإِنْ وَصَّى بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ

- ‌فصل: وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو بثلث ماله…الخ

- ‌فصل: وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِعَمْرٍو بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ ابْنَيْهِ

- ‌بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ

الفصل: ‌فصل: ويرجع إلى شرطه في تقديم وتسوية

وَنَصْبُ الْمُسْتَوْفِي الْجَامِعَ لِلْعُمَّالِ الْمُتَفَرِّقِينَ هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ مَصْلَحَةُ قَبْضِ الْمَالِ وَصَرْفِهِ إلَّا بِهِ وَجَبَ.

وَقَدْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ لِقِلَّةِ1 الْعُمَّالِ، وَمُبَاشَرَةُ الْإِمَامِ وَالْمُحَاسَبَةُ بِنَفْسِهِ، كَنَصْبِ الْإِمَامِ لِلْحَاكِمِ، وَلِهَذَا كَانَ عليه السلام فِي الْمَدِينَةِ يُبَاشِرُ الْحُكْمَ وَاسْتِيفَاءَ الْحِسَابِ بِنَفْسِهِ، وَيُوَلِّي مَعَ الْبُعْدِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا.

وَسَجَّلَ كِتَابَ الْوَقْفِ مِنْ الْوَقْفِ، كَالْعَادَةِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَوَلَدُهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ قِيمَتُهُ عَلَى وَاطِئِهِ مَصْرُوفَةً فِي مِثْلِهِ كَقِيمَةِ أَصْلِهِ الْمُتْلَفِ وَمِنْ زَوَاجٍ2 أَوْ زِنًى وَقْفٌ، وَقِيلَ: الْوَلَدُ وَقِيمَتُهُ مِلْكٌ لَهُ، كَنَفَقَةٍ وَمَهْرٍ، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهُ لِلْأَمَةِ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ مَلَكَ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَنَفَقَتُهُ مِنْهُ مَعَ عَدَمِ شَرْطٍ، ثُمَّ نَفَقَةُ حَيَوَانٍ مِنْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ.

وَقِيلَ: فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَتَجِبُ عِمَارَتُهُ بِحَسَبِ الْبُطُونِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَ غَيْرُهُ لَا تَجِبُ، كَالطَّلْقِ، وَتَقَدَّمَ عِمَارَتُهُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا حَسَبُ الْإِمْكَانِ، بَلْ قَدْ يَجِبُ، وَلِلنَّاظِرِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ، لِمَصْلَحَةٍ، كَشِرَائِهِ لِلْوَقْفِ نَسِيئَةً أَوْ بِنَقْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ، وَيَتَوَجَّه فِي قَرْضِهِ مالا كولي.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ر": "لقدم".

2 في النسخ الخطية: "زوج".

ص: 357

‌فصل: وَيُرْجَعُ إلَى شَرْطِهِ فِي تَقْدِيمٍ وَتَسْوِيَةٍ

وَجَمْعٍ وَضِدِّ ذَلِكَ، وَاعْتِبَارِ وَصْفٍ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 357

وَعَدَمِهِ وَعَدَمِ إيجَارِهِ1 أَوْ قَدْرِ الْمُدَّةِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لُزُومَ الْعَمَلِ بِشَرْطٍ مُسْتَحَبٍّ خَاصَّةً، وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ وَيَعْذُرُ غَيْرَهُ، فَبَذْلُ الْمَالِ فِيهِ سَفَهٌ وَلَا يَجُوزُ، وَأَيَّدَهُ الْحَارِثِيُّ بِنَصِّهِ الْآتِي فِي شَرْطِ أُجْرَةٍ لِلنَّاظِرِ2.

وَقَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ قَدَّرَ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا فَلَهُ أَكْثَرُ إنْ اسْتَحَقَّهُ بِمُوجَبِ الشَّرْعِ، وَقَالَ: الشَّرْطُ الْمَكْرُوهُ بَاطِلٌ، اتِّفَاقًا، وَقِيلَ: لَا يَتَعَيَّنُ طَائِفَةٌ وَقَفَ عَلَيْهَا مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً، كَالصَّلَاةِ فِيهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يُحْتَمَلُ إنْ عَيَّنَ مَنْ يُصَلِّي فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَوْ يُدَرِّسُ الْعِلْمَ اخْتَصَّ، وَإِنْ سَلِمَ فَلِأَنَّهُ لَا يَقَعُ التَّزَاحُمُ بِإِشَاعَتِهِ، وَلَوْ وَقَعَ فَهُوَ أَفْضَلُ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُرَادُ لَهُ، وَقِيلَ: يُمْنَعُ تَسْوِيَةً بَيْنَ فُقَهَاءَ كَمُسَابَقَةٍ.

قَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ نُصُوصُهُ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ. يَعْنِي فِي الْفَهْمِ وَالدَّلَالَةِ، لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ، مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ لَفْظَهُ وَلَفْظَ الْمُوصِي وَالْحَالِفِ وَالنَّاذِرِ وَكُلِّ عَاقِدٍ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ وَلُغَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا وَافَقَتْ لُغَةَ الْعَرَبِ أَوْ لُغَةَ الشَّارِعِ أَوْ لَا، قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ جِهَادٍ غَيْرِ شَرْعِي وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ.

وَالْخِلَافُ فِي الْمُبَاحِ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ هُنَا لِأَنَّهُ بِفِعْلٍ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَلَا يَجُوزُ اعْتِقَادُ غَيْرِ المشروع مشروعا وقربة وطاعة،

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ر": "إيجار".

2 ص 360.

ص: 358

وَاِتِّخَاذُهُ دِينًا، وَالشُّرُوطُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا إذَا لَمْ يُفْضِ1 ذَلِكَ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ، وَلَا تَجُوزُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى بَعْضِهَا مَعَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ بِهَا، قَالَ: وَمَنْ شَرَطَ فِي الْقُرُبَاتِ أَنْ يُقَدِّمَ فِيهَا الصِّنْفَ الْمَفْضُولَ فَقَدْ شَرَطَ خِلَافَ شَرْطِ اللَّهِ، كَشَرْطِهِ فِي الْإِمَامَةِ تَقْدِيمَ غَيْرِ الْأَعْلَمِ، فَكَيْفَ إذَا شَرَطَ أَنْ يَخْتَصَّ بِالصِّنْفِ الْمَفْضُولِ؟

وَالنَّاظِرُ مُنَفِّذٌ لِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ شُرُوطًا، وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَنْزِلَ فَاسِقٌ وَشِرِّيرٌ وَمُتَجَوِّهٌ2 وَنَحْوُهُ عُمِلَ بِهِ، وَإِلَّا تَوَجَّهَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِي فُقَهَاءَ وَنَحْوِهِمْ، وَفِي إمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ الْخِلَافُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَكَلَامِ شَيْخِنَا فِي مَوْضِعٍ. وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ فَاسِقٌ فِي جِهَةٍ دِينِيَّةٍ كَمَدْرَسَةٍ وَغَيْرِهَا، مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَعُقُوبَتُهُ، فَكَيْفَ يَنْزِلُ؟

وَإِنْ نُزِّلَ مُسْتَحِقٌّ تَنْزِيلًا شَرْعِيًّا لَمْ يَجُزْ صرفه بلا موجب شرعي، وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَحْضَرٍ لِوَقْفٍ فِيهِ شُرُوطٌ ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابُ وَقْفٍ غَيْرُ ثَابِتٍ وَجَبَ ثُبُوتُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ إنْ أَمْكَنَ.

وَإِنْ شَرَطَ لِلنَّاظِرِ3 إخْرَاجَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَإِدْخَالَ مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِهِمْ بَطَلَ، لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَاهُ، لَا قَوْلَهُ: يُعْطِي مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَيَمْنَعُ مَنْ شاء،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في الأصل: "يقضي".

2 في الأصل: "منجوه"، والمتجوه: المتعظم أو المتكلف الجاه وليس به ذلك. "تاج العروس": "الجاه".

3 ليست في الأصل.

ص: 359

لِتَعْلِيقِهِ اسْتِحْقَاقَهُ بِصِفَةٍ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ.

وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: الْفَرْقُ لَا يَتَّجِهُ، وَقَالَ شَيْخُنَا: كُلُّ مُتَصَرِّفٍ بِوِلَايَةٍ إذَا قِيلَ يَفْعَلُ مَا شَاءَ فَإِنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ: حَتَّى لَوْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِفِعْلِ مَا يَهْوَاهُ وَمَا يَرَاهُ مُطْلَقًا فَشَرْطٌ بَاطِلٌ، لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْعِ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا مُبَاحًا، وَهُوَ بَاطِلٌ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ، حَتَّى لَوْ تَسَاوَى فِعْلَانِ عُمِلَ بِالْقُرْعَةِ1، وَإِذَا قِيلَ هُنَا بِالتَّخْيِيرِ فَلَهُ وَجْهٌ.

قَالَ: وَعَلَى النَّاظِرِ بَيَانُ الْمَصْلَحَةِ، فَيَعْمَلُ بِمَا ظَهَرَ، وَمَعَ الِاشْتِبَاهِ إنْ كَانَ عَالِمًا عَادِلًا سَوَّغَ2 لَهُ اجْتِهَادُهُ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ مَنْ قَسَّمَ شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَحَرَّى الْعَدْلَ وَيَتْبَعُ مَا هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، اسْتَفَادَ الْقِسْمَةَ بِوِلَايَةٍ، كَإِمَامٍ وَحَاكِمٍ، أَوْ بِعَقْدٍ كَالنَّاظِرِ وَالْوَصِيِّ، وَيَتَعَيَّنُ مَصْرِفُهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ.

وَقِيلَ: إنْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ، فَشُرْبُ مَاءٍ لِلْوُضُوءِ يُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ وَأَوْلَى. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ فِي الْفَرَسِ الْحَبِيسِ: لَا يُعِيرُهُ وَلَا يُؤَجِّرُهُ إلَّا لِنَفْعِ الْفَرَسِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْكَبَهُ فِي حَاجَةٍ إلا لتأديبه وجمال للمسلمين ورفعة

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ر": "بالقربة".

2 في الأصل: "يسوغ" والمتجوه: المتعظم أو المتكلف الجاه وليس به ذلك. "تاج العروس": "الجاه".

ص: 360

لَهُمْ أَوْ غَيْظَةٍ لِلْعَدُوِّ، وَتَقَدَّمَ وَجْهٌ: يَحْرُمُ الوضوء من زمزم، فعلى نجاسة الْمُنْفَصِلِ وَاضِحٌ وَقِيلَ لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَأَنَّهُ لَوْ سَبَّلَ مَاءً لِلشُّرْبِ فِي كَرَاهَةِ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَتَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ فِي "فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ" وَغَيْرِهَا1، وَعَنْهُ خُرُوجُ بُسُطِ مَسْجِدٍ وَحُصُرِهِ لِمَنْ يَنْتَظِرُ الْجِنَازَةَ، وَسُئِلَ عَنْ التَّعْلِيمِ بِسِهَامِ الْغَزْوِ فَقَالَ: هَذَا مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَالَ: أَخَافُ أَنْ تُكْسَرَ2، وَلَهُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ لِعَلَفِهَا، نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ، وَإِنْ شَرَطَ لِنَاظِرِهِ أُجْرَةً فَكُلْفَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَبْقَى أُجْرَةُ مِثْلِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ: مِنْ الْوَقْفِ، وَقِيلَ لِشَيْخِنَا: فَلَهُ الْعَادَةُ بِلَا شَرْطٍ؟ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا يُقَابِلُ عَمَلَهُ.

وَمَا يَأْخُذُهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْوَقْفِ هَلْ هُوَ كإجارة، أو جعالة واستحق ببعض العمل لأنه يُوجِبُ الْعَقْدَ عُرْفًا، أَوْ هُوَ كَرِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَ هو الأخير "م 7".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةُ-7: قَوْلُهُ: "وَمَا يَأْخُذُهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْوَقْفِ هل هو كإجارة أو"كـ "جعالة واستحق ببعض العمل لأنه يوجب العقد عُرْفًا ; أَوْ هُوَ كَرِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَ هُوَ الْأَخِيرَ" انْتَهَى.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ عِوَضًا وَأُجْرَةً، بَلْ رزق

1 تقدم التنبيه في الصفحة 355.

2 في الأصل: "تكثر".

ص: 361

قال: ومن أكل المال بالباطل1 قَوْمٌ لَهُمْ رَوَاتِبُ أَضْعَافُ حَاجَاتِهِمْ وَقَوْمٌ لَهُمْ جهات معلومها كبير2 يَأْخُذُونَهُ وَيَسْتَنِيبُونَ بِيَسِيرٍ. وَقَالَ أَيْضًا: النِّيَابَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ جَائِزٌ وَلَوْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ إذَا كَانَ مِثْلَ مُسْتَنِيبِهِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ كَالْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ، وَيَلْزَمُ تَعْمِيمُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالتَّسْوِيَةُ إنْ أَمْكَنَ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ، وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ عز وجل:{فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] وَفِيهِ نَظَرٌ، وَعَنْهُ: وَإِنْ وَصَّى فِي أَهْلِ سِكَّتِهِ وَهُمْ أهل دربه التفضيل لحاجة.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَالُ الْمَوْقُوفُ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ، وَالْمُوصَى بِهِ أَوْ الْمَنْذُورُ لَهُ لَيْسَ كَالْأُجْرَةِ وَالْجُعْلِ انْتَهَى.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: وَلَا يُقَالُ إنَّ مِنْهُ مَا يُؤْخَذُ أُجْرَةً عَنْ عَمَلٍ كَالتَّدْرِيسِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّا نَقُولُ أَوَّلًا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ أُجْرَةٌ مَحْضَةٌ، بَلْ هُوَ رِزْقٌ وَإِعَانَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْأَمْوَالِ انْتَهَى.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيُّ الدِّينِ أَخَذَ اخْتِيَارَهُ مِنْ هَذَا، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، "3وَاخْتَارَ الشَّيْخُ حَامِدُ بْنُ أَبِي الْحَجَرِ أَنَّهُ كَالْإِجَارَةِ، ذَكَرَهُ وَلَدُ الْمُصَنِّفِ فِي الطَّبَقَاتِ3".

تَنْبِيهُ: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: "النِّيَابَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ جَائِزَةٌ وَلَوْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ إذَا كَانَ مِثْلَ مُسْتَنِيبِهِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي4 ذَلِكَ مفسدة راجحة" انتهى.

1 ليست في "ر".

2 ففي "ر": و"ط": "كثير".

3-

3 ليست في "ح".

4 بعدها في "ح" و"ط": " مثل".

ص: 362

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ وَنَقَلَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا الْمَرُّوذِيُّ التَّسْوِيَةَ، وَيُعْتَبَرُ سُكْنَاهُ وقت وصية، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْمُغْنِي: أَوْ طَرَأَ إلَيْهِ بَعْدَهَا، وَقِيلَ: هُمَا أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ طَرِيقُهُمْ بِدَرْبِهِ، وَعَنْهُ: فِيمَنْ وَصَّى، فِي فُقَرَاءِ مَكَّةَ يَنْظُرُ أَحْوَجَهُمْ، وإن لم يمكن1 ابْتِدَاءٌ كَفَى وَاحِدٌ وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ: فِي الْوَاحِدِ رِوَايَتَانِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْمَنْصُوصِ إعْطَاءُ فَقِيرٍ أَكْثَرَ مِنْ زَكَاةٍ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَصْنَافِهَا أَوْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ اقْتَصَرَ عَلَى صِنْفٍ، كَزَكَاةٍ، وَقِيلَ: لَا، قَالَ فِي الْخِلَافِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَصَّى بِثُلُثِهِ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ: يُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ.

