الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب العارية
شروط العارية
…
بَابُ الْعَارِيَّةِ
يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُعِيرِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ شَرْعًا، وَأَهْلِيَّةُ مُسْتَعِيرٍ لِلتَّبَرُّعِ لَهُ، وَيَتَوَجَّهُ فِي مَالِ صَغِيرٍ كَقَرْضِهِ، وَتَجُوزُ إعَارَةُ ذِي نَفْعٍ جَائِزٍ يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ إلَّا الْبُضْعَ وَمَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ لِمَحْرَمٍ، وَقِيلَ: وَكَلْبًا لِصَيْدٍ وَفَحْلًا لِضِرَابٍ، وَقِيلَ: وَأَمَةً شَابَّةً لِغَيْرِ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةً، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَالْكَافِي1.
وَالْأَشْهَرُ: يُكْرَهُ. وَفِي الْمُغْنِي2: إنْ خَلَا أَوْ نَظَرَ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِشَوْهَاءَ3 أَوْ كَبِيرَةٍ، وَيَجُوزُ لَهُمَا، وَقِيلَ: يُكْرَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إلَّا الْبَرْزَةَ وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَعَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ، وَيَتَوَجَّهُ كَإِجَارَةٍ، وَقِيلَ فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا، وَقِيلَ: تجب أي العارية مع غنى ربه، اختاره4 شَيْخنَا.
وَيُكْرَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ لِخِدْمَةٍ وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ، وعنه: إن عين مدة تعينت،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 3/490.
2 7/346.
3 الأصل: "شوهاء".
4 في "ط": "اختار".
وَعَنْهُ: وَمَعَ إطْلَاقِهِ لَا يَرْجِعُ قَبْلَ انْتِفَاعِهِ، قَالَ الْقَاضِي: الْقَبْضُ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا، وَقَالَ: يَحْصُلُ بِهَا الْمِلْكُ مَعَ عَدَمِ قَبْضِهَا. وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَاءِ فِي ضَمَانِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَيِّنِ بِالْعَقْدِ: الْمِلْكُ أَبْطَأُ حُصُولًا وَأَكْثَرُ شُرُوطًا مِنْ الضَّمَانِ، لِسُقُوطِ الضَّمَانِ بِإِبَاحَةِ الطَّعَامِ بِتَقْدِيمِهِ، وَضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ بِعَارِيَّةِ الْعَيْنِ وَلَا مِلْكَ، فَإِذَا حَصَلَ بِالتَّعْيِينِ هُنَا الْإِبْطَاءُ فَأَوْلَى حُصُولُ الْأَسْرَعِ، وَهُوَ الضَّمَانُ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَمْلِكُ مَكِيلًا وَمَوْزُونًا بِلَفْظِهَا، وَلَوْ سَلَّمَ وَيَكُونُ قَرْضًا فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ وَبِالْقَبْضِ، وَفِي الِانْتِصَارِ لَفْظُ الْعَارِيَّةِ فِي الْأَثْمَانِ قَرْضٌ. وَفِي الْمُغْنِي1: إنْ اسْتَعَارَهَا لِلنَّفَقَةِ فَقَرْضٌ، وَقِيلَ. لَا يَجُوزُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ مِنْحَةُ لَبَنٍ هُوَ الْعَارِيَّةُ، وَمِنْحَةُ وَرِقٍ هُوَ الْقَرْضُ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ خِلَافًا فِي صِحَّةِ إعَارَةِ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لِلتَّجَمُّلِ وَالزِّينَةِ، وَلَا رُجُوعَ لِمُعِيرِ سَفِينَةٍ لِمَتَاعٍ فِي اللُّجَّةِ حَتَّى تَرْسُوَ، وَحَائِطِ لخشب2 حَتَّى يَسْقُطَ فَلَا يُرَدَّانِ بِلَا إذْنِهِ، وَفِي الْحَائِطِ احْتِمَالٌ: يَرْجِعُ إنْ ضَمِنَ النَّقْصَ، وَكَذَا أرض لدفن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَلَا رُجُوعَ لِمُعِيرِ
…
حَائِطِ الْخَشَبِ حَتَّى يَسْقُطَ فَلَا يُرَدَّانِ3". انْتَهَى. الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْخَشَبِ مَكَانَهَا إذَا سَقَطَ، كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ والمحرر والشرح4 وشرح ابن منجا والرعايتين
1 7/347.
