الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الهبة
مدخل
…
بَابُ الْهِبَةِ
وَهِيَ تَبَرُّعُ الْحَيِّ بِمَا يُعَدُّ هِبَةً عُرْفًا، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 فِي الصَّدَاقِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْعَفْوِ وَالتَّمْلِيكِ. وَفِي الرِّعَايَةِ فِي عَفْوٍ وَجْهَانِ.
وَفِي الْمُذْهَبِ أَلْفَاظُهَا: وَهَبْت وَأَعْطَيْت وَمَلَكْت. وَفِي الِانْتِصَارِ أَطْعَمْتُكَهُ كَوَهَبْتُكَهُ، وَكَانَ عليه السلام يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا2، وَفِي الْغُنْيَةِ: يُكْرَهُ رَدُّ الْهَدِيَّةِ وَإِنْ قُلْت. وَيُكَافِئُهُ أَوْ يَدْعُو لَهُ، وَيُتَوَجَّهُ: إنْ لَمْ يَجِدْ دَعَا لَهُ، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَلِأَحْمَدَ3 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ:"لَا تردوا الهدية".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 10/164.
2 أخرجه البخاري "2582"، من حديث عائشة.
3 في "مسنده""3838"، من حديث عبد الله بن مسعود.
وَحَكَى أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُثَنَّى عَنْ وَهْبٍ قَالَ: تَرْكُ الْمُكَافَأَةِ مِنْ التَّطْفِيفِ، وَقَالَهُ مُقَاتِلٌ، وَكَذَا اخْتَارَ شَيْخُنَا فِي رَدِّ الرَّافِضِيِّ أَنَّ مِنْ الْعَدْلِ الْوَاجِبِ مُكَافَأَةَ مَنْ لَهُ يَدٌ أَوْ نِعْمَةٌ لِيَجْزِيَهُ بِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تُقْبَلُ هَدِيَّةُ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَذَكَرُوهُ فِي الْغَنِيمَةِ.
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي الْمُشْرِكِ: أَلَيْسَ يُقَالُ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ وَقَبِلَ؟ وَقَدْ رَوَاهُمَا أَحْمَدُ1. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِيهَا ثلاثة أقوال2:
أحدها: أن أخبار3 الْقَبُولِ أَثْبَتُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا نَاسِخَةٌ.
وَالثَّالِثُ: قَبِلَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَبُولُهُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ ضَعِيفٌ أَوْ مَنْسُوخٌ.
وَقِيلَ: الْهِبَةُ تَقْتَضِي عِوَضًا وَقِيلَ: مَعَ عُرْفٍ، فَلَوْ أَعْطَاهُ لِيُعَاوِضَهُ أَوْ لِيَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً فَلَمْ يَفِ فَكَالشَّرْطِ وَاخْتَارَهُ شيخنا.
وإن شرطه معلوما صحت، كعارية.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في مسند "8714"، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ كان يقبل الهدية، ولا يقبل الصدقة.
2 في "ر" و"ط": "أوجه".
3 في "ط": "اختيار".
وَقِيلَ: بِقِيمَتِهَا بَيْعًا وَعَنْهُ: هِبَةً، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، كَنَفْيِ ثَمَنٍ، وَكَمَجْهُولٍ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ فِيهِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَيُرْضِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ رَدَّهَا بِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ فَقِيمَتُهَا يَوْمَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَافِئَهُ بِالشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ ادَّعَى رَبُّهَا شَرْطَ الْعِوَضِ أَوْ الْبَيْعِ فَأَنْكَرَهُ فَوَجْهَانِ "م 1".
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ-1: قَوْلُهُ: "فَإِنْ ادَّعَى رَبُّهَا شَرْطَ الْعِوَضِ أَوْ الْبَيْعِ فَأَنْكَرَهُ1 فَوَجْهَانِ" انْتَهَى.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّهُ شَرَطَ الْعِوَضَ فَأَنْكَرَهُ الْمُتَّهِبُ أَوْ قَالَ: وَهَبَتْنِي مَا بِيَدِي فَقَالَ: بَلْ بِعْتُكَهُ، فَأَيُّهُمَا يُصَدَّقُ إذَا حلف؟ فيه وجهان. قلت الهبة من الآدمي2 تَقْتَضِي عِوَضًا هُوَ الْقِيمَةُ إذَا قَبِلَهُ، فَإِنْ مات رجع إن شاء انتهى.
1 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
2 في "ط": "الأدنى".
وَتَصِحُّ هِبَةُ جَائِزٍ بَيْعُهُ خَاصَّةً، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالرَّهْنُ، وَقَالَ إذَا وَقَفَ أَوْ وَصَّى بِأَرْضٍ مُشَاعَةٍ احْتَاجَ أَنْ يَحُدَّهَا كُلَّهَا، وكذا البيع وَالصَّدَقَةُ هُوَ عِنْدِي وَاحِدٌ.