فَعَلَى هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ يُعْتَبَرُ فيها لفظ الموصي، وأوامر الله يعتبر

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

قَالَ ابْنُ مَغْلِيٌّ: صَوَابُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ، كَذَا هُوَ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ" انْتَهَى قُلْت: لَوْ قِيلَ: وَقَدْ يكون في2 مثل ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، لَكَانَ أَوْلَى، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ قَالَ: لَعَلَّهُ مَصْلَحَةٌ انْتَهَى.

لَكِنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ "3ثُمَّ وَجَدْت الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ قَالَ فِي بَعْضِ فَتَاوِيهِ وَبِكُلِّ حَالٍ، فَالِاسْتِخْلَافُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ جَائِزٌ، وَلَوْ نَهَى الْوَاقِفُ عَنْهُ، إذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْلَ الْمُسْتَنِيبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذلك مفسدة راجحة3".

1 في "ط": "يكن".

2 ليست في "ط".

3-

3 ليست في "ص".

ص: 363

فِيهَا الْمَقْصُودُ، بِدَلَالَةِ أَنَّ الْمُوصِي لِلْمَسَاكِينِ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِمْ، وَالْإِطْعَامُ فِي الْكَفَّارَةِ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِ الْمَسَاكِينِ وَإِنْ كَانُوا مَنْصُوصًا عَلَيْهِمْ، وَلَوْ قَالَ: أُعْتِقُ عَبْدِي لِأَنَّهُ أَسْوَدُ، لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَهُ، وَعَكْسُهُ أَمْرُ اللَّهِ قَالَ: وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا فِي الرَّجُلِ يَجْعَلُ الشَّيْءَ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ هَلْ يُعْطَى مِنْهُ فِي السَّبِيلِ؟ قَالَ: لَا، وَيُعْطَى الْمَسَاكِينُ كَمَا1 أَوْصَى وَقَالَ الْقَاضِي عَنْ الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ: أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ فِيمَنْ وَصَّى أَنْ يُفَرَّقَ فِي فُقَرَاءِ مَكَّةَ هَلْ يُفَرَّقُ عَلَى قَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ؟ فَقَالَ: يُنْظَرُ إلَى أَحْوَجِهِمْ، قَالَ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْحَاجَةَ وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْعَدَدَ، كَذَا قَالَ الْقَاضِي، مَعَ أَنَّ النَّصَّ فِي فُقَرَاءِ مَكَّةَ وَهُمْ مُعَيَّنُونَ، وَقِيلَ لِكُلِّ صِنْفٍ ثُمُنٌ، إنْ افْتَقَرَ شَمِلَهُ، فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ ذَكَرَ الْفُقَرَاءَ أَوْ الْمَسَاكِينَ أَعْطَى الْآخَرَ. وَفِيهِ وَجْهٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي قَدْ يَعْرَى عَنْ فَائِدَةٍ، فَاعْتُبِرَ لَفْظُهُ.

وَفِي "الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ": يَعْمَلُ وَالِي الْمَظَالِمِ فِي وَقْفٍ عَامٍّ بِدِيوَانِ حَاكِمٍ أَوْ سَلْطَنَةٍ أَوْ كِتَابٍ قَدِيمٍ يَقَعُ فِي النَّفْسِ صِحَّتُهُ.

وَلَوْ وَقَفَ عَلَى ولده أو ولد غيره ثم الفقراء فالذكر كأنثى، نص عليه،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 بعدها في الأصل: "لو".

ص: 364

وَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ1، وَفِي شُمُولِهِ وَلَدَ بَنِيهِ الْمَوْجُودَ وَعَنْهُ: وَمَنْ سَيُوجَدُ وَفِي وَصِيَّةٍ قَبْلَ موت موص روايتان "م 5،8".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مسألة-8- 9: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غيره ثم الفقراء فالذكر كأنثى، نص عليه وَفِي شُمُولِهِ وَلَدَ بَنِيهِ الْمَوْجُودَ وَعَنْهُ: وَمَنْ سَيُوجَدُ وَفِي وَصِيَّةٍ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-8: هَلْ يَشْمَلُ وَلَدَ بَنِيهِ إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ2:

أَحَدُهُمَا: يَشْمَلُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَى وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي، قَالَ الْحَارِثِيُّ: الْمَذْهَبُ دُخُولُهُمْ. وَقَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ أَوْلَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ الخلال وأبو بكر عبد العزيز وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي فِيمَا عَلَّقَهُ بِخَطِّهِ عَلَى ظَهْرِ خِلَافِهِ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحِ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُونَ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي بَابِ الْوَصَايَا وَالْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَدْخُلُونَ بِدُونِ قَرِينَةٍ، قَالَ الشَّيْخُ أَيْضًا وَالشَّارِحُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ.

تَنْبِيهٌ: قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَنْ سَيُوجَدُ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وقالا: نص عليه، والحاوي الصغير.

1 ص 413.

2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/463.

3 8/195.

ص: 365

وَالْأَصَحُّ مُرَتَّبًا، كَبَطْنٍ بَعْدَ بَطْنٍ، أَوْ الْأَقْرَبَ فالأقرب، أو الأول ونحوه، وقيل: يشمل وَلَدَ بَنَاتِهِ وَلَوْ كَانَ وَلَدَ فُلَانٍ قَبِيلَةً أو قال أولادي وأولادهم فلا ترتيب، وَسَأَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ عَمَّنْ وَقَفَ شَيْئًا فَقَالَ هَذَا لِفُلَانٍ حَيَاتَهُ وَلِوَلَدِهِ. قَالَ: وَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ، فَإِذَا مَاتَ فَلِوَلَدِهِ، وَلَوْ قَالَ وَلَدِي فَإِذَا انْقَرَضَ وَلَدُهُ فَالْفُقَرَاءُ شَمِلَهُ، وَقِيلَ: لَا، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ نَسْلِهِ أَوْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ عَقِبِهِ وَلَا قَرِينَةَ لَمْ يَشْمَلْ وَلَدَ بَنَاتِهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ كَمَنْ يَنْتَسِبُ إلَيَّ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَقُلْ لِصُلْبِي، وَقِيلَ: إنْ قَالَهُ شَمِلَ وَلَدَ بِنْتِهِ

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ الَّتِي أَخَّرَهَا يَشْمَلُهُ أَيْضًا، وَهِيَ الصَّحِيحَةُ، نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَى وَابْنُ الْمُنَادِي كَمَا تَقَدَّمَ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَوْلَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ الحارثي في "1شرحه وشرح ابن منجا1" وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-9: حُكْمُ مَا إذَا أَوْصَى لِوَلَدِ غَيْرِهِ فِي دُخُولِ وَلَدِ بَنِيهِ الْمَوْجُودِينَ وَمَنْ سَيُوجَدُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا.

"2 تَنْبِيهٌ: قَدْ يُقَالُ: شَمِلَتْ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: "وَعَنْهُ وَمَنْ سَيُوجَدُ" لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ بَعْدَ الْوَقْفِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَشْمَلُهُ، فَيَسْتَحِقُّ مَعَ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ إنْ قُلْنَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ، وَهُوَ الظاهر2".

1-1 في "ط": "شرح ابن منجا".

2-

2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

ص: 366

لِصُلْبِهِ فَقَطْ، وَعَنْهُ: يَشْمَلُهُمْ غَيْرَ وَلَدِ وَلَدِهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ، يَشْمَلُ فِي الذُّرِّيَّةِ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي وَلَدِ وَلَدِهِ.

وَتَجَدُّدُ حَقِّ حَمْلٍ بِانْفِصَالِهِ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ، كَمُشْتَرٍ، نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1. وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: يُسْتَحَقُّ مِنْ زَرْعٍ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْحَصَادَ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ.

وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُسْتَحَقُّ قَبْلَ حَصَادِهِ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا: الثَّمَرَةُ لِلْمَوْجُودِ عِنْدَ التَّأْبِيرِ أَوْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَيُشْبِهُ الْحَمْلَ إنْ قَدِمَ إلَى ثَغْرٍ موقوف عليه فيه2 أَوْ خَرَجَ مِنْهُ إلَى بَلَدٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ فِيهِ، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ، وَقِيَاسُهُ مَنْ نَزَلَ فِي مَدْرَسَةٍ وَنَحْوِهِ، وَاخْتَارَ3 شَيْخُنَا يُسْتَحَقُّ بِحِصَّتِهِ مِنْ مُغِلِّهِ وَإِنَّ مَنْ جَعَلَهُ كَالْوَلَدِ فَقَدْ أَخْطَأَ.

