الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَكُونُ نِصْفُهُ مَقْبُوضًا تَمَلُّكًا وَنِصْفُ الشَّرِيكِ أَمَانَةً. قَالَ فِي الْفُنُونِ: بَلْ عَارِيَّةٌ يَضْمَنُهُ "م 3".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
لِلْمَوْهُوبِ بِقَبُولِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْوَاهِبِ، وَحُكِيَ عَنْ ابن حامد، وفرع عليه حكم الفطرة.
مَسْأَلَةُ-3: قَوْلُهُ: "قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ: يُعْتَبَرُ لِقَبْضِ الْمَشَاعِ إذْنُ الشَّرِيكِ فِيهِ، فَيَكُونُ نِصْفُهُ مَقْبُوضًا تَمَلُّكًا، وَنِصْفُ الشَّرِيكِ أَمَانَةً، قَالَ فِي الْفُنُونِ1: بَلْ عَارِيَّةٌ يَضْمَنُهُ" انْتَهَى. مَا قَالَهُ فِي الْمُجَرَّدِ قَطَعَ بِهِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ: يَكُونُ نِصْفُ الشَّرِيكِ وَدِيعَةً عِنْدَهُ، فَزَادَ عَلَى الْمُصَنِّفِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ، وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْأَصْحَابِ إنَّهُ لَا يَقْبِضُهُ، إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمْ هُنَا ذَلِكَ فَيَقْوَى كَوْنُهُ أَمَانَةً، "2لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ2"، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمْ حَيْثُ قَبَضَهُ "2أَعْنِي بَعْدَ الشَّرِكَةِ أَوْ يَكُونُ انْتَقَلَ إلَيْهِمَا مَعًا بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ2" فَيَقْوَى الضَّمَانُ، حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، والله أعلم.
1 في النسخ الخطية: "الفصول"، والمثبت من "الفروع".
2-
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
فصل: يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ
،
وَقِيلَ: لِصُلْبِهِ، وَذَكَرَ الْحَارِثِيُّ: لَا وَلَدَ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَعَنْهُ لَا فِي نَفَقَةٍ كَشَيْءٍ تَافِهٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو يَعْلَى
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّغِيرُ: كَشَيْءٍ يَسِيرٍ، وَعَنْهُ: بَلَى مَعَ تَسَاوِي فَقْرٍ أَوْ غِنًى بِقَدْرِ إرْثِهِمْ مِنْهُ. وَفِي شَرْحِ الْقَاضِي: وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ كَتَسْوِيَةٍ فِي وَجْهٍ بَيْنَ أَبٍ وَأُمٍّ وَأَخ وَأُخْتٍ، ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ، وَعَنْهُ: الْمُسْتَحَبُّ ذَكَرٌ كَأُنْثَى، كَنَفَقَةٍ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفُنُونِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَضِّلَ أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ فِي طَعَامٍ وَغَيْرِهِ وَكَانَ يُقَالُ: يَعْدِلُ بَيْنَهُمْ فِي الْقُبَلِ، فَدَخَلَ فِيهِ نَظَرُ وَقْفٍ وَاحْتَجَّ بِهِ الْحَارِثِيُّ عَلَى وُجُوبِهِ مَعَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِبَعْضِهِمْ، وَالْأَصَحُّ هُنَا: لَا، وَمِثْلُهُمْ بَقِيَّةُ أَقَارِبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، خِلَافًا لِلشَّيْخِ وَغَيْرِهِ، وَزَعَمَ الْحَارِثِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَأَنَّهُ عَلَيْهِ الْمُتَقَدِّمُونَ كَالْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى، وَهُوَ سَهْوٌ، قَالَ الشَّيْخُ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِهِ لَا تُمْكِنُهُ التَّسْوِيَةُ بِالرُّجُوعِ وَقَالَ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: إنْ خَالَفَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ أَوْ يَعُمَّهُمْ بِالنِّحْلَةِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِي ذِمِّيٍّ نَحَلَ بَعْضَ وَلَدِهِ فَمَاتَ الْمَنْحُولُ وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ كَيْفَ حَالُهُ فِي هَذَا الْمَالِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي الشِّرْكِ.
وَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ أَوْ فَضَّلَهُ وَقِيلَ: لِغَيْرِ مَعْنًى فِيهِ سَوَّى بِرُجُوعٍ، لَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ غَيْرَهُ فِي رِوَايَةِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْأَشْهَرُ: وَكَذَا بِإِعْطَاءٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا فِي مَرَضِهِ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا يَنْفُذُ. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ: يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ تَبَيَّنَّا لُزُومَهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو حَفْصٍ وَشَيْخُنَا. وَحُكِيَ عَنْهُ بُطْلَانُهَا، اخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: قَوْلُهُمْ لَوْ حُرِّمَ لَفَسَدَ، والتحريم
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَقْتَضِي الْفَسَادَ فِي رِوَايَةٍ لَا فِي أُخْرَى، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي دَارِ غَصْبٍ، فَدَلَّ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَيْنِ وَلَهُ التَّخْصِيصُ بِإِذْنٍ، ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ، وَلَهُ تَمَلُّكُهُ بِلَا حِيلَةٍ، قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْكُلَ منه شيئا.
وَلَا يُكْرَهُ قَسَمُ حَيٍّ مَالَهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا يُعْجِبُنِي، فَإِنْ حَدَثَ وَلَدٌ سَوَّى نَدْبًا، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَقِيلَ: وُجُوبًا، قَالَ أَحْمَدُ: أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يُسَوِّي، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي1، وَتُسْتَحَبُّ التَّسْوِيَةُ: ذَكَرٌ كَأُنْثَى فِي وَقْفٍ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا بَأْسَ، قِيلَ: فَإِنْ فَضَّلَ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي عَلَى وَجْهِ الْأَثَرَةِ إلَّا لِعِيَالٍ بِقَدْرِهِمْ وَقِيلَ: بَلْ كَهِبَةٍ، وَقِيلَ: وَبِمَنْعِهَا، وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالْحَارِثِيُّ.
وَلَوْ وَقَفَ ثُلُثَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ وَصَّى بِوَقْفِهِ2 فعنه: كهبة، فيصح بالإجارة3، وَعَنْهُ: لَا، إنْ قِيلَ هِبَةٌ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ فِي ثُلُثِهِ، وَهِيَ أَشْهَرُ "م 4" فَعَلَيْهَا لَوْ سَوَّى بَيْنَ ابْنِهِ وَبِنْتِهِ فِي دَارٍ لَا يملك غيرها فردا فثلثها
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ-4: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَقَفَ ثُلُثَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى الْوُرَّاثِ أَوْ أَوْصَى بِوَقْفِهِ فَعَنْهُ: كَهِبَةٍ فَيَصِحُّ بِالْإِجَازَةِ، وَعَنْهُ: لَا، وَإِنْ قِيلَ هِبَةٌ، وَعَنْهُ: تَلْزَمُ فِي ثُلُثِهِ، وَهِيَ أَشْهَرُ" انْتَهَى.
الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: هِيَ الصَّحِيحَةُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: هِيَ أَشْهَرُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَنَصَّهُمَا، وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وغيره وأكثر الأصحاب انتهى.
1 8/259.
2 في الأصل: "بعتقه".
3 في "ر" و"ط": "بالإجارة".
وَقْفٌ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَثُلُثَاهَا مِيرَاثٌ، وَإِنْ رَدَّ ابْنُهُ فَلَهُ ثُلُثَا الثُّلُثَيْنِ إرْثًا وَلِبِنْتِهِ ثُلُثُهُمَا وَقْفًا، وَإِنْ رَدَّتْ فَلَهَا ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ إرْثًا وَلِابْنِهِ نِصْفُهُمَا وَقْفًا وَسُدُسُهَا إرْثًا، لِرَدِّ الْمَوْقُوفِ عليه، وكذا له1 لو رد التسوية ولبنته ثُلُثُهُمَا وَقْفًا، وَعَلَى الْأُولَى عَمَلُك فِي الدَّارِ كَثُلُثَيْهَا عَلَى الثَّانِيَةِ، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ زَائِدٍ عَلَى ثُلُثِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ.
وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ وَاهِبٍ فِي هِبَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَالْقِيمَةِ، وَعَنْهُ: وَلَوْ أَبًا وَعَنْهُ، فِيهِ: يَرْجِعُ إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَوْ رَغْبَةٌ، كَتَزْوِيجٍ وَفَلَسٍ، أَوْ مَا يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْمُتَّهَبِ مُؤَبَّدًا أَوْ مُوَقَّتًا، فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ رَجَعَ إلَّا أَنْ يرجع مجددا، وفيه بفسخ وجهان "م 5".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
قال ابن منجا وَالْحَارِثِيُّ فِي شَرْحَيْهِمَا: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، قَالَ فِي الْمُقْنِعِ3: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ، قَالَهُ الْقَاضِي، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ كَالْهِبَةِ، فَيَصِحُّ بِالْإِجَازَةِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَوْ وَقَفَ الثُّلُثَ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَارِثٍ أَوْ وَصَّى أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ صَحَّ وَلَزِمَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، وَعَنْهُ: إنْ أُجِيزَ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ، كَالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ، ثُمَّ قَالَ: قُلْت: إنْ قُلْنَا هُوَ لله صح، وإلا فلا.
مَسْأَلَةُ-5: قَوْلُهُ فِي رُجُوعِ الْأَبِ فِي الْهِبَةِ لِوَلَدِهِ: وَفِيهِ بِفَسْخٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى.
وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وشرح ابن منجا والحارثي والنظم والرعايتين
1 ليست في الأصل و"ط".
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/74.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/81-84.
وَقِيلَ: إنْ وَهَبَ وَلَدَيْهِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا1 مِنْ الْآخَرِ فَفِي رُجُوعِهِ فِي الْكُلِّ وَجْهَانِ، وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرُّجُوعِ فَاحْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ "م 6"، وَفِي زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ، رِوَايَتَانِ "م 7"، وَفِي رجوع امرأة فيما وهبته زوجها
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: لَهُ الرُّجُوعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ3.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ، صَحَّحَهُ4 فِي التَّصْحِيحِ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، قَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهَذَا فِي الْإِقَالَةِ إذَا قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ فَيَمْتَنِعُ حَقُّهُ مِنْ الرُّجُوعِ، قَالَهُ فِي فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ:
مَسْأَلَةُ-6: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرُّجُوعِ فَاحْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ" انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: أَظْهَرُهُمَا لَا يَسْقُطُ لِثُبُوتِهِ لَهُ بِالشَّرْعِ، كَإِسْقَاطِ الْوَلِيِّ حَقَّهُ مِنْ وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَقَدْ يَتَرَجَّحُ سُقُوطُهُ، لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ مُجَرَّدُ حَقِّهِ، بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ لِلَّهِ وَلِلْمَرْأَةِ، وَلِهَذَا يَأْثَمُ بِعَضْلِهِ، وَهَذَا أَوْجَهُ" انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَيْسَ كَإِسْقَاطِ الْوَلِيِّ حَقَّهُ مِنْ وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَيَأْتِي نَظِيرَتُهَا فِي الْحَضَانَةِ5.
مَسْأَلَةُ-7: قَوْلُهُ: "وَفِي زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغني6،
1 في النسخ الخطية: "أحد"، والمثبت من "ط".
2 3/600.
3 ليست في "ط".
4 في "ص" و"ط": "صحح".
5 9/300.
6 6/266.
بمسألته وقيل: أو لا، رِوَايَتَانِ "م 8".
وَقِيلَ: تَرْجِعُ: إنْ وَهَبَتْهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ فَلَمْ يَنْدَفِعْ، أَوْ عِوَضٍ أَوْ شَرْطٍ فلم
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ: وَفِي مَنْعِ الْمُتَّصِلَةِ صُورَةً وَمَعْنًى رِوَايَتَانِ، زَادَ فِي الْكُبْرَى: كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَحَبَلٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ انْتَهَى.
إحْدَاهُمَا: يُمْنَعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالثَّمَانِينَ بَعْدَ إطْلَاقِ الرِّوَايَتَيْنِ: وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ" انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُمْنَعُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. وَقَالَ فِي الْكَافِي3: الْخِلَافُ هُنَا كَالْخِلَافِ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَقَدَّمَ فِي الْمُفْلِسِ عَدَمَ الرُّجُوعِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ فَقَالَ: وَيُشَارِكُ الْمُتَّهِبُ بِالْمُتَّصِلَةِ. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الرُّجُوعِ: لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ لِلزِّيَادَةِ انْتَهَى.