وَهِبَةُ مَجْهُولٍ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ كَصُلْحٍ، وَقَالَ فِي الْكَافِي1: وَكَلْبٌ وَنَجَاسَةٌ يُبَاحُ نَفْعُهَا، نَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ أَهْدَى إلَى رَجُلٍ كَلْبَ صَيْدٍ: تَرَى لَهُ أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: هَذَا خِلَافُ الثَّمَنِ، هَذَا عِوَضٌ مِنْ شَيْءٍ، فَأَمَّا الثَّمَنُ فَلَا، وَقِيلَ: وَجِلْدُ مَيْتَةٍ، وَقِيلَ: وَمَجْهُولٌ عِنْدَ مُتَّهَبٍ، وَغَيْرُ مَقْدُورٍ، كَوَصِيَّةٍ.
وَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ2 هِبَةُ مَعْدُومٍ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي عَبْدَةَ: سُئِلَ عَنْ الصَّدَقَةِ بِثُلُثِ دَارٍ غَائِبَةٍ عَلَى رَجُلٍ مُشَاعَةٍ، وَحَدِّ الدَّارِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، قَالَ: جَائِزٌ، لَيْسَ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُعَرِّفَ الدَّارَ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: إذَا قَالَ ثُلُثُ ضَيْعَتِي لِفُلَانٍ بِلَا قِسْمَةٍ جَازَ إذَا كَانَتْ تُعْرَفُ، وَلَا مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ غَيْرِ الْمَوْتِ، وَلَا مُؤَقَّتَةً، خِلَافًا لِلْحَارِثِيِّ فيهما، إلا في العمري، كقوله:
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَقَطَعَ فِي الْكَافِي3 بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ، فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا الْهِبَةُ، هَذَا مَا يَظْهَرُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، كَمَا قَالَ فِي الْكَافِي3، وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ، وَقَالَ: حَكَاهُ فِي الكافي3 وغير واحد.
1 3/596.
2 ليست في الأصل.
3 3/599.
أَعْمَرْتُكَ أَوْ أَعْطَيْتُك أَوْ جَعَلَتْهُ لَك عُمْرَك أَوْ عُمْرِي أَوْ مَا بَقِيت أَوْ حَيَاتَك، فَيَصِحُّ وَيَصِيرُ لِلْمُعَمَّرِ وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ، كَتَصْرِيحِهِ1، وَنَقَلَ يَعْقُوبُ وَابْنُ هَانِئٍ: مَنْ يُعَمَّرُ الْجَارِيَةَ أَيَطَأُ؟ قَالَ: لَا أَرَاهُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْوَرَعِ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهَا تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ، وَرَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ رَجُلًا أَعْمَرَ فَرَسًا حَيَاتَهُ، فَخَاصَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عليه السلام:"مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ" 2 وَالْإِنْسَانُ إنَّمَا يَمْلِكُ الشَّيْءَ عُمْرَهُ، فَقَدْ وَقَّتَهُ بِمَا هُوَ مُؤَقَّتٌ بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ، فَصَارَ كَالْمُطْلَقِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي3: وَالنَّهْيُ إذَا كَانَ صِحَّةُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ضَرَرًا عَلَى مُرْتَكِبِهِ لَمْ تُمْنَعْ صِحَّتُهُ، كَطَلَاقِ الْحَائِضِ، وَصِحَّةُ الْعُمْرَى ضَرَرٌ، لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِلَا عِوَضٍ.
وَإِنْ شَرَطَ رُجُوعَهُ إلَيْهِ إنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ إلى غيره فهي4 الرُّقْبَى أَوْ رُجُوعُهُ مُطْلَقًا إلَيْهِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ فَسَدَ الشَّرْطُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: صِحَّتُهُ كَالْعَقْدِ، عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ النَّبِيِّ عليه السلام: "الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ" 5 وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ: "مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ" نَقَلَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ6. وَسُكْنَاهُ أَوْ غَلَّتُهُ أَوْ خِدْمَتُهُ لَك أَوْ منحتكه عارية، نقله الجماعة.
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 في "ر": "لتصريحه".
2 أخرجه ابن شيبة في "مصنفه" 9/187، والبيهقي في السنن الكبرى 6/175.
3 8/82 وفي "ر": "المبهج".
4 في الأصل و"ط": "فهو".
5 أخرجه البخاري "2625"، ومسلم "1625""25"، من حديث جابر بن عبد الله.
6 لم أقف عليه عند أحمد والترمذي، وقد أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" 9/187، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 7/141.
