الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الوقف
مدخل
…
بَابُ الْوَقْفِ
يَصِحُّ بِفِعْلٍ دَالٍّ عَلَيْهِ عُرْفًا، كَمَنْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً وَأَذَّنَ فِيهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ أَذَّنَ فِيهِ وَأَقَامَ وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ وَجَعْفَرٌ وَجَمَاعَةٌ، وَلَوْ نَوَى خِلَافَهُ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَعَنْهُ: بِقَوْلٍ فَقَطْ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ.
وَصَرِيحُهُ: وَقَفْت أَوْ حَبَسْت أَوْ سَبَّلْت.
وَكِنَايَتُهُ: تَصَدَّقْت أَوْ حَرَّمْت أَوْ أَبَّدْت، فَيَصِحُّ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ أَوْ إقْرَانِهِ أَحَدَ أَلْفَاظِهِ الْخَمْسَةِ بِهَا أَوْ حُكْمَهُ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: إذَا جَعَلَ عُلْوَ مَوْضِعٍ أَوْ سُفْلَهُ مَسْجِدًا صَحَّ، وَكَذَا وَسَطُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْتِطْرَاقًا، كَبَيْعِهِ، فَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِلَفْظٍ يُشْعِرُ بِالْمَقْصُودِ، وَهُوَ أَظْهَرُ عَلَى أَصْلِنَا، فَيَصِحُّ: جَعَلْت هَذَا لِلْمَسْجِدِ أَوْ فِيهِ، وَنَحْوُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِ، وَصُحِّحَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ وَقْفُ مَنْ قَالَ قَرْيَتِي الَّتِي بِالثَّغْرِ لِمَوَالِي الَّذِينَ بِهِ وَلِأَوْلَادِهِمْ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا.
وَقَالَ: إذَا قَالَ وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ: جَعَلْنَا هَذَا الْمَكَانَ مَسْجِدًا أَوْ وَقْفًا، صَارَ مَسْجِدًا وَوَقْفًا بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُكْمِلُوا عِمَارَتَهُ، وَإِذَا قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ: جَعَلْت مِلْكِي لِلْمَسْجِدِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، صَارَ بِذَلِكَ حَقًّا لِلْمَسْجِدِ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ شَيْخُنَا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْوَقْفَ زِيَادَةً عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَا يُغَيِّرَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، بَلْ إذَا غَيَّرَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أُلْزِمَ بِإِعَادَتِهِ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 8/193.
إلَى مِثْلِ مَا كَانَ وَبِضَمَانِ مَا فَوَّتَهُ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ، وَعَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ إلْزَامُهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى عُوقِبَ بِحَبْسٍ وَضَرْبٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الْمَدِينَ يُعَاقَبُ بِذَلِكَ، فَكَيْفَ بِمَنْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِ وَاجِبٍ مَعَ تَقَدُّمِ ظُلْمٍ.
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ تَمْلِيكًا لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْحَارِثِيُّ، أَيْ لِلْمُسْلِمِينَ لِنَفْعِهِمْ بِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ، لَا يَمْلِكُ، لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الْإِقْرَارِ لَهُ وَجْهَيْنِ، كَالْحَمْلِ وَقَدْ يُوَافِقُ هَذَا قَوْلَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ: الْمَوْهُوبُ لَهُ كُلُّ آدَمِيٍّ مَوْجُودٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: الْمَوْهُوبُ لَهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ فِي الْجُمْلَةِ.
فَلَا يَصِحُّ لِجِدَارٍ وَلَا بَهِيمَةٍ، وَيَصِحُّ لِعَبْدٍ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُهُ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى حَمْلِ صِحَّةِ الْهِبَةِ وَأَوْلَى، لصحتها لعبد،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُ نَاظِرِهِ "ش" لِتَعَذُّرِ1 الْقَبُولِ كَحَالَةِ الْوَقْفِ، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ أَبَّدْت صَرِيحٌ، وَأَنَّ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً أَوْ مُؤَبَّدَةً أَوْ لَا تُبَاعُ كِنَايَةٌ. وَلَا يَصِحُّ فِي الذِّمَّةِ بَلْ فِي مُعَيَّنٍ جَائِزٍ بَيْعُهُ دَائِمٍ نَفْعُهُ مَعَ بَقَائِهِ كَإِجَارَةٍ، وَلَوْ مَشَاعٌ إذَا قَالَ كَذَا سَهْمًا مِنْ كَذَا سَهْمٍ، قَالَهُ أَحْمَدُ.
ثُمَّ يُتَوَجَّهُ أَنَّ الْمَشَاعَ لَوْ وَقَفَهُ مَسْجِدًا ثَبَتَ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي الْحَالِ، فَيُمْنَعُ مِنْهُ الْجُنُبُ، ثُمَّ الْقِسْمَةُ مُتَعَيِّنَةٌ هُنَا، لِتَعْيِينِهَا طَرِيقًا لِلِانْتِفَاعِ بِالْمَوْقُوفِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. لَا أُمَّ وَلَدٍ وَرَيَاحِينَ وَشَمْعَ، وَاعْتَبَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل: "كتعذر".
الْجَوْزِيُّ بَقَاءً مُتَطَاوِلًا أَدْنَاهُ عُمْرُ الْحَيَوَانِ وَلَا قِنْدِيلَ نَقْدٍ عَلَى مَسْجِدٍ، فَيُزَكِّيهِ رَبُّهُ وَقِيلَ: يَصِحُّ فِيهِ فَيُكْسَرُ وَيُصْرَفُ لِمَصْلَحَتِهِ، وَعَنْهُ: وَلَا حُلِيٍّ لِتَحَلٍّ، وَعَنْهُ: وَلَا مَنْقُولَ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يَجُوزُ وَقْفُ سِلَاحٍ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَفِي نَقْدٍ لِتَحَلٍّ وَوَزْنٍ فَقَطْ وَجْهَانِ "م1" وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا يَصِحُّ، وَإِنْ أَطْلَقَ بَطَلَ، وَقِيلَ: يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا إجَارَتُهُ1 "م2".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ-1: قَوْلُهُ: "وَفِي نَقْدٍ لِتَحِلَّ وَوَزْنٍ فَقَطْ وَجْهَانِ" انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا:"وَنَقْلَ الْجَمَاعَةُ لَا يَصِحُّ""2وهو الصحيح" وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، قَالَ الْحَارِثِيُّ: عَدَمُ الصِّحَّةِ أَصَحُّ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ، قِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: إنْ وَقَفَهَا لِلزِّنَةِ فَقِيَاسُ قَوْلِنَا فِي الْإِجَارَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ.
