الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَعْطَى مُشْتَرِيَهُ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ لَهَا إلَّا بِنَفَقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، كَمَا رَجَّحْته فِيمَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ غَيْرِهِ وَرَبِحَ، وَنَصَّ فِي وَدِيعَةٍ تَنْتَظِرُ كَمَالَ مَفْقُودٍ وَأَنَّ جَائِزَةَ الْإِمَامِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ الصَّدَقَةِ.
قَالَ الْقَاضِي: إنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ عَيْنَهُ مَغْصُوبٌ فَلَهُ قَبُولُهُ، وَسَوَّى ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بَيْنَ وَدِيعَةٍ وَغَصْبٍ، وَذَكَرَهُمَا الْحَلْوَانِيُّ كَرَهْنٍ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ دِرْهَمٌ مُبَاحٌ فَفِي النَّوَادِرِ يَأْكُلُ عَادَتَهُ لَا مَا لَهُ عَنْهُ غُنْيَةٌ، كَحَلْوَاءَ وفاكهة.
فَصْلٌ: مَنْ أَتْلَفَ مُحْتَرَمًا لِمَعْصُومٍ وَمِثْلُهُ يَضْمَنُهُ ضَمِنَهُ
،
فَإِنْ أُكْرِهَ فَقِيلَ: يَضْمَنُ "1مُكْرِهُهُ، كَدَفْعِهِ1" مُكْرَهًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ إتْلَافًا، وَقِيلَ: الْمُكْرَهُ كَمُضْطَرٍّ "م 24" وَيَرْجِعُ فِي الْأَصَحِّ مَعَ جَهْلِهِ، وَقِيلَ: وَعِلْمِهِ، لِإِبَاحَةِ إتْلَافِهِ وَوُجُوبِهِ، بِخِلَافِ قَتْلٍ، وَلَمْ يَخْتَرْهُ، بِخِلَافِ مُضْطَرٍّ، وَهَلْ لِرَبِّهِ طَلَبُ مُكْرِهِهِ؟
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ-24: قَوْلُهُ: "وَمَنْ أَتْلَفَ مُحْتَرَمًا لِمَعْصُومٍ وَمِثْلُهُ يَضْمَنُهُ ضَمِنَهُ، فَإِنْ أُكْرِهَ فَقِيلَ: يَضْمَنُ مُكْرِهُهُ. وَقِيلَ: كَمُضْطَرٍّ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ. الْقَوْلُ بِأَنَّ مُكْرِهَهُ يَضْمَنُهُ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي كِتَابِهِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ، قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَالْمُضْطَرِّ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِهِ ضَمِنَهُ، يَعْنِي الْمُبَاشِرَ، وَقَطَعَ بِهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا هُوَ القول بأنه كمضطر2. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ، فهذه ثلاثة أقوال.
1 في "ط": "مكروه كدفعه".
2 في "ط": "مضطر"
فِيهِ وَجْهَانِ "م 25" فَإِنْ طَالَبَهُ رَجَعَ عَلَى الْمُتْلِفِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَقِيلَ: الضَّمَانُ بَيْنَهُمَا، وَلَا ضَمَانَ مَعَ إذْنِهِ، وَعَيَّنَ ابْنُ عَقِيلٍ الْوَجْهَ الْمَأْذُونَ فِيهِ مَعَ غَرَضٍ صَحِيحٍ، وَقَالَ فِي الْفُنُونِ فِي الْمُجَلَّدِ التَّاسِعِ عَشَرَ مُحْتَجًّا عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ1 الْحَيَوَانِ آكَدُ مِنْ الْمَالِ: لَوْ أَذِنَ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ فَقَتَلَهُ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَثِمَ، وَلَوْ أَذِنَ فِي إتْلَافِ مَالِهِ سَقَطَ الضَّمَانُ وَالْمَأْثَمُ وَلَا كَفَّارَةَ، وَقَالَ بَعْدَ هَذَا بِنَحْوِ نِصْفِ كُرَّاسَةٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: يُمْنَعُ مِنْ تَصْنِيعِ الْحَبِّ وَالْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ السَّبِخَةِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَسَبَقَ أَنَّهُ يَحْرُمُ فِي الْأَشْهَرِ دَفْنُ شَيْءٍ مَعَ الْكَفَنِ.