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إذَا قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى فُلَانٍ فَإِذَا مَاتَ فَلِوَلَدِي أَوْ لِفُلَانٍ فكما [لو] قَالَ، إذَا مَاتَ فَهُوَ لِوَلَدِهِ أَوْ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ الْوَاقِفُ لَيْسَ يَمْلِكُ مِنْهُ شَيْئًا، إنَّمَا هُوَ لِمَنْ وَقَفَهُ يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ، مِثْلُ السُّكْنَى، وَالسُّكْنَى مَتَى شَاءَ رَجَعَ فِيهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الرُّقْبَى وَالْوَقْفِ: إذَا مَاتَ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ بِخِلَافِ السُّكْنَى وَنَقَلَ: الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى وَالْوَقْفُ مَعْنًى وَاحِدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ شَرْطٌ لَمْ يَرْجِعْ إلَى وَرَثَةِ الْمُعَمِّرِ، وَإِنْ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ لَهُ حَيَاتَهُ رَجَعَ، وَإِنْ جَعَلَهُ لَهُ حَيَاتَهُ وَبَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ لِوَرَثَةِ الَّذِي أُعْمِرَهُ وَإِلَّا رَجَعَ إلَى وَرَثَةِ الأول ويقدم إذا وقفت1 الْوَقْفُ.
وَتَصِحُّ بِالْعَقْدِ، وَهَلْ يَمْلِكُهَا بِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَتَانِ "م 2" وَعَلَيْهِمَا يَخْرُجُ النَّمَاءُ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ إنْ اتَّصَلَ الْقَبْضُ، وَيَلْزَمُ
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
مَسْأَلَةُ-2: قَوْلُهُ: "وَتَصِحُّ بِالْعَقْدِ، وَهَلْ يَمْلِكُهَا بِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَفِي الِانْتِصَارِ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى:
أَحَدُهُمَا: يَمْلِكُهَا بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَيْسَ الْقَبْضُ بِرُكْنٍ فِيهَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الِانْتِصَارِ، "2قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ يَجْعَلُ الْقَبْضَ مُعْتَبَرًا لِلُزُومِهَا وَاسْتِمْرَارِهَا لَا لِانْعِقَادِهَا وَإِنْشَائِهَا، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ في انتصاره، وصاحب التلخيص، وغيرهم انتهى2".
1 في "ط": "وقف".
2-
2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
بِقَبْضِهَا بِإِذْنِ وَاهِبٍ، وَعَنْهُ: مُتَمَيِّزٌ بِالْعَقْدِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ الْمَذْهَبُ، وَيُعْتَبَرُ، إذْنُ وَاهِبٍ فِيهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي صِحَّةِ قَبْضِهِ بِلَا إذْنِهِ رِوَايَتَانِ.
وَيَلْزَمُ فِي كُلِّ ما بيد متهب بالعقد، وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ مُضِيُّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى قَبْضُهَا فِيهِ، وَعَنْهُ: وَإِذْنُهُ فِيهِ1 وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ فِي إذْنِهِ أَوْ فِيهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، وَعَنْهُ: لَا، وَيَبْطُلُ إذْنُهُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَوَارِثُ وَاهِبٍ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْعَقْدُ، كَمُتَّهَبٍ، فِي الْأَصَحِّ، وَيَقْبِضُ أَبٌ لِطِفْلٍ مِنْ نَفْسِهِ.
وَالْأَصَحُّ: لَا يَحْتَاجُ قَبُولًا، وَفِي قَبْضِ وَلِيِّ غَيْرِهِ مِنْ نَفْسِهِ رِوَايَتَا شِرَائِهِ وَبَيْعِهِ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ. وَقَالَ فِي الْمُجَرَّدِ يُعْتَبَرُ لِقَبْضِ الْمَشَاعِ إذْنُ الشَّرِيكِ فيه،
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَمْلِكُهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَلْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى الْقَبْضِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، قَالَ فِي الْكَافِي2: لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَفِيمَا عَدَاهُ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: مَذْهَبُنَا أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْهُوبِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ إذَا دَخَلَ وَقْتُ الْغُرُوبِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَالْعَبْدُ مَوْهُوبٌ لَمْ يُقْبَضْ ثُمَّ قُبِضَ وَقُلْنَا يُعْتَبَرُ فِي هِبَتِهِ الْقَبْضُ فَفِطْرَتُهُ عَلَى الْوَاهِبِ، وَكَذَا صَرَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ الْقَبْضَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْهِبَةِ، كَالْإِيجَابِ فِي غَيْرِهَا، وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: يَقَعُ الْمِلْكُ مُرَاعًى، فَإِنْ وُجِدَ الْقَبْضُ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كان
1 ليست في الأصل.
2 3/597.