مَسْأَلَةُ-2: قَوْلُهُ: "وَكَذَا إجَارَتُهُ، يَعْنِي أَنَّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ الْمُطْلَقَيْنِ إنْ أَجَرَهَا لِلتَّحَلّ أَوْ الْوَزْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي5 وَالْمُقْنِعِ6 والتلخيص والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَتَجُوزُ إجَارَةُ النَّقْدِ لِلْوَزْنِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ: وَتَجُوزُ إجَارَةُ نَقْدٍ لِلْوَزْنِ، وَاقْتَصَرُوا عليه، فظاهر كلامهم أنه لا
1 في "ر": "تجارته".
2 ليست في "ط".
3 8/230.
4 16/373-384.
5 8/126.
6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 14/322.
وعند القاضي إن أطلق فقرض. نقل جَمَاعَةٌ فِيمَنْ وَقَفَ الدَّارَ وَلَمْ يَحُدَّهَا قَالَ: وإن لم يحدها إذا كانت معروفة. وَفِي الْوَسِيلَةِ: يَصِحُّ وَقْفُ الْمُصْحَفِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً: وَفِي الْجَامِعِ وَقْفُ الْمَاءِ قَالَ الْفَضْلُ: سَأَلْته عَنْ وَقْفِ الْمَاءِ فَقَالَ: إنْ كَانَ شَيْئًا اسْتَجَازُوهُ بَيْنَهُمْ جَازَ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى وَقْفِ مَكَانِهِ. وَلَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى مُعَيَّنٍ يملك، لا على حربي
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
يَجُوزُ لِلتَّحَلِّي، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَرَجَ كَلَامُهُمْ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّقْدِ عَدَمُ التَّحَلِّي بِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَمَا تَرَى، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ "وَكَذَا إجَارَتُهُ" لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ، بَلْ عَلَى أَنَّ فِيهِ خِلَافًا فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لَمُصْطَلَحِهِ في مسائل كثيرة.
وَمُرْتَدٍّ، وَحُمِلَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ إذَنْ، وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَفِيهِمَا نِزَاعٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عقيل والحارثي لحمل1 "وم" كَوَصِيَّةٍ لَهُ "و" وَعَبْدٍ وَقِيلَ: يَصِحُّ لَهُ، وفي مكاتب وجهان "م 3".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مسألة-3: قوله: "وفي مكاتب وجهان" انتهى. يعني هَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَمْ لَا، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي2 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رزين وغيرهم.
1 في الأصل: "كحمل".
2 8/236.
وَفِي وَقْفِ أَحَدِ هَذَيْنِ، وَعَلَيْهِ وَجْهٌ، وَمَسْجِدٍ، لجهالته، ومعدوم أصلا، كـ: وقفته1 عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي أَوْ لِفُلَانٍ، وَصَحَّحَهُ فيه في المغني2 "وم" لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْحَارِثِيُّ أَنْ يَمْلِكَ، لِحُصُولِ مَعْنَاهُ فَيَصِحُّ لِعَبْدٍ وَبَهِيمَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا، وَلَا عَلَى نَفْسِهِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ. ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي موسى وابن عقيل وأبو المعالي وشيخنا،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
والوجه الثاني: يصح، اختاره الحارثي.
تنبيهان:
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ3: "وَلَا" يَصِحُّ الْوَقْفُ "عَلَى نَفْسِهِ وَعَنْهُ: يَصِحُّ، ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْمَعَالِي وَشَيْخُنَا" انْتَهَى.
فَقَوْلُهُ: "اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَابْنُ عَقِيلٍ" تَابِعٌ فِيهِ لِلشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّارِحِ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا مَاتَ كَانَ عَلَى الْمَسَاكِينِ كَانَ بَاطِلًا وَلَمْ يَكُنْ وَقْفًا صَحِيحًا وَكَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ فَإِذَا تُوُفِّيَ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ" انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ الْمُصَحَّحُ فِي الْفُصُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيمَا إذَا قَالَ وَقَفْت هَذِهِ الدَّارَ عَلَى نَفْسِي ثُمَّ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ وَفَرَّعَ عَلَيْهَا ثُمَّ ذَكَرَ فَصْلًا فِيهِ بَعْضُ فُرُوعٍ مِنْ المسألة ثم قال: وقد
1 في الأصل: "كوقفيته"، و"ط":"كوقفه".
2 8/201-202.
3 في الصفحة 333.
4 8/194.
كَشَرْطِ غَلَّتِهِ لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَمَتَى حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ ظَاهِرًا، وَأَنَّ فِيهِ فِي الْبَاطِنِ الْخِلَافَ.
وَفِي "فَتَاوَى أَبِي عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ" فِيمَا إذَا حَكَمَ بِهِ حَنَفِيٌّ وَأَنْفَذَهُ شَافِعِيٌّ لِلْوَاقِفِ نَقْضُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الصَّحِيحَ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَّا جَازَ لَهُ نَقْضُهُ فِي الْبَاطِنِ فَقَطْ، بِخِلَافِ صَلَاتِهِ بِالْمَسْجِدِ وَحْدَهُ حَيَاتَهُ لِعَدَمِ الْقُرْبَةِ وَالْفَائِدَةِ فِيهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وغيره.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
رُوِيَ عَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ بَاطِلٌ لَا أَعْرِفُهُ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا عَلَيْهِ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ1 بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ بَيْعٍ، وَغَيْرِهِ وَإِذَا مَاتَ انْتَقَلَ إلَى وَرَثَتِهِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ1 أَصَحُّ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِعِلَلٍ جَيِّدَةٍ، فَهَذَا لَفْظُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّذْكِرَةِ، فَفِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُمَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُهُ فِي الْفُصُولِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ مُوهِمٌ، لِكَوْنِهِ ذكر كل رواية في فصل، وذكر"2رواية الصحة في الفصل الأول؛ فالظاهر أنه نظر في الأول ولم ينظر2" فِي الثَّانِي: وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ وُجِدَ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ.