وَإِنَّ لِوَرَثَةِ إمَامِ مَسْجِدٍ أُجْرَةُ عَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْفَلَّاحُ غَيْرَهُ، وَلَهُمْ مِنْ مُغِلِّهِ بِقَدْرِ مَا بَاشَرَهُ مَوْرُوثُهُمْ مِنْ الْإِمَامَةِ4، وَبَنَى فُلَانٌ لِذُكُورِهِمْ5، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانُوا قَبِيلَةً شَمِلَ النِّسَاءَ، وَلَا يَدْخُلُ مَوْلَى بني

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 8/207.

2 ليست في "ط".

3 في "ر": واختاره".

4 في "ط": "الإمام".

5 في الأصل: "كذكورهم".

ص: 367

هَاشِمٍ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُمْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ حَقِيقَةً1 "2كَمَا أَنَّ الْمُنْعِمَ لَيْسَ عَصَبَةَ الْمُعْتَقِ وَالْمَجُوسِيَّ لَيْسَ بِأَهْلِ كِتَابٍ حَقِيقَةً2"، فَلَا يَشْمَلُهُمَا الْإِطْلَاقُ، وَكَمَا لَوْ وَصَّى لِأَنْسَابِهِ لَمْ يَشْمَلْ الْمُرْضِعَ وَالْمُرْتَضِعَ.

فَالْأَحْكَامُ قَدْ تَلْحَقُ وَإِنْ لَمْ تَلْتَحِقْ بِالْحَقِيقَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَوْلَادِي، ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ ثُمَّ الْفُقَرَاءُ، فَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ، وَقِيلَ: أَفْرَادٌ. وَفِي الِانْتِصَارِ إذَا قُوبِلَ جَمْعٌ بِجَمْعٍ اقْتَضَى مُقَابَلَةَ الْفَرْدِ مِنْهُ بِالْفَرْدِ مِنْ مُقَابَلَةِ لُغَةٍ فَعَلَى هَذَا الْأَظْهَرُ اسْتِحْقَاقُ الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَبُوهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْوَقْفَ كَالْإِرْثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَالِدُهُ3 أَخَذَ شَيْئًا لَمْ يَأْخُذْ هُوَ فَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَلَمْ يَدْرِ ما يقول، ولهذا لو انتفت4 الشُّرُوطُ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَوْ بَعْضِهِمْ لَمْ تُحْرَمْ الثَّانِيَةُ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ فِيهِمْ "عِ" وَلَا فَرْقَ، قَالَهُ شَيْخُنَا.

وَقَوْلُ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ يَعُمُّ وَمَا اسْتَحَقَّهُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مَعَ صِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، اسْتَحَقَّهُ أَوَّلًا تَكْثِيرًا لِلْفَائِدَةِ، وَلِصِدْقِ الْإِضَافَةِ بِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، وَلِأَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ عِنْدَ الْعَامَّةِ الشَّارِطِينَ وَيَقْصِدُونَهُ، لِأَنَّهُ يَتِيمٌ لَمْ يَرِثْ هُوَ وَأَبُوهُ مِنْ الْجَدِّ، وَلِأَنَّ فِي صُورَةِ الْإِجْمَاعِ يَنْتَقِلُ مَعَ وُجُودِهِ الْمَانِعُ إلَى وَلَدِهِ، وَلَكِنْ هنا هل يعتبر موت الوالد؟.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ر".

2-

2 ليست في الأصل.

3 في "ط": "ولده".

4 في "ط": "اتبعت".

ص: 368

يُتَوَجَّهُ الْخِلَافُ وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا مَا اسْتَحَقَّهُ فَمَفْهُومٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَقَدْ تَنَاوَلَهُ الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ، فَعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا إنْ قَالَ1: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَنَحْوَهُ فَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ، مَعَ أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، فَإِنْ زَادَ عَلَى أَنَّهُ إنْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ وَلَهُ وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ عَنْ أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ وَعَنْ وَلَدِ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ2 الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ فَلَهُ مَعَهُمْ مَا لِأَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، فَهُوَ صَرِيحٌ فِي تَرْتِيبِ الْأَفْرَادِ.

وَقَالَ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَالَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَلَمْ يَزِدْ شَيْئًا. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نِزَاعٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدِهِ ثُمَّ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَلَا مُشَارَكَةَ.

وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِدَرَجَتِهِ وَالْوَقْفَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْبُطُونِ فَهَلْ هُوَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ لِبَطْنِهِ مِنْهُمْ كَالْمُرَتَّبِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ "م 10" فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ لم

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةُ-10: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ عَنْ3 غَيْرِ وَلَدٍ لِدَرَجَتِهِ وَالْوَقْفَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْبُطُونِ، فَهَلْ هُوَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ لبطنه4 منهم كالمرتب5؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ7 والفائق والحاوي الصغير وغيرهم:

1 في الأصل: "كان".

2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

3 في "ر": "ولده".

4 في "ط": "لبطن".

5 ليست في النسخ الخطية و"ط"، والمثبت من "الفروع".

6 8/198-200.

7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/470-473.

ص: 369

يَذْكُرْ الشَّرْطَ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْهُ عن غير ولد لدرجته فهل نصيبه لأهل الْوَقْفِ أَوْ لِبَطْنِهِ؟ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الوقف، فيه احتمالات "م 11".

وَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ بِحَالٍ، وَقَوْلُهُ من مات عن ولد فنصيبه لولده،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ لِأَهْلِ الْوَقْفِ كُلِّهِمْ، فَوُجُودُ هَذَا الشَّرْطِ كَعَدَمِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَخْتَصُّ بِهِ الْبَطْنُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ، فَيَسْتَوِي فِيهِ إخْوَتُهُ وَبَنُو عَمِّهِ وَبَنُو بَنِي عَمِّ أَبِيهِ، لِأَنَّهُمْ فِي الْقُرْبِ سَوَاءٌ، قَدَّمَهُ النَّاظِمُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، حَتَّى يَبْقَى لِهَذَا الشَّرْطِ فَائِدَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةُ-11: قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْهُ عَنْ غير ولد لدرجته فهل نصيبه لأهل الوقف أَوْ لِبَطْنِهِ؟ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ؟ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ1" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.

أَحَدُهَا: يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَى أَهْلِ الْوَقْفِ كُلِّهِمْ وَإِنْ كَانُوا بُطُونًا، وَحَكَمَ بِهِ التَّقِيُّ سُلَيْمَانُ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ بَطْنِهِ، سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ حَالًا أَوْ قُوَّةً، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةً فَمَاتَ أَحَدُهُمَا: عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ الثَّانِي: عَنْ ابْنَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَتَرَكَ أَخَاهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَعَمَّهُ وَابْنًا لِعَمِّهِ الْحَيِّ فَيَكُونُ نَصِيبُهُ بَيْنَ أَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ الْمَيِّتِ وَابْنِ عَمِّهِ الْحَيِّ، ولا يستحق العم الحي شيئا.

1 في "ط": "احتمالان"

2 8/198-200

3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/470-473.

ص: 370

يَشْمَلُ الْأَصْلِيَّ وَالْعَائِدَ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْأَصْلِيَّ، لِأَنَّ والديهما لو كانا حَيَّيْنِ اشْتَرَكَا فِي الْعَائِدِ، فَكَذَا وَلَدُهُمَا.

وَلَوْ قَالَ أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ الذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ فَقَطْ، ثُمَّ نسلهم وعقبهم ثم الفقراء على أن من مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا وَإِنْ سَفَلَ فَنَصِيبُهُ لَهُ فَمَاتَ أَحَدُ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَتَرَكَ بِنْتًا فَمَاتَتْ وَلَهَا أَوْلَادٌ فَقَالَ شَيْخُنَا: مَا اسْتَحَقَّتْهُ قبل موتها لهم، ويتوجه: لا "م 12".

