الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بركة كانت تخدم لأم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة: [أين البول الذي كان في هذا القدح؟] قالت شربته يارسول الله» .
هكذا رواه، وهو إسناد مجهول، فقد أخرجه أبو داود والنسائي من حديث حجاج بن محمد الأعور عن ابن جريح، وليس فيه قصة بركة.
كتاب الصلاة
فمن ذلك الضحى والوتر، لما رواه الإمام أحمد في مسنده، والبيهقي، من حديث أبي جناب الكلبي ـ واسمه يحي بن أبي حية ـ «عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث هن علي فرائض، وهي لكم تطوع: النحر، والوتر، وركعتا الضحى» .
اعتمد جمهور الأصحاب على هذا الحديث في هذه الثلاث، فقالوا بوجوبها.
قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح رحمه الله تعالى: [تردد الأصحاب في
وجوب السواك عليه، وقطعوا بوجوب الضحى والأضحى والوتر عليه، مع أن مستنده الحديث الذي ذكرنا ضعفه، ولو عكسوا فقطعوا بوجوب السواك عليه وترددوا في الأمور الثلاثة لكان أقرب، ويكون مستند التردد فيها أن ضعفه من جهة ضعف راويه أبي جناب الكلبي، وفي ضعفه خلاف بين أئمة الحديث، وقد وثقه بعضهم، والله أعلم] .
قلت: جمهور أئمة الجرح والتعديل على ضعفه.
وقد حكى الشيخ أبو زكريا النووي في الثلاثة المذكورة تردداً لبعض الأصحاب، وأن منهم من ذهب إلى استحبابها في حقه صلى الله عليه وسلم.
وهذا القول أرجح لوجوه:
ـ أحدها: أن مستند ذلك هذا الحديث، وقد علمت ضعفه، وقد روي من وجه آخر في حديث مندل بن علي العنزي وهو أسوأ حالاً من أبي جناب.
ـ والثاني: أن الوتر قد ثبت في الصحيحين عن ابن عمر: أنه كان
صلى الله عليه وسلم يصليه على الراحلة.
وهذا من حجتنا على الحنفية في عدم وجوبه، لأنه لو كان واجباً لما فعله على الراحلة، فدل على أن سبيله المندوب، والله أعلم.
وأما الضحى فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها في الصحيح أنه كان لا يصلي الضحى إلا يقدم من مغيبه.
فلو كانت واجبة في حقه لكان أمر مداومته عليها أشهر من أن ينفى.
وما في هذا الحديث الآخر أنه كان يصليها ركعتين، ويزيد ما شاء الله، فمحمول على أنه يصليها كذلك إذا صلاهاو قد قدم من مغيبه، جمعاً بين الحديثين والله أعلم.
مسألة:
وأما قيام الليل ـ وهو التهجد ـ فهو الوتر على الصحيح، لما رواه الإمام أحمد «عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوتر ركعة من آخر الليل» وإسناده جيد.
وإذا تقرر ذلك فاعلم أنه قد قال جمهور الأصحاب: إن التهجد كان واجباً عليه، وتمسكوا بقول الله تعالى:{ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} .
قال عطية بن سعيد العوفي، عن ابن عباس في قوله تعالى:{نافلة لك} : يعني بالنافلة أنها للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، أمر بقيام الليل فكتب عليه.
وقال عروة، «عن عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: يا رسول الله، تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: يا عائشة، أفلا أكون عبداً شكوراً؟» رواه مسلم عن هارون بن معروف، عن عبد الله بن وهب، عن أبي صخر، عن ابن قسيط، عن عروة به.
وأخرجاه من وجه آخر عن المغيرة بن شعبة.
ثم قال: موسى بن عبد الرحمن هذا، ضعيف جداً، ولم يثبت في هذا إسناد، والله أعلم.