الثَّانِي 3: قَوْلُهُ: "وَيَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: مِلْكٌ لِلَّهِ، فَيَنْظُرُ فِيهِ، وَيُزَوِّجُهُ حَاكِمٌ وَقِيلَ لَا يُزَوِّجُهَا وَيُلْزِمُهُ بِطَلَبِهِمَا مَصْرُوفَةً فِي مِثْلِهَا" انْتَهَى.
هُنَا سَقَطَ بَيْنَ قَوْلِهِ: "بِطَلَبِهَا" وَقَوْلِهِ: "مَصْرُوفَةً"، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ وَوَلَدُهُ حُرٌّ إنْ أَوْلَدَهَا وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَقِيمَتُهَا فِي تَرِكَتِهِ مَصْرُوفَةٌ فِي مِثْلِهِ انْتَهَى.
فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ بِمِقْدَارِ هَذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَهُ في ذلك، والله أعلم.
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2-
2 ليست في "ط".
3 سيأتي ص 343.
وَلَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى بِرٍّ، كَقَرَائِبَ مِنْ مسلم أو ذمي، نص عليه، وَكَمَسَاجِدَ وَنَحْوِهَا، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ: وَإِنَّمَا صَحَّ وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا لِأَنَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُ يَعُودُ نَفْعُهُ إلَيْهِمْ، وَالْحَجُّ وَالْغَزْوُ، وَقِيلَ: وَمُبَاحٌ، وَقِيلَ: وَمَكْرُوهٌ، لَا كِتَابَةَ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ، وَلَا كَنِيسَةَ وَبَيْعَةَ، نَصَّ عَلَيْهِ.
وَفِيهِمَا فِي الْمُوجَزِ رِوَايَةٌ، كَمَارٍّ بِهِمَا. وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَالرِّعَايَةِ، وَمَارٍّ بِهَا مِنْهُمْ، وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي1 فِي بِنَاءِ بَيْتٍ يَسْكُنُهُ الْمُجْتَازُ مِنْهُمْ، وَفِيهِ وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِمْ: يَصِحُّ عَلَى أَهْلِ الذمة، كالمسلمين.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 8/236.
وَصَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي الْوَاضِحِ "1مِنْ ذِمِّيٍّ1" عَلَيْهِمْ وَعَلَى بَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ، وَوَصِيَّةٍ كَوَقْفٍ لِلْكُلِّ، وَقِيلَ: مِنْ كَافِرٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ عَلَى ذِمِّيَّةٍ لَزِمَهُ، وَذَكَرَ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ: يَصِحُّ لِلْكُلِّ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ رِوَايَةٍ، وَذَكَرَ الْقَاضِي صِحَّتُهَا بِحُصْرٍ وَقَنَادِيلَ.
وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْوَصِيَّةِ الْقُرْبَةِ، خِلَافًا لِشَيْخِنَا، فَلِهَذَا قَالَ: لَوْ جَعَلَ الْكُفْرَ أَوْ الْجَهْلَ شَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يَصِحُّ، فَلَوْ وَصَّى لِأَجْهَلِ النَّاسِ لَمْ يَصِحَّ، وَقَالَ: لَوْ حَبَسَ الذِّمِّيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ شَيْئًا عَلَى مَعَابِدِهِمْ لَمْ يَجُزْ لِلْمُسْلِمِينَ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْحُكْمُ إلَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، قَالَ: وَمِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعَاوِنُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، فَكَيْفَ يُعَاوَنُونَ بِالْحَبْسِ عَلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَكْفُرُونَ فِيهَا؟.
وَعَلَّلَ فِي الْمُغْنِي2 الْوَصِيَّةَ لِمَسْجِدٍ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ صِحَّتُهَا لِعِمَارَةِ قُبُورِ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ أَوْصَى لِمَا لَا مَعْرُوفَ فِيهِ وَلَا بِرَّ كَكَنِيسَةٍ أَوْ كَتْبِ التَّوْرَاةِ لَمْ يَصِحَّ، وَأَبْطَلَ ابْنُ عَقِيلٍ وَقْفَ سُتُورٍ لِغَيْرِ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ليست في "ر".
2 8/236.
الْكَعْبَةِ، لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، فَيُصْرَفُ لِمَصْلَحَتِهِ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لَا يَنْعَقِدُ، وَأَفْتَى أَبُو الْخَطَّابِ بِصِحَّتِهِ وَيُنْفَقُ ثَمَنُهَا عَلَى عِمَارَتِهِ وَلَا يُسْتَرُ، لِأَنَّ الْكَعْبَةَ خُصَّتْ بِذَلِكَ كَالطَّوَافِ1.
وَشَرْطُ اسْتِحْقَاقِهِ مَا دَامَ ذِمِّيًّا لَاغٍ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُنُونِ، لِأَنَّهُ إذَا وَقَفَهُ عَلَى الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِهِ دُونَ الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ لَهُمْ حَالَ الْكُفْرِ، وَأَيُّ فَرْقٍ؟ وَيَصِحُّ عَلَى الصُّوفِيَّةِ، قَالَ شَيْخُنَا: فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ جَمَّاعًا لِلْمَالِ وَلَمْ يَتَخَلَّقْ بِالْأَخْلَاقِ الْمَحْمُودَةِ وَلَا تَأَدَّبَ بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ غَالِبًا أَوْ فَاسِقًا لَمْ يَسْتَحِقَّ، لَا آدَابَ وَضْعِيَّةٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ مُجَرَّدُ السُّكْنَى، وَلَمْ يَعْتَبِرُ الْحَارِثِيُّ الْفَقْرَ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: لَا يَصِحُّ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا رَأَيْت صُوفِيًّا عَاقِلًا إلَّا سَلْمًا الْخَوَّاصَ، وَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَصَوَّفَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ لَمْ يَأْتِ الظُّهْرُ إلَّا وَجَدْته أَحْمَقَ.