وَإِنْ حَلَّ قَيْدَ عَبْدٍ أَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ ثُمَّ ذَهَبَ ضَمِنَهُ2. وَفِي الْفُنُونِ: إنْ كَانَ الطَّيْرُ متألفا فلا كذكاة متأنس3 ومتوحش، وإن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ-25: قَوْلُهُ: "وَهَلْ لِرَبِّهِ طَلَبُ مُكْرِهِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ لِمَالِكِهِ مُطَالَبَةُ مُكْرِهِهِ إذا كان المكره بفتح الراء عالما4 وَقُلْنَا لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: لَهُ مُطَالَبَتُهُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ قلت: وهو ضعيف جدا.
1 ليست في "ر".
2 في "ط": "ضمن".
3 في "ط": "متأنس".
4 في "ط": "عاما".
دَفَعَ مِبْرَدًا إلَى عَبْدٍ فَبَرَدَ قَيْدَهُ فَفِي تَضْمِينِ دَافِعِهِ وَجْهَانِ "م 26" وَلَا يَضْمَنُ دَافِعُ مِفْتَاحٍ إلَى لِصٍّ.
قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ غَرِمَ1 بِسَبَبِ كَذِبٍ عَلَيْهِ عِنْدَ2 وَلِيِّ أَمْرٍ فَلَهُ تغريم الكاذب.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ-26: قَوْلُهُ: "وَإِنْ دَفَعَ مِبْرَدًا إلَى عَبْدٍ فَبَرَدَ قَيْدَهُ فَفِي تَضْمِينِ دَافِعِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَحَكَاهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ احْتِمَالَيْنِ، وَأَطْلِقُوهُمَا، أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُ وهو ضعيف.
1 في الأصل: "عزم".
2 في "ط": "عن".
وَإِنْ حَلَّ وِعَاءً فِيهِ دُهْنٌ جَامِدٌ فَذَهَبَ بِرِيحٍ أَلْقَتْهُ أَوْ شَمْسٌ فَوَجْهَانِ "م 27 و 28" وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُهُ بِرِيحٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقْصَدٍ، ولو حبس مالك
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ 27-28: قَوْلُهُ: "وَإِنْ حَلَّ وِعَاءً فِيهِ دُهْنٌ جَامِدٌ فَذَهَبَ لِرِيحٍ أَلْقَتْهُ أَوْ شَمْسٍ فَوَجْهَانِ" انتهى، ذكر مسألتين.
دَوَابَّ فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ والمغني والترغيب،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-27: إذَا حَلَّ وِعَاءً فِيهِ دُهْنٌ جَامِدٌ فَذَهَبَ بِرِيحٍ أَلْقَتْهُ فَهَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3 وَنَصَرَاهُ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُ، قَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَعَنْ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَضْمَنُ، وَقَدَّمَهُ في التلخيص.
قُلْت قَطَعَ فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي مَوْضِعٍ، وَاخْتَارَ الضَّمَانَ فِي آخِرِ.
الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ-28: لَوْ ذَابَ بِشَمْسٍ هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ3 وَالْكَافِي2 وَنَصَرَاهُ، وجزم به ابن رزين.
1 7/431-432.
2 3/523.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 1/302-303.
وَقِيلَ: بَلَى، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: أَوْ فَتَحَ حِرْزًا فَجَاءَ آخَرُ فَسَرَقَ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَتَوَجَّه فِيمَنْ حَبَسَهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ1 أَنْ يَضْمَنَهُ بِالتَّسَبُّبِ، وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ وَلَيْسَتْ يده عليها فروايتان "م 29" ويضمن بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ وَلَوْ بِنَفْحٍ2 بِرِجْلٍ، نُصَّ عَلَيْهِ ومن ضربها إذن فرفسته فمات ضمنه،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُ قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ، فَلَعَلَّ لَهُ قَوْلَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا: لَا يَضْمَنُ: وَاخْتَارَ في موضع آخر الضمان.
مَسْأَلَةٌ-29: قَوْلُهُ: "وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ وليست يده عليها فروايتان" انتهى، وأطلقهما في3 الْمُسْتَوْعِبُ وَالْمُغْنِي4 وَالشَّرْحُ5 وَالْفَائِقُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْقَوَاعِدُ الْأُصُولِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ.
إحْدَاهُمَا: يَضْمَنُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ5 وَالْعُمْدَةِ، وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ، وَلِإِطْلَاقِهِمْ الضَّمَانَ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَكَذَا أَوْرَدَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ مُطْلَقًا، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ وَقَالَ: هَذَا الْمَنْصُوصُ، وَذَكَرَ الْمَنْصُوصَ6 في ذلك.