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَخْتَصُّ بِهِ1 أَهْلُ بَطْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُتَنَاوِلِينَ لَهُ فِي الْحَالِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لِابْنِ أَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ، وَلَا شَيْءَ لِعَمِّهِ الْحَيِّ وَلَا لِوَلَدِهِ.

"2 فَائِدَةُ: صُورَةِ النَّصِيبِ الْعَائِدِ وَالْأَصْلِيِّ، إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ أَبَدًا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ بَعْضُ أَوْلَادِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، فَانْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ إخْوَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَدٌ آخَرُ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُ أَبِيهِ الْأَصْلِيِّ إلَى وَلَدِهِ، وَأَمَّا مَا عَادَ إلَى أَبِيهِ مِنْ نَصِيبِ أَخِيهِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ هَذَا الْوَلَدُ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مِنْ نَصِيبِهِ؟ أَمْ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْوَلَدُ بَلْ يَسْتَحِقُّهُ بَقِيَّةُ الطَّبَقَةِ؟ لِأَنَّ أَبَاهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّهُ بِمُسَاوَاتِهِ لِلْمَيِّتِ فِي الدَّرَجَةِ، وَابْنُهُ لَيْسَ بِمُسَاوٍ لِلْمَيِّتِ فِي الدَّرَجَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ وَنَصِيبُ أَبِيهِ هُوَ مَا اسْتَحَقَّهُ أَبُوهُ بِالْإِحَالَةِ دُونَ هَذَا الْعَائِدِ، هَذَا فِيهِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا أَبُو الْعَبَّاسِ رضي الله عنه. وَرَجَّحَ الثَّانِيَ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، لِمَا ذَكَرْنَا، والله أعلم2".

مسألة-12: قوله: "لو3 قَالَ أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ الذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ فَقَطْ ثُمَّ نسلهم وعقبهم ثم الفقراء على أن من مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا وَإِنْ سَفَلَ فَنَصِيبُهُ لَهُ فَمَاتَ أَحَدُ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَتَرَكَ بِنْتًا فماتت ولها أولاد، فقال

1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

2-

2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

3 في النسخ الخطية، و"ط":"إن"، والمثبت من الفروع.

ص: 371

"1وَلَوْ قَالَ1": وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ فَنَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ ثُمَّ نَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ، عَمَّنْ لَمْ يُعْقِبْ وَمَنْ أَعْقَبَ ثُمَّ انْقَطَعَ عَقِبُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ غَيْرَهُ، وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ، فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ قَطْعًا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَوَجَّهُ نُفُوذُ حُكْمٍ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ عَادَتُهُ حُضُورُ الدَّرْسِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَبِيتِ فِيهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

فَقَدْ قِيلَ لِلْقَاضِي فِي اعتبار العادة في الحيض لَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُعْتَبَرَةً فِي ذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَكْفِي، تَكَرُّرُهُ مَرَّتَيْنِ وَلَا أَكْثَرَ، لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهَذَا الْقَدْرِ عَادَةً، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ بَاتَ فِي الْجَامِعِ لَيْلَتَيْنِ لَا يُقَالُ إنَّ الْعَادَةَ بَيْتُوتَتُهُ فِي الْجَامِعِ، وَإِذَا حَضَرَ مَجْلِسَ الْفِقْهِ مَرَّتَيْنِ لَا يُقَالُ إنَّ عَادَتَهُ حُضُورُ مَجْلِسِ الْفِقْهِ، وَكَوْنُهُ مَأْخُوذًا مِنْ الْعَوْدِ لَا يُوجِبُ اعْتِبَارَ الِاشْتِقَاقِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِنْهُ، كَمَا أَنَّ الدَّابَّةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ دَبَّ عَلَى الْأَرْضِ يَدِبُّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كُلُّ مَا دَبَّ عَلَى الْأَرْضِ يُسَمَّى دَابَّةً، فَقَالَ الْقَاضِي: قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْعَادَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُعَاوَدَةِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُوجَدُ بِالْمَرَّتَيْنِ، "2وَلَا يُوجَدُ بِالْمَرَّةِ2"، وَأَمَّا

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

شَيْخُنَا: مَا اسْتَحَقَّتْهُ قَبْلَ مَوْتِهَا لَهُمْ، وَيُتَوَجَّهُ: لَا" انْتَهَى.

قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ مَا وَجَّهَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَنَّ أَوْلَادَهَا لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا، لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُعْطِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ إلَّا الْأَوْلَادَ وَأَوْلَادَ الْأَوْلَادِ، ثُمَّ خَصَّ أَوْلَادَ الظَّهْرِ بَعْدَهُمَا بِالْوَقْفِ، وَأَوْلَادُ هَذِهِ الْبِنْتِ لَيْسُوا مِنْ أَوْلَادِ الظَّهْرِ، وَهِيَ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ.

وَقَوْلُهُ: "عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا وَإِنْ سَفَلَ3 فَنَصِيبُهُ لَهُ" يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وأولادها ليسوا منهم، والله أعلم.

1-1 ليست في "ر".

2-

2 ليست في "ط".

3 بعدها في "ط": "تصيبه".

ص: 372

مَنْ بَاتَ بِمَسْجِدٍ دَفْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَالُ بِأَنَّ مَعْنَى الْعَادَةِ وُجِدَ فِي حَقِّهِ وَهُوَ الْمُعَاوَدَةُ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ مَا هُوَ أَظْهَرُ مِنْهُ وَهُوَ الْبَيْتُوتَةُ فِي غَيْرِهِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى اعْتِبَارِ هَذِهِ الْعَادَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ مَا قَبْلَهَا، فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِالْمُعَاوَدَةِ، لِوُجُودِ مَعْنَى الِاسْمِ فِيهِ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُمْ دَابَّةٌ لِكُلِّ مَا دَبَّ، لَكِنْ غَلَبَ عَلَى بَعْضِ الْحَيَوَانِ، فتركنا الاشتقاق لأجله.

وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَسَكَتَ عَنْ الثَّالِثِ وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ مَنَعَ الثَّالِثَ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا، وَنَقَلَهُ حَرْبٌ، وَكَذَا وَلَدِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ ثُمَّ الْفُقَرَاءُ هَلْ يَشْمَلُ وَلَدَ وَلَدِهِ؟ وَقِيلَ: يَشْمَلُهُ.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 373

وَإِنْ تَعَقَّبَ شَرَطَ جَمْلًا عَادَ إلَى الْكُلِّ. وَفِي الْمُغْنِي وَجْهَانِ فِي أَنْت حَرَامٌ1 وَوَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُك إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَاسْتِثْنَاءٌ كَشَرْطٍ، في المنصوص،

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ط".

ص: 374

وَقِيلَ: وَالْجَمْلُ مِنْ جِنْسٍ، وَكَذَا مُخَصَّصٌ مِنْ صِفَةٍ وَعَطْفِ بَيَانٍ وَتَوْكِيدٍ وَبَدَلٍ وَنَحْوِهِ، وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، نَحْوُ: عَلَى أَنَّهُ "1وَبِشَرْطِ أَنَّهُ1"، وَنَحْوُهُ كَشَرْطٍ، لِتَعَلُّقِهِ بِفِعْلٍ لَا بِاسْمٍ، وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِوَاوٍ وَفَاءٍ وَثُمَّ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ.