وَلَا يَصِحُّ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَكَذَا مُؤَقَّتًا، فَإِنْ صَحَّ فَبَعْدَهُ كَمُنْقَطِعٍ، وَقِيلَ: يلغو توقيته.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر" و"ط": "الطواف".
وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِمَوْتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ، وَقِيلَ: لَا، وَإِنْ شَرَطَ فَاسِدًا كَخِيَارٍ فِيهِ وَتَحْوِيلِهِ وَتَغْيِيرِ شَرْطٍ لَمْ يَصِحَّ، وَخَرَجَ مِنْ الْبَيْعِ صِحَّتُهُ، وَيَلْزَمُ بِإِيجَابِهِ، وَعَنْهُ: بِإِخْرَاجِهِ عَنْ يَدِهِ، اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ1، فَلَوْ شَرَطَ نَظَرَهُ لَهُ سَلَّمَهُ ليد غيره ثم ارتجعه.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 ص 238-239.
وَرَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: وَلَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ يَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ يَدِهِ أَنَّهُ يَقَعُ بَاطِلًا وَقِيلَ: إذَا كَانَ عَلَى آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ اشْتَرَطَ قَبُولَهُ، كَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ.
قَالَ شَيْخُنَا: فَأَخْذُ رَيْعِهِ قَبُولٌ، وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ فِي غَيْرِ1 الْمُعَيَّنِ احْتِمَالًا: يَقْبَلُهُ نَائِبُ إمَامٍ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ ثُمَّ عَلَى2 الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ أَوْ رَدَّ فَنَصِيبُهُ لِلْبَاقِي، فَإِنْ مَاتُوا أَوْ رَدُّوا فَلِلْفُقَرَاءِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا رَدَّ ثُمَّ قَبِلَ هَلْ يَعُودُ؟ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَقِيلَ: كَمُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَهُوَ أَصَحُّ، كَتَعَذُّرِ اسْتِحْقَاقِهِ لِفَوْتِ وَصْفٍ فيه.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في الأصل: "عين".
2 ليست في الأصل.
فصل: إذَا وَقَفَ عَلَى جِهَةٍ مُنْقَطِعَةٍ وَلَمْ يَزِدْ 1 صح،
ويصرف بعدها إلى ورثته
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر": "يرد".
نَسَبًا بِقَدْرِ إرْثِهِمْ مِنْهُ، وَعَنْهُ: إلَى عَصَبَتِهِ، وَعَلَيْهِمَا يَكُونُ وَقْفًا، وَعَنْهُ: مِلْكًا، وَقِيلَ: عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَعَنْهُ: يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ، وَعَنْهُ: لِلْفُقَرَاءِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَلَيْهِمَا وَقْفٌ، وَعَنْهُ: يَرْجِعُ إلَى مِلْكِ وَاقِفِهِ الْحَيِّ، وَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّهُ قَبْلَ وَرَثَتِهِ لِوَرَثَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إنْ وَقَفَ عَلَى عَبِيدِهِ لَمْ يَسْتَقِمْ، قُلْت: فَيُعْتِقُهُمْ قَالَ: جَائِزٌ فَإِنْ مَاتُوا وَلَهُمْ أَوْلَادٌ فَلَهُمْ وَإِلَّا فَلِلْعَصَبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيعَ وَفُرِّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَكَذَا إنْ وَقَفَهُ وَلَمْ يَزِدْ1.
وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: فِي وُجُوهِ الْبِرِّ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: فِيهَا، وَفِي: تَصَدَّقْت بِهِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَفِي الرَّوْضَةِ: وَإِنْ قَالَ: وَقَفْته، وَلَمْ يَزِدْ، صَحَّ، فِي الصَّحِيحِ عِنْدَنَا، وَإِنْ وَقَفَ على جهة باطلة ثم صحيحة،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر": "يرد".
صُرِفَ إلَيْهَا، وَقِيلَ: مَعَ بَقَاءِ الْبَاطِلَةِ، وَمَعْرِفَةُ انْقِرَاضِهَا مَصْرِفُ الْمُنْقَطِعِ، وَخُرِّجَ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بُطْلَانُ مُنْقَطِعِ وَسَطِهِ أَوْ أَحَدِ طَرَفَيْهِ أَوْ هما.
وَيَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، فَيَنْظُرُ فِيهِ هُوَ أَوْ وَلِيُّهُ، وَقِيلَ: يُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ أَمِينٌ، وَيُزَوِّجُهُ إنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِغَيْرِهِ1 وَلَا يَتَزَوَّجُهُ، وَيَفْدِيهِ، وَعَنْهُ: هُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَيَنْظُرُ فِيهِ وَيُزَوِّجُهُ حَاكِمٌ وَيَتَزَوَّجُهُ، وَجِنَايَتُهُ فِي كَسْبِهِ وَقِيلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ.
وَقِيلَ: لَا يُزَوِّجُهَا، وَيَلْزَمُهُ بِطَلَبِهَا مَصْرُوفَةٌ فِي مِثْلِهَا وَقِيلَ: مَصْرُوفَةٌ لِلْبَطْنِ الثَّانِي إنْ تَلَقَّى الْوَقْفَ مِنْ وَاقِفِهِ، فَدَلَّ عَلَى خِلَافٍ. وَفِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي2 وَغَيْرِهَا أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ يَتَلَقَّوْنَهُ مِنْ وَاقِفِهِ3 لَا مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، فَلَهُمْ الْيَمِينُ مَعَ شَاهِدِهِمْ، لِثُبُوتِ الْوَقْفِ مَعَ امْتِنَاعِ بَعْضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مِنْهَا، وَإِنْ سَرَقَهُ أَوْ نَمَّاهُ فَإِنْ مَلَكَهُ الْمُعَيَّنُ قُطِعَ، وَإِلَّا فلا، في الأصح فيهما، لا بوقفه4 على غير معين.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر": "كغيره".
2 8/197.
3 في الأصل: "الواقف".
4 في "ر" و"ط": "بوقف".