1 في "ر": "مالكه".
2 نفحت الدابة برجلها: ضربت. "المصباح".
3 ليست في "ط".
4 7/433.
5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/303-304.
6 في "ط": "المنصوص".
ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ، وَتَرْكُهُ طِينًا فِيهَا أَوْ خَشَبَةً أَوْ عَمُودًا أَوْ حَجَرًا أَوْ كِيسَ دَرَاهِمَ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَبِإِسْنَادِ خَشَبَةٍ إلَى حَائِطٍ، وَبِاقْتِنَاءِ كَلْبٍ عَقُورٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ إلَّا لِدَاخِلِ بَيْتِهِ بِلَا إذْنِهِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ نَقَلَ حَنْبَلٌ: الْكَلْبُ إذَا كَانَ مُوثَقًا لَمْ يَضْمَنْ مَا عَقَرَ، وَيَضْمَنُ بِاقْتِنَاءِ سِنَّوْرٍ تَأْكُلُ فِرَاخًا عَادَةً، مَعَ عِلْمِهِ، كَالْكَلْبِ، وَلَهُ قَتْلُهَا بِأَكْلِ لَحْمٍ وَنَحْوِهِ، كَالْفَوَاسِقِ. وَفِي الْفُصُولِ: حِينَ أَكْلِهِ.
وَفِي التَّرْغِيبِ: وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِهِ، كَصَائِلٍ، وَإِنْ سَقَى مِلْكَهُ أَوْ أَجَّجَ فِيهِ نَارًا ضَمِنَ إنْ أَفْرَطَ أَوْ فَرَّطَ، والمراد: لا بطريان ريح، ولهذا [قال] فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَوْ أَجَّجَهَا عَلَى سَطْحِ دَارِهِ فَهَبَّتْ الرِّيحُ فَأَطَارَتْ الشَّرَرَ1 لَمْ يَضْمَنْ، لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَمْ يُفْرِطْ، وَهُبُوطُ الرِّيحِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي طَرِيقٍ فَبَالَتْ، أَوْ رَمَى فِيهَا قشر بطيخ لأنه في
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَضْمَنُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، ذَكَرَهُ القاضي في المجرد، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، "2قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَأَمَّا الْآمِدِيُّ فَحَمَلَ الْمَنْعَ عَلَى حَالَةِ ضِيقِ الطَّرِيقِ وَسَعَتِهِ، وَالْمَذْهَبُ عَنْهُ الْجَوَازُ مَعَ السَّعَةِ وَعَدَمِ الْإِضْرَارِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ جَعَلَ الْمَذْهَبَ الْمَنْعَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَخَالَفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ: الرَّبْطُ عُدْوَانٌ بِكُلِّ حَالٍ انتهى2".
1 في "ر": "التنور".
2-
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
غَيْرِ مِلْكِهِ، فَهُوَ مُفْرِطٌ، وَظَاهِرُهُ: لَا يَضْمَنُ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا، وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي سَابِلَةٍ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا ضَرَرَ لَمْ يَضْمَنْ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَمَوَاتٍ، وَعَنْهُ: بِإِذْنِ حَاكِمٍ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَكَذَا حُكْمُ الْبِنَاءِ فِيهَا مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرَهَا لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ.
نَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ فِي الْمَسْجِدِ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالطَّرِيقِ، وَنَقَلَ عَبْدُ الله: أكره الصلاة فيه. إلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ إمَامٍ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: حُكْمُ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي بُنِيَتْ فِي الطَّرِيقِ تُهْدَمُ، وَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ: يَزِيدُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: لَا يُصَلَّى فِيهِ.
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْأَنْهَارِ، قَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الطَّرِيقِ، وَسَأَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ سَابَاطٍ فَوْقَهُ مَسْجِدٌ، أَيُصَلَّى فِيهِ؟ قَالَ لَا يُصَلَّى فِيهِ إذَا كَانَ مِنْ الطَّرِيقِ، وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ وَالطَّرِيقُ أَمَامَهُ، قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَكِنَّ طَرِيقَ مَكَّةَ يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَنَحَّى عَنْ الطَّرِيقِ وَيُصَلِّيَ يمنة الطريق ونقل ابن مشيش عن1 ساباط فوق
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 بعدها في "ط": "بناء".
مَسْجِدٍ: لَا يُصَلَّى فِيهِ إذَا كَانَ مِنْ الطريق.