وحكى الشيخ أبو حامد رحمه الله تعالى، عن الإمام أبي عبد الله الشافعي رحمه الله تعالى: أن قيام الليل نسخ في حقه صلى الله عليه وسلم كما نسخ في حق الأمة، فإنه كان واجباً في ابتداء الإسلام على الأمة كافة.
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح:
وهذا هو الصحيح الذي تشهد له الأحاديث، منها حديث سعد بن هشام عن عائشة، وهو في الصحيح معروف.
وكذا قال أبو زكريا النووي رحمه الله تعالى.
قلت: والحديث الذي أشار إليه رواه مسلم من حديث هشام بن سعد أنه دخل على عائشة أم المؤمنين فقال: يا أم المؤمنين، أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: ألست تقرأ بيا أيها المزمل؟ قلت: بلى.
قالت: فإن الله افترض القيام في أول هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً، حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله خاتمتها اثني عش شهراً في السماء، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة.
وقد أشار الشافعي إلى الاحتجاج بهذا الحديث في النسخ، ومن قوله تعالى:{ومن الليل فتهجد به نافلة لك} قال: فأعلمه أن قيام الليل نافلة لا فريضة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
مسألة:
وفاتته ركعتان بعد الظهر فصلاهما بعد العصر وأثبتهما، وكان يداوم عليهما كما ثبت ذلك في الصحيح.
وذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم على أصح الوجهين عند أصحابنا.
وقيل: بل لغيره إذا اتفق له ذلك أن يداوم لله عليهما.
والله تعالى أعلم.
مسألة:
وكانت صلاته النافلة قاعداً كصلاته قائماً إن لم يكن له عذر بخلاف غيره فإنه على النصف من ذلك، واستدلوا على ذلك بما رواه مسلم «عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة.
فأتيته فوجدته يصلي جالساً فوضعت يدي على رأسه فقال مالك يا عبد الله بن عمرو؟ فقلت: حدثت يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعداً على نصف الصلاة وأنت تصلي قاعداً! فقال: أجل.
ولكن لست كأحد منكم» .
مسألة:
وكان يجب على المصلي إذا دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبه، لحديث أبي سعيد بن المعلى في صحيح البخاري وليس هذا لأحد سواه، اللهم إلا ما حكاه الأوزاعي عن شيخه مكحول أنه كان يوجب إجابةالوالدة في الصلاة،
لحديث جريج الراهب: أنه دعته أمه وهو قائم يصلي فقال: اللهم أمي وصلاتي، ثم مضى في صلاته.
فلما كانت المرة الثانية فعل مثل ذلك، ثم الثالثة فدعت عليه، فاستجاب الله منها فيه، وكان من قصته ما ذكر في صحيح البخاري وغيره، وقد حكي مقرراً ولم ينكر.
والجمهور على أن ذلك لا يجب بل لا يصلح في الصلاة شيء من كلام الناس، للحديث الصحيح، اللهم إلا ما جوزه الإمام أحمد من مخاطبة الإمام بما ترك من آخر الصلاة لحديث ذي اليدين.
والله أعلم.
مسألة:
وكان لا يصلي على من مات وعليه دين لا وفاء له، أخرجه البخاري في صحيحه ثلاثياً عن سلمة بن الأكوع، لكن اختلف أصحابنا: هل كان يحرم عليه أويكره؟ على وجهين، ثم نسخ ذلك بقوله:«من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلي» فقيل: كان يقضيه عنه وجوباً، وقيل: تكرماً.
ومن ذلك أنه كان إذا دعا لأهل القبور يملؤها الله عليهم نوراً ببركة دعائه صلوات الله وسلامه عليه، كما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها
ومن ذلك أنه مر بقبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فوضع على كل قبر شقة، ثم قال: لعل الله يخفف عنهما ما لم ييبسا» .
أخرجاه عن ابن عباس.
مسألة:
رواه الشيخان.
مسألة:
ولم يمت صلى الله عليه وسلم حتى خيره الله تعالى بين أن يفسح له في أجله ثم الجنة، وإن