وَقَرَابَتُهُ وَلَدُهُ وَوَلَدُ أَبِيهِ وَجَدُّهُ وَجَدُّ أَبِيهِ، وَعَنْهُ: وَأَكْثَرُ إلَى الْأَبِ الْأَدْنَى، وَعَنْهُ: ثَلَاثَةُ آبَاءٍ، وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ مِنْهُمْ مَنْ يَصِلُهُ، نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: إنْ وَصَلَ أَغْنِيَاءَهُمْ أُعْطُوا وَإِلَّا الْفُقَرَاءُ أَوْلَى، وَأَخَذَ مِنْهُ الْحَارِثِيُّ عَدَمَ دُخُولِهِمْ فِي كُلِّ لَفْظٍ عَامٍّ، وَقِيلَ: وَكَذَا قَرَابَةُ أُمِّهِ، وَعَنْهُ: وَإِنْ وَصَلَهُمْ شَمِلَهُمْ وَإِلَّا فَلَا، وَمِثْلُهُ قَرَابَةُ غَيْرِهِ أَوْ الْفُقَهَاءُ وَيَصِلُ بَعْضَهُمْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَنَقَلَ مَعْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ.

وَابْنُهُ كَأَبِيهِ فِي أَقْرَبِ قَرَابَتِهِ أَوْ الْأَقْرَبِ إلَيْهِ، وَأَخُوهُ لِأَبِيهِ أَوْ أَبَوَيْهِ كَجَدِّ أَبٍ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ ابْنُهُ وَأَخُوهُ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ جَدٌّ وَإِخْوَةٌ لِأَبِيهِ كَأُمِّهِ إنْ شَمِلَهُ قَرَابَتُهُ، وَكَذَا أَبْنَاؤُهُمَا وَلِأَبَوَيْهِ أَوْلَى، وَيُتَوَجَّهُ رِوَايَةُ: كَأَخِيهِ لِأَبِيهِ لِسُقُوطِ الْأُمُومَةِ، كَنِكَاحٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَأَبُوهُ أَوْلَى مِنْ ابْنِ ابْنِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: ابْنُ ابْنِهِ، وَأَنَّ مَنْ قُدِّمَ قُدِّمَ وَلَدُهُ إلَّا الْجَدَّ يُقَدَّمُ عَلَى بَنِي إخْوَتِهِ، وَأَخَاهُ لِأَبِيهِ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ لِأَبَوَيْهِ، وَيَسْتَوِي جَدَّاهُ وَعَمَّاهُ، كَأَبَوَيْهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ جَدُّهُ وَعَمُّهُ لِأَبِيهِ، وَإِنْ قَالَ: لِجَمَاعَةٍ أَوْ لِجَمْعٍ مِنْ الْأَقْرَبِ إلَيْهِ فَثَلَاثَةٌ، وَيُتَمَّمُ بِمَا بَعْدَ الدَّرَجَةِ الْأُولَى، وَيَشْمَلُ أَهْلَ الدَّرَجَةِ وَلَوْ كَثُرُوا، وَيُتَوَجَّهُ فِي

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1-1 ليست في الأصل.

ص: 375

جَمَاعَةٍ اثْنَانِ، لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُفْرَدٌ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: أَقَلُّ الْجَمْعِ فِيمَا لَهُ تَثْنِيَةٌ خَاصَّةً ثَلَاثَةً. وَفِي الْبُلْغَةِ: يَجِبُ حُضُورُ وَاحِدٍ الرَّجْمَ، عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدِي اثْنَانِ، لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْجَمَاعَةُ، وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ فِي لَفْظِ الْجَمْعِ اثْنَانِ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ "عِ".

وَقَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ1 فِي الْخَبَرِ التَّاسِعِ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم:4] أَيْ زَاغَتْ عَنْ الْحَقِّ وَعَدَلَتْ، وَإِنَّمَا قَالَ قُلُوبُكُمَا لِأَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ.

قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْعَرَبُ تَقُولُ وَضَعَا رِحَالَهُمَا، يُرِيدُونَ رَحْلَيْ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَلَفْظُ النِّسَاءِ ثَلَاثَةٌ، عَلَى ظَاهِرِ مَا سَبَقَ، وَسَبَقَ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا إذَا ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَقَدْ احْتَجَّ بِالْآيَةِ قَالَ: وَالنِّسَاءُ إنَّمَا يَكُنَّ فَوْقَ الثَّلَاثَةِ، كَذَا قَالَ.

وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَآلُهُ2 وَقَوْمُهُ وَنِسَاؤُهُ كَقَرَابَتِهِ، وَقِيلَ: كَذِي رَحِمِهِ، وَهُمْ قَرَابَةُ أَبَوَيْهِ أَوْ وَلَدِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي مُجَاوَزَتُهُ لِأَبٍ رَابِعٍ، وَأَنَّ وَلَدَهُ لَيْسَ بِقَرَابَتِهِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: يَخْتَصُّ مَنْ يَصِلُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلَوْ جَاوَزَ أَرْبَعَةَ آبَاءٍ، وَأَنَّ الْقَرَابَةَ تُعْطِي أَرْبَعَةَ آبَاءٍ فَمَنْ دُونَ.

وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَنَّ قَوْمَهُ وَأَهْلَ بيته كقرابة أبويه، وأن

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ذكره ابن رجب بعنوان: "الكشف لمشكل الصحيحين"، وقال: إنه أربع مجلدات. منه نسخة مخطوطة في جاريت برقم "1450" ينظر: "مؤلفات ابن الجوزي". ص190.

2 ليست في "ر".

ص: 376

الْقَرَابَةَ قَرَابَةُ أَبِيهِ إلَى أَرْبَعَةِ آبَاءٍ وَعَنْهُ: أَزْوَاجُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ذَكَرَهَا شَيْخُنَا، وَقَالَ: فِي دُخُولِهِنَّ فِي آلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ رِوَايَتَانِ، وَاخْتَارَ الدُّخُولَ، وَأَنَّهُ قَوْلُ الشَّرِيفِ.

وَلَفْظُ أَهْلِ بَيْتِهِ يُضَارِعُ آلَهُ، وَأَنَّ الشَّخْصَ يَدْخُلُ فِيهِمَا لَا فِي أَهْلِهِ، لِأَنَّهُ مِمَّنْ يُؤْهِلُ بَيْتَهُ لَا نَفْسَهُ، وَظَاهِرُ الْوَسِيلَةِ أَنَّ لَفْظَ الْأَهْلِ كَالْقَرَابَةِ، وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ أَنَّهُمْ نِسَاؤُهُ، وَعِتْرَتُهُ عَشِيرَتُهُ، وَقِيلَ: ذُرِّيَّتُهُ، وَقِيلَ: وَلَدُهُ وَوَلَدُهُ، وَقِيلَ: قَرَابَتُهُ كَآلِهِ وَأَهْلِ الْوَقْفِ الْمُتَنَاوَلِ، وَعَصَبَتُهُ وَارِثُهُ بِهَا مُطْلَقًا، وَقِيلَ: فِيهَا وَفِي قَرَابَتِهِ الْأَقْرَبِ.

وَالْعَزَبُ وَالْأَيِّمُ غَيْرُ الْمُتَزَوِّجِ، وَقِيلَ: الْعَزَبُ لِرَجُلٍ، وَالْأَيِّمُ لِامْرَأَةٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: الْأَيَامَى النِّسَاءُ الْبُلَّغُ، وَمَنْ فَارَقَتْ زَوْجَهَا أَرْمَلَةٌ، وَقِيلَ: وَكَذَا الرَّجُلُ1 أَرْمَلُ. وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: الصَّغِيرَةُ لَا تُسَمَّى أَيِّمًا وَلَا أَرْمَلَةً عُرْفًا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ صِفَةٌ لِلْبَالِغِ، وَالثُّيُوبَةُ زَوَالُ الْبَكَارَةِ، قَالَهُ الشَّيْخُ.

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ بِزَوْجِيَّةٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَإِخْوَتِهِ وَعُمُومَتِهِ لِذَكَرٍ، وَأُنْثَى كَعَانِسٍ وَبِكْرٍ، وَيُتَوَجَّهُ وجه، وتناوله لبعيد كولد ولد2 وقال

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ر": "الرجل".

2 في "ط": "رجل".

ص: 377

ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُقَالُ رَجُلٌ أَيِّمٌ وَامْرَأَةٌ أَيِّمٌ وَرَجُلٌ أَرَمَلُ وَامْرَأَةٌ أَرْمَلَةٌ، وَرَجُلٌ بِكْرٌ وَامْرَأَةٌ بِكْرٌ إذَا لَمْ يَتَزَوَّجَا، وَرَجُلٌ ثَيِّبٌ وَامْرَأَةٌ ثَيِّبٌ1 إذَا كَانَا قَدْ تَزَوَّجَا.