قال الشَّيْخُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْتَبَرَ إذْنُ الْإِمَامِ فِي الْبِنَاءِ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْحَفْرِ، لِدَعْوِي الْحَاجَةِ إلَى الْحَفْرِ لِنَفْعِ الطَّرِيقِ وَإِصْلَاحِهَا وَإِزَالَةِ الطِّينِ وَالْمَاءِ مِنْهَا، فَهُوَ كَتَنْقِيَتِهَا، وَحَفْرِ هَدَفِهِ1 فِيهَا، وَقَلْعِ حَجَرٍ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ2، وَوَضْعِ الْحَصَى فِي حُفْرَةٍ فِيهَا لِيَمْلَأَهَا، وَتَسْقِيفِ سَاقِيَةٍ فِيهَا، وَوَضْعِ حجر في طين3 فِيهَا لِيَطَأَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَهَذَا كُلُّهُ مُبَاحٌ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَكَذَا بِنَاءُ الْقَنَاطِرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْتَبَرَ إذْنُ الْإِمَامِ فِيهَا، لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ لَا تعم.
وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ سُقُوطُ الضَّمَانِ إذَا حَفَرَهَا فِي مَكَان مَائِلٍ عَنْ الْقَارِعَةِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ حَاجِزًا يُعْلَمُ بِهِ لِيُتَوَقَّى، وَإِنْ حَفَرَهُ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ وَلَوْ فِي فِنَائِهِ وَتَصَرَّفَ وَارِثُهُ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِذْنُ إمَامٍ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَكِيلِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ النَّافِذَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِحَاكِمٍ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّتِهِ. وَقَالَهُ شَيْخُنَا، وَيَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ لِلْمَصْلَحَةِ، وَجَوَّزَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا حَفْرَ بِئْرٍ لِنَفْسِهِ فِي فِنَائِهِ بِإِذْنِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، قَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ لَمْ يَسُدَّ بِئْرَهُ سَدًّا يَمْنَعُ مِنْ التَّضَرُّرِ بِهَا ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا، وَكَذَا بَسْطُ حَصِيرٍ وَتَعْلِيقُ قِنْدِيلٍ وَنَحْوُهُ بِمَسْجِدٍ، وَالْأَكْثَرُ لَا يَضْمَنُ كَوَضْعِهِ حَصًى فِيهِ، وَالْأَصَحُّ وَقُعُودُهُ فِيهِ وَفِي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط": "هدفه"، الهدفة: الربوة العالية.
2 في "ر": "الملك".
3 بعدها في "ط": "في طريق".
طَرِيقٍ وَاسِعٍ، وَفِعْلُ عَبْدِهِ بِأَمْرِهِ كَفِعْلِهِ أَعْتَقَهُ أَوْ لَا وَيَضْمَنُ سُلْطَانٌ آمِرٌ وَحْدَهُ، وَإِنْ حَفَرَهَا حُرٌّ بِأُجْرَةٍ أَوْ لَا وَثَبَتَ عِلْمُهُ أَنَّهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ نُصَّ عَلَيْهِ ضَمِنَ الْحَافِرُ، نَصُّهُ: هُمَا وَإِنْ جَهِلَ فَالْآمِرُ وَقِيلَ: الْحَافِرُ، وَيَرْجِعُ إنْ مَالَ حَائِطُهُ إلَى غَيْرِ مِلْكِهِ وَعَلِمَ بِهِ وَلَيْسَ فِي التَّرْغِيبِ: وَعَلِمَ لَمْ يَضْمَنْ وَقِيلَ: بَلَى، كَبِنَائِهِ مَائِلًا كَذَلِكَ، وَعَنْهُ إنْ طَالَبَهُ مُسْتَحِقٌّ بِنَقْضِهِ وَأَمْكَنَهُ ضَمِنَ، ولا "1تضمن عاقلة1" ما لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَإِنْ أَبْرَأهُ وَأَلْحَقَ لَهُ فَلَا، وَإِنْ طُولِبَ أَحَدُ الْمُشْتَرَكِينَ ففي حصته وجهان "م 30"،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةٌ-30: قَوْلُهُ: "فِيمَا إذَا مَالَ حَائِطُهُ وَإِنْ طولب أحد الشريكين ففي حصته وَجْهَانِ" انْتَهَى قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: احْتَمَلَ وجهين:
1-1 في الأصل: "يضمن عاقلة".
2 12/96.
3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/328.