فَاخْتَلَفَا لِمَنْ تَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الرجوع.
مَسْأَلَةُ-8: قَوْلُهُ: "وَفِي رُجُوعِ امْرَأَةٍ فِيمَا وَهَبَتْهُ زَوْجَهَا بِمَسْأَلَتِهِ وَقِيلَ: أَوْ لَا، رِوَايَتَانِ" انْتَهَى.
وأطلقهما في المغني والمحرر وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ:
إحْدَاهُمَا: لَهَا الرُّجُوعُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَزَمَ بِهِ في المنور
1 3/600.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/91-94.
3 3/601.
يَحْصُلُ، وَلَوْ قَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لم تبرئني فأبرأته صح، وهل ترجع؟ ثالثها ترجع إن طلقها، ذكره شيخنا وغيره "م 9"، وإن اختلفا في حدوث
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَوَاعِدِ ابْنِ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ بِمَا وَهَبَتْ زَوْجَهَا بِمَسْأَلَتِهِ، عَلَى الْأَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالشَّيْخُ فِي الْكَافِي1، وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ "3وَقَالَ: إنَّهُ أَظْهَرُ3"، وَغَيْرُهُمْ.
قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الرُّجُوعِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مِنْهُ ضَرَرٌ مِنْ طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَهَا الرُّجُوعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "بِمَسْأَلَتِهِ وَقِيلَ أَوْ لَا". فَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ إذَا وَهَبَتْهُ بِغَيْرِ مَسْأَلَتِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الْوَجْهَيْنِ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَغَيْرُهُمَا، وَقِيلَ: لَهَا الرُّجُوعُ أَيْضًا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ2 والرعاية الكبرى.
مَسْأَلَةُ-9: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إن لم تبرئني فأبرأته صح، وهل ترجع؟ ثَالِثُهَا تَرْجِعُ إنْ طَلَّقَهَا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ" انْتَهَى.
قُلْت: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَكِنَّ رُجُوعَهَا هُنَا آكَدُ وَأَوْلَى، والله أعلم.
1 3/599.
2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/101.
3 ليست في "ح".
4 8/278.
زِيَادَةٍ فَوَجْهَانِ "م 10".
وَالْمُنْفَصِلَةُ لِابْنٍ، وَقِيلَ: لِأَبٍ، وَلَا تُمْنَعُ الرُّجُوعَ، كَنَقْصِهِ1، وَفِيهَا فِي الْمُوجَزِ رِوَايَةٌ، وَإِنْ وَهَبَهُ2 مُتَّهِبٌ لِابْنِهِ فَفِي رُجُوعِ أَبِيهِ وَعَدَمِهِ وَرُجُوعِهِ إنْ رَجَعَ ابْنُهُ احْتِمَالَانِ "م 11 و 12".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ-10: قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِ زِيَادَةٍ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَمْنَعُهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ، لِمُوَافَقَةِ دَعْوَاهُ الْأَصْلَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلَدِ فِي حُدُوثِهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ.
مسألة-11-12: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَهَبَهُ مُتَّهِبٌ لِابْنِهِ فَفِي رُجُوعِ أَبِيهِ وَعَدَمِهِ وَرُجُوعِهِ إنْ رَجَعَ ابْنُهُ احْتِمَالَانِ" انْتَهَى، يَعْنِي فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ احْتِمَالَانِ، إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 11: إذَا وهبه3 الْمُتَّهِبُ لِابْنِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ فَهَلْ يَرْجِعُ الْجَدُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَمْلِكُ الْجَدُّ الرُّجُوعَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَشَرْحِهِ5 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالشَّارِحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ والرعايتين والحاوي الصغير وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمْ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْأَبِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ الرُّجُوعُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ كَمَا قال، وأبو الخطاب وهم انتهى.
1 في "ر": "كنقضه".
2 في الأصل: "وهب".
3 في "ط": "وهب".
4 8/265.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/81-83.