وَالْأَصَحُّ يُخْرِجُ الْمُعَيَّنُ فِطْرَتَهُ عَلَى الْأَوْلَى، كَعَبْدٍ اشْتَرَى مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِخِدْمَةِ الْوَقْفِ، لِتَمَامِ التَّصَرُّفِ فِيهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَيَبْطُلُ بِقَتْلِهِ قَوَدًا لَا بِقَطْعِهِ، وَإِنْ قُتِلَ فَالظَّاهِرُ لَا قَوَدَ، كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ، وَلَا يَعْفُو عَنْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَلِلْعَبْدِ الْقَوَدُ، وَإِنْ عَفَا فَأَرْشُهُ فِي مِثْلِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ: كَنَفْعِهِ، كَجِنَايَةٍ بِلَا تَلَفِ طَرَفٍ، وَيُعَايَا بِهَا بِمَمْلُوكِ لَا مَالِكَ لَهُ، وَهُوَ عَبْدٌ وُقِفَ عَلَى خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَنْثُورِ، وَعَنْهُ: لَا يَزُول مِلْكُ وَاقِفِهِ، فَتَلْزَمُهُ الْخُصُومَةُ فِيهِ وَمُرَاعَاتُهُ، وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ مَوْقُوفٍ، وَيُتَوَجَّهُ عِتْقُ مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، عَلَى رِوَايَةٍ يَمْلِكُهُ وَاقِفُهُ وَيَنْظُرُ حَاكِمٌ فِيمَا لَا يَنْحَصِرُ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، إنْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ فَقَامَ بِأَمْرِهَا وَتَصَدَّقَ بِغَلَّتِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ؟ فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَمَنْ شَرَطَ نَظَرَهُ لَهُ لَمْ يَعْزِلْهُ بِلَا شَرْطٍ وَإِنْ شَرَطَهُ1 لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِغَيْرِهِ أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ أَوْ أَسْنَدَهُ فوجهان "م 4".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ-4: قَوْلُهُ: "وَمَنْ شَرَطَ نَظَرَهُ لَهُ لَمْ يَعْزِلْهُ بِلَا شَرْطٍ، وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِغَيْرِهِ2 أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ أَوْ أَسْنَدَهُ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ لَهُ عَزْلُهُ أَمْ لَا؟:
1 في الأصل: "شرط".
2 في الأصل: "أو غيره".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
أَحَدُهُمَا: لَهُ عَزْلُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ: فَإِنْ قَالَ وَقَفْت كَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ زَيْدٌ، أَوْ عَلَى أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ أَوْ قَالَ عَقِبَهُ وَجَعَلْته نَاظِرًا فِيهِ أَوْ جَعَلَ النَّظَرَ لَهُ، صَحَّ، وَلَمْ يَمْلِكْ عَزْلَهُ، وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ لِزَيْدٍ فَقَالَ: جَعَلْت نَظَرِي لَهُ أَوْ فَوَّضْت إلَيْهِ مَا أَمْلِكُهُ مِنْ النَّظَرِ أَوْ أَسْنَدْته إلَيْهِ، فَلَهُ عَزْلُهُ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ انْتَهَى.
وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ، كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ أَوْ رِبَاطٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ، وَجْهًا وَاحِدًا. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ لِلْوَاقِفِ، وَبِهِ قَالَ هِلَالُ الرَّأْيِ1 مِنْ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَقْوَى، فَعَلَيْهِ لَهُ نَصْبُ نَاظِرٍ مِنْ جِهَتِهِ وَيَكُونُ نَائِبًا عَنْهُ يَمْلِكُ عَزْلَهُ مَتَى شَاءَ، لِأَصَالَةِ وِلَايَتِهِ، فَكَانَ مَنْصُوبُهُ نَائِبًا عَنْهُ، كَمَا فِي الْمِلْكِ المطلق، وله2 الْوَصِيَّةُ بِالنَّظَرِ، لِأَصَالَةِ الْوِلَايَةِ إذَا قِيلَ بِنَظَرِهِ لَهُ أَنْ يَنْصِبَ وَيَعْزِلَ أَيْضًا كَذَلِكَ انْتَهَى.
1 هو هلال بن يحيى بن مسلم، الرأي، البصري، وإنما لقب بالرأي لسعة علمه، وكثرة فقهه، أخذ العلم عن أبي يوسف، وزفر. من مصنفاته:"أحكام الوقف"، و"مصنف في الشروط". "ت245". "الجواهر المضيئة" 3/572.
2 في "ط": "لو".
وَلِلنَّاظِرِ بِالْأَصَالَةِ النَّصَبُ وَالْعَزْلُ، وَكَذَا لِلنَّاظِرِ بِالشَّرْطِ إن جاز للوكيل
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ ذَكَرَ إذَا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ أَوْ أَسْنَدَهُ. وَالْحَارِثِيُّ ذَكَرَ إذَا كَانَ النَّظَرُ لِلْوَاقِفِ فَلَهُ نَصْبُ غَيْرِهِ وَعَزْلُهُ وَقَطَعَ بِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الرِّعَايَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "أَوْ غَيْرِهِ"1 لَمْ يَظْهَرْ مَعْنَاهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا، وَتَقْدِيرُهُ وَإِنَّ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ مَثَلًا لِزَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالنَّقْصُ هُوَ" ثُمَّ جَعَلَهُ لِفُلَانٍ" وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا إنْ جَعَلْنَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقُلْنَا هُوَ مَعْطُوفٌ على قَوْلِهِ: "لِنَفْسِهِ"، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: وَإِنْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ فَهَلْ لَهُ عَزْلُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ:" وَمَنْ شَرَطَ نَظَرَهُ لَهُ لَمْ يَعْزِلْهُ" وَلَا يَتَأَتَّى عَوْدُهُ إلَى النَّاظِرِ بِالشَّرْطِ إذَا كَانَ غَيْرَ الْوَاقِفِ، لِأَنَّهُ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 تقدم في 344، لكن جاءت في متن "الفروع" بلفظ:"ثم لغيره".