قَالَ: وَالْقَوْمُ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، قَالَ تَعَالَى:{لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات: 11] الآية "وش" سُمُّوا قَوْمًا لِقِيَامِهِمْ بِالْأُمُورِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ.

وَالرَّهْطُ: لُغَةً مَا دُونَ الْعَشَرَةِ مِنْ الرِّجَالِ خَاصَّةً، وَلَا وَاحِدَ مِنْ لَفْظِهِ وَالْجَمْعُ أَرْهُطٌ وَأَرْهَاطٌ وَأَرَاهِطُ وَأَرَاهِيطُ. وَقَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ: الرَّهْطُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ، وَكَذَا قَالَ: النَّفَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ، وَمَوَالِيهِ مِنْ فَوْقُ وَمِنْ تَحْتُ.

وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: مِنْ فَوْقُ، وَمَتَى عَدِمَ مَوَالِيَهُ فَقِيلَ: لِعَصَبَةِ مَوَالِيهِ، وَقِيلَ: لِوَارِثِهِ بِوَلَاءٍ، وَقِيلَ: مُنْقَطِعٌ "م 13" وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِي عَصَبَتِهِ إلَّا مَعَ عدم مواليه ابتداء.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةُ-13: قَوْلُهُ: "وَمَوَالِيهِ مِنْ فَوْقُ وَمِنْ تَحْتُ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: مِنْ فَوْقُ وَمَتَى عَدِمَ مَوَالِيَهُ فَقِيلَ: لِعَصَبَةِ مَوَالِيهِ، وَقِيلَ: لِوَارِثِهِ بِوَلَاءٍ، وَقِيلَ: مُنْقَطِعٌ" انْتَهَى.

أَحَدُهَا: يَكُونُ لِعَصَبَةِ مَوَالِيهِ، قدمه في الرعايتين.

1 في "ر": "ثيبة".

ص: 378

وَجِيرَانُهُ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَعَنْهُ: مُسْتَدَارُ أَرْبَعِينَ، وَعَنْهُ: ثَلَاثِينَ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْطِيَ إلَّا الْجَارَ الْمُلَاصِقَ، وَقِيلَ: الْعُرْفُ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ أَوْ إخْوَتِهِ لَمْ يَشْمَلْ مُخَالِفَ دِينِهِ بِلَا قَرِينَةٍ، وَقِيلَ: يَشْمَلُ وَقْفَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ، كَشُمُولِهِ كَافِرًا مُخَالِفًا دِينَهُ إنْ وَرِثَهُ.

وَالْعُلَمَاءُ حَمَلَةُ الشَّرْعِ، وَقِيلَ: مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَلَوْ أَغْنِيَاءً، وَهَلْ يَخْتَصُّ مَنْ يَصِلُهُ كَقَرَابَتِهِ؟ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ مَنْ عَرَفَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ فُقَهَاءَ وَمُتَفَقِّهَةً كَعُلَمَاءَ، وَلَوْ حَفِظَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا، لَا بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ وَالْقُرَّاءُ الْآنَ حُفَّاظُهُ.

وَالصَّبِيُّ وَالْغُلَامُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، وَمِثْلُهُ الْيَتِيمُ بِلَا أَبٍ، وَلَوْ جُهِلَ بَقَاءُ أَبِيهِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يُعْطَى مَنْ لَيْسَ لَهُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَبٌ يُعْرَفُ، قَالَ: وَلَا يُعْطَى كَافِرٌ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ وَقْفٍ عَامٍّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ، وَيُتَوَجَّهُ وَجْهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قال1

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

والقول الثاني: لوارثه بالولاء، وهو أعم "2من القول الأول2".

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَكُونُ كَمُنْقَطِعِ الْآخِرِ قُلْت: وَهُوَ الصواب، وقطع به في الرعاية الكبرى، بعد3 عَصَبَةِ الْمَوَالِي وَقِيلَ: هُوَ لِمَوَالِي الْعَصَبَةِ، قَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ، قَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهُوَ لِمَوَالِي أَبِيهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ.

1 ليست في "ط".

2-

2 ليست في "ط".

3 في "ط": "وفي".

ص: 379

بَعْضُهُمْ: وَلَا يَشْمَلُ وَلَدَ الزِّنَا، لِأَنَّ الْيُتْمَ1 انْكِسَارٌ يَدْخُلُ عَلَى الْقَلْبِ بِفَقْدِ الْأَبِ، قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ بَلَغَ: خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْيُتْمِ1.

ويتوجه أن أعقل النَّاس الزهاد. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَيْسَ مِنْ الزُّهْدِ تَرْكُ مَا يُقِيمُ النَّفْسَ وَيُصْلِحُ أَمْرَهَا وَيُعِينُهَا عَلَى طَرِيقِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ زُهْدُ الْجُهَّالِ وَإِنَّمَا هُوَ تَرْكُ فُضُولِ الْعَيْشِ وَمَا لَيْسَ بِضَرُورَةٍ فِي بَقَاءِ النَّفْسِ، وَعَلَى هَذَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ.

قَالَ شَيْخُنَا: الْإِسْرَافُ فِي الْمُبَاحِ هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَهُوَ مِنْ الْعُدْوَانِ الْمُحَرَّمِ، وَتَرْكُ فُضُولِهَا مِنْ الزُّهْدِ الْمُبَاحِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْهُ مُطْلَقًا كَمَنْ يَمْتَنِعُ مِنْ اللَّحْمِ أَوْ الْخُبْزِ أَوْ الْمَاءِ أَوْ لُبْسِ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ أَوْ النِّسَاءِ فَهَذَا جَهْلٌ وَضَلَالٌ، وَاَللَّهُ أَمَرَ بِأَكْلِ الطَّيِّبِ وَالشُّكْرِ لَهُ، وَالطَّيِّبُ: مَا يَنْفَعُ وَيُعِينُ عَلَى الْخَيْرِ، وَحَرَّمَ الْخَبِيثَ، وَهُوَ مَا يَضُرُّ فِي دِينِهِ.

وَالشَّابُّ وَالْفَتَى مَنْ بَلَغَ إلَى ثَلَاثِينَ وَقِيلَ وخمسة، والكهل مِنْهَا إلَى خَمْسِينَ، وَالشَّيْخُ مِنْهَا إلَى سَبْعِينَ. وَفِي الْكَافِي وَالتَّرْغِيبِ: إلَى آخِرِ الْعُمْرِ، ثُمَّ الْهَرِمُ.

وَأَبْوَابُ الْبِرِّ الْقُرْبِ، وَأَفْضَلُهَا الْغَزْوُ، يُبْدَأُ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُتَوَجَّهُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، وَالرِّقَابُ وَالْغَارِمُونَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنُ السَّبِيلِ مَصَارِفُ الزَّكَاةِ، فَتُعْطَى فِي فِدَاءِ الْأَسْرَى لِمَنْ يَفْدِيهِمْ.

قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ يُوَفَّى مَا اُسْتُدِينَ فِيهِمْ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ تارة يستدين

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 في "ط": "اليتيم".

ص: 380

لِأَهْلِ الزَّكَاةِ ثُمَّ يَصْرِفُهَا لِأَهْلِ الدَّيْنِ1، فَعُلِمَ أَنَّ الصَّرْفَ وَفَاءً كَالصَّرْفِ أَدَاءً قَالَ: وَيُعْطِي مَنْ صَارَ مُسْتَحِقًّا قَبْلَ قِسْمَةِ الْمَالِ كَزَكَاةٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالتَّرْغِيبُ أَنَّ: ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْبِرُّ وَالْقُرْبَةُ لِفَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ، وُجُوبًا، وَالْأَصَحُّ: لَا، كَفُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ، مَعَ أَنَّ قَرِيبًا لَا يَرِثُهُ2 أَحَقُّ، فَيَبْدَأُ بِهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ.