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يَرْجِعُ جَدٌّ، فِي وجه، ورجوعه بِقَوْلِهِ، عَلِمَ الْوَلَدُ أَوْ لَا، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَجُوزُ عَتْقُهَا حَتَّى يَرْجِعَ فِيهَا وَيَرُدَّهَا إلَيْهِ، إذَا قَبَضَهَا أَعْتَقَهَا، فَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ قَبْضِهِ وَأَنَّهُ يَكْفِي، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي قَبْضِهِ مَعَ قَرِينَةٍ وَجْهَيْنِ وَكَذَا بَيْعُهُ وَعِتْقُهُ وَلَا يَنْفُذُ، وَلَيْسَ الْوَطْءُ بِمُجَرَّدِهِ رُجُوعًا، وَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مُطْلَقًا، مَا لَمْ يَضُرَّهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: مَا لَمْ يُجْحِفْ بِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الكافي1، وفيه: وما لم يعطه ولدا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَدْ ظَهَرَ لَك بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرًا ظَاهِرًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-12: إذَا رَجَعَ الِابْنُ فِي هِبَتِهِ الَّتِي وَهَبَهَا أَبُوهُ لَهُ فَهَلْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيمَا رَجَعَ إلَى وَلَدِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3:
أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ والمستوعب وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ، وَفِيهِ قُوَّةٌ.
تَنْبِيهٌ: قَدْ لَاحَ لَك أَيْضًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ فِي إطلاق المصنف الخلاف نظرا، والله أعلم.
1 3/602.
2 8/265.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/97.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/98.
آخر، ونقله الشالنجي، واحتج بأنه حِينَ أَخَذَهُ صَارَ لَهُ فَيَعْدِلُ بَيْنَهُمَا، وَعَنْهُ: لَهُ تَمَلُّكُهُ كُلِّهِ، وَقِيلَ: بَلْ مَا احْتَاجَهُ، وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: يَأْكُلُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ فَلَهُ الْقُوتُ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ1 قَبْلَ تَمَلُّكِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ شَيْخُنَا: وَيَقْدَحُ فِي أَهْلِيَّتِهِ لِأَجْلِ الْأَذَى سِيَّمَا بِالْحَبْسِ. وَفِي الْمُوجَزِ: لَا يَمْلِكُ إحْضَارَهُ مَجْلِسَ حُكْمٍ، فَإِنْ حَضَرَ فَادَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُحْبَسْ، وَيَمْلِكُهُ بِقَبْضِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، مَعَ قَوْلٍ أَوْ نِيَّةٍ، وَيُتَوَجَّهُ: أَوْ قَرِينَةٍ. وَفِي الْمُبْهِجِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي غَيْرِ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ رِوَايَتَانِ، بِنَاءً عَلَى حُصُولِ مِلْكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَيَصِحُّ بَعْدَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ مَعَ غِنَاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْبَى عَلَيْهِ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ: وَلَوْ كُنْت أَنَا لَجَبَرْته عَلَى دَفْعِهِ إلَيْهِ، وَعَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ عليه السلام:"أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك" 2 وَهَلْ يَثْبُتُ لِوَلَدِهِ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ أَوْ قِيمَةُ مُتْلَفٍ أَوْ غَيْرِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَنَصُّهُ: لَا، "م 13".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ-13: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يَثْبُتُ لِوَلَدِهِ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ أَوْ قِيمَةُ مُتْلَفٍ أَوْ غَيْرُهُ؟ فِيهَا وَجْهَانِ، وَنَصُّهُ: لَا" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ لِوَلَدِهِ الدَّيْنُ وَنَحْوُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ يَقُولُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ وانتفاء المطالبة،
1 ليست في الأصل.
2 اخرجه أبو داود "3530"، وابن ماجه "2292"، من حديث عمرو بن العاص.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 17/91.
4 8/274.
وَإِنْ ثَبَتَ فَفِي مِلْكِهِ إبْرَاءَ نَفْسِهِ نَظَرٌ، قاله القاضي، وذكر غيره لا يملكه، كإبرائه لِغَرِيمِهِ "م 14" وَقَبْضِهِ مِنْهُ، لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمْ يَمْلِكْهُ. وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ دَيْنِ ابْنِهِ فَأَنْكَرَ رجع على غريمه، وهو على الأب "1نَقَلَهُ مُهَنَّا1" فَظَاهِرُهُ لَا يَرْجِعُ إنْ أَقَرَّ الِابْنُ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ، وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ.