2 في "ط": "الخشب".
3 في النسخ الخطية: "يرد"، والمثبت من "ط".
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 15/73.
مَيِّتٍ حَتَّى يَبْلَى، وَقِيلَ: وَيَصِيرُ رَمِيمًا.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُخْرِجُ عِظَامَهُ وَيَأْخُذُ أَرْضَهُ، وَلَا أُجْرَةَ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِزَرْعٍ لَا يَقْصِلُ وَيَتْرُكُ حَتَّى يُحْصَدَ وَلِغَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ وَشَرْطِ قَلْعِهِ عِنْدَ رُجُوعِهِ أَوْ فِي وَقْتِ قَلْعِهِ فِيهِ مَجَّانًا، وَإِلَّا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ قَلْعُهُ، وَيَضْمَنُ نَقْصَهُ، خِلَافًا لِلْحَلْوَانِيِّ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ تَسْوِيَةَ الْحَفْرِ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: إلَّا مَعَ شَرْطِ الْقَلْعِ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ: إلَّا مَعَ إطْلَاقِهِ، وَيَلْزَمُهُ بِشَرْطِهَا، وَمِثْلُهُ غَرْسُ مُشْتَرٍ وَبِنَاؤُهُ لِفَسْخٍ بِعَيْبٍ أَوْ فَلَسٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ: لَا يَأْخُذُهُ وَلَا يَقْلَعُهُ، وَقِيلَ: إنْ أَبَى الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ الْقَلْعَ وَمُشَارَكَتَهُ بِالنَّقْصِ أَوْ أَبَى دَفْعَ قِيمَتِهِ رَجَعَ أَيْضًا، وَالْمَبِيعُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمُسْتَعِيرٍ فَقَطْ "وَش" ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي فِي الشُّرُوطِ فِي الرَّهْنِ، لِتَضَمُّنِهِ إذْنًا، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَلَا أُجْرَةَ.
وَفِي الْمُجَرَّدِ: لَوْ غَارَسَهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ وَالْغَرْسَ بَيْنَهُمَا فَلَهُ أَيْضًا تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْفَاسِدِ وَجْهٌ كَغَصْبٍ، لِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِهِ فِي الضَّمَانِ، وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، ولا يقال لرب الأرض قيمتها فقط
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَالْقَاضِيَ وَابْنَ عَقِيلٍ، فِي آخَرِينَ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ يَعْنِي بِهِ صَاحِبَ الْمُغْنِي1 فِي الصُّلْحِ لَهُ إعَادَتُهُ إلَى الْحَائِطِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ اللَّائِقُ بِالْمَذْهَبِ، لِأَنَّ السَّبَبَ مُسْتَمِرٌّ، فَكَانَ الِاسْتِحْقَاقُ مُسْتَمِرًّا انْتَهَى. وَلَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى كَلَامِ الْحَارِثِيِّ "2أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ2"، فَلِذَلِكَ جَزَمَ بالحكم تبعا لغيره، والله أعلم.
1 7/346.
2-
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
"هـ م"، وَمُسْتَأْجِرٌ كَمُسْتَعِيرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ فِيهِ أَخْذَهُ بِقِيمَتِهِ.
زَادَ فِي التَّلْخِيصِ: كَمَا فِي عَارِيَّةٍ مُؤَقَّتَةٍ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَفَ مَا بَنَاهُ أَوْ لَا، مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا اسْتِئْجَارَ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا، فَإِنْ لم يترك بالأجرة فيتوجه أن لا1 يَبْطُلَ بِالْوُقُوفِ مُطْلَقًا، وَتَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ كَلَامُهُ في الْفُنُونِ. وَهُوَ هُنَا أَوْلَى، وَقَالَ مَعْنَاهُ شَيْخُنَا، فإنه قال فيمن
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ط".