قَالَ شَيْخُنَا: وَلِهَذَا فِي وُجُوبِ وَصِيَّتِهِ لَهُمْ الْخِلَافُ، فَدَلَّ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا كَهِيَ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْمَاءِ الَّذِي يُسْقَى فِي السَّبِيلِ: يَجُوزُ لِلْأَغْنِيَاءِ الشُّرْبُ3 مِنْهُ. قِيلَ لِأَحْمَدَ: أَوْصَى بِمَالٍ فِي السَّبِيلِ فَدَفَعَ إلَى قَرَابَةٍ لَهُ فِي الثَّغْرِ يَغْزُو بِهِ وَلَعَلًّ فِي الثَّغْرِ أَشْجَعَ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا لَمْ يُعْطَ الْمَالَ كُلَّهُ أَيَأْخُذُهُ؟ فَلَمْ يَرَ بِأَخْذِهِ بَأْسًا، قِيلَ لَهُ: بَعَثَ بِمَالٍ لِقَرَابَةٍ لَهُ بِالثَّغْرِ يَغْزُو بِهِ تَرَى لَهُ يَرُدُّهُ أَوْ يَقْبَلُهُ؟ قَالَ: الْقَرَابَةُ غَيْرُ الْبَعِيدِ، وَإِذَا بَعَثَ إلَيْهِ بِمَالٍ وَقَدْ كَانَ أَشْرَفَتْ نَفْسُهُ فَلَا بَأْسَ بِرَدِّهِ، وَكَأَنَّهُ اخْتَارَ رَدَّهُ، قِيلَ لَهُ: أَوْصَى لِفُلَانٍ بِكَذَا يَشْتَرِي بِهِ فَرَسًا يَغْزُو بِهِ وَيَدْفَعُ بَقِيَّتَهُ إلَيْهِ فَغَزَا ثُمَّ مَاتَ، قَالَ: هُوَ لَهُ يُورَثُ عَنْهُ.

وَسَبِيلُ الْخَيْرِ لِمَنْ أَخَذَ مِنْ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمُجَرَّدِ. وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: يعم فيدخل فيه الغارم للإصلاح، قالا4: وَيَجُوزُ لِغَنِيٍّ قَرِيبٍ وَيَشْمَلُ جَمْعَ مُذَكَّرٍ سَالِمٍ كالمسلمين، وضميره الأنثى، وقيل: لا، كعكسه.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 أخرجه البخاري "1468"، ومسلم "983""11"، من حديث أبي هريرة.

2 في الأصل: "يرث".

3 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".

4 في "ط": "قال".

ص: 381

وَالْأَشْرَافُ أَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ عليه السلام، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: وَأَهْلُ الْعِرَاقِ كَانُوا لَا يُسَمُّونَ شَرِيفًا إلَّا مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَغَيْرِهِمْ لَا يُسَمُّونَ إلَّا مَنْ كَانَ عَلَوِيًّا، قَالَ: وَلَمْ يُعَلِّقْ عَلَيْهِ الشَّارِعُ حُكْمًا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِيُتَلَقَّى حَدُّهُ مِنْ جِهَتِهِ.

وَالشَّرِيفُ فِي اللُّغَةِ خِلَافُ الْوَضِيعِ وَالضَّعِيفِ، وَهُوَ الرِّيَاسَةُ وَالسُّلْطَانُ، وَلَمَّا كَانَ أَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَحَقَّ الْبُيُوتِ بِالتَّشْرِيفِ صَارَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ شَرِيفًا، فَلَوْ وَصَّى لِبَنِي هَاشِمٍ لَمْ يَدْخُلْ مَوَالِيهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَحَنْبَلٌ.

قَالَ فِي الْخِلَافِ: لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا لَفْظُ1 الْمُوصِي، وَلَفْظُ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَعْنَى، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا أَكَلْت مِنْ السُّكَّرِ2 لِأَنَّهُ حُلْوٌ لَمْ يَعُمَّ غَيْرَهُ مِنْ الْحَلَاوَاتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَبْدِي حُرٌّ لِأَنَّهُ أَسْوَدُ لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَهُ من العبيد، ولو قال الله: حرمت المسكر3 لِأَنَّهُ حُلْوٌ عَمَّ جَمِيعَ الْحَلَاوَاتِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ اعْتِقْ عَبْدَك لِأَنَّهُ أَسْوَدُ عَمَّ. وَالْوَصِيَّةُ كَالْوَقْفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، نَقَلَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ أَوْصَى بِصَدَقَةٍ طَعَامًا هَلْ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ دَفْعُ قِيمَتِهِ؟ قَالَ: لَا إلَّا مَا أَوْصَى، وَجَعَلَهُ فِي الِانْتِصَارِ وِفَاقًا، قَالَ أَحْمَدُ: وَالْوَصَايَا يُنْتَهَى فيها إلى ما أوصى به الموصي.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

1 ليست في "ط".

2 في النسخ الخطية: "المسكر"، والمثبت من "ط".

3 في الأصل و"ط": "السكر".

ص: 382

وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ وَصَّى فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: صَيَّرْت دَارِي هَذِهِ لِوَلَدِ أَخِي وَوَلَدِ أُخْتِي عَلَى أَنْ يَسْكُنُوهَا يَنْفُذُ فِي ثُلُثِهِ عَلَى مَا سَمَّى، وَنَصَّ فِيمَنْ أَوْصَى بِصَدَقَةٍ فِي أَبْوَابِ بَغْدَادَ يُفْعَلُ، وَنَصَّ فِيمَنْ قَالَ اعْتِقُوا رَقَبَةً وَلَوْ كَافِرَةً لَا يُعْتَقُ إلَّا مُسْلِمٌ، وَنَصَّ فِيمَنْ أَوْصَى بِكَفَّارَاتٍ غَدَاءً وَعَشَاءً أَعْجَبُ إلَيَّ كَمَا أَوْصَى.

وَلَوْ أَوْصَى فِي الْمَسَاكِينِ لَمْ يَجُزْ فِي غَزْوٍ وَغَيْرِهِ، بَلْ يُعْطَى الْمَسَاكِينُ كَمَا أَوْصَى، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ فَلَهُ إيجَارُهُمَا، أَوْمَأَ إلَيْهِ.

وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ وَصَّى لِأَجْنَبِيٍّ وَلَهُ قَرَابَةٌ"1لَا يَرِثُهُ1" مُحْتَاجٌ يُرَدُّ إلَى قَرَابَتِهِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا رِوَايَةً: لَهُ ثُلُثُهَا، وَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَاهَا، وَنَقَلَ صَالِحٌ وَأَبُو طَالِبٍ وَالْجَمَاعَةُ الْأَوَّلَ، كَمَا وَصَّى، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام أَجَازَ وَصِيَّةَ الَّذِي أَعْتَقَ2.

وَالْأَصَحُّ دُخُولُ وَارِثِهِ فِي وَصِيَّتِهِ لِقَرَابَتِهِ، خِلَافًا لِلْمُسْتَوْعِبِ، وَمَنْ لَمْ يُجِزْ مِنْ الْوَرَثَةِ بَطَلَ فِي نَصِيبِهِ، وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ أَمَةٍ فَأُنْثَى، وَالْعَبْدُ ذَكَرٌ، وَقِيلَ: أَوْ أُنْثَى، وَفِي خُنْثَى غَيْرِ مُشْكِلٍ وَجْهَانِ "م 14"، وَلَوْ أَوْصَى بِأُضْحِيَّةٍ أُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ فَضَحَّوْا بِغَيْرِهِ خَيْرًا مِنْهُ3 جَازَ، وَعَلَّلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ بزيادة خير في المخرج.

ــ

[تصحيح الفروع للمرداوي]

مَسْأَلَةُ-14: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ أَمَةٍ فَأُنْثَى، وَالْعَبْدُ ذَكَرٌ، وَقِيلَ: أَوْ أُنْثَى، وَفِي خُنْثَى غير مشكل وجهان" انتهى.

1-1 في الأصل: "لا قرابة".

2 أخرجه مسلم "1668""57"

3 في "ط": "من".

ص: 383