وَفِي الِانْتِصَارِ فِيمَنْ قَتَلَ ابْنَهُ إنْ قُلْنَا الدِّيَةُ لِوَارِثٍ طَالَبَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّ الْمُبَاحَ يَحْرُمُ إتْلَافُهُ عَبَثًا وَلَا يَضْمَنُهُ، فَإِنْ مات ففي أخذه عين2 ماله
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ" انْتَهَى.
وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِيمَا إذَا أَوْلَدَ أَمَةَ ابْنِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ قِيمَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ3.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَثْبُتُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الْبَنَّا، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ النَّصَّ.
قُلْت: قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5: يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ النَّصُّ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ قَوْلُهُ: "إذَا مَاتَ الْأَبُ بَطَلَ دَيْنُ الِابْنِ، وَقَوْلُهُ: "مَنْ أَخَذَ مِنْ مَهْرِ ابْنَتِهِ شَيْئًا فَأَنْفَقَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ بَعْدِهِ، عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ لَهُ وَإِنْفَاقَهُ إيَّاهُ دَلِيلٌ عَلَى قَصْدِ التَّمَلُّكِ. انْتَهَى.
مَسْأَلَةُ-14: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ثَبَتَ فَفِي مِلْكِهِ إبْرَاءَ نَفْسِهِ نَظَرٌ، قَالَهُ القاضي، وذكر غيره لا يملكه، كإبرائه لغريمه" انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَمْلِكُ الْأَبُ إسْقَاطَ دَيْنِ الِابْنِ عَنْ نَفْسِهِ انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْمِلْكِ لِذَلِكَ، كَمَا قَالَهُ غَيْرُ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أيضا.
1-1 ليست في الأصل.
2 في الأصل: "من".
3 8/145.
4 3/603.
5 8/274.
وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: أَوْ بَعْضُهُ وَلَمْ يُنْقَدْ ثَمَنُهُ رِوَايَتَانِ "م 15" وَمَا قَضَاهُ فِي مَرَضِهِ أو وصى بقضائه فمن رأس ماله، وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِهِ، وَنَصُّهُ: يَسْقُطُ، كَحَبْسِهِ بِهِ، فَلَا يَثْبُتُ، كَحَيَاتِهِ، وَيَطْلُبُهُ بِنَفَقَتِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ. وَعَيْنٌ فِي يَدِهِ، نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: مَا حَازَهُ لَا يَأْخُذُهُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ إذَا حَازَهُ لِنَفْسِهِ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ مَالًا لِيُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ اقْتَرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ قَالَ: مَا وَجَدُوهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ مَالُهُمْ عَلَيْهِ، وَمَا اسْتَهْلَكَهُ فَلَا يَكُونُ لِلْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِمْ دَيْنٌ، وَكَانَ قَالَ1 قَبْلَ ذَلِكَ: يَسْقُطُ عَنْ الْمَيِّتِ دَيْنُ وَلَدِهِ، وَالْأُمُّ كَأَبٍ فِي تَسْوِيَةٍ فَقَطْ، نص عليه. وفي الإفصاح
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ-15: قَوْلُهُ: "فَإِنْ مَاتَ فَفِي أَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: أَوْ بَعْضُهُ وَلَمْ يُنْقَدْ ثَمَنُهُ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْهِجِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ:
إحْدَاهُمَا: لَهُ الْأَخْذُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ قَدَّمَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 أَنَّ الْأَبَ إذَا مَاتَ يَرْجِعُ الِابْنُ فِي تَرِكَتِهِ بِدَيْنِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الْأَبِ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ" انْتَهَى. قُلْت: إذَا كَانَ فِي الدَّيْنِ فَفِي الْعَيْنِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى، قَالَ فِي الْكَافِي: قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَهَذَا إذَا صَارَ إلَى الْأَبِ بِغَيْرِ تَمْلِيكٍ وَلَا عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَأَمَّا إنْ صَارَ إلَيْهِ بِنَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الثُّبُوتِ، وَهُوَ بَعِيدٌ.
فَهَذِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ مسألة قد صححت.
1 ليست في الأصل.
2 8/275.
3 3/603.