احْتَكَرَ أَرْضًا بَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ بَنَى وَقْفَهُ عَلَيْهِ: مَتَى فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَانْهَدَمَ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْبِنَاءُ زَالَ حُكْمُ الْوَقْفِ وَأَخَذُوا أَرْضَهُمْ فَانْتَفَعُوا بِهَا، وَمَا دَامَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فِيهَا فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، كَوَقْفِ عُلُوِّ رَبْعٍ1 أَوْ دَارٍ مَسْجِدًا، فَإِنَّ وَقْفَ عُلُوِّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ السُّفْلِ، كَذَا وَقْفُ الْبِنَاءِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ الْأَرْضِ، وَإِنْ شَرَطَ فِي إجَارَةٍ "2بَقَاءَ غَرْسٍ فَكَإِطْلَاقِهِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ وَلَوْ اكْتَرَى مُدَّةً لِزَرْعِ مَا يَتِمُّ فِيهَا وَشَرَطَ قَلْعَهُ بَعْدَهَا صَحَّ، وَإِنْ شَرَطَ2" بَقَاءَهُ لِيُتِمَّ أَوْ سَكَتَ فَسَدَ، فَإِنْ زَرَعَ فَأُجْرَةُ مِثْلِهِ، وقيل: يصح إن سكت
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 الربع: الدار حيث كانت، والجمع رباع وربوع وأرباع. والمنزل، والنعش، وجماعة الناس. "القاموس":"ربع".
2-
2 ليست في الأصل.
فَإِذَا تَمَّتْ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَقِيلَ كَفَرَاغِهَا وَفِيهَا زرع بقاؤه بتفريط مكتر فهو كغاصب، ولربه نقله، وذكر القاضي أنه يلزمه، وقيل: كمبقى بلا تفريط تركه1 بالأجرة "م1".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة-1: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اكْتَرَى مُدَّةً لِزَرْعِ مَا يَتِمُّ فِيهَا وَشَرَطَ قَلْعَهُ بَعْدَهَا صَحَّ، وَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَهُ لِيُتِمَّ أَوْ سَكَتَ فَسَدَ، وَإِنْ زَرَعَ فَأُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ سَكَتَ، فَإِذَا تَمَّتْ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَقِيلَ كَفَرَاغِهَا وَفِيهَا زَرْعٌ بقاؤه بتفريط مكتر فهو كغاصب، ولربه نقله، وذكر القاضي أنه يلزمه، وقيل: كمبقى بلا تفريط تركه بالأجرة" انتهى، وهذان القولان على2 الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا سَكَتَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4:
أَحَدُهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ الزَّرْعِ الْمُبْقَى بتفريط المستأجر، قدمه في الرعاية الكبرى فَقَالَ: فَإِذَا فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَهُوَ كَمُفَرِّطٍ، وَقِيلَ: لَا انْتَهَى. قُلْت: وَمَا قَدَّمَهُ هُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ كَالْمُبْقَى بِلَا تَفْرِيطٍ، فَيُتْرَكُ بِالْأُجْرَةِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اكْتَرَى مُدَّةً لِزَرْعِ مَا يَتِمُّ" قَالَ شَيْخُنَا كَذَا فِي النُّسَخِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مَا لَا يَتِمُّ، بِزِيَادَةٍ "لَا" بَعْدَ "مَا" دَلِيلُ قَوْلِهِ وَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَهُ لِيَتِمَّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِزَرْعٍ مُنَوَّنٌ، و "مَا" نَافِيَةٌ، وَقَوْلُهُ "تَرَكَهُ بِالْأُجْرَةِ" هُنَا نَقْصٌ، وَتَقْدِيرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ "يَلْزَمُ تركه""فيلزم" هو النقص.
1 في الأصل و"ط": "يتركه".
2 في "ط": "في".
3 8/65-66.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/520-521.