التَّوْكِيلُ وَلَا يُوصِي بِهِ، وَمَنْ شَرَطَهُ لَهُ إنْ مَاتَ فَعَزَلَ نَفْسَهُ أَوْ فَسَقَ فَكَمَوْتِهِ، لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ لِلْغَالِبِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَوَجَّهُ. لَا، وَلَوْ قَالَ: النَّظَرُ1 بَعْدَهُ لَهُ2، فَهَلْ هُوَ كذلك أو المراد بعد نظره؟ يتوجه وجهان "م 5".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ-5: قَوْلُهُ: "وَمَنْ3 شَرَطَهُ لَهُ إنْ مَاتَ فَعَزَلَ نَفْسَهُ أَوْ فَسَقَ فَكَمَوْتِهِ، لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ لِلْغَالِبِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَوَجَّهُ: لَا، وَلَوْ قَالَ: النَّظَرُ بَعْدَهُ لَهُ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ بَعْدَ نَظَرِهِ؟ يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ" انْتَهَى.
قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، فَإِنَّ قَوْلَهُ:"النَّظَرُ بَعْدَهُ لَهُ" كَقَوْلِهِ: "النَّظَرُ بَعْدَ مَوْتِهِ4 لَهُ" والله أعلم.
1 في الأصل: "الناظر".
2 ليست في "ط".
3 في "ط": "مع".
4 في "ط": "موت".
وَلِلنَّاظِرِ التَّقْرِيرُ فِي الْوَظَائِفِ، ذَكَرُوهُ فِي نَاظِرِ الْمَسْجِدِ، وَذَكَرَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَنَّهُ يُقَرِّرُ فِي الْجَوَامِعِ الْكِبَارِ الْإِمَامُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الِاسْتِحْقَاقُ على نصبه1 إلَّا بِشَرْطٍ، وَلَا نَظَرَ لِغَيْرِهِ مَعَهُ، أَطْلَقَهُ الأصحاب،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط": "نصه".
وَقَالَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَوَجَّهُ مَعَ حُضُورِهِ1، فَيُقَرِّرُ حَاكِمٌ فِي وَظِيفَةٍ خَلَتْ2 فِي غَيْبَتِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِيَامِ بِلَفْظِ الْوَاقِفِ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَدَوَامِ نَفْعِهِ.
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، وَلَا حُجَّةَ فِي تَوْلِيَةِ الْأَئِمَّةِ مَعَ الْعَبْدِ، لِمَنْعِهِمْ غَيْرَهُمْ التَّوْلِيَةَ، فَنَظِيرُهُ مَنْعُ الْوَاقِفِ التَّوْلِيَةَ لِغَيْبَةِ النَّاظِرِ، وَلَوْ سَبَقَ تَوْلِيَةُ نَاظِرٍ غَائِبٍ قُدِّمَتْ، وَلِلْحَاكِمِ النَّظَرُ العام، فيعترض عليه إنْ فَعَلَ مَا لَا يُسَوِّغُ، وَلَهُ ضَمُّ أَمِينٍ مَعَ تَفْرِيطِهِ أَوْ تُهْمَتِهِ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ، وَمَنْ ثَبَتَ فِسْقُهُ أَوْ أَصَرَّ3 مُتَصَرِّفًا بِخِلَافِ الشَّرْطِ الصَّحِيحِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ قَدَحَ فِيهِ، فَإِمَّا أَنْ يَنْعَزِلَ أَوْ يُعْزَلَ أَوْ يُضَمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ، عَلَى الْخِلَافِ المشهور "م 6".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ-6: قَوْلُهُ: "وَلَهُ ضَمُّ أَمِينٍ مَعَ تَفْرِيطِهِ أَوْ تُهْمَتِهِ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ، وَمَنْ ثَبَتَ فِسْقُهُ أَوْ أَصَرَّ مُتَصَرِّفًا بِخِلَافِ الشَّرْطِ الصَّحِيحِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ قَدَحَ فِيهِ، فَإِمَّا أَنْ يَنْعَزِلَ أَوْ يُعْزَلَ4 أَوْ يُضَمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ، عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ" انْتَهَى.
اعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي النَّاظِرِ الْإِسْلَامُ، وَالتَّكْلِيفُ، وَالْكِفَايَةُ في التصرف، والخبرة
1 في الأصل: "خصومة".
2 في الأصل: "حلت".
3 في "ر": "أضر".
4 في النسخ الخطية: "عزل"، والمثبت من "ط".
ثُمَّ إنْ صَارَ هُوَ أَوْ الْوَصِيُّ أَهْلًا عاد كما لو صرح به، وَكَالْمَوْصُوفِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: وَمَتَى فَرَّطَ سَقَطَ مِمَّا لَهُ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ مِنْ الْوَاجِبِ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي الْعَامِلِ يَسْتَحِقُّ مَالَهُ إن كان معلوما، فإن قصر فترك
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
بِهِ، وَالْقُوَّةُ عَلَيْهِ، وَيُضَمُّ إلَى الضَّعِيفِ قَوِيٌّ أَمِينٌ، ثُمَّ إنْ كَانَ النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَكَانَتْ تَوْلِيَتُهُ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ النَّاظِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْعَدَالَةِ فِيهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْته، وَإِنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ مِنْ الْوَاقِفِ وَهُوَ فَاسِقٌ أَوْ كَانَ عَدْلًا فَفَسَقَ فَقَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: يَصِحُّ، وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ وَيَنْعَزِلُ إذَا فَسَقَ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمِنْ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ بِمَا ذَكَرْنَا فِي الْفِسْقِ الطَّارِئِ دُونَ الْمُقَارِنِ1 لِلْوِلَايَةِ، وَالْعَكْسُ أَنْسَبُ، فَإِنَّ فِي حَالِ الْمُقَارَنَةِ مُسَامَحَةٌ لِمَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ بِخِلَافِ حَالَةِ الطَّرَيَانِ انْتَهَى.
وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إمَّا يَجْعَلُ الْوَاقِفُ النظر له أو لكونه أحق بذلك "2عند عدم ناظر، فهو بِذَلِكَ؛2" رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا، لِأَنَّهُ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَقِيلَ: يُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ أَمِينٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: أَمَّا الْعَدَالَةُ فَلَا تُشْتَرَطُ، وَلَكِنْ يُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ عَدْلٌ، ذَكَرَهُ ابن أبي موسى والسامري، وغيرهما5، لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ بِالشَّرْطِ وَحِفْظِ الْوَقْفِ انْتَهَى.
قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا أَوْصَى إلَى شَخْصٍ وَطَرَأَ عَلَيْهِ الْفِسْقُ هَلْ يُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ أَوْ يَنْعَزِلُ؟ قولين، قدم المصنف فيه الضم، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مَا إذَا شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ بَعْدَ فُلَانٍ فَفَسَقَ فلان أنه كموته، فدل أنه ينعزل.
1 في "ط": "المقارنة".
2-
2 ليست في "ط".
3 8/237.
4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 16/458-459.
5 في "ط": "غيرهم".
بَعْضَ الْعَمَلِ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا قَابَلَهُ، وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةٍ مِنْهُ اسْتَحَقَّهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ لِزِيَادَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَأُجْرَةُ مِثْلِهِ.
فَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا فِي الدِّيوَانِ وَعَمِلَ بِهِ جَمَاعَةٌ فَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِأَخْذِ الْجَارِي عَلَى عَمَلِهِ فَلَهُ جَارِي مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَهُ الْأُجْرَةُ مِنْ وَقْتِ نَظَرِهِ فِيهِ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا.
قَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ أَطْلَقَ النَّظَرَ لِحَاكِمٍ شَمِلَ أَيَّ حَاكِمٍ كَانَ، سَوَاءٌ كان
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَذْهَبُهُ مَذْهَبَ حَاكِمِ الْبَلَدِ زَمَنَ الْوَاقِفِ أَوْ لَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظَرٌ إذَا انْفَرَدَ، وَهُوَ بَاطِلٌ، اتِّفَاقًا، وَلَوْ فَوَّضَهُ حَاكِمٌ لَمْ يَجُزْ لِآخَرَ نَقْضُهُ، وَلَوْ وَلَّى كُلٌّ مِنْهُمَا شَخْصًا قَدَّمَ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَحَقَّهُمَا، وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يَجُوزُ لِوَاقِفٍ شَرْطُ النَّظَرِ لِذِي مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ دَائِمًا، وَمَنْ وَقَفَ عَلَى مُدَرِّسٍ وَفُقَهَاءَ فَلِلنَّاظِرِ ثُمَّ لِلْحَاكِمِ تَقْدِيرُ أَعْطِيَتِهِمْ، فَلَوْ زَادَ النَّمَاءُ فَهُوَ لَهُمْ، وَالْحُكْمُ بِتَقْدِيمِ مُدَرِّسٍ أَوْ غَيْرِهِ بَاطِلٌ، لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا يَعْتَدُّ بِهِ قَالَ بِهِ وَلَا بِمَا يُشْبِهُهُ، وَلَوْ نفذه حاكم1 لأنه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ط"، "ب"، "ر":"حكام".
إنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفُذَ حُكْمُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِحُكْمِهِ مَسَاغٌ، وَالضَّرُورَةُ وَإِنْ أَلْجَأَتْ إلَى تَنْفِيذِ حُكْمِ الْمُقَلِّدِ فَإِنَّمَا هُوَ إذَا وَقَفَ عَلَى حَدِّ التَّقْلِيدِ، وَلَمْ يَتَجَاسَرْ عَلَى قَضِيَّةٍ لَوْ نَزَلَتْ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه لَجَمَعَ لَهَا أَهْلَ الشُّورَى، وَبُطْلَانُهُ لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى الشَّرْطِ وَلِلْعُرْفِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْحُكْمِ، لِأَنَّ النَّمَاءَ لَمْ يُخْلَقْ، وَلَيْسَ هَذَا كَحُكْمِهِ أَنَّ مُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ كَذَا حَيْثُ يَنْفُذُ فِي حَاضِرٍ وَمُسْتَقْبَلٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ نَظَرٌ فِي مُوجِبِ عَقْدِ الْوَقْفِ، وَلَيْسَ التَّقْدِيرُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْمُطْلَقِ، وَلَيْسَ تَقْدِيرُ النَّاظِرِ أَمْرًا حَتْمًا كَتَقْدِيرِ الْحَاكِمِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ زِيَادَتُهُ وَنَقْصُهُ لِلْمَصْلَحَةِ.
وَإِنْ قِيلَ إنَّ الْمُدَرِّسَ لَا يَزْدَادُ وَلَا يَنْقُصُ بِزِيَادَةِ النَّمَاءِ وَنَقْصِهِ كَانَ بَاطِلًا، لِأَنَّهُ لَهُمْ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ وَلَوْ تَفَاوَتُوا فِي الْمَنْفَعَةِ، كَالْإِمَامِ وَالْجَيْشِ فِي الْمَغْنَمِ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ يُسَوِّي فِي قَسْمِ الْفَيْءِ، لَكِنْ دَلَّ الْعُرْفُ عَلَى التَّفْضِيلِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْقَيِّمُ وَنَحْوُهُ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةٌ، وَلِهَذَا يَحْرُمُ أَخْذُهُ فَوْقَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ بِلَا شَرْطٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ شَيْخُنَا، وَجَعَلَ الْإِمَامَ وَالْمُؤَذِّنَ كَالْقَيِّمِ، بِخِلَافِ الْمُدَرِّسِ وَالْمُعِيدِ وَالْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي مُدَرِّسٍ وَفُقَهَاءَ وَمُتَفَقِّهَةٍ وَإِمَامٍ وَقَيِّمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَيُتَوَجَّهُ رِوَايَتَا عَامِلِ زَكَاةٍ الثَّمَنُ أَوْ الْأُجْرَةُ، قَالَ: وَلَوْ عَطَّلَ مُغِلٌّ وَقْفَ مَسْجِدٍ سَنَةً تَقَسَّطَتْ الْأُجْرَةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ عَلَيْهَا وَعَلَى السَّنَةِ الْأُخْرَى لِتَقُومَ الْوَظِيفَةُ فِيهِمَا، فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ التَّعْطِيلِ، وَلَا يُنْقِصُ الْإِمَامُ بِسَبَبِ تَعَطُّلِ الزَّرْعِ بَعْضَ الْعَامِ.