والواضح وغيرهما: ورجوع، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، قَالَهُ فِي الْمُوجَزِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ وَالشَّيْخُ، وَقِيلَ: وَتَمْلِكُ، وَنُصُوصُهُ: لَا تَتَمَلَّكُ وَلَا تَتَصَدَّقُ، قَالَ: وَهِيَ أَحَقُّ بِالْبِرِّ مِنْهُ، وَيُتَوَجَّهُ رِوَايَةً مُخَرَّجَةً وَمِنْ رِوَايَةِ ثُبُوتٍ وِلَايَةٌ لِجَدٍّ وَإِجْبَارُهُ أَنْ يَكُونَ كَأَبٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا لَمْ يُخَالِفْ "عِ" كَالْعُمْرِيَّتَيْنِ1.
وَهَدِيَّةٌ كَهِبَةٍ، وَكَذَا صَدَقَةٌ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَحَنْبَلٌ: لَا رُجُوعَ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْهَدِيَّةِ قَبُولٌ، لِلْعُرْفِ، بِخِلَافِ الْهِبَةِ. وَوِعَاءُ هَدِيَّةٍ كَهِيَ، مَعَ عُرْفٍ، وَمَنْ أَهْدَى لِيُهْدَى إلَيْهِ أَكْثَرُ فَنَقَلَ صَالِحٌ أَنَّ أَبَاهُ ذَكَرَ قَوْلَ الضَّحَّاكِ: لَا بَأْسَ بِهِ لِغَيْرِ النَّبِيِّ عليه السلام، وَنَقَلَ أَبُو الحارث فيمن سأله2 الْحَاجَةَ فَسَعَى مَعَهُ فِيهَا فَيُهْدِي لَهُ قَالَ: إنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ الْبِرِّ وَطَلَبَ الثَّوَابَ كَرِهْته لَهُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ فِيمَنْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ فَيُهْدِي لَهُ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لِأَدَاءِ أَمَانَتِهِ لم يقبل، إلا أن يكافئه. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ: لَا يَنْبَغِي لِلْخَاطِبِ إذَا خَطَبَ لِقَوْمٍ أَنْ يَقْبَلَ لَهُمْ هَدِيَّةً، فَهَاتَانِ رِوَايَتَانِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا التَّحْرِيمَ، قَالَ: وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَكَابِرِ، قَالَ: وَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ المتأخرين، جعله من باب الجعالة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 وهي أن يفرض للأم ثلث الباقي بعد فرض الزوجين، في زوج وأبوين وزوجة وأبوين، وتسمى هاتان المسألتين العمريتين، لقضاء عمر رضي الله عنه فيهما، وسيوردهما المصنف في كتاب الفرائض.
2 في "ر" و"ط": "سأل".
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: "بَابُ الْهَدِيَّةِ لِلْحَاجَةِ" ثُمَّ رُوِيَ مِنْ رِوَايَةِ الْقَاسِمِ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ شَفَاعَةً فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ1 الرِّبَا"2.
وَكَانَ الزَّجَّاجُ3 أَدَّبَ الْقَاسِمَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَلَمَّا تَوَلَّى الْوَزَارَةَ كَانَ وَظِيفَتُهُ عَرْضَ الْقِصَصِ وَقَضَاءَ الْأَشْغَالِ وَيُشَارِطُ وَيَأْخُذُ مَا أَمْكَنَهُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُنْتَظِمِ: يَجِبُ عَلَى الْوُلَاةِ إيصَالُ قِصَصِ أَهْلِ الْحَوَائِجِ، فَإِقَامَةُ مَنْ يَأْخُذُ الْجُعْلَ عَلَى هَذَا حَرَامٌ، فَإِنْ كَانَ الزَّجَّاجُ لَا يَعْلَمُ مَا فِي هَذَا فَهُوَ جَهْلٌ، وَإِلَّا فَحِكَايَتُهُ فِي غَايَةِ الْقُبْحِ، فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ قِلَّةِ الْفِقْهِ. وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أعلم.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ر".
2 أخرجه أبو داود "3541"، من حديث أبي أمامة.
3 هو: إسحاق، إبراهيم بن محمد بن السرى الزجاج البغدادي، نحوي زمانه، لزم المبرد، وكان يعطيه من عمل الزجاج كل يوم درهما، فنصحه وعلمه. من مصنفاته:"معاني القرآن"، "الإنسان" وأعضاؤه"، "العروض" وغيرهما. "ت311هـ" "السير" 14/360.