فَقَدْ أَدْخَلَ مُغِلَّ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ، وَأَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَّا فِي زَمَنِنَا فِيمَا نَقَصَ عَمَّا
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَدَّرَهُ الْوَاقِفُ كُلَّ شَهْرٍ أَنَّهُ يُتَمِّمُ مِمَّا بَعْدُ، وَحَكَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْدَ سِنِينَ، وَرَأَيْت غَيْرَ وَاحِدٍ لَا يَرَاهُ، وَقَالَ: وَمَنْ لَمْ يَقُمْ بِوَظِيفَتِهِ غَيَّرَهُ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ لِمَنْ يَقُومُ بِهَا إذَا لَمْ يَتُبْ الْأَوَّلُ وَيَلْتَزِمْ بِالْوَاجِبِ.
وَيَجِبُ أَنْ يُوَلَّى فِي الْوَظَائِفِ وَإِمَامَةِ الْمَسَاجِدِ الْأَحَقُّ شَرْعًا، وَأَنْ يَعْمَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلٍ وَاجِبٍ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وِلَايَةُ الْإِمَامَةِ طَرِيقُهَا الْأَوْلَى لَا الْوَاجِبُ1، بِخِلَافِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَالنِّقَابَةِ، لِأَنَّهُ لَوْ تَرَاضَى النَّاسُ بِإِمَامٍ يُصَلِّي فِيهِمْ صَحَّ، وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاةِ سُنَّةٌ عِنْدَ كَثِيرٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْمَسَاجِدِ السُّلْطَانِيَّةِ وَهِيَ الْجَوَامِعُ إلَّا مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ، لِئَلَّا يَفْتَاتَ عَلَيْهِ فِيمَا وَكَلَ إلَيْهِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ رَضُوا بِغَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ كُرِهَ وَصَحَّ فِي الْمَذْهَبِ، قَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ غَابَ مَنْ وَلَّاهُ فَنَائِبُهُ أَحَقُّ، ثُمَّ مَنْ رَضِيَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، لِتَعَذُّرِ إذْنِهِ، وَتَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ إلَى هَذَا الْإِمَامِ مَا لَمْ يُصْرَفْ عَنْهُ، لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ مَا وُلِّيَ الْقِيَامَ بِهِ2، وَيُعْمَلُ بِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي الصَّلَاةِ، لَا تَجُوزُ مُعَارَضَتُهُ فِيهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ "3الْمُؤَذِّنُ بِهِمَا فِي الْوَقْتِ وَالْأَذَانِ3"، وَأَقَلُّ مَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْإِمَامِ الْعَدَالَةُ وَالْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ وَالْعِلْمُ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَفِي جَوَازِ كَوْنِ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ عَبْدًا فِيهِ4 رِوَايَتَانِ، فَدَلَّ أَنَّهُ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر": "الوجوب".
2 ليست في "ط".
3-
3 ليست في "ر".
4 ليست في الأصل و"ط".
إنْ جَازَ صَحَّتْ وِلَايَتُهُ، فَكَذَا الْعَدَالَةُ وَغَيْرُهَا.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ:" وَفِي جَوَازِ أَنَّ كَوْنَ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ عَبْدًا فِيهِ رِوَايَتَانِ، فَدَلَّ أَنَّهُ إنْ جَازَ صَحَّتْ وِلَايَتُهُ فَكَذَا الْعَدَالَةُ وغيرها" انتهى.
إنما ذكر المصنف هذا هنا1 فِي مَعْرِضِ بَحْثٍ، وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْجُمُعَةِ، وَلَنَا رِوَايَةٌ بِالْجَوَازِ، فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا جَوَازَ وِلَايَتِهِ لِلْإِمَامَةِ وَصِحَّتَهَا.
الثَّانِي: قَوْلُهُ2: "وَتَقَدَّمَ وَجْهٌ يُحَرِّمُ الْوُضُوءَ مِنْ زَمْزَمَ، فَعَلَى نَجَاسَةِ3 الْمُنْفَصِلِ وَاضِحٌ، وَقِيلَ: لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَأَنَّهُ لَوْ سَبَّلَ مَاءً لِلشُّرْبِ فِي كَرَاهَةِ الْوُضُوءِ4 وَتَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهَا" انْتَهَى.
قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُحَرَّرًا مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ5 فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ هُنَاكَ قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَبَبَ النَّهْيِ اخْتِيَارُ الْوَاقِفِ وَشَرْطُهُ، فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَمْ يَحْرُمُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ" انْتَهَى.
فَهُنَاكَ لَمْ يَعْزُ الْوَجْهَيْنِ، "6بَلْ قَالَ:"اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ"، فَنَسَبَهُ إلَيْهِمْ6"، وَهُنَا عَزَاهُمَا إلَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يتعين مصرف7 الْوَقْفِ، وَقَالَ: نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، مَعَ إطْلَاقِهِ لِلْخِلَافِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا هناك، والله أعلم.
1 في "ط": "هو".
2 في الصفحة 361.
3 في "ح": "رواية".
4 في "ط": "الضوء"، و"ص":"الوصف به".
5 1/60-63.
6-
6 ليست في "ح".
7 في "ط": "بصرف".
وقال شَيْخُنَا: قَدْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ مَنْ لَا تجوز تَوْلِيَتُهُ، وَلَيْسَ لِلنَّاسِ أَنْ يُوَلُّوا عَلَيْهِمْ الْفُسَّاقَ، وَإِنْ نَفَذَ حُكْمُهُ أَوْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهَا، لَمْ يَتَنَازَعُوا أَنَّهُ لا ينبغي توليته.
وَمَا بَنَاهُ أَهْلُ الشَّوَارِعِ وَالْقَبَائِلِ مِنْ الْمَسَاجِدِ فَالْإِمَامَةُ لِمَنْ رَضُوهُ، لَا اعْتِرَاضَ لِلسُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ صَرْفُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ إنْ غَابَ، وَلَهُمْ انْتِسَاخُ كِتَابِ الْوَقْفِ وَالسُّؤَالُ عَنْ حَالِهِ، وَاحْتَجَّ شَيْخُنَا بِمُحَاسَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامِلَهُ عَلَى الصَّدَقَةِ1، مَعَ أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ صَرْفِهَا وَالْمُسْتَحِقُّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، فَهُنَا أَوْلَى، وَنَصُّهُ: إذا كان متهما ولم يرضوا به،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 أخرجه البخاري "1468"، ومسلم "983""11"، من حديث أبي هريرة.